العلمانيين فى مصر بين مطرقة الحكومة وسندان الإسلاميين

في الأربعاء ٣٠ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

لو تحدثنا عن العلمانية في الأجواء الفكرية التى تسود الحياة المصرية اليوم فستجد أنك في منطقة تشبه منطقة الكفرة أو الملحدين أو المهاجمين لشرع الله ، فالعلمانين في نظر المتدينيين هم ناس ذو وجهين ويفصلون بين الدين والحياة وهم معارضين للتعاليم الإسلامية والتكليف الإلهى ، ومفهوم العلمانى أيضا لدى المسيحيين مثله مثل الجرب الذي يصيب الكنيسة فالعلمانى في نظر الكنيسة كائن ناقص الأهلية تقريبا. ويتم التعامل معه بتحفز وحرص.

لذلك أي تيار حر او ديموقراطى أو فكر تحررى في مصر يوصم بأنه عداء للدين ، فالفكر العلمانى فى مصر موصوم بالكفر بالله مع أن حقيقة الفكر العلمانى هو فكر استخدام العقل والعلم في الحكم على الأمور ، والعلمانية هي التى تعترف بالتعددية والمواطنة فهى أفكار تضم تحت جناحها كل المواطنين بكل أديانهم وتوجهاتهم وفكرهم السياسى دون تمييز. فيما يشبه المدينة الفاضلة التى لاتمارس التمييز العنصرى ضد اللون أو الجنس أو الدين.

ولكن في مصر نجد أن الصراع السياسى يقع بين الحكومة التى تصارع كل أنواع الأحزاب الديموقراطية والتيارات الإسلامية التى تصارع الحكومة وكل أنواع الأحزاب الديموقراطية

وهذا ماعبرت عنه الداعية الدكتورة عبلة الكحلاوى في حوارها الذى تم الشهر الماضى مع جريدة المصرى اليوم وقالت بالنص " كثير من المصريين سعداء بوجود تيارات إسلامية معينة، وألاحظ انغماس عدد كبير من الشباب في أنواع مختلفة من هذه التيارات، لكن للأسف أنا شخصياً أري أن جميعها تيارات ظاهرها الشعارات البراقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ويتضح ذلك عند النظر بعين فاحصة وثاقبة لأي منها سوف تجد تردياً ليس له مثيل عندما تتعامل معها بعمق، فالمشكلة لدي الكثيرين هي النظر إلي هذه التيارات بسطحية دون محاولة التعمق، والتفكير بمنطق وإحكام العقل .. واستكملت كلامها قائلة : بدون ذكر أسماء، أنا أقصد كل المسميات الإسلامية الموجودة في بلادنا حالياً، تجد أنها تصيب الوطن بترد، فمثلاً الشباب الموجود حالياً والمنتمي لتيارات ذات شعارات وهمية، انظر له سوف تجده دون هدف ودون أحلام مستقبلية، مما يؤدي إلي انغماسه في مشاكل شخصية وقومية لا حصر لها، والسبب في ذلك التيار الذي ينتمي له هذا الشباب، وبكل صراحة فإنني أري هذه التيارات التي أطلقت علي نفسها أسماء إسلامية، ولا أري مرجعيات دينية منطقية تخدم الدين والوطن، وهو ما يكشف غموض هذه التيارات . " ثم تعرضت لتيار الأخوان المسلمين قائلة " فمثلاً الإخوان المسلمون يرفعون شعار «الإسلام هو الحل» دون تقديم تفسيرات منطقية لهذا الشعار، والأكثر من ذلك أنهم لم يقدموا حلولاً صحيحة لكل المشاكل الموجودة حالياً في مصر، وأنا عندي مبدأ هو (قل لي ماذا تعمل أقل لك من أنت)، ومعني ذلك أن الإخوان المسلمين وغيرهم لم يقدموا نماذج من العلماء أو المفكرين، وأي تيار يجب عليه قبل التحدث أن يقدم لنا رجالاً يرفعون اسم مصر، ولنضرب مثالاً بالعالم المصري أحمد زويل، أي من التيارات الإسلامية في مصر قدم لنا رجلاً يشبهه؟، أعتقد أنه لابد لهذه التيارات أن تخرج شباباً قادراً علي تغيير شيء إلي الأفضل، لكنهم لايهتمون بذلك، والجميع يسعي إلي السلطة فقط"

ومن المعروف لدى الجميع الآن أن آية انتخابات حرة سوف تحدث في مصر سيكون مصيرها مثل الجزائر وهي صعود الإسلاميين إلى الحكم ، والحقيقة التى نعلمها أيضا جمعيا أن العصر الذهبى للآخوان هو الآن ، رغم كل مايحدث لهم ففي الحقيقة هم سيطروا على مؤسسات المجتمع المدنى وعلى النقابات وحصلوا على 88 مقعد في مجلس الشعب ، وهذا يعنى أن كل التيارات والأحزاب الآخرى لابد أن تكون مثل التلميذ المطيع إما ان تطيع الحكومة أو ان تطيع الآخوان ، وهو وضع يبين مدى تردى مستوى ثقافة المواطن المصرى الذى لن ينال حياة كريمه مثله مثل حياة الشعوب المتقدمة إلا إذا كان مؤمنا بأنه انسان حر لا يوجد وصى على وليس مجرد آلة يحركها هذا التيار أو ذاك ، ان الوسيلة الوحيدة لكي يتقدم الشعب المصرى ان يفهم المعنى الصحيح للتعددية والحرية.

اجمالي القراءات 1910