تتعالي الاصوات بعد كل عمل أرهابي لتحلل اسباب الارهاب وكيفية مواجهته ويري الكثيرون وأنا منهم ان غياب العدالة الاجتماعية والديمقراطية في مجتمعاتنا وعدم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا و تأييد الولايات المتحدة لاسرائيل رغم اغتصابها حقوق الشعب الفلسطيني وتحديها لكل قرارات الشرعية الدولية هي من اسباب الارهاب المتلفح بعباءة الاسلام ولكنها ليست كل الأسباب..
بل تبقي المعضلة الرئيسية والتي يتجنب الجميع مناقشتها وهي النصوص التي يعتمد عليها زعماء الارهاب والتي لا يستطيع علماء الدين المعتدلون عندنا كما نسميهم الرد علي تفسيرهم لها والتي يجد تفسير الاصوليين لها صدي واسعا بين المسلمين و تدرس هذه النصوص وتفسير الاصوليين لها في مدارسنا وخاصة المدارس السلفية في ..
فكيف نلوم بعدها شابا تشبع بها ويحب الله ورسوله عندما يفجر نفسه معتقدا انه بعمله هذا يخدم الاسلام والمسلمين وهو سبيله الي رضاء الله عنه ودخول جنة النعيم الابدية ..
أن هذا الشاب في الحقيقة هو ضحية مثل الضحايا الذين يفقدون حياتهم علي يديه .. ضحية قادته وضحية علماء الدين الذين تقاعسوا عن مواجهة تفسير الاصوليين لهذه النصوص وضحية الحكومات التي تركت ثقافة التطرف والاصولية تنتشر في المجتمع رغم نجاح بعض هذه الحكومات في القضاء امنيا علي الارهاب في بعض البلاد العربية وهي تعرف انه نجاح وقتي .. لان التطرف ينتشر تحت السطح وهي تغمض عنه العين طالما لا يرفع السلاح تلافيا للمواجهة .. هذا الفكر السلفي والاصولي المتطرف للأسلام يزيح كما هو الحال في مصر الاسلام المعتدل من الساحة , الاسلام المعتدل الذي كان سمة من سمات الشعب المصري..
أن اردنا فعلا في العالم العربي والاسلامي كسب المعركة ضد الارهاب لابد ان يجد علماؤنا حلا لتفسير نصوص القتال و الجهاد يقنع عامة المسلمين وليس الحكام والمثقفين .. قبل ذلك سيظل التطرف الاصولي ممثلا في تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن يجد ويجند المزيد من الانصار لان له حزب سياسي و ديني وثقافي يتولي عنه العمل الايديولوجي في نشر رؤيته وتفسيره للأسلام .. وهذا التيار في الحقيقة ليس هدفه مقاومة عدوان أو احتلال .. بل هدفه هو أسلمة العالم بالسيف اعتمادا علي نصوص لا نجد لها حلا ولا تفسيرا معتدلا يجعلنا نعيش في سلام مع باقي شعوب الأرض ..
وحتي يكون لكلامي مصداقية ,, فلنقرأ معا التفسير السلفي للجهاد والمتفق مع تفسير عبد الله عزام التالي وكل منظري جماعات العنف الاسلامي من االقاعدة الي الجهاد الي حماس وهو تفسير يتفق حتي مع تفسير الجلالين وابن كثير وغيرهم :
الجهاد فرض عين منذ (2941م) عندما سقطت غرناطة بيد الكفار النصارى- وإلى يومنا هذا, سيبقى الجهاد فرض عين حتى نستعيد كل بقعة كانت إسلامية إلى أرض الإسلام, وإلى يد المسلمين
: الجهاد تنظم نهائيا وقطعيا بعد غزوة تبوك;.. أصبحت الأحكام نهائية بعد نزول سورة التوبة; فنزلت آية السيف فنسخت كل آية قبلها; نسخت آية السيف كل أمر.. مثل:
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
(النحل: 521)
فاصفح الصفح الجميل..
(الحجر: 58)
آيات السيف في سورة التوبة; قال تعالى:
فإذا انسلخ الأشهر الحرم..
(التوبة: 5)
يعني: الأربعة أشهر التي أعطيت للمشركين مهلة فسيحوا في الأرض أربعة أشهر يعني: سيروا آمنين أربعة أشهر; وهي من (01 ذي الحجة سنة 9ه- إلى 01 ربيع الثاني سنة 10هـ) فإذا جاء (01 ربيع الثاني في سنة01هـ) بدأ السيف:
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين
(التوبة: 5)
أي إذا جاء (01 ربيع الثاني سنة 10هـ)...
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم, وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد
(التوبة: 5)
واعملوا لهم كمائن...
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم
(التوبة: 11)
يبقى السيف يعمل في رقاب الكفار حتى يدخلوا الإسلام ... فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم
وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (التوبة: 63)
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
(الأنفال: 93)
فآية السيف نسخت ما قبلها .. فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .. وكذلك وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ... بعد آية السيف أصبح أهل الأرض ثلاثة; كما يقول ابن القيم: مؤمن آمن, ومعاهد مسالم, وكافر خائف , إما أن يدفع الجزية, وإما يؤمن, وإما يقاتل, فلذلك كان المسلمون يعرضون هذه العروض الثلاثة .. إسلام أو جزية أو سيف, منذ أن نزلت آية السيف حتى يومنا هذا.. انتهى الأمر.. أما مشركوا جزيرة العرب فلا يقبل منهم إلا الإسلام, أي جزيرة العرب لا يقبل منها الجزية; إما الإسلام وإما القتل, ,,
وهو نفس تفسير الجلالين :
فَإِذَا انْسَلَخَ" خَرَجَ "الْأَشْهُر الْحُرُم" وَهِيَ آخِر مُدَّة التَّأْجِيل "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" فِي حِلّ أَوْ حَرَم "وَخُذُوهُمْ" بِالْأَسْرِ "وَاحْصُرُوهُمْ" فِي الْقِلَاع وَالْحُصُون حَتَّى يُضْطَرُّوا إلَى الْقَتْل أَوْ الْإِسْلَام "وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَد" طَرِيق يَسْلُكُونَهُ وَنُصِبَ كُلّ عَلَى نَزْع الْخَافِض "فَإِنْ تَابُوا" مِنْ الْكُفْر "وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتَوْا الزَّكَاة فَخَلُّوا سَبِيلهمْ"
ويقول ابن كثير في تفسيره أن هذه الآية متفقة مع حديث رسول الله : وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة " الْحَدِيث,, وعليها اعتمد سيدنا أبو بكر في قتال مانعي الزكاة ..
الأمر بمقاتلة أهل الكتاب، وأخذ الجزية منهم
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ(29)}
ولما ذكر حكم المشركين ذكر حكم أهل الكتاب فقال {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} أي قاتلوا الذين لا يؤمنون إِيماناً صحيحاً بالله واليوم الآخر وإِن زعموا الإِيمان، فإِن اليهود يقولون عُزَير ابن الله، والنصارى يعتقدون بألوهية المسيح ويقولون بالتثليث {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} أي لا يحرمون ما حرم الله في كتابه، ولا رسوله في سنته، بل يأخذون بما شرعه لهم الأحبار والرهبان ولهذا يستحلون الخمر والخنزير وما شابههما {وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} أي لا يعتقدون بدين الإِسلام الذي هو دين الحق {مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} هذا بيان للمذكورين أي من هؤلاء المنحرفين من اليهود والنصارى الذين نزلت عليهم التوراة والإِنجيل {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} أي حتى يدفعوا إِليكم الجزية منقادين مستسلمين {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي أذلاء حقيرون مقهورون بسلطان الإِسلام.
ويقول ابن كثير في تفسيره :
وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة أَوَّل الْأَمْر بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب بَعْد مَا تَمَهَّدَتْ أُمُور الْمُشْرِكِينَ وَدَخَلَ النَّاس فِي دِين اللَّه أَفْوَاجًا وَاسْتَقَامَتْ جَزِيرَة الْعَرَب أَمَرَ اللَّه رَسُوله بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَابَيْنِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَة تِسْع..
ويقول الطبري في تفسيره :
وَأَمَّا قَوْله : { وَهُمْ صَاغِرُونَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَهُمْ أَذِلَّاء مَقْهُورُونَ , يُقَال لِلذَّلِيلِ الْحَقِير : صَاغِرًا وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْره بِحَرْبِ الرُّوم , فَغَزَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد نُزُولهَا غَزْوَة تَبُوك ...
ان لم يجد علماؤنا الافاضل تفسيرا لهذه النصوص ..غير التفسير السلفي لها .. الذي لا يحدد قتال المشكرين وأهل الكتاب بأي سبب سوي أنهم لا يؤمنون بالاسلام ..وليس لأنهم معتدين .. ويؤكد علي أن هذه الآيات نسخت ما قبلها من آيات التسامح
بعض الآيات التي نسختها* الآية (29 التوبة).
1- سورة البقرة
الآية 62 (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ). منسوخة بالآية (29 التوبة).
الآية 109 (فاعفوا واصفحوا). منسوخة بالآية (29 التوبة)
2- سورة المائدة
الآية 13 (فاعفُ عنهم واصفح). منسوخة بالآية (29 التوبة)
3- سورة الأنعام
الآية 70 (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا). ذر= دعْ، فعل أمر. منسوخة بالآية (29 التوبة)
4- سورة الأنفال
الآية 61 (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). منسوخ بالآية (29 التوبة)
5- سورة العنكبوت
الآية 46 (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون). منسوخة بالآية (29 التوبة)
.. إن لم يجد علماؤنا الأفاضل تفسيرا يقنع عامة المسلمين ويسحب البساط من تحت أقدام جماعات التطرف الاصولي فسيبقي الارهاب سيفا مسلطا علي رقاب الجميع تغذيه الحالة الاقتصادية والسياسية المتردية لمجتمعاتنا وتؤيده نصوص دينية لم يستطع انصار الاسلام المعتدل تقديم تفسيرا لها يدحض حجج الاصوليين ويكسب قلوب عامة المسلمين .. هذه هي الحقيقة المرة يا سادة ويجب ان نعترف بتقصيرنا وتقصير علماؤنا الافاضل الذين يصرخون ليلا نهارا ويعلوا صوتهم عن وسطية الاسلام واعتداله وتقبله للآخر دون ان يقدموا تفسيرا واجتهادا يستطيع ان يتصدي لتفسير واجتهاد عبدالله عزام أو حتي تفسير ابن كثير والطبري ..وما اعتمد عليه من فكر من سبقوه و جاءوا بعده من فقهاء ومفكرين اسلاميين وزعماء أرهابيين وعلي رأسهم سيد قطب و أسامة بن لادن...
هذه هي الحقيقة يا سادة ولنا الله ان لم نعترف بها ويؤسفني أن أقول لنفسي ولكل من يكتب علي موقع أهل القرآن .. لم يقدم أينا تفسيرا مقنعا لهذه الآيات ولا أجد حلا إلا في اعتبارها آيات تاريخية انتهي العمل بها بعد فتح مكة واستقرار الاسلام ...
عمرو اسماعيل