الناقد الصياد والشاعرة الفريسة والتفسير الجنسى لتفوق الإبداع النسائى
* المثقفون مهتمون بتذاكر السفر وفلوس مجلات الخليج أكثر من من الإبداع.
* حكايات الحقد الدفين على الأسوانى، ومراهقات رئيس التحرير مع الأديبة الجزائرية، وحركات النصب على المستشرقات.
* مسئول عربى يتهم مثقف مصرى بالشذوذ، فيعاتبه المثقف قائلاً: مش زعلان على احتلال إسرائيل لبلدك، وزعلان على احتلال بعض سنتيمترات من مؤخرتى!!
[ المحرر الثقافى فى الصحف المصرية هو سبنسة قطار ذوى الياقات البيضاء، و آخر الواقفين فى طابور صاحبة الجلالة، وأضعف الحلقات فى سلسلة السلطة الخامسة، فهو لايتمتع بسطوة المحرر البرلماني أو واسطة ممثل الجريدة فى وزارة الداخلية، أو بريق المحرر الرياضى، أو شهرة المحرر الفنى أوحتى إستمتاعه بطعم عزومات الفنانين الخمس نجوم وفلاشات أفراحهم وحفلاتهم المخملية، لا احد يعرفه ولا يخطب وده إلا فى ميعاد معرض الكتاب السنوى حين تطلب منه دعوة للمعرض أو تصريح دخول وركن سيارة !!.
[ برغم كل هذا الإضطهاد الذى يعانيه المحرر الثقافى المصرى إلا أنه يتمتع بميزة وإنفراد "EXCLUSIVE " وهى التعرف على أعجب مجتمع، والإندماج فى أغرب وسط وهو الوسط الثقافى الملئ بالمتناقضات والإزدواجية، وقد توفر للكاتب الشاب محمد بركه أن يرى هذا المجتمع عارياً من داخل المطبخ وليس من ثقب الباب من خلال عمله كمحرر ثقافى فى مجلة " الأهرام العربى" وقبلها فى جريدة الحياه، وقد لخص بركه ملاحظاته ومشاهداته على هذا السيرك الثقافى فى كتاب " لماذا كرهت المثقفين" والذى أعتقد أنه سيثير ضجة عند صدوره فى معرض الكتاب، فهو على صغر حجمه رصد
كثيراً من مظاهر إزدواجية المثقف المصرى خاصة من يجلسون على كراسى الوظيفة أو يحتلون المنابر النقدية ويستحوذون على أسرار الكهنوت الثقافى.
[ أهم مارصده مؤلف الكتاب هو قواعد لعبة الوسط الثقافى مع البنت التى تدخل إلى فخ الجيتو الثقافى وتحاول الحصول على ختم الشرعية وتصريح التدشين كمؤلفة واعدة أو مبدعة ناشطة، يشرح محمد بركة قواعد اللعبة، تأتى البنت من الريف إلى ندوات الأتيليه والهناجر بلون الخجل، لكن ذكور المكان لايكترثون لفضاءات النص الذى تكتب بل إلى فضاءات جسدها، لايعنيهم قانون الموسيقى الداخلية بقدر مايعنيهم قانون الجاذبية الجنسية، ولاتشغلهم لحظة التنوير بل لحظة خلعها للإيشارب !!،
تدرك البنت أن هؤلاء المثقفين يحتاجون إلى تدليك ذكورتهم التى ولت، ومن الحاجه الساقعه إلى البيره، ومن الكسوف إلى النكت" الأبيحه"، ويتصارع ديوك الثقافة على الدجاجه التى أصبحت جاهزه، لكن الدجاجه بذكائها الفطرى تعرف متى تمنح ومتى تمنع ومتى تكتفى بالدلع ومتى تصل إلى نهاية العلاقة، وبالطبع شهور قليلة وتجد كتابها الأول ينشر متجاوزاً قوائم الإنتظار، وتذهب السنيوره إلى المهرجانات والمؤتمرات واللجان المتخصصة.
[ إزدواجية بعض كبار المثقفين تتجلى أقوى ماتتجلى فى علاقاتهم الجنسية مع مبدعات المستقبل ممن يضحكون عليهم، وكيف يتحدثون معهن عن كسر التابوهات، وعندما تطلب إحداهن الزواج يخلع المثقف، ويصحو الجميع على خبر صاعق وهو زواجه من فلاحة من البلد، يغلق عليها الباب، ويحولها المثقف التقدمى إلى مجرد كائن بيولوجى يمسح ويكنس ويستقبل جنسه البارد السريع المتقطع !، إنها إزدواجية المثقف الثورى الليبرالى الرجعى المملوكى، ويضرب بركه من باب النميمة الثقافية
أمثلة على هذه الإزدواجية، أهمها المثال الذى حكته أحلام مستغانمى عن أحد رؤساء التحرير الراحلين لواحدة من أهم المجلات الثقافية الذى كانت معجبة وعاشقة لكتاباته الثورية التقدمية، إلى أن إلتقته وفوجئت بتصرفاته الصبيانية المراهقة التى إختصرتها إلى مجرد أنثى.
[ حاول بركه أن يجيب على سؤال مهم فى الحياة الثقافية وهو لماذا يستيقظ الناقد فى عقل المسئول الثقافى حين يتعلق الأمر بأثرياء الخليج الذين يمارسون الكتابه أو حين تصدر أعمال كامله لأديبات عربيات؟!!، وضرب المؤلف مثالاً بإمبراطور ثقافى مصرى حكومى راحل كانت بيده مفاتيح النشر فى مصر، حين حاوره المؤلف بأسئلة شائكة إعترضت عليها موظفه عنده، فقال لموظفته سيبيه ده تبعنا !، إنها الرشوة المقنعة والتجنيد الإجبارى للمثقفين فى طابور التسول الحكومى.
[ يتهم الكاتب جيل الستينيات الروائى والشعرى بأنه لايهتم بتشجيع أو إكتشاف الجيل الجديد، إنهم من وجهة نظره لايهتمون إلا بشئ واحد فقط هو أنفسهم، يدورون فقط فى نطاق جاذبية أنانيتهم، ليس فيهم يحيى حقى أو عبد الفتاح الجمل الذى ساعدهم وإكتشفهم، لم يعد يشغل المثقفين المصريين من خلال تحليل كتاب " لماذا كرهت المثقفين؟" دورهم السياسى أو الإجتماعى، لم يعد هناك حلم بالتغيير أو بالمستقبل، مايشغلهم هو تذكرة سفر خطفها فلان من فلان، أو مشروع للترجمه أصبح
علان يمسك بتوكيله الخاص، لم يعد السؤال كما يقول محمد بركه ماهى آخر الكتب التى قرأتها؟، ولكن السؤال أصبح " مفيش سفريه ياعم الواحد زهق؟ "، " أنا شفتك على قناة كذا هم بيدفعوا كويس؟"، " صاحبك ياسيدى إحتكر مجلة كذا الخليجيه "، " حظه منشار فى الكتابه والنسوان "....إلى آخر وصلة القر الثقافى والحقد الإبداعى المزمن.
[ يطلق المؤلف نيرانه الصديقه على كافة تجمعات المثقفين قائلاً " إن الجوريون والنادى اليونانى والأتيليه والحرية وزهرة البستان لم تعد تجمعات شهيرة للمثقفين فى وسط البلد، تفرز حركة إبداعية أو مشروعاً أو تحالفاً سياسياً، بل أكبر منصة لإطلاق الشائعات وسحب النميمة الكثيفة المغلفة بالحقد والتشكيك فى أى نجاح، لقد فقد المثقف المصرى والعربى عموماً هذا السحر القديم المدهش المسمى
بالجمهور أو القراء، فقد وجود قاعدة حقيقية للتلقى ينشغل بالتواصل معها، أصبح قراء الأدب هم أنفسهم نفس الأشخاص الذين يكتبونه، ومتعاطو الفكر حلقات ضيقة من عجائز فوق الستين، وبما أن الحال هكذا فلامناص من أن يستدير الجميع إلى الداخل، ويصبح الشغل الشاغل لكل منهم، النميمة والتشكيك والتثاؤب، وكفى الله المؤمنين شر القتال أو شر الحلم –والعياذ بالله –التغيير ".
[ تعريف المثقف عند جان بول سارتر أنه شخص مهمته إزعاج السلطات، ولكنه فى مصر واحد بيحدف الناس بالطوب وبيته من زجاج !!، ويلعب لعبة نفسية عجيبة فكلما تعلق الأمر بنجاح شخص ما وبروزه على ساحة الثقافة المجدبة، لابد أن يحقد عليه ويبحث أصدقاؤه عن أسباب أخرى لنجاحه، إنه لم ينجح لأنه موهوب ولكن لأنه محظوظ، حدث هذا مع الأديبة البحرينية بروين حبيب التى أرجعوا نجاحها لأنها إعلامية، وأيضاً مع علاء الأسوانى بعد نجاحاته غير المسبوقة فى يعقوبيان وشيكاجو، فقط طالته ألسنة نيران الحقد والحسد، وقالت الشلل الثقافية إن يعقوبيان لم تنجح إلا بخلطة
الجنس والتشهير بشخصيات موجودة فى الواقع، وراهنوا على فشل شيكاجو، ونجحت الرواية فزاد الإحباط.
[الكتاب ينتمى إلى طائفة كتب النميمة الثقافية التى بدأها سليمان فياض وكررها عبد الواحد فى كتابه عن ذكرياته فى وزارة الثقافة، حكايات ونميمة كتاب محمد بركه كثيرة ومعبرة منها ماحدث بين مسئول عربى كبير أهان مثقفاً مصرياً وإتهمه بأنه شاذ جنسياً، فرد عليه المثقف بهدوء يعنى سيادتك لم يزعجك إحتلال إسرائيل لبلادكم ومايشغلك فقط هو إحتلال بضعة سنتيمترات من مؤخرتى !!، وهناك قصص عن مطاردات صيادى النقد لفرائس المبدعات، وعن قصص نصب بعضهم على المستشرقات الأوروبيات والباحثات الخليجيات، ولكن لى عتاب على الكتاب وهو أن نصفه الأول
جرئ ومعبر وقوى، أما النصف الثانى الذى يتعرض لأسماء بعينها فهو ضعيف ومسلوق نوعاً ما، وكنت أتمنى أن يظل النفس الجرئ الهادر الذى يحتل النصف الأول حتى نهاية الكتاب كدفقة واحدة حتى وإن صدر بعد عامين، وبرغم هذه الملاحظات إلا أن الكتاب صادم ونحن نحتاج هذه الصدمة، ومكتوب عن تجربة قلما تتوفر لكاتب شاب إستطاع رصد الحياة الثقافية المصرية بنصف لسان ونصف قلم، فمابالكم لو فتح خزانة ذكرياته بكل صراحة، أعتقد أن أبواب جهنم الثقافية ستفتح عليه، وسيطرد من الفردوس الثقافى إلى الأبد، تحية لشجاعة الكاتب الشاب محمد بركه، وإطراقة خجل
أمام إزدواجية مثقفين يسرون غير مايعلنون، ويظهرون غير مايبطنون.