مجلس الشورى السعودي يسقط قانونيا.. وشعبيا.. وإعلاميا | |||||
ورقة نسائية واحدة تكشف عن 'لوبي' بمجلس الشورى السعودي يعطل إجراءات قانونية وتشريعية تسمح بقيادة المرأة للسيارة. | |||||
العرب عبدالله آل هيضه [نُشر في 17/10/2013، العدد: 9351، ص(7)] | |||||
توصية قيادة المرأة للسيارة من ثلاث نساء، عكّرت أجواء إسلاميي وقبليي المجلس، مما دفعهم إلى الاستعانة بأياد من خارج المجلس مدعومة من رئيسه لوقف توصية أخذت مسارها القانوني والإجرائي في لحظة مناقشة تقرير مقدم من وزارة النقل، وهي المعنية بالأمر. قصة من قصص الفشل التشريعي القانوني، لم يعد للمجلس أية قيمة لدى السعوديين بعده، وهو الهارب ببشوت أعضائه عن قضاياهم، بل زاد عليه أن يفهم العامة قبل النخب تجاوزاته وسقطاته المتتالية وهو كتاب الفشل الواسع لمجلس لا يبهر فيه سوى مقاعد أعضائه المذهّبة. ورقة نسائية واحدة بنقاط قانونية، تكشف عن وجود «لوبي» داخل المجلس الساعي للتواجد تحت قبة المجلس في وضعية التحنيط والامتثال للقوى المحافظة خارج المجلس رغم القوة الفكرية من جيل سعودي قادم على التطوير والإصلاح. تلك التوصية التي تقدم بها أعضاء المجلس الجدد في أشهر تواجدهم التاريخية منحت مادة للكتاب السعوديين أن يفندوا ذلك السقوط من المجلس غير المرضي عنه. لطيفة الشعلان، وهيا المنيع، ومنى آل مشيط، تواجدن للتاريخ، ولم يحتمل المجلس جرأتهن حتى أظهر المجلس متحدثا إعلاميا نادر الظهور يحمل سمة الإسلاميين المحافظين، لينفي مع بدء إجازة عيد الأضحى بالسعودية موافقة المجلس على تبني توصية تدعو إلى السماح بقيادة النساء للسيارات في المملكة، وأنه «لم يقرر إحالتها إلى لجنة النقل لدراستها». مجلس برلماني سعودي، يريد أن يظل صغيرا لدى السعوديين الذين لم يعد في ترقبهم أي قرار أو توصية يصدرها المجلس الممتلئ بنخب من سعوديين من غالب المناطق، وأصبحت أسماعهم وأنظارهم تترقب القرار السياسي الحاسم المتجاوز للمجلس القابع في مراجعات ورقية والصخرة الكاسرة لكل الآمال. تذكارات عديدة تثبت أن مجلس الشورى في السعودية حمل زائد على الأنظمة والتشريع في السعودية، لعل آخرها طرحه لمسألة تغيير الإجازة الأسبوعية في السعودية إلى يومي الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة، والجدل الذي دار حولها لمدة عامين من قبل بعض أعضاء المجلس، حتى حسمها القرار السياسي بقوة النفوذ والثقة. وتعرضت النساء الثلاث، الشعلان والمنيع وآل مشيط، إلى هجمة شرسة من عدد من حركيي الصحوة الإسلامية المتكررة بإفرازاتها والمتغلغلة في عقول عدد من السعوديين بينما كان رئيس المجلس ومساندوه من الإسلاميين الراديكاليين في موقف الجماهير الآمنة. مجلس الشورى في نفيه كشف عن سقوطه للعامة، وجعل الكتاب السعوديين يسطرون أكثر من 25 مقالا ترفض التعامل الذي قام به المجلس مع التوصية التي تلوكها قاعاته في تقارير عديدة، من العام 2002 وحتى اليوم. العلمي مفندا الكاتب السعودي عبدالله العلمي فنّد في مقالته ذلك السقوط القانوني في نقاط منها، أنه في المؤتمر الصحفي لمجلس الشورى بعد الجلسة مباشرة يوم الثلاثاء الماضي لم يشر أحد إلى توصية السيدات من قريب أو بعيد، فكيف ولماذا ينشر تصريح المتحدث الرسمي بعد يومين من انعقاد الجلسة؟ مطالبا المجلس أن يكون أكثر شفافية ومصداقية مع الإعلام والمجتمع. وأضاف العلمي، وهو مؤلف كتاب «متى تقود السعودية السيارة؟» في كشف قانوني أن الأمانة العامة للمجلس استلمت توصية السيدات اللاتي تقدمن بالتوصية، ودور لجنة النقل التي تلقت التوصية نظاميا أن ترفض التوصية لعدم الاختصاص إذا رأت ذلك. وهذا الإجراء يحدث مع توصيات عديدة تحال إلى اللجان من الأمانة وترفضها لعدم الاختصاص. وفي أنظمة المجلس حال رفض اللجان بعمومها أي توصية بعد اجتماعها ودراستها، ومحالة إليها من الأمانة العامة لعدم الاختصاص، فإنها «تحاول إقناع مقدم التوصية بسحبها فإن تمسك بها يكون الفيصل تصويت المجلس بعد عرض كل من رئيس اللجنة ومقدم التوصية لمبرراتهما أمام الأعضاء». وكتب العلمي في مقالته أن إدارة المجلس تراجعت لسبب أو لآخر، ولا تريد للتوصية أن تأخذ هذا المجرى الاعتيادي؛ لأن هذا يعني أن التوصية ستصل إلى النقاش المفتوح العلني تحت القبة بين المؤيدين والمعارضين ويتبعه التصويت. وفي استقرائه لتصريح المتحدث الإعلامي يرى أن إدارة المجلس لا تريد هذه النهاية الطبيعية لتوصية السيدات التي إن أخذت طريقها المعتاد فستكون سواء كسبت الجولة أو خسرتها بالتصويت «أهم توصية نوعية في تاريخ المجلس مما سيغير نظرة المجتمع السلبية لدور المجلس الرقابي والتشريعي». ويؤكد العلمي أن إدارة المجلس قصدت بالنفي «تهدئة الفئات المعارضة» راسما للرفض الذي أبداه المجلس أنه بإمكانه خنق التوصية بأكثر من طريقة بيروقراطية، بشكل يجعلها تتوه مثل غيرها في أروقة المجلس لأشهر طويلة. الكاتبة السعودية أميمة الخميس، رأت في مقالتها بجريدة «الرياض» السعودية، بعد رفض مجلس الشورى توصية الثلاثي النسائي الشجاع، أنه تحول إلى «عبء على طموحات القيادة العليا والرامية إلى تمكين المرأة وإشراكها بصورة فعلية في برامج التنمية». وحذّر الكاتب توفيق السيف، بعد النفي من مجلس الشورى، من تراجع هيبة القانون، داعيا الحكومة إلى التعجيل بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، بشكل قانوني، كي لا يضطر الناس إلى خرق القانون. مجلس للصمت.. لا ينظر السعوديون إلى مجلس الشورى سوى على أنه باب ترفيع مادي لأعضائه، مع ندرة من الحسنات أبرزها إن لم يكن الوحيد هو سعي عضو المجلس الدكتور موافق الرويلي، إلى مكافحة الشهادات الوهمية، مستفيدا من دعم شعبي من مساحات الشبكات الاجتماعية مما جعل الدعم أكبر بموافقة مجلس الشورى على مشروع قرار توثيق ومعادلة الشهادات. الأعضاء في مجلس الشورى يمتلك غالب الصامتين فيه مقاعدهم لدورات ثلاث متتالية وهو أقصى حد للتمديد، بينما يغادره بعد دورة واحدة أو دورتين على النادر، بعض المنشغلين بهموم المواطن السعودي والوطن بعمومه وتفاصيله، مما يجعل المجلس تحت وصاية خطاب صحوي وقبلي كذلك متوائم معهم، بينما تظل راية القرار السياسي المرتجلة أحيانا هي المرفوعة دائما ولا تقبل حتى من صحويي الشورى سوى السمع والطاعة. |