رحّبت الأوساط المصرية بإدراج أميركا جماعة "أنصار بيت المقدس" تنظيمًا إرهابيًا بعدما تبنته من تفجيرات وقعت في البلاد أخيرًا واستهدفت عسكريين ومدنيين، لكنها اعتبرت أن القرار ناقص لأنه يحتاج شمل الإخوان المسلمين كذلك.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: لقي القرار الأميركي بتصنيف جماعة "أنصار بيت المقدس" الإسلامية تنظيمًا إرهابيًا، ترحيبًا من جانب مصر، لاسيما أنها أعلنت مسؤوليتها عن غالبية العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر منذ تدخل الجيش وعزل محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي.
اعتبر سياسيون وعسكريون سابقون مصريون أن القرار خطوة جيدة، لكنهم طالبوا بإدراج جماعة الإخوان المسلمين أيضًا على قوائم التنظيمات الإرهابية، لاسيما أن الحكومتين المصرية والسعودية صنفتاها تنظيمًا إرهابيًا بالفعل.
ضربة للإسلاميين
وفي ضربة جديدة للتنظيمات الإرهابية في مصر، صنفت الإدارة الأميركية، جماعة "أنصار بيت المقدس"، "كمنظمة إرهابية أجنبية، وكيان إرهابي عالمي، يحظر التعاون معها أو دعمها أو الانخراط في أي تعاملات من أي نوع معها".
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها: "أنصار بيت المقدس هي في الأساس جماعة محلية، ليست مرتبطة رسميًا بالقاعدة لكن تشاركها بعض أفكارها". وأضافت إن "جماعة أنصار بيت المقدس قتلت خمسة جنود في هجوم صاروخي على طائرة هليكوبتر عسكرية في كانون الثاني (يناير) الماضي، وأعلنت أيضًا مسؤوليتها عن أربع هجمات أخرى في القاهرة، استخدمت فيها سيارات ملغومة وقنابل يدوية.
وشنت الجماعة هجمات صاروخية على مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، وهاجمت حرس الحدود الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن "الجماعة استهدفت أيضًا مصريين وسائحين أجانب وإسرائيل".
يشكل القرار ضربة قوية للجماعة، التي أعلنت مسؤوليتها عن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية في مصر، منها محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم، وتفجير مقر مديرية أمن القاهرة، وإسقاط طائرة عسكرية مصرية في سيناء على متنها خمسة عسكريين.
يحتاج شمل الإخوان
ويقول محللون وسياسيون مصريون إن "أنصار بيت المقدس"، هي الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين، ويطالبون أميركا بضرورة أن تتخذ قرارًا مماثلًا في شأن جماعة الإخوان، التي تعتبرها كل من مصر والسعودية تنظيمًا إرهابيًا.
وفي أول رد فعل لها على القرار، توعدت "أنصار بيت المقدس" أميركا بالإضرار بمصالحها. وقالت في بيان لها: إن "الولايات المتحدة الأميركية ستندم على هذا القرار، وعلى أهلنا في مصر والعاملين في أفرع مطاعم كنتاكي وشركاتها وسفارتها الابتعاد.. وقد أعذر من أنذر".
رحّبت الأوساط المصرية بالقرار، معتبرة أنه خطوة جيدة، مطالبة أميركا بإدراج جماعة الإخوان على قوائم الجماعات الإرهابية، فقال اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، إن القرار الأميركي جيد، مشيرًا إلى أن أميركا اتخذت القرار بناء على دراسات ومعلومات موثقة من قبل أجهزتها الأمنية، وعلى رأسها الإستخبارات الأميركية.
أضاف لـ"إيلاف" أن القرار الأميركي سيفيد مصر أيضًا في حربها ضد الأرهاب، منوهًا بأن القرار سوف يساهم في تجفيف منابع الإرهاب، وتقليص التمويل الآتي إليه من الخارج، متوقعًا أن يساهم أيضًا في رفع الغطاء السياسي عن تلك الجماعة، لاسيما من قبل التنظيم الدولي للإخوان. ولفت إلى أن القرار أيضًا يشكل ضربة جديدة لجماعة الإخوان، لاسيما أنها ترتبط بعلاقات مباشرة مع جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية.
تأخر كثيرًا
حسب وجهة نظر اللواء حسين عبد الرازق، الخبير العسكري، فإن القرار الأميركي تأخر كثيرًا، مشيرًا إلى أنه سوف يفيد مصر في محاكمات أعضاء تلك الجماعة. وقال لـ"إيلاف" إن أميركا مطالبة أيضًا بإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الجماعات الإرهابية، لاسيما أنها كانت ومازالت الجماعة التي خرجت من تحت عباءتها كل التنظيمات الإرهابية في العالم كله.
ونبه إلى أن القرار الأميركي سيكون له تأثير واضح على التمويل المادي للجماعات الإرهابية في مصر، وسوف يساهم في تجفيف منابعها، وإيقاف تمويل جماعة الإخوان لها بطريق مباشر أو غير مباشر.
وحول أسباب عدم تصنيف الحكومة المصرية لجماعة أنصار بيت المقدس كمنظمة إرهابية، رغم إعلانها المسؤولية عن غالبية العمليات الإرهابية الكبرى في مصر، قال نبيل زكي القيادي في حزب التجمع، لـ"إيلاف" إن الأجهزة الأمنية المصرية لديها معلومات موثقة تفيد بأن هذه الجماعة ليست إلا الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين.
ولفت إلى أن الحكومة بإدراجها الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية فهي بذلك تصنف جميع الجماعات والتنظيمات المرتبطة بها والمنبثقة منها. وأضاف أن العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات التكفيرية المنبثقة من جماعة الإخوان، تهدف إلى التأثير بالسلب على خارطة الطريق وعرقلة إتمام الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
تهديد بورقة السيسي
مشيرًا إلى أن الجماعة الإرهابية تحاول أن تبعث برسالة إلى الرأي العام محليًا وخارجيًا، مفادها أن ترشح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، ووصوله إلى الرئاسة سوف يشعل الأوضاع في مصر، ولن يساهم في استقرار المنطقة، والتأثير على مصالح الغرب، ولاسيما أميركا.
وحسب تحليل زكي للعمليات الإرهابية، فإن هناك تطورًا كبيرًا في استيراتيجية الجماعات المسلحة، وأوضح أن صارت تعتمد على الخلايا العنقودية، مشيرًا إلى أن أعضاء التنظيم الواحد لا يعرفون بعضهم البعض، إلا عند البدء في تنفيذ عملية جديدة.
ورغم أن الحكومة المصرية أصدرت قرارًا في 26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي صنَّف جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا عقب تفجير وقع في مديرية أمن الدقهلية، متهمة إياها بالمسؤولية عن هذا التفجير، إلا أنها لم تصدر القرار نفسه بحق جماعة أنصار بين المقدس، التي أعلنت مسؤوليتها اليوم الخميس عن التفجير، عبر مقطع فيديو بثته على شبكة الأنترنت.
ويظهر في مقطع الفيديو رجلان ملثمان يجهزان القنابل، ووصف مديرية أمن الدقهلية بـ"الوكر الإجرامي، الذي مهمته اعتقال حرائر المسلمين، واقتحام بيوت الآمنين، وارتكاب المجازر بحق المتظاهرين".
القتل بالقتل
ورد في الفيديو أيضًا أن منفذ العملية يدعى أبو مريم إمام مرعي إمام محفوظ، الذي وصفته الجماعة بـ"الغائر على وكر المنصورة (مديرية أمن الدقهلية)، وله صولات وجولات ضد المرتدين في مصر، وأصيب بطلق ناري في أحداث رمسيس". وظهر أبو إمام مرتديًا جلبابًا أبيض، وتحدث عن عناصر الجيش والشرطة المصريين، وقال: "الذي يقدم على قتل المسلمين لا ننصحه بالكلام، بل نقتله كما قتلهم"، وتوعد بـ"تجهيز المئات لعمليات تفجير أخرى".
في نهاية مقطع الفيديو يظهر أبو إمام، وهو يقود سيارة متجهًا نحو مقر مديرية أمن الدقهلية، ثم يسمع دوي انفجار ضخم، ويكتب "نعتذر لعدم تمكننا من تصوير لحظة الانفجار لأسباب أمنية"، ثم يسمع صوت رجل آخر يقول:"اقتحموا معسكراتهم، قطعوا أوصالهم، انزعوا أفئدتهم من أجسادهم".