الأمل الذي لم يتحقق ، الحلم الجميل ، صراعات داخلية آزرت الخارجية ، أزمة المثقفين و السياسين ، ولد ماردا و لكن أصابته العله .
ذلك حزب الغد
لا زلت أذكر أول يوم دخلت فيه حزب الغد و الكائن مقره بميدن طلعت حرب في الطابق الذي يعلو جروبي و النادي اليوناني ، و هو مقر الحزب المؤقت ذلك أنه كان مكتب الدكتور / أيمن نور ، و حتى أكون صادقا معكم و مع نفسي ، فإنني لم أذهب الى حزب الغد بمجرد الإعلان عنه و لم أكن من مؤسسيه ، و كنت مقتنعا ان قيام هذا الحزب تم بعد عقد صفقة مع الحكومة ، و لم أكن أعرف أيمن نور جيدا ، إلا أنه بعد إعتقال أيمن نور ، تغيرت في نفسي أمور كثيرة و راجعتها ، و سألتها سؤالآ لماذا دخل أيمن نور السجن إذا ما كان هناك صفقة ؟ و تيقنت من أن أيمن نور لم يدخل في أي صفقات و بدأت أراجع سجل الرجل و أعضاء الحزب المؤسسين ، و وجدت في نفسي رغبة في الرجوع الى العمل السياسي ، و استخرت الله و ذهبت الى هذا الحزب ، و التقيت برئيسه و كانت علاقتي به وقتها مثل علاقة المئات من الأعضاء اللذين لا يعرفهم ، إلا أنني أصبحت قريبا منه بإعتباري كنت أحد أعضاء هيئة الدفاع عنه فيما بعد ، مما ساعدني على الإقتراب أكثر و أكثر من مراكز إتخاذ القرار في حزب الغد ، و حزب الغد كان حلما للكثير و كان أملآ يراودهم ، إلا أنه مثل أي كيان آخر في مجتمعنا ، يسيطر عليه نظرية التآمر ، و أصبح هاجس الشك في الجميع و اتهامهم بالعمالة للأمن محط انظار الجميع من الجميع ! و لم يصل أعضاء حزب الغد الى مغزى و معنى الديمقراطية و الليبرالية ، و التي تعني العمل في النور ، و الإلتزام بالشفافية وذهبوا يحاربون النظام و عبدة الآلهة بينما هم صنعوا آلهة أخرى ، و أصبحوا يتقدمون بالقرابين اليها ، في حين أن الآلهة لم تطلب منهم ذلك ، و قد طلب مني د. أيمن نور في إحدى زياراتي اليه أن أتوجه برسالة إلى أعضاء حزب الغد بأن يحافظوا على حزب الغد ، فهو الأبقى ، و الواقع أن الرجل كان على حق فكلنا زائلون و سيبقى حزب الغد ، و أريد أن أذكر حوارا دار بيني و بين الدكتور . سعد الدين ابراهيم في سياق حديثي هذا و كان حوارا حول حزب الغد ، حيث قال لي الرجل أن حزب الغد لم يأخذ فرصته الحقيقية و أن الأمور قد سارت معه سريعة جدآ ففي أقل من عام دخل حزب الغد إنتخابات الرئاسة ، إلى إنتخابات مجلس الشعب ، الى قضية التزوير التي طالت رئيس حزب الغد ، إلى صراعات داخلية و فصل أعضاء و إنشقاق أعضاء ، و أزمات خارجية ، و أن الوقت لو طال مع هذا الحزب لأختلفت الأمور جدا و لكان من الممكن أن يكون حزب الغد هو الحزب البديل للحزب الحاكم ، و الواقع ان كلام الرجل منطقي جدآ فالحزب عمره قصير و حقق ما لم تستطع أحزاب قديمة تحقيقه لقد كان حزب الغد زعيم المعارضة في مجلس الشعب لوجود سبعة أعضاء ممثلين للحزب في المجلس ، لقد كبر الحزب قبل أن يولد ، و لو كان الوقت في صالحه لتغيرت أمور كثيرة ذلك أنه كان يمثل الأمل في التغيير و يكاد كل أعضاء حزب الغد بالإضافة الى كل من ساهم في مساندة حزب الغد غير عابئين بما يثار عن رئيس الحزب من اشتراكه أو ضلوعه في جريمة تزوير و غير عابئين بأي إشاعات تتردد حول الحزب من أي جهة كانت تحاول النيل من الحزب ، فجميعهم كانوا يساندون آملين في التغيير ، و لا أنسى أنني في إحدى المرات سألت العديد من أعضاء الحزب سؤالآ له مغزى خطير حيث قلت لهم ماذا ستفعلون لو أصبح د. أيمن نور رئيسا للجمهورية ، و كانت إجابة نسبة كبيرة منهم أنهم سوف يتركون العمل السياسي و ينتقلوا الى صفوفهم بين الشعب فالتغيير قد أصبح ممكنآ ! إجابة كانت صادقة من القلب ، لقد عشت مع حزب الغد اياما و شهورا تعد في رأي عقودا طويلة فكل يوم كان هناك جديد أعرفه و أتعلمه ، كان هناك جديد أراه لأول مره و كلام أسمعه لأول مرة ، إكتسبت خبرات كبيرة ساقني اليها القدر ، و أصبحت أحلم في وقت ضاعت فيه الأحلام ، و قد سنحت لي الفرصة من أن أقترب من رئيس حزب الغد بعد صدور الحكم عليه دون غيري بإعتباري محام حقوقي و أحد نشطاء حقوق الإنسان و لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين ، فقمت بفتح ملف لرئيس الحزب بنقابة المحامين و توليت أنا هذا الملف ، و عقدت مؤتمرا عاما للمطالبة بالإفراج عن أيمن نور بتاريخ 27/2/2006 و دعوت إليه كبار الشخصيات من الجانب المعارض في الدولة لمناصرة رئيس الحزب ، و قد كنت أزوره إسبوعيا بسجن مزرعة طره و لم أبخل على أيمن نور بأي شئ أستطيع تقديمه إلا أن آخر زياراتي إليه كاانت في شهر إبريل ، من عام 2007 حيث ظلت الزيارات ممنوعة حتى أغسطس من نفس العام إلا أنني لم أزره أيضا منذ بدأ فتح باب الزيارات مرة أخرى بسبب التدخل من أشخاص أقحموا أنفسهم في العمل السياسي ، و لا أعلم إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون أنهم غير مؤهلين للعمل السياسي ، و أن الصدفة هي التي قادتهم الى دهاليز السياسة ، الذي لا يتلائم مع حياتهم و برامجهم الترفيهة ، و المشكلة الأكبر لو ظل أيمن نور ، في إعتماده عليهم ، و قد كنت أضرب مثلآ دائما بما يحدث في كرة القدم حيث أننا نجد أن الفريق الذي يلعب بالدرجة الثانية يأتي ناديه بمدرب جيد و يشتري لاعبين على مستوى عال حتى يصعد الى الدوري الممتاز إلا أنه بعد صعود النادي إلى الدوري الممتاز نجده يقوم بتغيير المدرب و اللاعبين من جديد و يأتي بآخريين فالمرحلة قد إختلفت و مستوى اللعب و اللاعبين يختلف في الممتاز عنه في الدرجة الثانية ! أختم مقالتي بهذا المثال الذي أهديه إلى أيمن نور ، و أرجوا منه أن يراجع نفسه فيمن حوله مهما كانوا قريبين منه ، و أن يتذكر دائما أن لكل مرحلة رجالها و أكرر رجالها ، و في النهاية لك الله يا أيمن يا نور و أريدك أن تعلم أن غيابي عنك لست أنا المسؤل عنه .
SHADYTAL@HOTMAIL.COM