المفلسين في الفكر
إن الإيمان بالله والتنافس على هذا الإيمان ينحصر أيضاً في الحفاظ على كلام الله عز وجل، كما قال تعالى:
((وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)) سورة الواقعة آية 76.
أي عزيز، وإذا كنا نحن كبشر حين يمتلك أي شخص شيئاً ويكون له قيمة مادية أو ما شابه ذلك يظل مهتم به لدرجة لا توصف ويحافظ عليه إلى أن يموت، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، وأنا هنا لا أقارن كلام الله عز وجل بهذه الأشياء، ولا أقول أن نغلق على هذا الكتاب لكي يصبح محرز، ولكن نحافظ على كلام الله ليظل عزيز بالفعل، وإن المفلسين من المسلمين في الفكر والعقل الذين يقومون بإلصاق بعض من آيات الله على نوافذ المحلات وأعمدة الكهرباء أو ما شابه ذلك وهم بهذا العمل يسخرون من كلام الله، وإذا كان المسلمين يفعلون هذا فماذا تبقى لغير المسلمين تجاه كلام الله؟!.. ثم هل رأيتم أحد من أي ديانة يفعل مثل ما يفعل المسلمين؟!.. هل رأيتم مسيحي أو يهودي يقوم تجاه الإنجيل أو التوراة أو أي كتاب مقدس لهم بأخذ شيء من هذا الكتاب ثم يقوم بلصقه على أي نوافذ عامة؟!.. كما يفعل البعض من المسلمين تجاه القرآن، ثم هل سمعتم أحد من اليهود أو المسيحيين في عصرنا الراهن يسب الذات الإلهية، العكس هو الصحيح، والله أنني أستمع إلى سب الذات الإلهية من بعض المسلمين جهاراً نهاراً ولم تتدخل أي جهة بعقاب من يفعل ذلك، وهل الرسول أعز من الله عند المسلمين؟!.. بتركهم من يسب الله دون حساب أو عقاب، وقد هاجت الدنيا وماجت عند المسلمين حين قام أحد المغرضين بضرب اقتصاد دولة برسم كاريكاتيري عن الرسول، وهل كان للرسول صور فوتوغرافية في ذلك العصر ليستوحي منها هذا الرسم، فالموضوع موضوع اقتصاد وسياسة ولا علاقة له بالأديان، ولو عقلنا الموضوع بالمنطق والعقل لما وصلنا إلى ما نحن فيه.
وهل اسم محمد يقتصر على الرسول، حين يقوم أي فرد سواء كان من الدنمارك أو من أي مكان في العالم ويعبث بأي رسم ويكتب فوق أو تحت هذا اسم محمد بدون تردد من المسلمين وبدون عقل نقول أنه يقصد الرسول، مع العلم أنه يوجد في العالم يحملون هذا الاسم ملايين من الأشخاص وأن الرسول محمد بن عبد الله قد مات, فكل من تسول له نفسه من المشركين أو غير المشركين ويعتقد أن أي رسم أو كلام يقال في شخص الرسول ظناً منه بأنه سوف يسيء على الذي بعث رحمة للعالمين أو يسيء إليه بهذه الخرافات فهم لا يهلكون إلا أنفسهم ولا يسيئون إلا لأنفسهم أيضاً بهذه الأفعال، وأن الرسول لو كان حياً لسامح في حقه ليموتوا بغيظهم كما يقول المولى عز وجل:
((... قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) سورة آل عمران آية 119.
فالتأسي بالرسول كما جاء في القرآن أي التسامح حتى ولو كان مع من يخالفك في الدين والعقيدة، وليس الهمجية، والتنافس في الإسلام والإيمان كما جاء في القرآن كلام الله عز وجل وكما كان يفعل الرسول كان يرد السوء بالحسنى، الشيء الغريب عند أغلبية المسلمين حين يروا أو يسمعوا عن عدل ولغة حوار في أي مكان في العالم وحرية الرأي والتعبير باستثناء الدول العربية فجأة وبدون تردد ترى الأغلبية أيضاً من المسلمين يقولون هذه لغة الإسلام، ولكن لا تطبق في دول الإسلام والمسلمين.
رمضان عبد الرحمن علي