ردا على ما نشره / منتصر الزيات
أسجل أنني لم أتاجر بجثث الأموات

شادي طلعت في الأربعاء ١٣ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

سبق لي و أن كتبت من قبل مقالة بعنوان " قصتي أنا و العبارة السلام 98 " عبارة الموت ، و كم أتألم كلما ذكرت هذه الأحداث الأليمة إلا أنه قدر الله الذي لا راد لقضائه فالمصيبة كبيرة و قتلانا فيها تخطوا الألف و مئة شخص راحو ضحية إهمال أو طمع أو جشع أو قتل مع سبق الإصرار و الترصد ؟ و الله إن المصيبة عظيمة و أجد قلبي يخفق كلما تذكرت أحداث هذه الكارثة التي كنت يوما ما محاميا لأهالي ست و ستون ضحية منها منهم الغني و منهم الفقير و منهم المؤمن و غير المؤمن إلا أنهم في النهاية أصبحوا شهداء عند ربهم ، أصبحوا في ذمة الله و رعايته ، تركوا لنا الدنيا بكل ما فيها من كذب و جشع و طمع و ذهبوا الى عالم صادق يخلوا من كل الموبقات الدنيوية ، و ها نحن الاحياء وصلنا الى مرحلة لا أستطيع أن أذكر وصفها فنحن أصبحنا نتاجر بالقضية ، نتاجر بالمصيبة ، نتاجر بآلام غيرنا نتاجر بالأرامل نتاجر بالايتام ، نتاجر بجثث الموتى ، في العراق و فلسطين و البوسنة و الشيشان أصبحنا أكثر تطرفا و إضهادا و أصبح الظلم يجتاح العالم كله .

أعيد عليكم ما ذكرته من قبل بمقالتي السابقة عن العبارة المنكوبة ، حيث أنه عرض علي من شركات محاماة دولية عرض يغري أي إنسان فقير مثلي فالعرض كان ماديا كان بعشرات الملايين من الجنيهات مقابل أن نحصل على أموال التأمين و يحصل أهالي الضحايا على نسبة ستون في المائة و تحصل شركة المحاماة الدولية على نسبة أربعون في المائة و أحصل أنا و الأستاذ . سعد حسب الله ، على ربع الأربعون في المائة أي نحصل على مبلغ ثلاثمائة و خمسون الف دولار لكل ضحية و عدد الضحايا كان ست و ستون ضحية ، أي نحصل في النهاية على مبلغ ثلاث و عشرون مليون دولار و مئة ألف دولار ، مبلغ رهيب لشخص في مثل ظروفي فالمبلغ بالأرقام المصرية يفوق المائة و عشرون مليون جنيه ، إلا أنني بعد أن تلقيت هذا العرض ، ذهبت إلى مقرر لجنة الحريات " منتصر الزيات " و أخبرته بكل شئ ، و قلت له ماذا لو تعاملنا مع شركات محاماة دولية و نحصل لأهالي الضحايا على مستحقاتهم التي ستفوق المليون و ستمائة ألف دولار ، و تحصل نقابة المحامين على ربع نسبة الأربعون في المئة من المبلغ المتبقي ماذا لو أفدنا أهالى الضحايا و أفدنا نقابة المحامين فرد علي الرجل بجملة خلعت قلبي مني و جعلتني أغيب عن الوعي لثواني معدودة فالكلمات كانت قاسية حيث قال لي " أتريدنا أن نتاجر بجثث الأموات " جملة من خمسة كلمات إذا ما استمعنا الى كل كلمة منفردة لا تؤثر فينا لكن بإجتماع تلك الكلمات ، في الظرف الذي كنا فيه فإنها تكون مؤثرة و مدوية .

لقد خرجت من مكتب أ . منتصر الزيات ، و قد أصابتني عقده لا أعلم ما هي ، أصابتني دهشة لا أعلم ما هي ، أصابتني حالة يأس مع الحياة لا أعلم ما سببها ، إلا أنني صرت أتذكر و قت وفاتي ماذا سأفعل ماذا سأقول أين سأهرب ؟ و بعد هذا اليوم أستكملت عملي في القضية متطوعا لوجه الله وحده طالبا منه الرضا و الغفران و حمدت الله أنني لم أتعرض لما تعرض له ضحايا العبارة المنكوبة و لم أكن طعما لأسماك القرش ، و لم أمت من شدة البرد القارس في عرض البحر ، أو أمت من شدة الخوف و الرعب ، أو للموقف الذي تعرض له أهالي الضحايا ، حمدت الله أنني أستطيع أن أمشي و أتحرك ، أنني أستطيع أن آكل و أشرب ، حمدت الله أنني في ظروف و إن كانت صعبة إلا أنها قد تكون أفضل من ظروف غيري ، إلا أنه مع إقتراب الجلسة الثانية فوجئت بالأستاذ . الزيات يستبعدني من الدفاع عن أهالي الضحايا و لم أكن أعرف سببا لإستبعادي ، و انتهت علاقتي بتلك القضية منذ إستبعادي .

إلا أنني منذ حوالي شهر مضى و جدت الملف يفتح من جديد ، و جدت صحفيين يتصلون بي طالبين معرفة معلومات مني عن قضية العبارة المنكوبة ، سائلين عن سبب إستبعادي فأخبرتهم بكل ماحدث معي من عروض مادية مغرية ، و آلام نفسية مؤذية ، أما عن مسألة إستبعادي من القضية أجبت إجابة و احدة يسأل عنها منتصر الزيات ، ثم كتبت مقالتي و سجلت إحترامي للزيات ، و قلت أنه فوق كل الشبهات ثم شاهدت في الصحف مثلي مثل غيري صورا لعقود مبرمه بين أهالي الضحايا و بين الزيات و محام آخر إيطالي من أصل مصري ، وجدت كلاما يتردد عن دخول الزيات في صفقة بعشرات الملايين ، و تعجبت و الأسئلة تدور في ذهني كيف و هو من قال لي " لن نتاجر بجثث الأموات " و إذ بالعديد من المحامين يسألونني عن رأيي في هذا الأمر فأجبت بأنني لا أعتقد ، فسألوني عن رأيي في العقد الذي ظهر ، فقلت لا أعتقد ، فسألوني عن محامين من مكتب الزيات يسافرون إلى أوربا في رحلات طويلة متابعين لقضية العبارة في الخارج ، و أن المسألة لا تخرج إلا عن أربع إحتمالات ، فإما أنهم قد سافروا على حسابهم الشخصي ، أو أن النقابة قد تحملت تكاليف السفر ، أو أن الزيات قد تحمل تكاليف سفرهم و السبب و الإحتمال الرابع أن يكونوا قد سافروا من الأموال التي صرفوها من شركات التأمين ! أسئلة كثيرة طاردتني إلا أن إجابتي على بعضها كانت - لا أعلم ، و البعض - لا تعليق ، و لم أخطأ في حق الزيات أبدآ .

إلا أنني فوجئت بمقالة مصورة من موقع جريدة المصريون مذكور فيها أسمي أنا و أ سعد حسب الله و أ عبدالله بسيوني ، تتهمنا بأننا كنا نريد أن نعمل لحسابنا الشخصي في هذه القضية تتهمنا بأننا " كنا نريد الإتجار بجثث الموتى " و ذكرت المقالة أرقاما و بيانات لتوكيلات فيها إسمي و إسم الأستاذ / سعد حسب الله ، و أننا لم نكن نحضر عن لجنة الحريات و إنما كنا نحضر عن منتصر الزيات ، و أن سعد حسب الله كان يحتفظ بأوراق القضية بمنزله و ليس بلجنة الحريات ، و هذا الكلام منسوب الى المحامي الذي أسند إليه الزيات قضية العبارة المنكوبة ، بعدما سحبها مني و من سعد حسب الله و عبدالله بسيوني إلا أنني أعرف و أعلم جيدا أن الزيات هو واحدا ممن يكتبون بهذه الجريدة ، و واثق بأن ما نشر على لسان محمد هاشم يقصده الزيات و ليس محمد هاشم ، و أنا أريد أن أرد على ما نشر بالآتي :

أولآ / لوكان هناك توكيلات تمت لي انا و سعد حسب الله و كان أهالي الضحايا يقصدوننا فما الداعي إذا أن ندخل تلك التوكيلات بجملة التوكيلات الخاصة باللجنة و لما نثبت حضورنا عن هؤلاء بأسم اللجنة و ليس بأسمائنا ! و إذا ما كان لدينا نية للتربح من وراء تلك التوكيلات فلماذا إذا أعدناها الى لجنة الحريات بعدما قرر مقرر اللجنة إعادتها ، و أصدر فرمانه .

ثانيا / إننا و إن أثبتنا حضورنا عن منتصر الزيات فنحن لا نقصد الزيات بشخصه و إنما بصفته مقررا للجنة الحريات .

ثالثا / أشهد شهادة حق أن أوراق و ملفات القضية لم تذهب الى منزل سعد حسب الله إلا في أوقات الجلسات و أن ملف القضية بالكامل كان موجودا باللجنة ، و أشهد الله أن الرجل لم يحاول أبدآ الإتجار بالقضية في يوم ما و في يوم ما قلت للزيات أنني اشعر أن سعد حسب الله كان سيتاجر بالقضية لولا أنني موجودا معه فيها فأجابني الزيات قائلا " أنا أعلم سعد جيدا لو مات جوعا ما فعلها " و كانت هذه شهادة من الزيات في حق الرجل أمامي .

و قبل أن أختم مقالتي أقول للأستاذ منتصر الزيات ، لماذا لا تخرج و تتحدث عن ملف العبارة على العلن ، و تعلن مدى مصداقية العقود التي نشرتها الصحف و تخرس الألسنة ما دام الحق معك ، لماذا لا تبرر للمحامين آلية سفر بعض المحامين من مكتبك و الجهة التي قامت بتحمل مصاريف السفر ، و ما هي أسباب السفر .

في النهاية أسجل أمامكم " أنني و الله لم أتاجر بجثث الموتى " أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم .

SHADYTAL@HOTMAIL.COM

اجمالي القراءات 14176