باريس- ياسمين صلاح الدين ـ آفاق ـ خاص
1
قالت رئيسة جمعية لا عاهرات ولا خاضعات الفرنسية سهام حبشي في حوار مع آفاق أن قيمة المرأة ليست بين فخذيها بل في كيانها وشخصيتها واتعجب لشخص ولد ودرس وتربى في فرنسا أن يعيش بعقلية العصور الحجرية وينظر إليها من باب عذريتها وتصل إلى قضية في المحاكم وهنا يكمن الخطر. مضيفة أنه من المخجل فعلا الحديث عن طلاق بسبب العذرية في فرنسا بالذات!
وأضافت حبشي أن المشكلة تكمن في الموروث الثقافي والتقليدي لغير الفرنسيين أو الذين هم من أصول غير فرنسية، فمنهم من استطاع التغلب على هذه الأفكار الرجعية واندمج في المجتمع، أما البعض فلم يستطيعوا أن يغيروا من أفكارهم البالية وهم الذين يحاولون خلق جو من الرجعية إزاء المرأة عبر تقييمها انطلاقا من العذرية ولا شيء آخر.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته سهام حبشي مع آفاق:
• آفاق: طرحت في فرنسا مؤخرا ما سمي بقضية " العذرية" ما هي أبعادها في نظرك؟
• سهام حبشي: نعم. المسألة في نظرنا لم تكن مجرد قضية بسبب عذرية بقدر ما كانت إشكالية خطيرة تطرح داخل المجتمع الفرنسي العلماني، أي محاولة جر المجتمع إلى خلفيات ذات بعد اجتماعي تقليدي هي في النهاية غير مرتبطة بالفرنسيين، لأن المجتمع الفرنسي لا ينظر إلى المرأة من باب عذريتها بل من باب كيانها كإنسانة و ما يمكن أن تقدمه، كن الفكر التقليدي الرجعي هو الذي أراد أن يفتح بابا خطيرا لهذا النوع من المشاكل الشخصية التي تحولت إلى قضايا في المحاكم الفرنسية وهنا يمكن الخطر في نظرنا.
• آفاق: هل من المنطقي في نظركم طرح قضية العذرية في دولة لائكية مثل فرنسا 2008؟
• سهام حبشي: طبعا من غير المنطقي الحديث عن العذرية في فرنسا بالذات التي كانت من الدول الغربية الأولى إلى الانفتاح وإلى الحريات الشخصية والديمقراطية. من المخجل فعلا الحديث عن طلاق بسبب العذرية في فرنسا بالذات!
• آفاق: إذًا.. المشكلة ليست فرنسية بقدر ما هي مرتبطة بالتقاليد الإسلامية؟
• سهام حبشي: بالطبع ليست مشكلة فرنسية وليس إشكالا فرنسا، ولكنه إشكال مرتبط بموروث ثقافي وتقليدي لغير الفرنسيين، أو للفرنسيين الذين هم من أصول غير فرنسية وهذا جانب مؤسف من القضية وهو محاول اعتبار الأجانب منبعا للتخلف بينما عن تجربة فهنالك الكثير من الفرنسيين ذوي الأصول الأجنبية يعيشون حياة متناسقة مع المجتمع الفرنسي، بينما هنالك الذين لم يستطيعوا أن يغيروا في أفكارهم البالية وهم الذين يحاولون خلق جو من الرجعية إزاء المرأة عبر تقييمها انطلاقا من العذرية ولا شيء آخر.
• آفاق: ما يبدو مثيرا للدهشة هو أن محكمة فرنسية اعتبرت العذرية " قيمة أساسية بالنسبة للمرأة"؟
• سهام حبشي: في الواقع ما صدر عن المحكمة الفرنسية لم فاجأ أيضا الفرنسيين أنفسهم لأن القاضي اعتبر أن العذرية قيمة أساسية بالنسبة للمرأة. لعلكم تابعتم الحملة التي قادتها جمعيات نسائية فرنسية ضد هذا الحكم لأنه يمس الفرنسيات أيضا باعتبار أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي محكمة فرنسية وأن المرأة التي رفع زوجها قضية طلاق ضدها فرنسية الجنسية أيضا ومن أصل عربي، لكن المهم أنها فرنسية وبالتالي خضعت للقانون الفرنسي الذي فتح هذه المفاجأة للجميع واليوم صار الأمر غير مرتبط بقضية عذرية بل بقانون فرنسي يعتقد الجميع أنه لا يخدم الجمهورية العلمانية بل يؤسس للعديد من الثقوب فيها.
• آفاق: هنالك من يقول أن إشكالية العذرية لم تطرح في دولة مثل الجزائر أو السعودية بل في فرنسا. أليس هذا خطيرا؟
• سهام حبشي: بالضبط، هذا جعل العديد من الفرنسيين يشعرون بالصدمة لأن ما جرى لم يكن في دولة شمولية بل في فرنسا الحريات الشخصية. بالفعل كما قلت أنت: هذه كارثة!
• آفاق: كيف تقرئين صمت بعض الجهات الرسمية إزاء هذه القضية التي تمس النساء عموما؟
• سهام حبشي: لا أعتقد أن قضية بهذا الحجم ووجهت بالصمت كوني على ثقة أنها صدمت الفرنسيات جميعا، وبحكم عملنا كجمعية فرنسية كانت لنا اتصالات مع جمعيات نسائية كثيرة وبالتالي أؤكد أن القضية لم تكن مسكوت عنها على العكس، فقط شغلت الإعلام لفترة طويلة وبالتالي ليس هينة ولا بسيطة ليتم السكوت عنها.
• آفاق: العديد من النساء اللواتي اتهمن من قبل أزواجهن باللاعذرية كن من أصول عربية إسلامية، أليس كذلك؟
• سهام حبشي: نعم بالفعل، العديد من النساء اللواتي ذهبن ضحية أزواجهن في المحاكم من أصول عربية.
• آفاق: كيف تفسرين أن رجال عرب ولدوا ودرسوا وعاشوا في فرنسا ينظرون إلى شرف المرأة فقط بين فخذيها؟
• سهام حبشي: هذا هو السؤال الذي أحببته منك. كيف لشخص ولد ودرس وتربى في فرنسا أن يعيش بعقلية العصور الحجرية ويعتبر قيمة المرأة موجود فقط بين فخذيها وليس في كيانها وفي شخصها؟ حتى الزوجات العذراوات لم يسلمن من تلك العقلية الرجعية، والزوج الذي يدخل بزوجة عذراء لم تمنعه عذريتها من أن يتزوج عنها أو من خيانتها، و لم تمنعه عذريتها من إذلالها بمناسبة وبغير مناسبة. القضية المطروحة إذًا تتعدى مسألة العذرية كما قلت إلى مسألة السلوك والفكر بشكل خاص، ولهذا من المؤسف أن يكون ثمة من يفكر تفكيرا رجعيا بهذا الشكل وهو الذي عاش وترعرع وولد في فرنسا.