البحرين: رجال دين وناشطون شيعة يقودون حملة تكفير وتصفية ضد جمعية التجديد الثقافي

في السبت ٢٣ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

المنامة- آفاق - عمران سلمان

1

يبدو أن الغالبية الشيعية في البحرين والتي ما فتئت تشكو من التمييز الطائفي الذي تمارسه الحكومة التي يهيمن عليها السنة ضدها، قد تحولت هي الأخرى إلى ممارسة التمييز الطائفي بصورة أقسى وأشد ولكن هذه المرة ضد جماعة صغيرة داخل الطائفة الشيعية نفسها.


ويرى المراقبون أن هذا الحادث يلقي مزيدا من الضوء على الطبيعة الاقصائية داخل العديد من الدوائر الشيعية ويقوض من مصداقية الكثير من الشعارات التي ترفعها.


فقد شهدت الأيام القليلة الماضية هجوما ضاريا من جانب رجال دين وناشطين شيعة خصوصا في جمعية الوفاق الإسلامية ضد جميعة التجديد الثقافي، وصل إلى حد تكفير أعضائها والدعوة إلى اسئتصالهم من المجتمع، بحجة الضلال والانحراف عن الدين.


ويطلق هؤلاء على الجمعية تسمية جماعة "السفارة" حيث أشيع بأنهم سفراء الإمام المهدي وعلى اتصال به، إلا أن التجديد نفت هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة.


وفي إطار التصعيد ضد جمعية التجديد عقد ناشطون ومقربون من الوفاق ندوة مساء يوم الأربعاء 20 أغسطس الجاري بعنوان "بدعة السفارة" في مسجد الإمام الحسن بمنطقة إسكان عالي (جنوبي العاصمة المنامة) كانت تهدف إلى التعريض بالجمعية والتحريض ضدها، لكن الندوة فشلت عقب وقوع مشاجرة بين أفراد الجمعيتين. وكان المتحدث الرئيسي في الندوة النائب البلدي عن منطقة السنابس والمنتمي لجمعية الوفاق، ونائب رئيس جمعية التوعية الإسلامية، حميد منصور البصري.


وجاءت الندوة فيما يبدو استجابة لدعوة كان قد اصدرها نائب رئيس المجلس العلمائي الشيعي الذي يشرف على جمعية الوفاق الإسلامية السيد عبد الله الغريفي الأسبوع الماضي بالتصدي لجمعية التجديد، والتي أكد خلال إحدى خطبه على أن "جمعية التجديد وأعضاءها تقع ضمن فئة مفترية وكاذبة وملعونة"، مذكّراً بأنّ "علماء البلد قاموا بالتصدّي لأعضاء الجمعية، وأنّ الفقهاء قبل عقديْن أصدروا فتاوى التكفير والتفسيق ضد أعضائها".


وأضاف أن "الحجّتية الذين حاربهم الإمام الخميني.. وانكشفت أضاليلُهم وأكاذيبُهم، واندحروا وتمّ محاصرتهم وإنهاؤهم.. إلى "جند السماء" بالعراق، ومخطّطاتهم الرهيبة بتصفية مرجعيّة النجف واغتيال الفقهاء، فافتضحوا وتمّ تصفيتهم وإفشال مخطّطهم المدمّر، إلى دعوى "السفارة" بالبحرين، تصدّى لها علماء البلد".


وتابع "صدرت فتاوى الفقهاء ضدّهم، وتمّت محاصرتهم بأوساط المؤمنين، وبعد اختفاء طويل برزوا مجدّداً تحت عناوين جديدة، فأتاحت لهم الأوضاع المتغيّرة أن ينشطوا بدعاوى جديدة تحمل عنوان "التجديد"، وروحُ التجديد عندهم طرحُ الدين بطريقة تخالف فقهاء الأمة الصالحين.. وبقراءة تاريخية للحركات التي ادّعت زوراً وكذباً السفارة فقد انتهت إلى حركات متحرّرة تماماً من الدين وقيَمه، وإلى حركات إلحادية وإباحية".


وقد تقدم أعضاء من جمعية التجديد ببلاغ ضد حميد البصري وضد قيم المسجد وضد مدير الندوة متهمين البصري والسيد عبدالله الغريفي بإثارة الفتنة بين الشيعة. وأصدرت جمعية التجديد بياناً توضح فيه وجهة نظرها في حادثة الاشتباك، جاء فيه "قام العضو البلدي المنتخب ونائب رئيس جمعية التوعية الإسلامية (حميد البصري) ممثل دائرة السنابس بعقد ندوة في بيت من بيوت الله ونحن على أبواب شهر رمضان قام فيها بالتعرّض لأعضاء جمعيتنا بالهتك والتضليل وذكر أسماء على مرأىً ومسمع من الحاضرين أسوة بمن سبقه قبل عدة أسابيع، ومواصلة على النهج نفسه باستخدام المساجد لاستئصال الآخر المخالف في العقيدة والرأي، وقام المحاضر المذكور خلال الندوة بالتحريض علناً وأمام الحضور على جمع من الحاضرين بتهمة التعاطف مع الجمعية ممّا أحدث جدلاً أدى إلى مشاحنات تعالت فيها الأصوات".


وأضاف البيان: "رفعت الجمعية رسالة إلى وزير العدل والشؤون الإسلامية شاكيةً انفلات بيوت الله التي تتبع وزارته عن غرضها الإيماني الروحي في بناء السلم الاجتماعي والألفة، وتوظيفها للتحريض على القتل والتفسيق بالجملة، وأرسلت نسخاً منها للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وغيرها من الجهات ذات العلاقة".


فيما أصدر مركز الأنشطة والخدمات الإسلامية المنظم للندوة بياناً جاء فيه "أننا في مركز الأنشطة والخدمات الإسلامية وفي الوقت الذي ندين فيه ونستنكر أشد الاستنكار ما جرى وصدر من أعضاء جمعية التجديد، نؤكد استمرارنا في فضح وكشف الحقيقة للعامة"، وأشار البيان إلى تنظيم ندوة على نطاق أوسع تتناول ذات الموضوع.


وقد رفعت جمعية التجديد رسالة إلى وزير العدل جاء فيها "تعلمون ما جرى طوال العشرين سنة الماضية، من انتهاك لحرمتنا، نحن الذين أطلق علينا مشايخ المذهب هنا بجماعة السفارة زوراً وعدواناً، فلا بد أنه قد وصلكم غيض من فيض، مما قالوا من الآثام العظيمة، والتهم الباطلة، وما أباحوه للناس فينا من انتهاك كلّ حرمة ودم وعرض، وما كتبوه ونشروه وأعلنوه، مما لم يعد خافياً على أحد.


ولقد صبرنا طوال هذه العشرين سنة على ظلمهم وجرمهم، إذ لم يكن لنا نصير عليهم، لا من الدولة، ولا من الناس، ولا من القانون، ولكننا بعد الانفتاح بمشروع الميثاق والبرلمان، وإعادة تفعيل القوانين الفاصلة بين ممارسة الدين وممارسة السياسة، وبعد أن أظهرنا للناس حقيقة فكرنا وموقفنا من خلال جمعية التجديد، لم يعد من حق أحد أن يعقد ندوة أو خطبة في مسجد أو جامع؛ لا لينتقد ما نكتب من فكر أو قول، بل ليعود ويعيد الأكاذيب والافتراءات السابقة، من أننا جماعة ضالة مضلة، عملاء، صهاينة، إباحيون، نسعى لقتل العلماء، إلى آخر القائمة المشينة، وليعيد الحث على تفعيل فتاوى قتلنا وإباحة أعراضنا وأموالنا والتعرّض لنسائنا وأطفالنا، ووجوب مقاطعتنا وتنجيسنا باسم الدين، لم يعد هذا ممكناً ولم يعد يجوز لنا الصبر عليه، ولم يعد يجوز أن يجري في ظل دولة الميثاق واحترام حقوق مواطنيها.


ففي ليلة الخميس الموافق لـ 20 أغسطس (آب) الجاري قام النائب البلدي، ونائب رئيس جمعية التوعية الإسلامية، السيد حميد منصور البصري، بندوة في مسجد الإمام الحسن في إسكان عالي، تم التمهيد لها بالإعلان في المواقع الإلكترونية المعروفة، ليشرح للناس، وخصوصاً الجيل الجديد، ما لم يسمعوه عنا، لغرض أن لا تنسى الأجيال الجديدة، مواصلة للمسيرة نفسها التي بدأها الكبار معنا، هذا ما صرحوا به من هدف المحاضرة، وبالفعل بدأ ومن أول دقيقة في محاضرته بإعادة القول أنا جماعة ضالة مضلة، وأننا ضد الفقهاء، وذكر اسم عضو من أعضائنا بالاسم، وهو الأستاذ عيسى الشارقي، أحد كتابنا ورئيس الجمعيّة السابق، والذي له مقالات منشورة في الصحافة، لم يعنّ المحاضر نفسه يوماً في الردّ عليها.


إننا نؤمن أنّ من حقّ كل أحد، أن يقبل أو يرفض أيّ فكر وقول لا يقتنع به، وأن يعلن رفضه له ومخالفته إياه، وأن يردّ عليه بقول آخر، ولكن ذلك يجب أن يكون بعيداً عن التجريح الشخصي، والتكفير والتفسيق، والتحريض على العدوان وانتهاك الحرمات ودعاوى القتل، فحرية الفكر والاعتقاد مكفولة، وما قام به المحاضر هو محاولة إعادة جريمة كبرى قد جرت علينا لمدّة عشرين سنة، أثرت على أهلنا وأولادنا، فإن كانوا نصبوا أنفسهم حراساً للمذهب وحكّاماً على الضمائر والرقاب، فنحن لا نراهم كذلك، والقانون لا يخولهم هذه الحراسة وهذا التحكّم.


سعادة الوزير، إنّ أقل ما يجب عليكم فعله باعتبار بيوت الله ومنابرها ترجع لقانون وزارتكم الموقّرة، هو منع حدوث ذلك في دور العبادة، أو في الحسينيات، وأن تعلنوا رفضكم لاتخاذها منبراً لتمزيق الوطن فئات وفرقاً ومذاهب، بل أن تعلنوا رفضكم لكل حديث يتهم الآخرين بالباطل، ويفسقهم ويكفرهم باسم الدين، ورفضكم لكل فتوى توظف في الانتصار على المختلف في الرأي، وتنتهك حرمته وتبيح عرضه وماله، فضلاً عن دمه.


هذه ظلامتنا نرفعها إليك آملين أن لا تسمحوا لمساجد الرحمن والحسينيات أن تعود لممارسة الإثم والعدوان بانتهاكنا أو انتهاك غيرنا كما حدث لنا في الأعوام الماضية.


يذكر أن جمعية التجديد الثقافية تأسست عام 2002 ، وعلى رغم أنها لا تحمل في مبادئها ما يخرج عن ثوابت الإسلام، إلا أنه دار حولها الجدل، وخصوصاً من رجال الدين الشيعة الذين أطلقوا على من ينتمي إلى الجمعية بجماعة "السفارة" إذ أشيع بأنهم سفراء الإمام المهدي وعلى اتصال به، إلا أن التجديد نفت هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة.


كما انتقدت التجديد ما تتعرض له من تهميش ورفض وتسقيط ومن قبل مجموعة من علماء الدين الذين أصدروا فتاوى تحرم السلام أو الزواج أو التعامل معهم، معتبرين ذلك انتهاكاً لحقهم في ممارسة معتقداتهم الدينية وتعدياً على ما جاء به الدستور، وقد جاء في المادة (81) من الدستور "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو اللغة أو العقيدة"، وفي المادة (22) "حرية الضمير مطلقة، وتكلف الدولة حرمة دور العبادة وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد".

اجمالي القراءات 3109