التوحيد
هل العالم بحاجة الى التوحيد الخالص.

زهير قوطرش في الأحد ١٠ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل العالم بحاجة الى التوحيد الخالص ( لا إله إلا الله.)

يقول الفليلسوف البريطاني البرت دوت:" لقد مكننا العلم في هذه الاونة أخيراً من ان نتمتع بقوى وقدرات آلهة ،وطبعاً ألهة الأوليمب وليست آلهة السماء وليس آلهة العالمين،وإنما آلهة الاوليمب الاسطورية .لكن للأسف نستخدمها بعقول الوحوش والاطفال"

كما يقول الفيلسوف المسلم روجيه غارودي: ".لأول مرة في تاريخها(البشرية) أصبحت مقتدرة متمكنة أن تقرر مصيرها وأن تضع حداً لمسيرتها، الآن الإنسان بوسعه أن يفني نفسه ويفن&;ي هذا الكوكب،فلو أطلقت الأسلحة الذرية والهيدروجينية المتوفرة اليوم ،عُشر هذه الاسلحة فقط كفيل أن يشظي كوكبنا هذا الى ألف مليون شظية في الكون،فلأول مرة الإنسان وصل الى هذه الدرجة،وقد يفعلها"

سُأل اينشتاين كيف ستكون الحرب العالمية الثالثة قال: بالنسبة للثالثة لا أجزم كيف ستكون أما الرابعة فأعرف،قالوا: كيف؟ قالك ستكون بالأخشاب والعصي، لأن الثالثة ستفني الحضارة الإنسانية،وستسدل الستار على كل المسيرة الحضارية الانسانية ،وسيعود الانسان إلى ما قبل مائة الف أو مأئتي الف سنة وسيكون اكثر بدائية من البداية ذاتها ،وسيتحارب الناس بالحجارة والعصي".

لو رجعنا الى التاريخ الحديث وقمنا بمراجعة لبعض المعلومات العسكرية لمسيرة الحرب العالمية الاولى ،فأننا سنجد أن صفة هذه الحرب كانت حرباً كيمائية بكل المقاييس ، أما الحرب العالمية الثانية كانت حرب الفزيائين والقنبلة الذرية، والحرب العالمية الثالثة الله أعلم كيف ستكون. ونرجوا الله أن لاتقوم.في عقد التسعينات من القرن المنصرم كان معدل الانفاق على التسليح يوميا ،بل في كل دقيقة مليون وستمائة ألف دولار.أي ما يعادل ثمانمائة وخمسين مليار في السنة،وهذا الوضع أصبح أكثر بؤساً بكثير،فالموازنة العسكرية في الولايات المتحدة فقط أكثر من أربعمائة وعشرين مليار، وقد قدر نصيب الفرد من الاسلحة إذا اعتبرنا أن عدد السكان في العالم يساوي الست مليارات من البشر ،يكون نصيب الفرد سبعة أطنان من السلاح.

وسؤالي الآن لماذا كل هذا الجنون؟ ،لماذا كل هذه المبالغ المصروفة بدون وعي على التسلح، هل هذه العبثية في مصير العالم اصبحت تنذر بنهايته؟.

دعونا نعود ونتدبر القرآن الكريم ،ماذا يقول لنا الخالق في هذا المقام ،أو بمعنى أخر ما هو واجب و وظيفة المؤمنين عامة والمسلمين أتباع النبي محمد (ص) خاصة ،في خضم هذه العبثية البشرية ،

قال الله تعالى "قل أرأيتم إن اهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" الملك /28

وقال تبارك وتعالى "وما كان الله ليعذبهم ,وانت فيهم"الانفال/33

وأيضاً قوله عز من قائل"وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين"الانبياء/107

وكأني بهذه الايات القرآنية العظيمة ، تقول على لسان الخالق والمدبر الحكيم والعليم ،أن الضمانة لهذه البشرية ، أي أن الضمانة الأكيدة والوحيدة حتى لاتتخوض البشرية ، ويصيبها التيه و الفناء،هو هذا الدين العظيم ،ومن اتبع النبي والرسول محمد (ص) الذين على عاتقهم تقع مسؤولية اداء الامانة وتبليغ الرسالة  التي جاءت الى الناس أجمعين ، وخاصة ,اننا نعيش اليوم في عالم متميز ،نملك من وسائل الاتصالات ،بحيث اصبح هذا العالم الممتد جغرافياً ، والذي غدا كقرية صغيرة ، يمكن للفرد فيه وهو جالس في غرفته أن يتابع ما يجري في اقاصي الارض والأداني، عبر جهاز صغير عبر تقنية ما يسمى الانترنيت. او الفضائيات او الموبايل. يمكننا تبادل الراي ،وإيصال المعلومة التي نريدها ان تصل ، يمكننا ان نعقد مؤتمرات حتى دولية من خلال الشاشة الصغيرة.
إن الايات التي ذُكرت ،مع أنها تشرح حالة كان يعيشها النبي ومن معه ،لكنها تنسحب دائما كمعنى وواجب على المسلمين في كل زمان ومكان ، أي بمعنى أن وجود المسلمين والمؤمنين المتمسكين بقرآنهم ودينهم ،كما أمر الله عز وجل ،هم الضمانة لحفظ هذا العالم وهداية البشرية ،إن تجاوزت حدود وشرع الخالق ، أنها تشريف لنا ،ولكنها بالوقت نفسه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق كل مؤمن ومسلم وخاصة اهل القرآن لأنهم هم الذين يعملون جاهدين على التمسك بشرعة ومنهج الخالق في قرآنه العظيم.
قد يقول قائل ،أن الضمانة للبشرية ،هي ما وصلت إليه من نظم سياسية ديمقراطية ومؤسسات عالمية ،تعمل على تثبيت السلم العالمي ،تحكمها قوانين ودساتير ،لايمكن أختراقها لإن البشرية قد مرت بتجارب كثيرة واصبح الانسان الحالي أكثر وعياً وحفاظاً على مكتسباته الدنيوية ،وكأني بهذا الحديث افهم أن البشرية قد وصلت الى مرحلة الوعي الذي ما عادت بحاجة الى الشرع الآلهي لضمان استمرارية هذا العالم..واصبح القول السائد مع كل أسف في عالمنا المادي والاستهلاكي، أن الآخلاق يمكن قيامها بدون الدين وبدون شرع الله.
صحيح أن الديمقراطية هي أفضل ما وصلت إليه البشرية من أنظمة سياسية ، ولكن الديمقراطية مع كل أسف ،وقد ينتقدني الكثير من القراء،يمكنها من خلال آلياتها الدستورية أن تقترع مابين الخير والشر ،وقد تقر الشر في بعض الاحيان باغلبية من هم يمثلونها، والتاريخ دائما يعلمنا في حالة استحضاره ،ألم ينجح هتلر بآليات الديمقراطية، ليكون مستشارا للرايخ الثالث،وانتخب من امة ديمقراطية ،تعرف معنى الديمقراطية والعلم. وكانت النتيجة المحارق الجماعية والهلوكوست ،واهلاك البشر والزرع، صحيح أن الشعب قد لايوافق على هذه الممارسات ،ولكن آلية الديمقراطية بواسطة ممثلي الشعب المنتخبين منه ،الذين قد يتجاوزوا الشعوب مثلاً ويصوتوا على غزو شعب ما او دولة ما!!!!!وقد حدث ذلك في التاريخ القريب  العراق مثلاً......
لهذا ومما سبق ، علينا ان نفكر في هذا الزمان المتسارع ،كيف يمكن لنا نحن اهل القرآن أن نعمل على تقديم مشروعا متكاملاً يضمن للبشرية استمرارية الانظمة الديمقراطية مع وجود شرع رباني يكون الموجه والبوصلة والمرجعية في حال اختلال خط سير الديمقراطية والعلم في العالم.
إن الشرع والدستور الآلهي الذي يجب أن نعمل عليه ،يتلخص في جملة واحدة لا أكثر ولا اقل ألا وهي (لا إله إلا الله). لو استطنا ان نقدم مفهومنا الايماني ،عن التوحيد الخالص ،وبشكل تستطيع البشرية فهمه وتطبيقه في كل نواحي الحياة ،لاستطعنا أن نحقق المشروع الرباني في هذا الانسان ،وعلى هذه الارض.
والمعادلة هي: لا أنسانية كاملة بدون أيمان ،ولا أخلاق بدون أيمان،ولا أيمان بدون توحيد خالص.
لهذا على كل  مؤمن أن يعي مسؤولية الايمان ،وأن يعمل جاهدا على أيجاد الوسيلة التي يمكننا بها تقديم مشروع التوحيد الخالص (لا إله إلا الله) للعالمين.ولعالمنا الاسلامي بالدرجة الاولى الذي لو فهم معنى التوحيد بشكله ومضمونه القرآني لانتفت الفرقة والطائفية والمذهبية ،ولسادت العدالة الاجتماعية ولكانت المراة على قدم المساواة مع الرجل والاهم من ذلك لما احتجنا الى نظم سياسية غريبة عنا ،لانتفى الاستبداد والظلم ،ولكانت الحكومات منتخبة بالبيعة من الشعب ،وأعتقد لو صح التوحيد لما كانت هناك حدودا بين الدول ولا سجونا لاصحاب الراي والفكر ،لكانت البشرية بكل دولها وكياناتها يسودها ويحكمها دستور عنوانه ومرجعيته (لاإله إلا الله) . اما بقية بنوده هي من شرع الله الذي ما جاء إلا لمصلحة الانسان وما يشرع الانسان لمصلحة الانسان ضمن حدود الله..فهل لدينا القدرة فعلاً على أن نكون الضمانة للبشرية لكي ننقذها ، وخاصة ونحن نرى أن موازين العدل العالمية في اختلال دائم.

اجمالي القراءات 24406