لك الله يا مصر
مصر ارض المتناقضات

شادي طلعت في الخميس ٢٠ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تلك هي مصر أرض المتناقضات التي لا يمكن أن تجتمع إلا فيها فقط دون سائر بلدان العالم فهي بلد الأبيض و الأسود بلد الخير و الشر ، الحب و الكراهية ، و حتى يكون كلامي مفهوما و مستوعبا فإنني سأعود بذاكرتي الى يوم 7-9-2005 يوم انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر ، فاليوم كان حدثا بكل المقاييس فها مصر تشهد لأول مرة أنتخابات حرة على أرضها و أي انتخابات إنها ليست إنتخابات عادية بل إنتخابات أعلى مرتبة في السلطة ، نتيجتها قد تغير التاريخ إلا أن المفاجأة لم يستوعبها شعب مصر في ذلك الوقت و أعتقد ان الشعب لم ينتبه إلى خطورتها ، المهم أنني كنت و كيلآ عن مرشح حزب الغد في هذه الإنتخابات ، و كنت أقوم بالدعاية له في كل مكان فقد كنت مثل غيري أبحث عن التغيير و لكن غيري لم يكونوا كثيرين ، فقبل الإنتخابات بيوم ركبت إحدى سيارات الأجرة بمحافظة القاهرة لأحث المواطنين على الذهاب الى صندوق الإنتخابات و الإدلاء بأصواتهم الى من يريدون إلا أنني قبل أن أبدأ الحديث و جدت رجلآ من صعيد مصر يشتكي من أحوال البلاد بصوت عالي و يوجه كلامه إلى كل من كانوا بالعربة ، و قد كان الرجل في واقع الأمر ساخطا على كل شيئ في البلاد و غير راض عن حاله أو أحوال البلاد ، و قتها قلت لنفسي لقد سهل هذا الرجل علي مهمتي في حث الناس على الذهاب الى صندوق الإقتراع و حثهم على إختيار مرشح حزب الغد ، و قلت للرجل الذي علا بصوته في سرده لشكواه " أنت معك حق في كل كلمة قلتها ، و غدآ هو يوم انتخابات رئاسة الجمهورية ، فهل أنت ذاهب لتدلي بصوتك " فرد علي الرجل بصوت عال أيضا " طبعا ذاهب " فقلت له " و لمن ستعطي صوتك " فقال لي " و هل هناك غيره " فقلت لنفسي من الممكن أنه لا يقصد حزب الغد ، و إنما حزب الوفد لكن لا يهم يجب أن يعلم كل من هم بالعربة من هو الشخص أو الحزب الذي سيعطيه هذا الرجل صوته ، فأعدت عليه السؤال " و من الذي لا يوجد غيره " فقال لي الرجل " الرئيس حسني مبارك طبعا " !! فقلت له نعم و لكنك منذ قليل تصرخ من مدى الظلم الذي تتعرض له و من سوء أحوالك فلماذا لا تعطي صوتك لغيره فقال لي لأنه لا يوجد غيره !!! و دخلت مع الرجل في عراك نقاشي إنتهى في النهاية إلى فشلي في محاولة إقناعه بالتغيير ، و ذهبت لأودي عملي كوكيل عن أحد مرشحي رئاسة الجمهورية ، و كنت متوقعا أن تقابلني عقبات ليس لها أول من آخر إلا أن الأمور قد سارت بيسر لم أتخيله أبدا و يومها قابلت وكيلين عن مرشح الحزب الوطني و كانا على ثقة عالية من فوز الحزب الوطني و قابلت أيضا وكيلين عن حزب الوفد ، و كانا على ثقة من أن حزب الوفد إن لم يفز بالمركز الأول فعلى الأقل سيفوز بالمركز الثاني و دخلت مع مجموعة الوكلاء في صراع و عراك نقاشي إحتد بيني و بين وكيلي حزب الوفد بينما ظل و كيلي الحزب الوطني هادئين ، و بدأ الناس في التوافد على صناديق الإقتراع ، و الغريب أن الناس التي كانت تأتي للإدلاء بأصواتها لم تكن تخفي نواياها بعض الشيئ في من يريدونه أن يحكمهم ، و قد كان النصر حليفا للحزب الوطني حتى آخر لحظات قرب نهاية الإنتخابات ، بعدها قمت بالإنضمام إلى و كيلي حزب الوفد في الحديث ، و أعربنا عن دهشتنا ، مما نراه فالناس تصرخ من سوء أحوالها قبل الدخول الى صناديق الإقتراع و أمام الصناديق تختار نفس الوضع الذي هي عليه ، و فجأة وجدت رجلآ ذو لحية طويلة و آثار السجود على وجهه واضحة يأتي للإدلاء بصوته فنظرت اليه و أشرت إليه الى الشعار الذي قمت بتعليقه على صدري و يرمز الى حزب الغد و مرشحه فابتسم إلي الرجل ثم دخل خلف الستار ليدلي بصوته و بعدها خرج متوجهآ إلي و جاء يصافحني فصافحته ، ثم قال لي ما أخبار أيمن نور ، فقلت له سأجيبك بعد أن تجيبني أولآ الى من أعطيت صوتك فقال لي يا أخي أسألك عن أخبار الرجل ، فقلت له حسنا سأجيبك و لكن طمئن قلبي أولآ من أنتخبت انت ، فقال لي " لا إله إلا الله ، و من أقدر على قيادة السفينة إلا السيد الرئيس حسني مبارك " !! سألت نفسي بعدها سؤالآ لماذا هذا التناقض الغريب و كيف لأغلب هذا الشعب القدرة على الجمع بين النقيضين في وقت واحد ، و الواقع أنني لم أجد إجابة ، إلا أنني بعدها أكتشفت أن ما حدث بإنتخابات رئاسة الجمهورية يحدث في كافة أمور حياتنا اليومية سواء كان من خلال إنتخابات او غير إنتخابات فإذا ما كنت رئيسا في العمل فقد تجد أن من هم تحت رئاستك يشتكي بعضهم من سوء تصرفك و إذا ما قابلتهم تجدهم يقومون بإلقاء المدح و الثناء عليك ، فهل هذا الذي يحدث هو أمر من أمور الفهلوة و الشطارة ، أم أنها طبيعتنا و قد خلقنا بها و لا مناص من تغيرها هل هذه الطبيعة مكتسبة أم قرينة بشخصيتنا ، هل هي صواب أم خطأ ! 

                                                             shadytal@hotmail.com

اجمالي القراءات 14139