حوار

شريف هادي في الأربعاء ٠٦ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

دار هذا الحوار بيني وبين صاحبي السلفي ، ورأيت أن أطلعكم عليه ، ولكي نعلم أسلوب تفكير الآخر
قال صاحبي السلفي: أنتم جماعة القرآنيين حتما كفار لأنكم ترفضون حديث رسول الله وتبطلون العمل بكل الأحاديث مع أن الله سبحانه وتعالى قال " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" إذا السنة أيضا ذكر أنزله الله للرسول (ص) ليبين للناس ما نزل إليهم (القرآن) فلا يمكن أن يقرأ القرآن أو يعرف بمعزل عن السنة ، وكذلك فإن الله ذكر في غير ذي موضع من القرآن الكريم " وأط&iacutacute;عوا الله و أطيعوا الرسول" فذكر لفظ الطاعة قبل الرسول لوجوبها له استقلالا أما عندما قال أولي الأمر منكم فقد ربط طاعتهم بطاعة الله وطاعة الرسول
فقلت له: أحب قبل أن أجيب على سؤالك أن أقر حقيقة وهي أننا لسنا جماعة فلا ينطبق علينا قول الحق سبحانه وتعالى " ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون" الأنعام 159 ، وقوله سبحانه وتعالى " من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون"الروم 32 ، ولكننا مجموعة من الباحثين عن الحق ، نتفق أو نختلف باختلاف ثقافاتنا وتحصيلنا العلمي وموروثاتنا البيئية ، وإن كنا نتفق فيما بيننا على أننا مسلمون نأخذ بالقرآن مصدرا وحيدا للتشريع لذلك فإن تسميتنا (قرآنيين) تسمية غير دقيقة ولكنه شرف لا نرفضه أو ندفعه عنا أما الحقيقة فأننا مسلمين كما قال رب العزة سبحانه وتعالى" وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة واتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير" الحج 78.
دعني أناقش كلامك بشيء من التفصيل ، لقد قلت أننا كفار مع أننا نشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ونصلي المكتوبة ونزكي ونصوم رمضان ونحج لبيت الله سبحانه وتعالى إن استطعنا لذلك سبيلا ، وبإطلاقك لفظ الكفر علينا تكون أول من يجحد بالأحاديث ، ألم تسمع بالحديث المنسوب لرسول الله (ص) الذي يقول ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) والحديث المنسوب لرب العزة سبحانه وتعالى فيما يسمى بالحديث القدسي ( لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي) والحديث المنسوب لرسول الله ( إذا قال مسلم على مسلم أنه كافر فقد باء بها أحدهما) وهناك العديد من الأحاديث في هذا الباب يمكنك تتبعها من كتب الحديث ، لقد جحدتها أنت جميعا بتكفيرنا.
ثم تعالى نناقش الآية الكريمة التي ذكرتها ، أولا يجب أن نقرأها ضمن سياق النص القرآني لنتعرف على معناها ثم نرى إذا كان استدلالك في محلة من عدمه الآية من سورة النحل ، قال تعالى" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) النحل ، الآية السابقة هنا تتكلم عن الرسل السابقة على رسول الله عليهم جميعا السلام ، ويأمرنا الله أن نسأل أهل الذكر وهم هنا أهل الكتب السابقة (التوراة والإنجيل والزبور) ، ثم يقول سبحانه وتعالى بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر ( وهو القرآن) لتبين للناس ( وهم أهل الكتب السابقة) ما نزل إليهم (في كتبهم التوراة والزبور والإنجيل) لأنهم كانوا يخفون أشياء في كتبهم ، فهذه الآية لا تتكلم عن السنة إطلاقا ، والدليل على إخفائهم أشياء في كتبهم قوله سبحانه وتعالى " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين" المائدة 15 ، ثم أن الناس لا تعني الناس كافة ولكنها تعني أهل الكتاب فقط ألم تسمع قوله تعالى " الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" آل عمران 173
أما طاعة الرسول فهي فعلا واجبة في إتباع الكتاب الذي جاء به ، وأتحداك أن تستخرج من القرآن آية واحدة تأمرنا بطاعة النبي ، لأن الرسول هو النبي عندما يقوم بعمله وهو تبليغ الرسالة ، وأنصحك أن تدخل على موقع أهل القرآن وتقرأ لكتاب أهل القرآن فقد قتلوا هذا الموضوع بحثا وهناك كتاب الدكتور أحمد منصور (القرآن وكفى) وتم مناقشته في الرواق ، وكذلك مقالتي لماذا القرآن وحده ، وإليك رابط الموقع http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
فقال صاحبي السلفي: حسنا لقد أطلقت عليكم لفظ الكفر لأنكم تنكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة ألا وهي السنة
قلت له : أولا لابد أن نتفق على معنى كلمة السنة ، وثانيا يجب أن نعرف من هو الذي يحدد أن هذا معلوما من الدين بالضرورة
لقد ذكرت السنة في القرآن منسوبة إلي الله وليست منسوبة للرسول (الأحزاب 38 ، 62 ، والفتح 28) ، وقد جاءت كعلامة كونية وليست كأمر تشريعي ، فهي سنة الله في الأولين والتي لن تجد لها تبديلا ، أما قصدك بكلمة (سنة) فأنا أعرفه تماما ، أنت تقصد مجموعة الأقوال والأفعال المنسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهنا دعني أقول لك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه للكفار عندما طلبوا منه تبديل القرآن ، قال تعالى " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقران غير هذا أو بدله قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ان اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم" يونس 15 ، فكيف بربك تكون السنة قاضية على القرآن في شرعكم بل وتنسخ أحكامه وتزيد وتنقص فيه ألا يتحقق قول الله (ائت بقران غير هذا أو بدله) ثم كيف يقول الرسول (ص) (ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ان اتبع إلا ما يوحى إلي) ثم تراه بعد ذلك ينشئ أحكاما وينسخ أحكاما فيما يعرف بالسنة ، أليس ذلك تبديل؟
ووفقا لهذا المنهج تجد أن ما تسمونه سنة النبي أو أحاديثه ليست من المعلوم من الدين بالضرورة ، خاصة وهناك فتوى من أزهركم تقول جاحد السنة ليس بكافر لأنها أحاديث آحاد ظنية الثبوت وليست قطعية ، وهنا أقول لك قول الله سبحانه وتعالى " ان يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون" يونس 66 وقال تعالى " وما لهم به من علم ان يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا" النجم 28

فقال لي صاحبي: إذا رفضنا السنة فكيف سنصلي وكم عدد الركعات في كل صلاة؟ وكيف ستوأدون مناسككم؟
فقلت له: يا صاحبي إن هذا السؤال أصبح علامة مسجلة لكل من يحاججنا في دين الله ، وقد قتل بحثا وتمت الإجابة عليه وأحيلك إلي نفس الرابط ، ولكن لا بأس من الرد في إيجاز ، قال الله سبحانه وتعالى " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" المائدة 48 ، ونعود فنقول يا أخي أن الشرعة هي النص ، ولكل أمة نص ملزم لها فكانت التوراة هي النص لليهود ، والإنجيل هو النص للنصارى ، والقرآن هو النص للمسلمين ، فلا نص نحتكم إليه إلا القرآن ، وكذلك لكل أمة منهاج ، والمنهاج هو فعل الرسول للأمر الإلهي ، أي هو أداء الرسول للنص ، فإذا اعتبرت ذلك سنة فنحن لا يمكن أن ننكر هذه السنة أبدا ، ولكننا نسميها كما سماها رب العزة (المنهاج) ، فعندما يقول الله سبحانه وتعالى " وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين" في اثنتي عشر آية في كتاب الله ، إذا هو أمر علينا أن نؤديه ، فيقوم الرسول بتنفيذ الأمر بالكيفية التي نصلي بها الآن ، فيصلي خلفه كل من أتبعه في زمن الرسالة ، ثم يصليها المسلمون كابرا عن كابر حتى وصلتنا ، فإن أداء الصلاة بالكيفية التي نصلي بها هي المنهاج الذي يجب علينا أتباعه في قوله تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول" ، فنحن عندما نصلي نطيع رب العزة سبحانه وتعالى في النص وهو (الشرعة) ونطيع الرسول في الكيفية وهي (المنهاج) ، وما ينطبق على الصلاة ينطبق على باقي العبادات بتفصيلاتها.
فقال لي صاحبي السلفي: أنت مراوغ وكاذب ، فإن شيخكم (أحمد صبحي منصور) له رأي آخر في الصلاة فهو أراد تغيير صيغة التشهد التي نؤديها كابرا عن كابر ، ويحل محلها الآية 18 من سورة آل عمران " شهد الله انه لا اله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم" ، فعلى أي أساس يفعل ذلك؟
فقلت له: أولا الحمد لله أنك سقت هذا السؤال لكي تعلم أننا لسنا جماعة ولكننا مجموعة باحثي عن الحق ، لا توجد لنا أهداف أو خطة أو شيوخ ، ويحق لنا أن نختلف مع بعضنا في فهمنا لكتاب الله ، لأن كتاب الله سبحانه وتعالى هو الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، أما فهم كل منا لكتاب الله فهو مرتبط ببشريته فيكون هذا الفهم نسبي ، ودعني أناقش معك رأي الشيخ الجليل أحمد صبحي منصور ، وأذكر أدلته التي كتبها في موقع (أهل القرآن) ثم أقول لك رأي وأدلتي من العقل والنقل معا.
أولا رأي الدكتور منصور وأسوقه لك كما هو وكما قاله (طالما نتحدث عن التشهد فى الصلاة فهو الآية الكريمة رقم 18 من سورة آل عمران:( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )للأسباب آلاتية :
1 ـ فهي الآية الوحيدة ـ وأقصر آية قرآنية ـ تكرر فيها شهادة التوحيد مرتين، وبدأت بأن الله تعالى هو الذي يشهد بزاته العلية على أنه لا اله إلا هو جل وعلا، وأنه يشهد معه الملائكة وأولو العلم . وبالتالي فإذا كنا نريد أن نكون في معية الله جل وعلا والملائكة و أهل العلم فلا بد من قول هذه الشهادة في كل وقت ـ خصوصا الصلاة التي يجب أن تتخصص في ذكر الله تعالى وحده والإشادة به وحده وتقديسه وحده وتحميده وحده وإجلاله وحده لا شريك معه.
2 ـ فالصلاة واحدة في كل الرسالات مع اختلاف اللغات ، وكلها إخلاص العبادة و العقيدة لله وحده لا شريك له ، ولذلك قال تعالى لموسى ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) ( طه 14 ) اى لا اله إلا الله جل وعلا و ان تكون الصلاة خالصة لذكره وحده دون ذكر أحد معه ، وحين بدلت قريش دين إبراهيم الحنيف وقف خاتم الأنبياء ليعلن لهم في مساجدهم الممتلئة بتقديس الأولياء و الدعاء لله وغير الله :( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) ( الجن 18 ـ )
3 ـ والعادة أن يبدأ التحريف في الدين بإدخال التقديس لغير الله جل وعلا في الصلاة و في المساجد، فعلت هذا قريش ، وفعله أهل الكتاب ، فالدين الإلهي الأصلي و الأصيل هو الإسلام ، ثم يتعرض للتزييف والتغيير بتقديس غير الله تعالى في الصلاة وغيرها، ويحدث الاختلاف بعد نزول العلم الإلهي والرسالة السماوية. ومن الإعجاز القرآني هنا أن الله تعالى أشار ضمنيا إلى حدوث ذلك للمسلمين كما حدث لأهل الكتاب ، فالآية 18 من سورة آل عمران والتي ذكرت التشهد أشار الله تعالى بعدها إلى أن الدين عند الله هو الإسلام طبقا لما جاء في آية التشهد السابقة ، ثم ذكر الله تعالى وقوع أهل الكتاب في الاختلاف والابتعاد عن الإسلام ، وهكذا فعلنا مثلهم ، واقرأ الآيات معا ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ] انتهى رأي الدكتور أحمد
أما رأي الشخصي – وأنا أخالفه الرأي – هو أن نقرأ التشهد كما يقرأها المسلمون في جميع أقطار الأرض على مر العصور ، وذلك للأسباب الآتية
1- إذا اتفقنا على أن فعل الرسول هو المنهاج فلا يتصور عقلا أو منطقا أن يكون المنهاج قد جاءنا محرفا ، لأن المنهاج هو أداء الأمر في النص القرآني فلو قلنا بأن التحريف قد طاله فإن ذلك يعني قبولنا أن يكون التحريف قد طال النص القرآني – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – ولكن الأداء وهو المنهاج قد حفظه الله تعالى كما حفظ كتابة
2- لم يصلنا أن أيا من الأولين أو الآخرين قال بما قال به الدكتور منصور ، فلا يتصور منطقا أو عقلا أن المسلمون جميعا في مشارق الأرض ومغاربها ، وعلى اتساع رقعة أرض دولة الإسلام ، مع عدم وجود وسائل الاتصال الحديثة قد اتفقوا فيما بينهم على تغير صيغة التشهد في الصلاة لتصبح التحيات التي نعرفها ، ولم يتخلف عن ذلك ولو واحد
3- ثم من قال أن التشهد بصيغته الحالية فيه دعاء أحد مع الله مخالفا النص القرآني " وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" الجن 18 ، يجب أن نفرق بين دعاء الرسول والدعاء للرسول ، لم يقل أحدا أن ذكر محمد رسول الله في التشهد دعاء الرسول ، ولكنه دعاء الله للرسول بنسبة الرسول إلي مرسله(بضم أوله وفتح ما قبل أخره) ، ثم السلام على رسول الله في التشهد يتفق والقرآن الذي جعل الجزاء من جنس العمل ، قال تعالى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" يونس 26 ، وقال تعالى" هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" الرحمن 60 ، وقد أحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن بلغ رسالة رب العالمين وهدانا إلي صراط ربنا المستقيم ، فيكون جزاءه من رب العالمين " إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)الفتح ، ويكون جزاءه من أمة الإسلام التي كان هو رسولها وهاديها إلي صراط رب العالمين "ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" الأحزاب 56 ، فلما يذكرونه بالسلام ويشهدون له بالرسالة يكونون قد حيوه بتحيته لهم وهي حمل رسالة رب العالمين ، ويقول الله سبحانه وتعالى " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ان الله كان على كل شيء حسيبا" النساء86
4- منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى البشر وأورثهم الأرض وحتى الآن نرى أن ملوك الأرض يحبون أن يحيهم الناس بل ويأمرون الناس بأن تحيهم ، فبعضهم يأمر الناس بأن تتمثل له وقوفا كنوع من التحية والتعظيم ، وبعضهم يحب أن ترفع الناس له أكفها بالتحية ، وبعضهم يطلب ممن يدخل عليه أو يخرج من عنده الانحناء له بالتحية وبعضهم يطلب منهم الركوع ، ووصل بعضهم في غيه وجبروته أن طلب من الناس أن تسجد له ، ولكن كل هذه التحيات مجتمعه لم تجتمع إلا لله وحده لا شريك له في صلاة المسلم والتي تشتمل على الوقوف ورفع الأيدي والانحناء والركوع والسجود ، ففي نهاية الصلاة عندما يقول المسلم التشهد ويقر فيها بأن التحيات لله (التحيات مجتمعه لم ولن تصرف لملك أو جبار في الأرض) ولكننا نصرفها عن حب وطاعة ورغبة لمالك الملك ذو الجلال والإكرام وهي تحيات اشتملت عليها الصلوات والطيبات كما استغرقت هي نفسها الصلوات والطيبات ، والسلام على رسول الله الذي أرشدنا بإذن الله إلي تصريف هذه العبادة لله وحده لا شريك له ، كما أننا ندعو الله أن يكون السلام لنا ولسنا في ذلك أنانيين بل لنا ولعباد الله الطيبين ، فنحن نشهد أن لا إله إلا الله ، كما نعبده على المنهاج الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادتنا أن محمد رسول الله وندعو له الله أن يمنحه وآله ما منحه إبراهيم وآله ، وإبراهيم هو أبو الأنبياء ومحمد خاتمهم عليهم جميعا السلام بما يؤكد على معنى التساوي بين الأنبياء فكل الأنبياء من آل إبراهيم ومن ذريته ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
5- كل الأديان تدعوا إلي توحيد رب العالمي وحده لا شريك له ، ولكن لكل دين من العبادات ما يتميز به عن الدين الآخر و إلا ما قال سبحانه وتعالى "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" المائدة 48 وذكره سبحانه وتعالى (لكل .... منكم) تفيد التميز ، ومهما حاول أي باحث منصف أن يثبت بأن الصلاة سلسلة لم تنقطع في كل الأديان فسيواجه بمشكلات جمة وحقائق لا يمكن إنكارها ، نعم التوحيد في الصلاة سلسلة لم تنقطع ، ولكن نوع العبادة يختلف من كتاب لكتاب ، فالصلاة بهيئتها لم تكن معروفة قبل بعثة الرسول ، ولكن الله لم يذكر تفاصيلها في القرآن تاركا هذه التفاصيل لصاحب المنهاج وهو الرسول (ص) ، والدليل على ذلك من القرآن قوله سبحانه وتعالى " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون" الأنفال 35 .
وقلت لصاحبي أرأيت يا صاحبي كيف أننا نختلف ولكنه اختلاف حميد لا يفسد للود قضية ، هذا رأي الدكتور / أحمد صبحي منصور ، وهذا رأي وكل منا يعرض فهمه لكتاب الله ولا يستأثر بالحق لنفسه ولا أحد منا حجة على كتاب الله سبحانه وتعالى ويبقى كتاب الله سبحانه وتعالى حجة على الجميع.
فقال صاحبي السلفي: لي سؤالين أولهما ألم يعلم جميع علماء المسلمين من سنة وشيعة ما تقولونه أنتم ، وهل أنتم أعلم من كل هؤلاء؟ وهم يأخذون بأحاديث الرسول (ص) ، والسؤال الثاني ، لقد غضبت مني عندما قلت أنكم كفار مع أنكم تقولون أننا أصحاب أديان أرضية ألا يعني ذلك أنكم تكفروننا أيضا؟
فقلت له: أما سؤالك الأول فسأجيبك عليه بقول الله سبحانه وتعالى " وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون" الأنعام116 وقوله سبحانه وتعالى " وما يتبع أكثرهم إلا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون" يونس 36 ، يا أخي كما قلت لك من قبل لا أحد حجة على دين الله ودين الله حجة على الجميع ، وحتى علمائك من السلف قالوا لا تعرف الحق بالرجال ولكن أعرف حق تعرف رجال ، ثم أن حالهم لا يخفى علينا فقد فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل فريق بما لديهم فرحون فهم سنة وشيعة وصوفية ومعتزله وجهمية ومعطلة ومرجئة وكرامية وخوارج وأزار قه و . و . و . ولله الأمر من قبل ومن بعد ، ثم يا أخي هناك أأمة عظام كأبي حنيفة ومحمد عبده وما بينهما كثير لم يأخذوا بالحديث ورجعوا للقرآن النبع الصافي ، ولو لم يكن ذلك كذلك ما كانت فتوى الأزهر بأن جاحد الحديث لا يكفر نظرا لأن جميع الأحاديث تقريبا ظنية لأنها أحاديث أحاد.
أما عن سؤالك الثاني ، فأقول نعم نحن نقول أصحاب الأديان الأرضية ، ولكن نحن لا نكفر أحدا لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم السرائر (البقرة 33 ، المائدة 99 ،النور 29 الطارق9) ، كما أننا سنرد إليه فينبئنا بما كنا فيه مختلفون ( آل عمران55 ، المائدة 48 ،الأنعام 164 ، النحل 92 ، الحج 69 ، الزخرف 63)
فهل بعد كل ذلك نكفر الغير معاذ لله أن نكون من الجاهلين ، نحن نعلم أننا على الحق ونحضر حجتنا للقاء رب العالمين ، ونحن نظهر فكرنا ومعتقدنا ولكننا لا نحكم على غيرنا فالحكم لله رب العالمين
فقال لي صاحبي السلفي: أنتم أيها القرآنييون تعلمون كيف تتحاورون ، أسمع يا صاحبي النقاش لم ينتهي بعد ولكن أتركني أقرأ موقعكم وحججكم ، كما أنني سوف أقرأ لمنتقديكم وحججهم ، كما أنني سأرجع لأساتذتي وشيوخي ، ثم أعود لاستكمال النقاش والمحاورة معك فإلي لقاء قريب.
فقلت له: إذا ارجع وأقرأ ثم تعالى للقاء قريب وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهديني وإياك إلي الحق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي

اجمالي القراءات 16193