عاد مئات من المصريين من جهاد في سوريا، أرسلهم إليه الأخوان المسلمون أيام حكمهم، وفي اعتقادهم أن واجبهم الجهاد ضد الجيش المصري الذي أزاح حكمًا إسلاميًا.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: كشفت السلطات المصرية أن نحو 400 مصري سافروا للجهاد في سوريا أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي عادوا لمصر بعد اسقاط حكم الإخوان، ويشاركون بفاعلية كبيرة في العمليات الإرهابية التي تجري ضد قوات الجيش والشرطة، لاسيما أنهم عادوا بخبرات واسعة في مجال تفخيخ السيارات وإعداد الانتحاريين، وتصنيع المتفجرات.
مجاهدون عادوا
قال مصدر أمني لـ"إيلاف" إن الرئيس السابق محمد مرسي وجماعته فتحوا باب الجهاد في سوريا ضد نظام بشار الأسد، مشيرًا إلى أن نحو ثلاثة آلاف من المصريين، لاسيما المنتمين إلى جماعة الإخوان والسلفيين الجهاديين، سافروا حينها إلى سوريا.
وذكر المصدر نفسه أن بعض الذين أرسلتهم الجماعة تلقوا تدريبات عسكرية على أيدي تنظيم القاعدة في سوريا، ولفت إلى أن تلك التدريبات تتمثل في كيفية تفخيخ السيارات، وتجهيز الإنتحاريين، وإعداد القنابل من المواد البدائية ومراقبة المنشآت الحيوية والعسكرية والشرطية. وأشار المصدر إلى أن نحو 400 شخص ممن تلقوا تدريبات عسكرية قاسية في معسكرات القاعدة بسوريا عادوا لمصر عبر الحدود مع ليبيا عقب الإطاحة بمرسي، للمشاركة في ما يعتقدون أنه "الجهاد ضد الجيش المصري".
وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية في مصر رصدت تحركات هؤلاء الإرهابيين في جبال سيناء، والمناطق الجبلية في حلايب وشلاتين، وأن التحريات تشير إلى تورطهم في بعض الأعمال الإرهابية التي وقعت في مصر، باستخدام السيارات أو التفجيرات الانتحارية، منوهًا بأن من تلك العمليات تفجير موكب وزير الداخلية محمد ابراهيم، الذي قام به انتحاري تلقى تدريبات على أيدي أعضاء تنظيم القاعدة في سوريا.
ولفت المصدر إلى أن قوات الجيش والمخابرات العسكرية استطاعت كشف هوية العشرات من العائدين من سوريا، أثناء العمليات التي تقوم بها في سيناء، واستطاعت قتل أعداد منهم.
المجاهد المسافر
كشف اللواء حسين عبد الرازق، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" أن ما يحصل في المنطقة يدخل ضمن خطط تعرف باسم "الفوضى الخلاقة"، مشيرًا إلى أن تلك الخطط ترمي إلى تحريك من يعرفون بـ"المجاهدين" في صورة أمواج من دولة إلى أخرى في المنطقة، بهدف انهاكها بالحروب والعمليات الارهابية.
وأضاف أن أمواج المجاهدين تتحرك بين الدول الإسلامية والعربية، حتى بات يعرف أن هناك ما يسمى بـ"المجاهد المسافر"، وهو شخص يؤمن بفكرة الدولة الإسلامية الكبرى، ويسعى إلى هدم الدول القائمة في شكلها الحالي، وبالتالي يعتبر أن الأنظمة القائمة عدوة للإسلام.
ولفت إلى أن مصر من أكثر الدول العربية تصديرًا لما يعرف بـ"المجاهدين"، مشيرًا إلى أن جميع الجماعات الإرهابية بمن فيها تنظيم القاعدة خرجت من رحم الإخوان المسلمين، الذين ساهموا في تسفير أعداد كبيرة من المصريين إلى سوريا.
وأوضح عبد الرازق أن المصريين العائدين من سوريا يشكلون خطرًا على الأمن القومي المصري، لاسيما أنهم تلقوا تدريبات على العمليات الإرهابية وحروب الشوارع، ومصر استقبلت أخيرًا العشرات منهم، بالإضافة إلى بعض السوريين المهجرين، والذين يتشبع بعضهم بالأفكار المتشددة، وهم يشكلون خلايا كامنة.
وأشار إلى أن العائدين من سوريا سيشكلون أزمات صعبة لبلادهم في المستقبل، كما حدث مع العائدين من أفغانستان وألبانيا، لاسيما أنهم مشبعون بفكرة الجهاد ضد الأنظمة القائمة، منبهًا إلى أنه أثناء خدمته في حرب ما يعرف "البوسنة والهرسك"، كانت بعثات الأمم المتحدة تشكو إليه العرب المجاهدين الذين يتخذون من جبال اجمند مركزًا لهم، ويقومون بعمليات جهادية ضد قوات الصرب والقوات الروسية بالإضافة إلى قوات الأمم المتحدة.
عددهم بالمئات
وأعتبر عبد الرازق أن المجاهدين المسافرين سرطان ينتشر في أجساد الدول وينتقل من دولة إلى أخرى، مشددًا على ضرورة محاربتهم والقضاء عليهم.
وقال إن هؤلاء ينطبق عليهم قول المولى عز وجل: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد. وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد".
وعمليات شحن المجاهدين من مصر إلى سوريا تمت بالتنسيق بين الإخوان في مصر وفرعها في سوريا، أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي. هكذا قال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات الاستراتيجية لـ"إيلاف".
أضاف أن جماعة الإخوان استطاعت تسفير عدة آلاف من المصريين على الأقل للجهاد في صفوف المجموعات المقاتلة تحت لواء الإخوان في سوريا ضد نظام حكم بشار الأسد. وأفاد عامر بأن بعض هؤلاء عادوا لمصر عقب سقوط نظام حكم الإخوان، وفي أذهانهم أن الجيش المصري كافر وموالٍ لأميركا واسرائيل، لأنه أسقط نظام حكم إسلامي.
وقدر عامر عدد العائدين من سوريا بالمئات، ينتشرون في جبال سيناء ويشكلون وقودًا للعمليات الإرهابية التي تجري في مصر منذ اسقاط حكم مرسي، لاسيما العمليات التي تحتاج لتقنيات كبيرة ومنها عمليات تفجير مديرية أمن القاهرة، وتفجيرات مقرات المخابرات الحربية في العريش والإسماعيلية.
وشدد على ضرورة أن تقوم أجهزة الأمن المصرية بمراقبة العائدين من سوريا والمناطق الساخنة، وإعادة تأهيلهم، حتى لا يتحولوا إلى أعداء لمصر.