ألا لعنة الله عليه!!

فوزى فراج في الأربعاء ٢٠ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تخيل معى ان رجلا عاش حياته وقد تعود ان يذهب الى السوق لشراء ما يحتاجه سواء من مأكل او مشرب او ملابس او اى شيئ أخر, يذهب الى  السوق الوحيد الموجود والذى يعرفه تماما. السوق الذى تعامل معه طوال حياته, فعرف كل ما يجب ان يعرف عنه, عرف التجار والبضاعة , عرف من منهم يمكن ان يثق فيه , ويبتاع منه, ومن منهم لا يمكن ان يثق فيه, عرف من لديه بضاعة  جيدة ومن لديه بضاعة فاسدة, عرف من يمكن ان يصدقه ومن لايمكن ان يصدقه, بإختصار عرف كل خبايا ذلك اللسوق. 

فجأة عندما ذهب ليبتاع ما يحتاجه, وجد ذلك السوق قد تغير تماما, فبعد ان كان هناك بضعه أماكن وجدها مئات بل ألاف من الأماكن والمحلات و كأن السوق الصغير قد تحول الى مدينة كبرى , وبعد ان كان هناك عددا محدودا ومعروفا لديه من الباعة, اذا بهم ألاف , وكل يدلل على بضاعته, وكل يبغى ان يجذب اليه هذا الزبون الجديد ليكون عميله ويشترى بضاعته.  ماذا بفعل صاحبنا, هل يبجث عن اؤلئك الذين عرفهم من قبل فى هذا السوق الجديد, أم يحاول ان يتعرف على الباعة الجدد وعلى بضاعتهم, اى عليه ان يبدأ من جديد كى يستطيع ان يعرف عنهم جميعا ما عرفه عن الأخرين الأولين, وعن بضاعتهم ما عرفه عن البضائع القديمة , ماذا تفعل لو كنت مكانه.

ان الجديد له بريق وله جاذبية لا يمكن انكارها, وحب الإستطلاع غريزة لا يستطيع الكثيرون مقاومتها. كل بائع ينادى على بضاعته, وكل منهم لديه من وسائل الإعلام الحديثه ما لم يتوافر فى السوق القديم وما لم يستخدم فيه. ماذا يفعل صاحبنا !!!.

لعلك تتساءل الأن ماذا يريد الأخ فوزى فراج ان يقول على وجه التحديد  بتلك المقدمة, بل ما هذا الذى يستمطر عليه اللعنهّّّ فى عنوان المقاله!!! هل أصابه الخبل فجأة, كل شيئ ممكن.

الإنترنيت يا صديقى هو ما ألعنه, رغم حبى له وإدمانى عليه, إلا انى العنه وألعن سنسفيل اجداده ان كان له اجداد.

فى هذا السوق الجديد هناك من يعرض منتجات جديدة ويهلل لها ويهلل عليها, مثلا هناك من يعرض منتجا جديدا فى منتجات العقيده الإسلاميه الجديده التى اكتشفها وحده, ليقول لنا ان صلاتنا خطأ فى خطأ, وأن ما نفعله وما فعلناه طوال احقاب طويلة خطأ , اذ اننا نصلى خمس صلوات فى اليوم, بينما يجب ان تكون ثلاثة صلوات فقط, وأقول فى نفسى  والله يابلاش, يعنى اننا طوال حياتنا قد قدمنا لله صلاتين زيادة كل يوم, يعنى كام ركعة كده زياده, يقال ثمانية ركعات زيادة, وبعملية حسابية بسيطه, اجد اننى طبقا لبضاعتهم المعروضة عن كيفية الصلاة , قد صليت حوالى 2920 ركعة زياده كل السنه, فإن كانت تلك الصلوات تعتبر حسنات , فقد قال الله انه سيكافئنا عن حسناتنا كل حسنة بعشرة من مثلها او ربما فى قول اخر كل حسنة ب 700 حسنه, فإذا طبقا لذلك, فلدى عن كل سنة صليت فيها خمس صلوات يوميا بدلا من ثلاثة, ما بين 29200  و 2,044 مليون حسنه, حاجة تفرح والله العظيم, يعنى عن السنوات الأكثر من ثلاثون الماضية ومنذ انتظمت فى اداء الصلاة, تخيل كم حسنه موجودة فى حسابى, فلماذا أغضب من هؤلاء الباعة الجدد فى هذا السوق الجديد وبضاعتهم سوف تكسبنى مثل تلك الأرقام من الحسنات؟؟؟؟

ثم نجد من الباعة الأخرون الذين يبيعون منتجا اخر فى العقيدة الأسلاميه وهو ان صلاة الجمعه كما نعرفها غير مقررة واننا لم نفهم الآيه التى تدعو الى صلاة الجمعة, فمنهم من يقول انها تعنى صلاة الصبح ومنهم من يقول اشياء اخرى ارجو ان تغفر لى اننى لا اتذكرها, ولكنها جميعا تعنى لا توجد صلاة اسمها صلاة الجمعة, وأذهب مسرعا الى جهاز الحساب الآلى, لكى احسب كم عدد صلوات الجمعة التى صليتها لجهلى بحقيقة ما جاء بالقرآن, وكلها حسنات تضاف الى حسابى.

وأتخيل السيناريو التالى, طبقا لما يقولون, فرض الله ثلاثة صلوات فقط, واتبع المسلمون ذلك طوال عهد الرسول, ثم جاء الخليفة الأول او الثانى او الثالث او الرابع, او أى خليفة من بعد, فقرر ان يضيف صلاتين اليهم, لانه لم يقتنع ان ثلاثة صلوات تكفى , فأرسل برقية الى جميع ولاته فى اركان العالم الإسلامى ان يأمروا المسلمين من السند الى الهند ومن المغرب الى المشرق بزيادة عدد الصلوات اليوميه الى خمسة, ربما لأنه كخليفة المسليمن قرر ذلك , أو لأنه اكتشف ان ما كان يحدث إبان عهد الرسول لم يكن كافيا, او أو ....معذرة,  لقد أ خطأت ,لا اعتقد انه كان هناك فى عهد ذلك الخليفة برقيات او فاكسات او تليفونات او تلغرافات, أذن لقد أرسل عددا من مبعوثية  الى كل ولاية إسلاميه وزودهم بأسرع الخيل حيث لم يكن هناك قطارات او سيارات او طائرات فى ذلك الوقت, فلابد ان تكون وسائل الإنتقال الإكسبريس هى الحصان, وبالطبع زود كل منهم بحصانين او ثلاثه حتى لا يتوقفوا للراحه. وعند وصولهم الى اقطار العالم الإسلامى فى ذلك الوقت, ( لا اعرف على وجه التحديد ذلك الوقت, ولكن تجار تلك البضاعة يعرفونه فأسألوهم), المهم ما ان وصل كل مبعوث الى الوالى وسلمة الرساله, حتى حرك الجيش لتنفيذها فى اهل البلد, ولم يعترض انسان من اهل البلد على تغيير فروض الصلاة من ثلاثه الى خمسة, وهكذا تغيرت الصلوات التى فرضها الله ومارسها الرسول مع اهل زمنه من ثلاثة الى خمسة.

وهناك من قرر من قبل ان البغاء هو فريضة فى الاسلام يجب اتباعها.

وقرر ايضا ان شرب الخمر ليس محرما إلا ان كان مقترنا بالميسروأن الخمر مشروب منعش.

وقرر أيضا اننا اجهل من دابة لأننا حرمنا لحم الخنزير , وليس هناك حيوان يسمى الخنزير بل لحم الخنزير هم اللحم الذى لا ينضج او المخنزر كما عرفنا سيادته, وبالتالى فما تعارفنا عليه بأنه خنزير ليس إلا جهلا وغباء منا.

وأقول سبحان الله, لقد حرمت نفسى من  كل تلك الأشياء لأنى كنت جاهلا وغبيا, فهل سيعاقبنى الله على اننى حرمت على نفسى ما حلله سبحانه لى, وعلى حد معرفتى المحدوده ان تحريم ما حلله الله لا يختلف تماما عن تحليل ما حرمه, وفى هذا فقد ارتكبت جريمة ارجو ان يغفرها لله لى , على العموم ان لدى من الحسنات اعلاه عددا لابأس به , فسوف تذهب تلك الحسنات او بعضا منها تلك السيئات التى ارتكبتها عندما رفضت فى كل مناسبة ان أشرب الخمر او ان اكل لحم الخنزيز المخنزر او المتخنزر او ان القى بنفس فى طريق البغاء . السؤال الأن هل لدى من تلك الحسنات ما يكفى اذا قررت ان احرم ما حلله الله فيما تبقى لى من العمر, ام ماذا, أرجو التكرم بإبداء وجهات النظر والمساعدة فى اتخاذ قرار.

ثم نجد البعض ممن يعرض بضاعة أخرى من منتجات العقائد فيقول ان بوذا وكونفوشيوس وراما انبياء من انبياء الله الذين لم يقص علينا اخبارهم, ويعرض بضاعته فى الكثير من المحلات الموجوده فى ذلك السوق الجديد , واتعجب ان كان الله قد قال صراحة انه لم يخبرنا عن انبياءه الأخرين, فكيف عرف ذلك البائع تلك الأخبار, هل اخبره الله بذلك وحده من دون خلقه جميعا, ام انه تسلل كما تسللت الشياطين للإستماع الى الملأ الأعلى ولكنه كان حاذقا مغامرا فلم يصبه اى شهاب ثاقب. وأسأل نفسى , لماذا اخترت الإسلام وقد كان لدى عددا كبيرا اخر من العقائد الأخرى,  , وهل كانت هناك امتيازات مثلا لو كنت قد اخترت البوذيه او الكونفوشيسيه او الهندوسية, وهل كان اختيارى موفقا ام لم يكن, يبدو اننى يجب على ان أبدأ بدراسة تلك العقائد لكى أقررايهما انفع وأيهما أسهل فى الممارسه, ثم بعد ذلك سوف اقرر!!!!!

ثم هناك من ينادى على بضاعة جديده فيما يتعلق باللغة العربية, ومن يقول مثلا ان قواعد اللغه وضعت بعد ان انزل القرآن, وإن وجدنا ان هناك اختلافا بين القرآن وقواعد اللغه فلأن من وضع القواعد اخطأ فى وضعها او شيئا من هذا القبيل, وابدأ فى (هرش) رأسى, كانت اللغه العربية مستعملة فى الجزيرة العربيه لقرون طويله, وكان الناس يتعاملون بها مع بعضهم , والتاريخ يذكر لنا المعلقات فى الكعبه من أشعار الجاهلية, وكيف تحدى الله اؤلئك الناس الذين اجادوا اللغه وكانوا يفخرون بها فتحداهم بلغة القرآن التى لم تكن شعرا تقليديا ولم تكن نثرا مما يتداولونه, ولكن لم يكن لديهم قواعد لتلك اللغه !!!!, كيف تفاهموا بها مع بعضهم لقرون طويله دون قواعد, اى كان كل منهم يرفع الفاعل او ينصبه ( على مزاجه) او كان احدهم يؤنث الكلمة يوما ويذكرها فى اليوم التالى, وما كان فاعلا اليوم اصبح مفعولا به فى اليوم التالى, واهز رأسى فى عجب من غبائى, لماذا لا استطيع ان افهم تلك البضاعه, اخترعت اللغه كما تخترع اللغات, ثم استعملت قرون طويله دون ان يكون لها اى قواعد, ثم قرر احدهم يوما ان يضع لها قواعد بعد ان ضاق به ما يراه من اختلاف استعمالها, ولكن كيف وضع قواعد وكيف استطاع ان يحدد ما يجب ومالا يجب وما هو صحيح وما هو خطأ , ومن اعطاه هذا الحق, بل ومن كلفه بعمل ذلك, ومن صدقة بعد  ذلك واتبع تعليماته!!!!

ثم هناك من يعرض بضاعة أخرى عن تفسير القرآن بطريقته الخاصة, وهو فى الواقع – وأقصد هنا  تفسير القرآن بطريقة عارض البضاعه – هو العامل المشترك الأعلى بين كل اؤلئك الباعة او معظمهم, فكل منهم يرى ما لايراه الأخر, وكل منهم يفهم ما لايفهمه الأخر, وبالتالى كل منهم يصل الى نتيجة لم يصل اليها الأخر, فمنهم من يقول ان القرآن لم يكن منقوطا, ومنهم من يقول لقد كان منقوطا منذ كتابته اول مرة, ومنهم من يقول لقد كان منقوطا ولكن لم يكن مشكلا, واعود الى هرش رأسى, اذا كان القرآن فى اول عهده بالكتابه لم يكن منقطا, فكيف استطاع من يقرأه فهمه, بمعنى اصح, كيف استطاع ان يفرق بين الباء والتاء والثاء والياء, وبن الفاء والقاف, او بين العين والغين, والطاء والظاء, والصاد والضاد, يقولون ان العرب كانوا يعرفون ما هو المقصود من معنى الكلمة دون التنقيط, وأسأل كيف ذلك, ان الكتابة تكون لأغراض كثيرة, منها التسجيل, ومنها الإعلام لمن لم يعلم , فإن كان القارئ لا يعلم, فكيف يمكن ان يتكهن بالحرف او الكلمة بدون تنقيط, اما البائع الأخر الذى يدعى انه كان منقوطا ولم يكن مشكلا, فأقول, كيف عرف الفاعل من المفعول به وكلاهما يكتبان بنفس الهجاء, ويتغير المعنى تغيرا كاملا طبقا لذلك. وان كان القارئ يقرأ القرآن لأول مرة فكيف يمكن له التكهن بمعنى الكلمه مسبقا دون تشكيل. نحن الأن رغم وجود القرآن منقطا ومشكلا لازلنا نختلف فى فهم الكثير منه, فكيف بهؤلاء الذين كان عليهم ان يفهموه دون تنقيط او تشكيل, وكيف يقع ذلك فى المعادلة التى تفيد بحفظ الله للقرآن, بل كيف نعرف ان التشكيل والتنقيط الذى بين يدينا الأن هو ما اراده الله فعلا. ولما كان الشيئ بالشيئ يذكر, فها نحن الأن على وشك ان نرى من يقول ان التشكيل الموجود فى القرآن بين ايدينا الأن (((خطأ))) ويجب اعادة النظر فيه,مما يؤدى الى قراءتنا له قراءة خطأ, وفهمنا له فهمنا خطأ, نعم هناك من بدأ فى عزف تلك القيثاره فى السوق الجديد , وما خفى وما سيأتى  بعد ذلك سيكون اعظم.  

ثم ممن يعرضون بضاعتهم فى ذلك السوق ايضا من جاء ليقول ان ادم الذى نعرفه, ليس اول البشر أو اول خلق بين الإنسان, فقد كان هناك الكثير من البشر معه, وقد اختاره الله من بين من كان هناك من البشر لكى يتطور من بين اخوانه من نفس المخلوقات........الخ الخ, واتساءل , ماذا حدث لأخوانه الذين لم يخترهم الله او يصطفيهم, هل انقرضوا ام انهم تحولوا الى بعض الحيوانات التى نراها الأن, وهذا البائع يحاول ان يكون رجل السلام ليوفق بين نظرية الخلق ونظرية النشوء والإرتقاء , وكل يحاول ان يلوى عنق الأيات فى القرآن كى تتفق مع ما يروج له من بضاعة.

وفى السوق الجديد ايضا من يريد ان يغير من التقويم القمرى او العربى الإسلامى, بإضافة شهر كامل كل اثنين وثلاثون شهرا, لكى تتفق الشهور القمريه مع الفصول السنويه من الصيف والشتاء, وكما فهمت مما قال ان ذلك سيساعد بعض سكان اوربا الشماليه فى موضوع الصيام , فيصبح هناك ثلاثه عشر شهرا فى السنه كل ثالت سنه, ولا أدرى ان كان من اخترع التقويم الجريجورى او الميلادى الذى جعل الشهور اثنى عشر شهرا كما قال الله عز وجل افضل وأسهل وأدق واكثر عملية للبشرية جميعا, ام إضافة شهر كل 32 شهر , وهل غاب ذلك العلم عن الله عز وجل, فلم ينبهنا يه  بل امرنا ان نأخذ ذلك الطريق الملتوى, كما نقول فى مصر( منين ودنك يا جحا)  مجرد سؤال.

هذا هو السوق الجديد , وهذه هى عينة صغيرة  من البضاعة المعروضة . وربما يتسع وقتى ان اعرض عددا أخر من البضائع الأخرى التى يعرضها تجار الإنترنيت الجدد.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

اجمالي القراءات 21433