غداة قرار إسبانيا بعودة اليهود من أصل إسباني، تساءل تقرير بريطاني عن مصير المسلمين الذين طردوا من هناك في بدايات القرن الرابع عشر.
أرسلت مجموعة من أحفاد المسلمين الذين طردوا من إسبانيا رسالة الى الملك خوان كارلوس بأن تقوم حكومته بلفتة تجاههم أسوة بالقرار المتعلق بأحفاد اليهود. وكانت الحكومة الإسبانية قد أعلنت عن مشروع قانون يتيح لأحفاد اليهود"السفارديم الإسبان" الذين طردوا من إسبانيا في نهاية القرن الرابع عشر العودة إلى إسبانيا.
وأدى هذا الإعلان إلى إثارة اهتمام كثير من هؤلاء اليهود الذين اتضح أن عددهم في أنحاء العالم يبلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون. وتساءل تقرير لصحيفة (الغارديان) اللندنية عن مصير المسلمين الذين طردوا من إسبانيا.
وفي إسبانيا هناك عائلات من إصول إسلامية، رحل أقرباؤها، وهي تقيم صلات مع إرثها الثقافي، وقال محمد أوسكوديرو أوريبي رئيس الرابطة التي تضم هؤلاء، إنهم يستطيعون أن يثبتوا أن اقرباءَهم أجبروا على الرحيل من البلاد قبل مئات السنين.
إجبار على الرحيل
وتقول الصحيفة إن الملك فرديناند والملكة إيزابيلا قررا إجبار المسلمين المقيمين في البلاد على اعتناق المسيحية، ومن رفض ذلك أجبر على الرحيل، واستوطن من رحلوا، وبلغ عددهم 270 ألفًا، في المغرب وتونس والجزائر، ويتساءل أحفادهم: متى يأتي دورهم في العودة إلى إسبانيا التي يحتفظون بتراثها في الموسيقى والمعمار؟.
وتقول الصحيفة إن مجموعة من أحفاد المسلمين الذين أجبروا على الرحيل من إسبانيا، والذين يعرفون باسم "موريسكوس" قد أرسلوا رسالة إلى الملك الإسباني خوان كارلوس مطالبين الحكومة الإسبانية بأن تقوم بنفس اللفتة التي قامت بها تجاه اليهود، تجاههم ايضًا.
وانتقد رئيس "رابطة ذكرى الأندلس"، الذي تحدث من المغرب، الحكومة الإسبانية بشدة بسبب تطبيقها "معايير مزدوجة". وقال نجيب لوبيريس "على الحكومة الإسبانية أن تتيح المجال لجميع من أجبروا على الرحيل، وإلا سيكون قرارها انتقائياً، بل عنصريًا".
القرار الإسباني
وكانت الحكومة الاسبانية، قررت منح جوازات سفر لسلالة اليهود الذين طردوا من البلاد قبل نحو خمسة قرون، لكن القرار لا يشمل العرب والمسلمين الذين لاقوا نفس المصير.
وذكرت مصادر صحافية أنه بعد 522 سنة من توقيع الملك فرناندو الثاني والملكة ايزابيلا الاولى على قرار يقضي بطرد اليهود من اسبانيا، صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في اسبانيا، على مشروع قانون يسمح لسلالة المطرودين من اسبانيا بتلقي الجنسية الاسبانية دون التنازل عن جنسيتهم في البلاد التي يقيمون فيها.
وبحسب صحيفة (معاريف) الاسرائيلية يقدر عدد اليهود الذين طردوا من اسبانيا في العام 1892 بعد أن رفضوا تغيير ديانتهم الى المسيحية، بحوالي 150 الفًا، واتجهوا الى دول حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا، والى الامبراطورية العثمانية واوروبا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وبلغاريا والمانيا، الى أن تم في العام 1968 إلغاء قرار الطرد من قبل الحكومة الاسبانية.
3 ملايين يهودي
وكانت وكالة الأنباء "أنسا ميد" الإسبانية نقلت عن نائبة رئيس الحكومة والمتحدثة الرسمية باسمها سورايا سانز دي سانتا ماريا قولخا إن المشروع الذي وافقت عليه الحكومة، قبل إحالته على البرلمان، سيمكن حوالي 3 ملايين شخص من الحصول على الجنسية بشكل آلي دون اللجوء للإجراءات العادية البطيئة.
وأضافت الوزيرة، أن المصادقة على مشروع القانون من قبل الحكومة لها دلالة خاصة ومعنى تاريخي عميق، "بما أن الأمر يتعلق بإصلاح خطأ لا نفتخر به كثيراً في تاريخ إسبانيا" في إشارة إلى طرد اليهود من إسبانيا في 1492 بعد سقوط غرناطة آخر الممالك الأندلسية في البلاد. وسينتفع بهذا القانون اليهود السفراديم المقيمون خاصة في إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة وتركيا والمكسيك والشيلي والأرجنتين.
ولكن هذا القانون لا ينطبق على العرب من أصول أندلسية أو الموريسكوس، الذين يفوق عددهم اليهود السفرديم، والذين أجبروا على الهجرة إلى خارج إسبانيا بعد رفض القسم الأكبر منهم التخلي عن ديانتهم واعتناق المسيحية كما جاء في الأمر الملكي المعروف بتخيير الأندلسيين بين المسيحية والبقاء في ديارهم، فاستقروا بمئات الآلاف في الدول القريبة خاصة من المغرب إلى تونس وحتى تركيا وصولاً إلى القارة الأميركية المكتشفة بعد حروب الاسترداد في الأندلس.
وينصّ مشروع القانون الجديد على أن كلّ من يمكنه إبراز وثيقة تفيد بأصله الإسباني مصدقة من السلطات الدينية اليهودية في بلده أو بعد مصادقة فدرالية المنظمات اليهودية في إسبانيا على شهادة إثبات الأصل، يحصل على الجنسية بشكل فوري.