تقف اميركا اللاتينية في طليعة الادانات للهجوم العسكري الدامي الذي تشنه اسرائيل على قطاع غزة معبرة عن موقفها بوصف اسرائيل ب"الدولة الارهابية" واستدعاء سفراء وتعبئة شعبية مقدمة دعما بشبه اجماع غير مسبوق للفلسطينيين. وقال ريجينالدو ناصر من قسم السياسة في جامعة ساو باولو البابوية في البرازيل متحدثا لوكالة فرانس برس "لا اذكر اي وضع مماثل وقفت فيه جميع (دول المنطقة) كتلة واحدة تقريبا في رد فعلها". ومن ابرز المواقف الصادرة مؤخرا موقف رئيس بوليفيا، احد ابرز وجوه اليسار الراديكالي في اميركا اللاتينية، وقد ادرج اسرائيل الاربعاء على قائمة من "الدول الارهابية" والغى اتفاقا يقضي بالاعفاء المتبادل من تاشيرات الدخول. وبعد 24 يوما على اطلاق اسرائيل هجومها على قطاع غزة بلغت حصيلة الضحايا الفلسطينيين 1457 قتيلا و8370 جريحا غالبيتهم الكبرى من المدنيين وبين القتلى اكثر من 245 طفلا بحسب اليونيسيف. ودخلت تهدئة لمدة 72 ساعة حيز التنفيذ صباح الجمعة في القطاع. وقبل موراليس وصفت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الهجوم الاسرائيلي ب"مجزرة" لكنها رفضت توصيف "الابادة" الذي اطلقه نائب في الحزب الاشتراكي الحاكم في فنزويلا، فيما ندد رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو ب"حرب ابادة تشن منذ نحو قرن" على الشعب الفلسطيني. وفي مؤشر الى توتر العلاقات بين البرازيل واسرائيل قررت روسيف الاسبوع الماضي استدعاء سفيرها في تل ابيب للتشاور ما حمل متحدثا باسم الخارجية الاسرائيلية على وصفها ب"قزم دبلوماسي". واجمعت المنطقة على التنديد بعنف العمليات الاسرائيلية والمطالبة بوقف اطلاق نار واستئناف المفاوضات بين طرفي النزاع، غير ان البيرو والاكوادور وتشيلي والسلفادور حذت حذو البرازيل واستدعت ممثليها في اسرائيل للتشاور. اما كوستاريكا والارجنتين التي تضم اكبر مجموعة يهودية في المنطقة فقامتا باستدعاء سفيرتي اسرائيل الى وزارة الخارجية. وطالب رئيس اوروغواي خوسيه موخيكا الخميس ب"انسحاب فوري للقوات" الاسرائيلية من غزة معلنا انه يدرس استدعاء ممثله في تل ابيب. وردا على ذلك اعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ييغال بالمور الاربعاء عن "خيبة امله الكبيرة" معتبرا ان هذه القرارات هي بمثابة "تشجيع" لحركة حماس. وقامت بلدان اخرى بقيادة اليسار الراديكالي منذ سنوات بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل، ومنها نيكاراغوا عام 2010 وفنزويلا وبوليفيا عام 2009، بعد هجوم عسكري سابق على غزة، وكوبا عام 1973 بعد حرب أكتوبر. والبلد الوحيد الشاذ عن قاعدة الاجماع هذه هو كولومبيا برئاسة خوان مانويل سانتوس (يمين وسط) الذي استبعد تماما استدعاء سفيره في تل ابيب. يبدي ريجينالدو ناصر استغرابه لهذا الاجماع الدبلوماسي شبه الكامل عارضا "بعض الفرضيات" لتبريره. ويضيف "ينبغي القول أولا ان بلدا يصدر اليوم تصريحا ضد اسرائيل لم يعد يعتبرا خارجا عن المعايير الدولية". وفي سياق تفسير حجم التعبئة الشعبية المؤيدة للفلسطينيين في اوروبا واميركا اللاتينية والتي تفوق التعبئة في الدول العربية، يقول ان "القضية الفلسطينية تعتبر (بالنسبة للمنطقة) موضوعا تاريخيا يتعلق بالعلاقات غير المتكافئة مع السلطة". كما ان هذا الموضوع يتخذ بعدا معاديا للولايات المتحدة، وهو شعور منتشر في المنطقة ويقول ناصر ان "علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة هي موضع رفض في المنطقة وهذا ما يقود الى نوع من التماثل". غير ان إيسميني ايتاي براس من جامعة العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة المكسيك تشير الى ان ردود الفعل الرسمية تتبع التعبئة الشعبية. وفي الاسابيع الاخيرة جرت تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في عدد من عواصم اميركا اللاتينية من مكسيكو الى سانتياغو في تشيلي، ضمت بضع الاف الاشخاص. وقالت براس "انه فعل تماثل مع المعاناة، شعور بالتضامن مع ما يجري في اميركا اللاتينية" حيث ينتشر الاحساس بالكبت. ورأت في ردود فعل المنطقة "موقفا ضد الامبريالية" التي يرمز اليها النزاع الاسرائيلي الفلسطيني