بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده حمدا يرضاه ونشكره شكرا يقابل نعماه وإن كانت غير محصاه إمتثالاً لإمره لا قياماً بحق شكره لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده المصطفى ورسوله المجتبى خاتم الأنبياء وأمام الأتقياء وعلى صحبه وآله ومن أهتدى بهديه إلي يوم البعث العظيم أما بعد
فقد قرأتُ مقالة أخي في الله رمضان عبد الرحمن أن من يدخل النار لن يخج منها وقد إستشهد بآيات بسورة مريم ولم يمتها كما أستشهد بآيات بسورة الأعراف وكنت أحب أن أرسل له تعليقا ولكن وجدتها فرصة لفتح باب النقاش في هذه المسألة حيث أني أرى والله أعلم أن بعض من يدخل النار وهم الذين أسرفوا على أنفسهم بإرتكابهم المعاصي وشاء العلي القدير ألا يغفر لهم ذنوبهم وكانوا به مؤمنين لم يشركوا به غيرة سوف يردون النار بذنوبهم ثم يخرجون منها برحمته سبحانه وتعالى وهذا مصداقا لقوله تعالى في سورة مريم "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمً مقضيا ثم ننجي الذين أتقوا ونذر الظالمين فيها جسيا" إذا ورود النار سيكون لكل البشر بنص الآية الكريمة ثم ينجي الله الذين أتقوا ويذر فيها الظالمين ومن المعلوم حتما ومنطقا أن التقوى دجات وليس كل من آمن بالله وأسلم له من جميع الأمم على درجة تقوى واحدة ولكن الدرجات تختلف إذا فوقت النجاه للمتقين يختلف وفقا لدرجاتهم فالمسافة الزمنية بين نجاة أول المتقين ونجاة آخرهم هي ورود على النار ومكوث فيها.
ثم يقول الأخ الكريم أي أنه ليس هناك لون ثالث تحدث القرآن عنه وأقول له يا أخي إتقي الله ولا تفتي في دين الله بغير علم فأنت قد إستشهد بسورة الأعراف فأنظر إلي قوله تعالى"وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ" الأعراف 46 فأهل الأعراف لون ثالث ليسوا من أصحاب النار لإيمانهم وليسوا من أصحاب الجنة لمعصيتهم وهم يطمعون في دخول الجنة ونحمد الله أننا نعبد ربا غفور رحيم واسع العفو والمغفره يحب العفو رحمن رحيم فيه كل صفات الرحمة هو كما قال عن نفسه "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول" والأن يا أخي هل تأكدت أن هناك صنف ثالث وأن هناك من سيرد النار ثم ينجوا منها وكل ذلك برحمة رب العالمين.
ثم حدد الله صفات الخالين في النار في أكثر من موضع من القرآن الكريم ونكتفي بالأعراف التي أستشهدت أنت بها قال تعالى"وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ44الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ" فإن كان لا يصد عن سبيل الله ولا يبغيها عوجا وليس كافر بالأخرة ولكنه مثقل بالذنوب والمعاصي فكيف يتساوى مع هذا الصنف؟
أما الكافر الشقي الذي لم يؤمن بالله ومات على ذلك رغم إقامة الحجة عليه بوجود الرسول والرسالة وفقا لشروطها ولكنه جحدها ورفض الأيمان بها بل وحارب أهل الإيمان يبغيها عوجا وقد أصبح ظالماً لنفسه ولغيره فهو والعياذ بالله قد حقت عليه كلمة العذاب وباء بغضبٍ من الله ومأواه جهنم خالداً فيها وبئس القرار
وبعد هذا يا أخي أقول لك لا يقنت من رحمة الله إلا القوم الكافرين ومهما أسرف أحدنا على نفسه بالمعاصي فأنه دائما حسن الظن بالله وأنظر إلي قوله تعالى"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنتوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم" والكلام عن الخلود في النار لكل من دخلها بكفره أو بمعصيته يجعل الناس تقنت من رحمة ربها حاش لله كما أن الله ليس بظلام للعبيد فلو قلنا بخلود مرتكب المعصية مع الكافر في النار لقلنا بظلم رب العباد تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فهو الذي قال سبحانه وتعالى "وما أنا بظلامٍ للعبيد"
وأرجوا من كل صاحب قلم وفكر إن رآى غير ماذهبت إليه فليدلو بدلوه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأخيرا أقول لك ما قاله تعالى" أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ" صدق الله العظيم
لا خلود في النار لأصحاب المعاصي
البعض سيدخل النار ويخرج منها برحمة الله