في أول سابقة من نوعها فسرت علي أنها محاولة لتلطيف الأجواء تقدمت إيران أمس بطلب للأزهر الشريف بافتتاح فرع له في طهران، وقال كريم عزيزي ـ المتحدث باسم قسم المصالح الإيرانية ـ لقد تقدمنا بطلب رسمي للأزهر وحتي الآن لم نتلق أي رد، وحسبما ذكر عزيزي لوكالة الأنباء الفرنسية فإن الطلب يهدف إلي تقوية العلاقات الإيرانية المصرية وخلق حالة من التقارب بين الطوائف الإسلامية المختلفة، خاصة الطائفتين السنية والشيعية، وحيث يمثل الأزهر منارة الفكر السني وتمثل مدينة قم الإيرانية منارة الفكر الشيعي.
ويأتي هذا الطلب في خضم حالة التوتر التي شهدتها العلاقات المصرية الإيرانية مؤخراً علي خلفية ما يسمي بفيلم «إعدام فرعون»، وقال عزيزي للوكالة لقد ثبت عدم صلة الحكومة الإيرانية بمثل هذا الفيلم وأنه لا يمثل موقف إيران وأن إيران دائماً ما تدعو لتقوية أواصر الصداقة بينها وبين مصر، وباعتبار أن إيران ومصر من الدول الإسلامية الكبري ذات الثقل.
وذكرت الوكالة الفرنسية علي لسان، شيخ علي عبدالباقي ـ رئيس مركز البحوث الإسلامية التابع للأزهر ـ أن الطلب الإيراني الذي تم التقدم به لجامعة الأزهر ليس طلباً رسمياً إيرانياً، ولكنه صادر عن الأقلية السنية الإيرانية التي يبلغ عددها حوالي 5 ملايين إيراني سني، وأن أغلب هؤلاء يعيشون ضمن إطار جماعات عرقية صغيرة من مناطق الحدود الإيرانية.
وقال عبدالباقي إن السنة الإيرانيين يريدون تعليم أطفالهم المبادئ السنية التي يتم تدريسها في الأزهر الشريف لأنها مبادئ معتدلة ومنفتحة، وهذه هي رسالة الأزهر حول العالم كله.
وقالت الوكاة إنه في أعقاب ظهور فيلم «إعدام فرعون» ذكرت الصحافة المصرية الحكومية أن هناك محاولات إيرانية متزايدة للتمهيد لما يسمي بغزو شيعي سري لمصر، وقال الشيخ محمود حمدي زقزوق ـ وزير الأوقاف ـ في تصريح صحفي الشهر الماضي إن مصر لن تسمح بوجود مد شيعي في المساجد المصرية.
أما الدكتور عبدالمنعم البري ـ الأستاذ السابق بالأزهر ـ فقال إن الخبراء في المذهب الشيعي وهو من بينهم قد طلب منهم إلقاء دروس علي ضباط أمن الدولة حول الإيديولوجيا الشيعية وخططها لاختراق البلاد الإسلامية، ولكن عبدالباقي يصر علي أنه لا خوف من الشيعة ولا يوجد توتر بين الأزهر والطوائف الدينية الإسلامية الأخري.
وبينما يعتقد «عزيزي» في مكتب المصالح الإيرانية بالقاهرة أن وجود الأزهر في إيران يمكنه عمل تبادل بين علماء الدين، فإن عبدالباقي يقول إنه من غير المحتمل أن يحدث هذا التبادل ويضيف: نحن لسنا بحاجة للانفتاح علي المؤسسات الشيعية في مصر لأن كل المصريين من السنة، ومؤكداً أنه لا توجد دراسة للمذهب الشيعي في الأزهر، وأن هناك ما بين 50 ألفاً و60 ألف شيعي في مصر، وأن أغلبهم من العراقيين الذين هربوا من بلادهم بلبحث عن مأوي في مصر.
ولكن حسام بهجت ـ من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ يقول إن أغلب الشيعة في مصر هم متحولون من المذهب السني وأن الدولة تحاول إعادتهم للمذهب السني باستخدام القمع والقبض والتعذيب والاستجواب، ويقول بهجت إن قوات الأمن قد قامت حتي باستدعاء دارسين من الأزهر لمقابلة المتهمين ومحاولة إقناعهم بالعودة للمذهب السني.
ويقول عبدالباقي: ليس من مصلحة المسلمين في مصر أن ينتشر بينهم المذهب الشيعي لأنه مذهب قاس ويختلف عن الفضائل والطبائع التي نؤمن بها، ويقول عبدالباقي إنه لم يذهب قط لإيران ولا ينوي زيارتها، ويرفض عبدالباقي الانجراا للحديث حول ما إذا كان الطلب الإيراني المقدم للأزهر محاولة أصيلة للتواصل الديني أو أنه مجرد محاولة لتحسين صورة إيران أمام الحكام العرب وخصوصاً الموالين لأمريكا وعلي رأسهم الرئيس مبارك.
ويقول عبدالباقي: لو كانت هناك خلفية سياسية لهذا الطلب فإننا لا نعرفها إننا لا نقرأ ما في الصدور ونحن نأخذ فقط بما تقوله الألسن.