نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي
هذه رؤية " اكتشاف " لإقامة نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي .
يهدف. إلى التعامل مع القرآن الكريم كإطار ومحتوى منظومي مفتوح " كل موحد ".
وذلك لفك الاشتباك بين الرؤى الإسلامية المتعددة والخروج منها جميعا برؤية إسلامية واحدة أكثر دقة تصب فيها كل الاجتهادات حول كل قضايا الإنسان وخاصة تلك التي تسببت في المشكلات القائمة بيننا وبين العالم مثل ( حقوق الإنسان الأساسية ، والنساء ، والأقليات ) ، الحكم الديموقراطي ، والحريات ( التعبير ، ارتداد المسلم ، التبشير ، الحدود ) ... ألخ ، وأيضا تصحيح مفاهيم جماعات العنف حتى يقلع المتقون منهم عنه ويكونوا قوة مضافة بدلا من كونهم قوة إعاقة هذا من ناحية .
ومن ناحية ثانية إيجاد تصور نظري يمكن تحقيقه ليصل بنا إلى توجه عام إسلامي موحد ، يمكن أن يكون تجمع لكل ما هو صحيح من الرؤى الموجودة ، داخل نسق مفتوح يقبل الإضافات والتصويب الدائم بالالتزام بمنهج النسق
ومن ناحية ثالثة معرفة ما بأنفسنا ويحتاج إلى تغيير " أمراضنا الاجتماعية " لنغيره حتى يغير الله ما بنا كأمة .
وذلك جميعه بتقديم المعرفة الإسلامية من خلال القرآن الكريم في شكل منظومي " نسق مفتوح "
وقد تم الاعتماد على القرآن الكريم بصفته المرجع الأساسي للإسلام ،والذي قال تعالى فيه " ما فرطنا في الكتاب من شئ ، ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ، ولأنه الكتاب الوحيد الذي لم يدخله لفظ من إنسان ، فهو لفظ ومعنى من عند الله " وصف مطلق الصحة للحقائق " .
ولما كان أدق المناهج التي يقرها كافة المسلمون هو " تفسير القرآن بالقرآن " والذي يعتمد على أن القرآن الكريم عبارة عن منظومة متكاملة في كل موحد " نسق منفتح ، يقبل كل الاجتهادات الصحيحة الماضية والحالية والمستقبلية ، مما يتلاشى معه وجود أي تناقض أو تعارض بين آياته ، في حين نجد من يدعي العمل بمنهج تفسير القرآن بالقرآن يكتفي بالقول فقط وعلى استحياء ، باستثناء الموضوعات المبنية على الألفاظ التي يقال عنها " قاطعة الدلالة " لأن معناها له دلالة واحدة وبالتالي معنى واحد لا يتغير في أي موضع ورد فيه منذ نزول القرآن ، وعليه فهو غير مختلف حوله في أي سياق قرآني ، أما بالنسبة للموضوعات المبنية على الألفاظ التي يقال عنها " ظنية الدلالة " والتي لمعناها أكثر من دلالة ، فيعتبروا لكل دلالة معنى مستقل ، وعليه يتم اللجوء إلى القول بأن اللفظ الواحد له أكثر من معنى يتحدد حسب السياق الذي يوجد فيه ، ومن هنا جاءت مقولة " القرآن حمال أوجه " ، " وهذه مغالطة تلجأنا إلى التغافل عن بعض - الآيات – أجزاء المنظومة التي لا تتمشى مع المذهب الذي يتبعه المفسر ، ويتم الاكتفاء بالبعض الذي يتطابق مع مراده ، وبالتالي تم القضاء على النسق حتى بات لا يعرف أحد عنه شيئا .
وذلك لعدم امتلاك هؤلاء المفسرين للقدرات اللازمة للتعامل مع القرآن الكريم ككل ، فيقروا بالاختلاف داخل النسق ، وبالتالي فلا نسق .
ومن هنا وجدنا أنفسنا واقعين بالقرآن في التعارض والتناقض بسبب الآيات التي أغفلناها ، ويحاول المفسرون الالتفاف حولها ، إما بالاعتماد على النسخ المزعوم أو الاستعانة ببعض المقولات من خارج القرآن أو بالتلفيق والترقيع أو التعتيم والتعمية ، أو بالاعتماد على معاني مغلوطة ، وما زال هذا نمطنا الفكري قائما على التفكير الاستعادي أو التكراري بناء على الخبرات السابقة .
وكان من الأوجب البحث لإيجاد منظور جديد .
ففي الطبيعة لا يستطيع ألجين الوراثي المفتقر تماما للتنوع أن يتكيف مع الظروف المتغيرة ، وبمرور الوقت سوف تتحول الحكمة المكودة لدينا جينيا إلى كودة لدينا جينيا إلى حماقة .
أما عن القدرات الواجب امتلاكها فهي ما يملكه كحد أدنى أي محلل رمزي متمثلة في :
التجريد وله مستويات متعددة ، فمثلا الوصف الشديد التفصيل لشاطئ يشمل موضع كل حبة رمل ، أما إذا ارتفع المرء قليلا فسوف تختلط التفاصيل وتتحول حبات الرمل إلى مساحة ممتدة بنية اللون ، عند هذا المستوى من التوصيف تبرز صفات أخرى مثل شكل خط الساحل ، ارتفاع الكثبان الرملية و... ، وذلك بهدف استخلاص المبادئ الرئيسية ، وهذا يتطلب إعادة صياغة المعنى بطرق أكثر شمولا وأكثر تحديدا معا .
إن توسيع الموضوعات وجعلها أكثر تجريدية وتعقيدا لنتعرف على " الروابط أو الصلات المفقودة " ( الفجوات أو الثغرات المعلوماتية ) باستخدام الخيال فيما يسمى " الإبداع الحر" ، والذي يؤدي إلى إدراك المعنى من مستويات مختلفة للتجريد وبالتالي يغير مضامين المعنى .
تعد الرؤية ( أو المشاهدة ) واحدة من أكثر العمليات شمولا ، فترى أشكال وصور من المعاني ، ولكنك تركز على معنى واحد فقط في كل مرة ، ثم تنتقل من تفصيلة ما إلى أخرى ، لاكتساب المعرفة عن طريق فصل الأجزاء عن الكل وفحص كل العلاقات والعوامل الرئيسية التي قد تأثر على معنى معين .
وفي الحقيقة فالصوفية لجأوا إلى التجريد فيما يعرف بالتأويل ، ولكن خارج إطار النسق باعتبارهم أن اللفظ له أكثر من معنى ، وبالتالي الإقرار بثبات الاختلاف وعليه فلا منظومة ، كما أنهم اعتبروا أن النتائج شخصية فهي هبة المولى للمريد لا يجب البوح بها وإلا انتزعت هذه الهبة منه .
التفكير المنظم
لكي يتأتى إنتاج حقيقي للأفكار لابد من تنظيم التفكير حول مجموعة من مبادئ " تفكير الشمال الحقيقي " أثناء ممارسة العصف الذهني بحثا عن الأفكار وتتسم هذه المبادئ بالسرمدية وحسن التوقيت والصلابة والقوة .وتتمثل مبادئ الشمال الحقيقي للتفكير الإبداعي في :
• إرجاء إصدار الأحكام أثناء توليد الأفكار .
حتى يكون المفكر قادرا على التفكير بسلاسة وحرية ودمج للأفكار ليصنع منها المزيد من الأفكار إلى أن تلمع في ذهنه فكرة " وجدتها! " في النهاية ، إن التفكير غير الحكمي ديناميكي مرن وسلس ، حيث ترد الأفكار من بعضها البعض لتطلق أفكارا وتوليفات أفكار إضافية ، وبذلك تتضاعف الاحتمالات .
إن التفكير في الاحتمالات ( توليد الأفكار ) ، والتفكير في العملية ( التقييم ) عمليتان ذهنيتان منفصلتان لا يوجد بينهما موقف وسط .
• توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار .
من الكمية تتولد الجودة
تخيل أنك صياد لؤلؤ ، وتدفع قاربك إلى داخل البحر وتجدف إلى أن تصل إلى بحيرة ضحلة متصلة بالبحر وتغوص في مياهها ثم تلتقط محارة من القاع وترتفع إلى سطح المياه وتصعد إلى قاربك ثم تجدف عائدا إلى الشاطئ ، وتفتح المحارة فلا تجد بداخلها شيئا فتنطلق بقاربك الصغير من جديد متجها إلى نفس البحيرة .
إن هذا العمل ينطوي على إهدار لا يصدق للوقت ، أما الأمر المعقول فهو عدم العودة إلى الشاطئ بمحارة واحدة بل الغوص مرات ومرات إلى أن يمتلئ القارب بالمحارات وعندئذ تكون العودة إلى الشاطئ ، إن اللؤلؤ نادر الوجود ويجب على الغواص أن يفتح محارات كثيرة قبل أن يعثر على لؤلؤة واحدة ، ويحدث الشئ نفسه في عملية إنتاج الأفكار .
• تسجيل الأفكار لدى ورودها .
إن قيامك بتسجيل أفكارك في صورة قائمة سوف يساعدك على تذكرها ، إن ما يحدث هو أن المعلومات الجديدة تطرد المعلومات الأقدم قبل أن يجهز عقلك المعلومات الأقدم للتخزين الطويل المدى في ذاكرتك .
إن تسجيلك لأفكارك يغرس المعلومات في عقلك الباطن وينشط على نحو ما أنماطا وثيقة الصلة حتى يمكن معالجتها لتتحول إلى حل يطفر في الذهن فجأة ، حتى بعد مرور فترة طويلة .
• تطويع الأفكار أو تحسينها .
يجب تطوير الأفكار بتطبيق قائمة مراجعة مؤلفة من تسعة مبادئ للتفكير الإبداعي وهى
هل يمكنني أن استبدل شيئا "معنى " ؟ ، هل يمكنني أن ادمجه مع شئ آخر ؟ ، هل يمكنني أن أكيف شيئا مع موضوعك ؟ ، هل يمكنني أن أضخمه أو أضيف إليه ؟ ،هل يمكنني أن أعدله أو أغيره على نحو ما ؟ ، هل يمكنني أن أستبعد شيئا منه ؟ ، هل يمكنني أن أعيد ترتيبه ؟ ، ماذا يحدث عندما أعكسه ؟ .
وتقوم هذه المبادئ التسعة واختصارها بالإنجليزية scamper - على فكرة أن كل شئ يكون إضافة أو تعديلا ما لشئ موجود بالفعل .
التجريب
وهذا هو العنصر الحاكم للتأكد من صحة النتائج الفكرية ، لقد كان مختبر إديسون بنيو جيرسي يضم المئات من أبواق الفونوغراف من كل شكل وحجم ومادة ، هذه المجموعة من الأفكار المرفوضة شاهد بصري على استراتيجية تفكير إديسون ، والتي تمثل جوهرها في استكشاف كل احتمال يمكن تصوره .
التعاون
يعود تاريخ فكرة أن الذكاء الجماعي لجماعة ما أكبر من ذكاء الفرد إلى العصور البدائية عندما كانت فرق الصيد تجتمع لمناقشة المشكلات المشتركة وإيجاد حلول لها ، وهذا أسلوب مفهوم ومتعارف عليه بشكل شائع ، ولكن الشئ الصعب هو أن يجتمع أفراد مجموعة ما في مناخ يسمح بنمو التفكير من خلال التعاون المفتوح والصادق بحيث تسمح للأفراد بالاحتفاظ بفرديتهم في الوقت الذي تتضافر فيه جهودهم ومهاراتهم ومواهبهم في إطار جماعي بطرق وأساليب ذات أهمية حيوية لنشوء تركيب (أو توليف) تعاوني .
والنسق مبني على ثلاث محاور
1 – تحديد معاني ألفاظ القرآن الكريم بدقة
يعتمد هذا المحور على خاصية لا توجد إلا في القرآن الكريم ، وهى أن لفظه ومعناه من عند الله سبحانه وتعالى ، وكبديهية منطقية لابد من وجود ارتباط بين اللفظ من حيث النطق ، والمعنى من حيث الفهم .
والمعنيين بالأمر في هذا السياق وهم علماء ما يسمى باللغة العربية يقرون بأن استخداماتهم لألفاظ العربية لا تتمشى مع المنطق العقلاني ، وقد سحبوا استخداماتهم هذه على ألفاظ القرآن الكريم .
ولكن إذا وضعنا حدسا افتراضيا - يمكن تكذيبه – يقول بأن اللفظ الواحد من ألفاظ القرآن الكريم يجب أن يكون له معنى واحد لا يختلف في أي سياق قرآني ، مثل الألفاظ في الخطاب العلمي والتي لا تحتمل إلا معنى واحد ، ووجدناه صحيحا " وهذا ما وجدته " ، فسيجعل ذلك قراءتنا للنص القرآني " فهمنا " متقاربا .
ويكون هذا هو أساس الاجتهاد ، والذي تتعدد فيه الرؤى ، والتي توضع تحت المنظور النقدي ، لنستبعد ما بها من أخطاء ، فتتقارب أفهامنا وقد تتطابق النتائج فلا نختلف وبالتالي لا نتفرق مثلما هو واقع الآن ، والمنطلق الأساسي لهذا الافتراض هو الحقائق الملموسة من خلال الثورة المعرفية المعاشة والتي نتجت من المناهج العلمية ، ونجد التأكيد لهذا جميعه في قول الله تعالى " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون " 52 الأعراف .
ولما كان اللفظ داخل القرآن من حيث المعنى له أكثر من شكل ( وجه أو قالب ) ، اعتدنا اعتبار كل شكل أو قالب معنى مستقل بذاته ( مغاير ) يباعد بين الأشكال والقوالب " المدلولات " عن بعضها ، والتي لم يستطع علماءنا الخروج منها بمعنى واحد يشملها جميعا من خلال التجريد إلا ما لا يحتاج إلى جهد وهو ما يقال عنه (ألفاظ قاطعة الدلالة)
والنتيجة أنهم اضطروا إلى القول بأن اللفظ له أكثر من معنى يحدده السياق ، وعليه فالقرآن حمال أوجه ، وما يراه هذا النسق أن اللفظ القرآني عامة له معنى واحد محدد بدقة فائقة ، لا يتغير في أى سياق ، ولكن التغير يأتي في توجيه المعنى ونسبته .
ولكن كيف يتم ذلك ؟
المنهج
نقوم بحصر كل الآيات القرآنية التي ورد فيها اللفظ المراد تحديد معناه ، ثم نقوم بافتراض أكبر قدر ممكن من المعاني ، ثم نبدأ في نقدها حتى نصل إلى اقرب المعاني للصحة والتي تتمشى منطقيا مع كل الآيات الوارد فيها اللفظ مستخدمين مستوى من التجريد ، بمعنى تجريد المعنى من كل الأشكال والقوالب التي ورد فيها اللفظ ، فإذا ما اتفق المعنى المفترض اعتبرناه صحيحا ، وإذا حاد أو شذ ولو في آية واحدة مهما كان عدد الآيات الوارد فيها اعتبرنا هذا المعنى المفترض غير صحيح ، وتعاد المحاولة من خلال فرض جديد حتى نصل إلى المعنى الذي يتفق مع كل السياقات التي ورد فيها .
وبتكرار هذه العملية " المجاهدة " مع ألفاظ أخرى ، ستظهر أمامنا منظومة " شبكة علاقات " ، وتقوى باطراد حتى يظهر أمامنا مستوى أعلى من التجريد نصل من خلاله إلى معاني لحروف ألفاظ القرآن الكريم تتسق داخل كل الألفاظ على نفس المستوى من الدقة .
2 – البناء النسقي " التفصيل "
وهذا المحور يعتمد على خاصية أخرى ، وهى التي لولاها ما أنزل القرآن الكريم ،
" وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون " 64 النحل .
فالقرآن الكريم حاويا ومبينا كل الأشياء في الماضي والحاضر والمستقبل
" ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون " 38 الأنعام ،
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ورحمة وبشرى للمسلمين " 89 النحل
وقد تم بناء القرآن الكريم كما أخبرنا المولى عز وجل
• المحكم والمفصل
" أ ل ر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " 1 هود
، وعليه فكل آيات القرآن محكمة ، ثم تم تفصيل كل أية مع آيات من سور أخرى لمعالجة قضية في سورة من السور .
وكل سورة تبين قضية عامة تم تجميعها وما يتعلق بها من خلال آيات تتحدث عن قضايا متنوعة مرتبطة بموضوع السورة الأصلي في إطار تفصيلي .
• المتشابه
ولما كانت كل مجموعة من الآيات التي تتحدث عن موضوع محدد من خلال زواياه المتعددة ، وكل آية تعالج زاوية أو أكثر أو جزء من زاوية ، كانت هذه الآيات متشابهة من ناحية الموضوع ومحكمة من ناحية المعني ، لذلك يقول المولى عز وجل
" هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ..." 7 آل عمران مما يعني أن هناك آيات محكمات كمراكز عصبية " هن أم الكتاب " ، وآيات كأوتار عصبية " متشابهات " تتحدث عن زوايا " أوجه " عن القضية مثار البحث بإحكام .
وعليه فالقرآن الكريم يعمل كمنظومة متكاملة في كل موحد .
فحين معالجة أي قضية يجب أن ننظر في كل الآيات التي وردت فيها هذه القضية ، لأن كل آية منها تعالج جانب ( زاوية ) ، وبتجميع كل الزوايا من خلال كل آيات الموضوع نجد القضية قد اتضحت بكل جوانبها .
" ...فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب 7 آل عمران "
وهذا يعني أن هؤلاء المرضي فيأخذون بوجه واحد من القضية الذي يتمشى مع ما يريدون ليفتنوا به من استطاعوا عن الحقيقة ويأخذوا بهذا الوجه الذي يريده هؤلاء المرضي ، وكأن هذا هو تأويل الآية ، وكأن ما وصلوا إليه هو المنتهى ، ويبعدوا النظر بعيدا عن باقي الآيات التي تتحدث عن نفس الموضوع ، ويخبرنا المولى عز وجل أن المنتهى للمعني " التأويل " لا يعلمه إلا الله ، والراسخون في العلم يعلمون ذلك لذا يقولون آمنا به كل من عند ربنا " محكمه ومتاشابهه ".
وكمثال على ذلك آيات تحريم الخمر ، حيث يقولون أن كل آية منها نسخت ما نزل قبلها ، وانتهوا إلى آخر آية ليقولوا أن هذا هو الحكم النهائي " المنتهي " لهذه القضية ، ليتركوا باقي جوانب القضية والتي لا تتمشى مع مرادهم .
والحقيقة أن المسألة جميعها مجاهدة بهدف الاقتراب من الحقيقة ليس إلا ، أما الحقيقة فيعلمها الله سبحانه وتعالى .
3 – المحور ألظرفي
وهذا المحور يعتمد على خاصية هامة وهى العرف حيث يقول المولى :
" خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين " 199 الأعراف .
كما أن هذا المحور خاص بالزمان والمكان وظروف وملابسات الأحداث التي نزلت لها القضية المعالجة ، كما يحدد المطلق والمقيد ..
ولما كان القرآن الكريم يعالج قضايا الماضي والحاضر والمستقبل ، فيجب ألا نخلط بين هذه الأزمان الثلاث .
وعليه فيجب التعرف على أحداث الماضي من حيث العبر المستفادة منها للظروف المعاشة الآن وما أكثرها ، كما يجب أن نتعرف على ظروف الأماكن وخصوصياتها ، ونتعرف على الأعراف السائدة ماضيها وحاضرها والفوارق بينها ، وأيضا وملابسات الأحداث وخصوصياتها .
كما يجب أن نفرق بين الثابت كالقيم العليا المتفق عليها والمناسك والحدود وبين ما هو غير ذلك ( المتغير ) .
سمات النسق
كما يجب لفت النظر إلى أن هذا النسق ليس معنيا بالغيبيات ، ولكنه معني بالقضايا المعاشة ( عالم الشهادة ) والتي يمكن تكذيبها .
كما أن هذا النسق ليس مثل الأنساق القائمة المتمثلة في الفرق والمذاهب الإسلامية ، لأن تلك الأنساق جميعها لا تلتزم بالمناهج العلمية ، لذا فهذا النسق لا يستبعدها ، ولكنه يأخذ بما هو منطقي منها من خلال موائمته مع كتاب الله بهذا المنهج .
كما أن هذا النسق مفتوح قابل للإضافات والضبط والأخذ بما هو أكثر صحة ، لذلك فهو يعتمد النقد والتجريب منهجا ضابطا