أنفقها المصريون علي شراء سلع غذائية ولائم رمضان تلتهم 40 مليار جنيه

في الثلاثاء ٠٨ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أنفقها المصريون علي شراء سلع غذائية

ولائم رمضان تلتهم 40 مليار جنيه

 

ولائم رمضان تلتهم 40 مليار جنيه
 

«اصرف ما في الجيب.. يأتيك ما في الغيب» شعار يرفعه المصريون دائماً مع قدوم شهر رمضان، الذي تحول إلي شهر استهلاكي تسود خلاله كافة مظاهر البذخ، حيث انفق المصريون في رمضان الماضي نحو 40 مليار جنيه،

هذا الخلل المتوارث في العادات والتقاليد لم يعد يتلاءم مع الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد، في ظل غلاء الأسعار، وانخفاض دخل المواطن الذي يستنزف الطعام الجزء الأكبر منه، ولا شك أن رمضان هذا العام لم يختلف كثيرا عن سابقه، الأمر الذي يؤثر سلباً علي الاقتصاد المصري، ويحتاج لتغيير سلوكياتنا وثقافتنا، للقضاء علي ما يعانيه المجتمع من خلل انفاقي في شتي مظاهر الحياة.
كشفت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية عن المتغيرات التي تحدث داخل الأسرة المصرية، ان 83٪ من الأسر تغير عاداتها الغذائية خلال شهر رمضان، حيث تتضاعف نسبة الإنفاق المالي، إذ يصل حجم استهلاكنا من اللحوم والطيور لنحو 63٪، فضلا عن زيادة نسبة استهلاك المكسرات بنحو 25٪، وزيادة الولائم والعزومات في منزل الأسرة بنحو 23٪ مقارنة بالشهور العادية، مما يترتب عليه زيادة في نفقات الطعام وارتفاع نسبة الفاقد في الموائد المصرية لنحو 6٪ ويتجاوز الـ 75٪ من العزومات والولائم العائلية. مما يؤثر سلباً علي الاقتصاد المصري، نظراً لأن أغلب تلك السلع يتم استيرادها من الخارج.
كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في العام الماضي، عن ارتفاع انفاق الأسر المصرية علي الطعام والشراب ليحتل نحو 37,6 من متوسط إجمالي دخل الأسرة، حيث ارتفع متوسط الإنفاق الكلي السنوي للأسرة من 22,3 ألف جنيه عام 2010/2011 إلي 22,7 ألف جنيه عام 2012/ 2013 الماضي بزيادة قدرها 2,1٪ حيث بلغت نسبة انفاق الأسرة علي الطعام والشراب في الريف نحو 41,4٪ و34٪ في الحضر.

120 مليون دجاجة يلتهما المصريون
في العشرة أيام الأولي من شهر رمضان يتزايد معدل استهلاك المصريين من الطعام والشراب بصورة ملحوظة، حيث تشير التقارير إلي أن حجم الاستهلاك يرتفع في بداية الشهر ويبدأ بالانخفاض تدريجيا في نهايته، حيث يتراوح حجم استهلاكنا من اللحوم ما بين 7٪ إلي 100٪ أي ما يعادل نحو 30 ألف طن من اللحوم البلدية والمستوردة، كما نستهلك نحو 120 مليون دجاجة علي مدار الشهر و70٪ ألف طن من الفول المدمس أما الأسماك فيلاحظ ان الأقبال عليها منخفض في بداية الشهر الكريم، لتعود حركة الشراء مرة أخري في العشرة أيام الأخيرة لارتباطها بموسم العيد، حيث بلغ حجم استهلاكنا من الأسماك في العام الماضي نحو 45 ألف طن. مقابل 90 ألف طن حجم الاستهلاك الشهري بانخفاض نحو 50٪.
وتشير الدراسات إلي ان المصريين ينفقون نحو 200 مليار جنيه سنويا علي الغذاء، وإن هناك ما يقرب من 60٪ من الطعام يتحول إلى فائض يتم التخلص منه، فضلاً عن وجود 75٪ من الطعام علي الموائد المصرية والعزائم، وقد اعتاد المصريون تناول منتجات الألبان خلال هذا الشهر لما لها من تأثير جيد علي المعدة، فضلاً عن قدرتها علي هضم الطعام، خاصة الزبادى الذي وصل حجم استهلاكنا منه خلال العام الماضى لنحو 22 طناً، كما يرتفع استهلاكنا من الزيوت من 60 ألف طن إلى 75 ألف طن.
أما بالنسبة للياميش، فقد تأثر هذا العام بالأحداث الموجودة علي الساحة وخاصة في سوريا التي كنا نستورد منها أنواعاً كثيرة من الياميش، خاصة قمر الدين. وشهد الياميش تراجعا ملحوظاً هذا العام حيث بلغت الكميات الواردة التي يتم استيرادها نحو 7 ملايين و89 ألف طن، بعد أن كنا نستورد 29.3 مليون طن العام الماضى، كما تم استيراد نحو 220 ألف طن من التمر هذا العام و157 ألف طن من التين المجفف.
الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية يؤكد أن المصريين أنفقوا خلال العام الماضى 40 مليار جنيه علي الطعام والشراب في شهر رمضان، بينما أنفقوا عام 2012 نحو 33 مليار جنيه، وكان من المتوقع أن يزداد حجم الإنفاق كل عام نظراً لغلاء الأسعار كما يتوقف الأمر علي موعد شهر رمضان، ففي حالة تصادف اقترابه مع الانتخابات كما حدث في العام الماضى من الإخوان فإن هذا يزيد من معدل الإنفاق علي الغذاء، حيث استغل الإخوان الأمر في شراء الشنط الرمضانية وتوزيعها لكسب الأصوات، وهنا لابد أن نفرق بين ما ينفق علي الغذاء كالعزائم والإسراف علي الطعام وبين أعمال الخير، فهناك جزء من الإنفاق يوجه لعمل الخير، ويظهر ذلك من خلال ما يتم توزيعه من شنط رمضان التي تقوم المحلات بتجميعها، ويقوم المواطنون بشرائها وتوزيعها علي البسطاء، ولا شك أن هذه ظواهر إيجابية، أما الإنفاق الموجه إلي العزائم والإسراف في الولائم الرمضانية فهذا أمر سيئ، حيث يتم إهدار كميات كبيرة من الطعام بالتخلص من بقاياه ويستكمل قائلاً: إننا إذا نظرنا إلي الفنادق الكبيرة والمطاعم نجدها تنفق مع مؤسسات تقوم بأخذ بواقي الطعام والتصرف فيه بدلاً عن إهداره، أما المواطن العادي فلا يفعل ذلك، لذا نجد أن جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة تذهب للطعام، ورغم غلاء الأسعار فإن المصريين لديهم ثقافة سلبية في الإنفاق، حيث يتم تعويض حرمان طوال العام في شهر رمضان، بالإضافة إلى شراء منتجات غير معتادة كالياميش والمكسرات، مما يزيد من معدل استيرادنا لتلك السلع، ومع ذلك لا يمكن الإحجام عنها لارتباطها بشهر رمضان، ولذلك يستغل التجار الأمر ويقومون برفع الأسعار، بصورة مبالغ فيها في ظل ضعف الحكومة، وعدم اتخاذها لمواقف جادة تجاه هؤلاء التجار، فإذا نظرنا لدول الخليج نجد أنهم يقومون بإجبار المستورد علي تحديد هامش ربح لا يزيد على 30٪ ومن يخالف ذلك يتعرض للمحاسبة، وعندما حاولت الحكومة المصرية تطبيق ذلك فشلت، لأنها ضعيفة، ولا تستطيع إحكام الرقابة علي الأسواق، والمطلوب لعب دور المنافس وقيام وزارة التموين باستيراد السلع التي يحتاجها المواطنون كي تحد من جشع التجار، وتولى توزيعها من خلال منافذ بيع ومعارض في العديد من المناطق لإجبار المستغلين علي خفض الأسعار.
الدكتور أحمد يحيي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس، يقول: يرتبط رمضان دائماً بالبهجة وفعل الخير، وإدخال السرور على نفس الأسرة المصرية، وتتزايد فيه الزيارات العائلية، والترابط الأسرى، وهذا التواصل الذي يزداد في هذا الشهر الكريم، يسعي خلاله كل فرد علي أن يقدم قدراً من المساهمة الخيرية، والمادية سواء للفقراء والمساكين أو الجيران والأحباب، فتنتشر الولائم وتقام الموائد تقرباً لله وإشباعاً للفقراء وعلي الرغم من أن الإسراف مرفوض ومحرم بأمر بالله، إلا أن هذا الشهر له خصوصية خاصة، حيث تزداد فيه الولائم ويستهلك المصريون خلاله أصنافاً كثيرة وجديدة من الأكلات والحلويات والياميش، وللأسف يكون أغلبها مستورداً من الخارج، مما يزيد من فاتورة استهلاك رمضان، وهي فاتورة موسمية، تتكرر مرة واحدة كل عام، فلا يجب أن يحرم منها البسطاء والفقراء، فالدولة هي المسئولة عن توفير وإتاحة الخير والسعادة للجميع، وهذا لا يحدث، لذا نجد أن المواطن يعلق حرمانه علي الدولة، لذا أصبح من الضروري أن تنتشر ثقافة التواصل بين الدولة والشعب من خلال المصداقية، حتي يقوم الطرفان بواجبهما تجاه الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة الآن والتي يعاني منها المجتمع.
أما الدكتورة ابتهال رشاد، مستشار التنمية البشرية وحقوق الإنسان، فتري أن سلوك الناس في المجتمعات العربية هو الإسراف في شراء الطعام، فهناك مبالغات كثيرة في الوجبات الرمضانية في الوقت الذي نعاني فيه من ارتفاع لأسعار جميع السلع فأغلب المواطنين لا يستطيعون شراء احتياجاتهم من أبسط السلع, وتري «ابتهال» أن المشكلة تكمن في أننا تعودنا علي تلك الثقافة منذ الصغر، ولابد أن نبدأ في تغييرها، ونقوم بشراء احتياجاتنا فقط، خاصة أننا نعاني من غلاء الأسعار، وجشع التجار وانعدام الرقابة علي الأسواق، فالتاجر يستغل حاجة المواطن للسلعة وخاصة في المواسم، ويقوم بوضع هامش ربح مرتفع، لجني المزيد من الأرباح علي حساب المستهلك، دون مبالاة لما يعاني منه المجتمع من أزمات، وهنا لابد أن تقوم الحكومة بملاحقة هؤلاء التجار، وفرض رقابة جادة علي الأسواق، ومعاقبة التجار المخالفين حتي يتم ضبط الأسواق.


 
اجمالي القراءات 3567