سيرًا على نهج تنظيم الدولة الإسلامية، بدأ تنظيم آخر يعمل في مصر تحت اسم "أنصار بيت المقدس" في تغيير استيراتيجيته في القتل إلى الذبح وقطع الرؤوس، في تحول جديد من شأنه أن يثير المزيد من الرعب. فيما وصف خبراء التحول الجديد في أسلوب "أنصار بيت المقدس" بأنه يهدف إلى بث الرعب في قلوب المصريين، ويدخل في إطار الحرب النفسية.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في أعقاب العثور على جثث أربعة من المواطنين المصريين بشمال سيناء وقد قطعت رؤوسهم، بث ما يعرف بتنظيم "أنصار بيت المقدس" مقطع فيديو مدته تصل إلى نصف ساعة أعلن فيه مسؤوليته عن ذبح المصريين الأربعة، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل ضد من وصفهم ب"المجاهدين"، وتسببهم في مقتل ثلاثة من زملائهم.
وأظهر مقطع الفيديو الذي بثه التنظيم وحمل عنوان "هم العدو فاحذرهم"، تسعة أشخاص ملثمين، وسط صحراء، ومن خلفهم تقف ثلاث سيارات دفع رباعي، بها ثلاثة أشخاص آخرين. تحمل السيارة الوسطى الراية السوداء الشهيرة، المعروفة إعلامياً براية تنظيم القاعدة. بينما جلس أربعة رجال معصوبي الأعين، جاثمين على ركبهم، وهم يرتدون ملابس عادية. ويظهر في الفيديو الرجال جميعهم باستثناء الضحايا وهم يحملون أسلحة نارية آلية، ويتقدمهم شخص أمسك بورقة ويتلو منها البيان، الذي يشبه خطبة الجمعة بالمساجد.
وقال الشخص الذي تلا البيان إن الجماعة استطاعت التوصل إلى "خلية تجسس ضد المجاهدين، وساهموا إراقة دمائهم"، وأضاف أن "الجهاز الأمني في الجماعة سوف يستمر في تتبع الجواسيس، حتى يطهر الأرض منهم ومن اليهود".
وأظهر المقطع أحد الأشخاص الملثمين وهو يجز رقاب المواطنين الأربعة بسكين صغير، ثم يضع كل رأس على الجثة. وفي بداية الفيديو عرض صوراً لثلاثة شباب ملتحين، ثم صوراً لسيارة محترقة، ثم عرض صوراً للثلاثة وهم جثث شبه متفحمة داخل غرفة أو كهف.
وعرض المقطع كلمة مكتوبة ذكر فيها أنه في يوم 24 رمضان 1435 هجرية، قصفت طائرة إسرائيلية بدون طيار، موقعاً تابعا لهم وقتلت ثلاثة ممن قالوا عنهم "مجاهدينا"، وأرجع السبب في مقتلهم إلى من وصفهم بـ"العملاء والخونة من بني جلدتنا". وأضاف أن كل يد أرشدت عنهم يجب أن تقطع وكل عين تدل عليهم يجب أن تقطف الرأس التي تحملها.
وعرض التنظيم مقاطع لأربعة من المواطنين المصريين من أبناء سيناء، وعرفوا بأنفسهم، وقدموا إعترافات لهم عن التجسس لصالح إسرائيل. وقال الأول ويدعي لافي إبراهيم من قبيلة السواركة وعمره 43 سنة: "أعمل مع الموساد الإسرائيلي منذ خمس سنوات". وأضاف أن ضابط بالموساد الإسرائيلي اتصل به وطلب منه العمل مع الجهاز مع وعد بتوفير كل الإمكانيات على حد قوله.
ولفت إلى أنه دخل إلى إسرائيل، والتقى بضابط يدعي موسى، مشيراً إلى أن كان يحصل على ألف دولار مقابل المعلومات التي يعطيها للطرف الإسرائيلي. ولفت إلى أن الضابط طلب منه الحصول على معلومات عن كل ما يدور في سيناء. وأفاد بأنه حصل على مبلغ 21 ألف دولار من الموساد على مراحل. وزعم أن الطائرات الإسرائلية بدون طيار المعروفة بـ"الزنانة" هي ما تصقف الأهالي في سيناء، كما زعم أن الجيش المصري يعلم ذلك أيضاً.
وقال الثاني واسمه خالد محمد جهيني، وعمره 27 عاماً. وقال إنه كان مسجوناً في إسرائيل، والتقى به ضابط بالموساد يدعي عبد الله، وطلب منه التعامل معه في سيناء، مشيرا إل أنه وافق مقابل الأموال. ولفت إلى أنه ألتقى بالضابط على الحدود خمس مرات، وحصل منه على معلومات عن الأوضاع في سيناء. وأضاف أن الضابط طلب منه التجسس على "المجاهدين"، و"المسلمين في قبيلة السواركة عامة". على حد قوله.
وأضاف جهيني أنه كان مختص بمراقبة مجموعة من النشطاء الإسلاميين، وحصل على ستة آلاف دولار على مراحل، بينما حصل على مبلغ 20 ألف دولار دفعة واحدة عن مقتل القيادي في الجماعة خالد المنيعي، عبر قصف سيارة كان متواجدا فيها.
وقال الثالث واسمه السيد سلامة حسين، من قبيلة الرميلات، وعمره 26 عاماً، إنه كان مسجونا في سجن بمدينة بئر سبع، بتهمة تهريب مخدرات، وحضر إليه ضابط يدعي أبو رائد. وأضاف أن هذا الضابط ساهم في الإفراج عنه، مقابل التجسس في سيناء، مشيرا إلى أنه تعاون معه كثيراً.
وأفاد بأنه دخل إلى إسرائيل مرة أخرى، ومكث لدى الضابط بالسجن لمدة يومين، وأعطاه مسدسين وخمسة آلاف دولار، وأعطى لرفيق كان معه 2500 دولار. ونبه إلى أن الضابط عرض عليه خمر ونساء خلال هذين اليومين. وأشار إلى أن الضابط كان يسأله عن أحوال الشباب، ومن يجاهد ومن يشرب الخمر منه، وعن العمليات التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء.
وقال الرابع ويدعى اسماعيل سلميان سلامة، وهو من قبيلة الرميلات وعمره 23 سنة. إن شقيقه سيد هو من جنده لصالح الموساد، عن طريق يدعى أبو رائد، ولفت إلى أنه كان يسأله عن أقارب له، ويطلب أرقام الهواتف الخاصة بهم.
ووجه الرجال الأربعة رسالات إلى الآخرين من الجواسيس بضرورة عدم التعاون مع اسرائيل. كما وجه التنظيم رسالة إلى "العملاء والخونة"، وقال: "باب التوبة والعودة والرجوع إلى الله مفتوح، قبل القدرة عليه، ووالله ثم والله باب التوبة والعودة إلى الله أحب إلينا من الدنيا وما فيها، وهدفنا ليس قطع رؤوسكم، ولكن هدفنا كف أيديكم عن أذى المسلمين، فإن استجبتم لنا عشتم آمنين بين أهليكم، وإن أبيتم وأصررتم على محاربة الله ورسوله والمجاهدين، فوالله قد جئناكم بالذبح".
وأثار الفيديو الكثير من الغضب في أوساط المصريين، لاسيما أن هذا النهج في القتل غريب عليهم، فضلاً على أن يدل عىل تحول خطير في إستيراتيجية الإرهاب، في الحكم بالإعدام على المواطنين وقتلهم بدون بدم بادر.
وقال الدكتور محمد رفعت، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ "إيلاف" إن التحول في إستيراتيجية جماعة أنصار بيت المقدس إلى القتل بالذبح على طريقة تنظيم داعش في العراق وسوريا، يأتي في أعقاب موجة الرعب التي نشرها التنظيم في بلاد الشام والعراق، بسبب أستخدام هذه الطريقة البشعة في القتل.
وأضاف أن تنظيم بيت المقدس يهدف إلى بث الرعب في نفوس أهالي سيناء، وإجبارهم على عدم التعاون مع الأجهزة الأمنية المصرية ضد هذه الجماعات الإرهابية. وأشار إلى أن التنظيمات الإرهابية صارت تتعامل بوحشية وبربرية تعود إلى العصور الوسطى، ما يؤكد أنها لا علاقة بها بالإسلام، وتسعى في الارض فساداً.
وأعتبر اللواء ممدوح عمران، الخبير الأمني، أن جماعة تنظيم بيت المقدس تستخدم الحرب النفسية ضد المصريين عموماً وقوات الجيش والشرطة، مشيراً إلى أنها تحاول بث روح الرعب والخوف في نفوس المصريين، لاسيما أنها صارت تستهدف المواطنين، والجنود في الوقت نفسه.
وأضاف لـ "إيلاف" إن الأجهزة الأمنية تعكف على دراسة وتحليل الفيديوهات التي تنشرها الجماعة، وأشار إلى أن هذه الجماعة على إتصال بأجهزة إستخباراتية غريبة، وتمولها دول وجهات خارجية، لاسيما أنها تستخدم تقنيات وأسلحة متطورة، ولديها أنصاركثيرون في سيناء. ولفت إلى قوات الجيش تقوم بعمليات واسعة ضد هذه الجماعة وغيرها من التنظيمات في سيناء، وتوجه إليها ضربات قاسية بشكل يومي، متوقعاً أن يقضي عليها الجيش المصري، ويطهر سيناء منها. ولفت إلى أن قتل المواطنين وإراقة دمائهم بدون محاكمات وذبحهم من الرقاب كالحيونات، ليس من تعاليم الإسلام، مشيرا إلى أن هذه الجماعات بعيدة عن الإسلامة تماماً.