الدرس الثانى
سلسلة دراسات قرءآنية

محمد صادق في الإثنين ٢١ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 سلســلة دراســات قرءآنية

هذا هو الدرس الثانى من سلسلة دراسات قرءآنية وكان الدرس الأول فى المقالة السابقة
" ألا له الخلق والأمر " و بنوع الخطأ - لم أذكر العنوان الرئيسى " سلسلة دراسات قرءآنية " فارجوا المعذرة لهذا السهو الغير متعمد.

الدرس الثانى 
                                                قواعد وممبادئ

السلام عليكم ورحمة اللــه وبركاته
واستمرارا للرحمة التى كتبها اللــه على نفسه، كان وصف القرءآن فى القرءآن نفسه أساسا للمنهج الذى أمرنا بتدبره.... فكان:
- به آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات، - لا ريب فيه،
- كتاب أحكت ءآياته، - هدى ونور،
- أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى، - رحمة وبشرى،
- فصلت ءآياته تفصيلا، - حمكا عربيا،
- تبيانا لكل شيئ، - يشمل على أحسن القصص،
- صرف فيه من كل مثل، - ما فرط الكتاب من شيئ،
- اتصف بأنه فرقان، - اليسر ولا العسر.
إن وصف القرءآن الكريم بهذا التفصيل لم يكن جزافا، بل لحكمة بالغة لابد للنظر اليها بعين الاعتبار ويجب التأكد من أن هذا التفصيل الذى تكرر عديدا فى أشكال مختلفة، نجد أنه يكمل بعضه البعض حتى يتم تقرير ميادئ دراسة ةتدبر هذا الكتاب ولذلك لفت اللــه نظرنا الى ان هذا الكتاب انزل وفصل من لدن حكيم خبير.
هنا تتجلى الحكمة والخبرة فى وصف هذا الكتاب على هذا النحو، حتى نتخذ وصف اللــه لكتابه قواعد للدراسة والقراءة والتدبر، فكان ملخص هذه القواعد كالأتى:
1- لا ريب فيه ورحمة،
2- فرقانا، حكما عربيا، مهيمنا على ما قبله،
3- ما فرطنا فى الكتاب من شيئ وهوتبيانا لكل شيئ،
4- فيه أحسن القصص ويشمل من كل مثل،
5- فصل تفصيلا وفيه أحسن تفسير،
6- به المحكم والمتشابه وهومتشابه مثانى،
7- اليسر وليس العسر، ولقد يسرنا القرءآن للذكر.

الواجب توفره لدى القارئ الذى يريد أن يتدبر القرءآن...
1- الايمان الخالص ب " لا إله إلا اللــه " قولا وعملا
2- الايمان الخالص ب " ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءآمن باللــه وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير".
3- النية الخالصة فى طلب الهداية والتوكل والانابة الى اللـه " يهدى من أناب"
4- عدم الشك والتذبذب بين هؤلاء وهؤلاء، والايمان الصادق بأن الكتاب ليس هو الطريق الى الهدى فقط، بل هو الهدى نفسه.
5- ان يكون ملما بقواعد القراءة والنطق السليم.
6- ان يكون على بينة بصورة مرضية من قواعد اللغة العربية.
7- خلو الذهن من أى تفسيرات أو عادات أو أحكام مسبقة لعدم التأثر باراء من خارج النص القرءآنى.
القراءة بغرض التدبر...
أثناء القراءة بغرض التدبر يعترى القارئ إحدى الحالتين:
* أولا.. ما يسمى بالمألوف والعادة، فغالبا أثناء القراءة نجد كلمة أو كلمات تعودنا على سماعها أو استخدمت فى حياتنا اليومية، وعلى ذلك فانه من اليسير علينا أن نفهمها بمجرد قراءتها ونقرر فورا ان هذا هو المعنى، ولا داعى للدراسة والتحرى لأنها قريبة إلى الأذهان ولأنها مستخدمة فى حياتنا اليومية فقد تعودنا على أن يكون معناها هكذا..الخ،
وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثير منا عند القراءة بغرض التدبر والدراسة.
وأن المألوف والعادة، يوجبان لنا أن يسبق الى أذهاننا عند استماع الألفاظ، معانيها المادية أو ما يتعلق بالمادة، فان المادة هى التى يتقلب فيها أبداننا وقوانا المتعلقة بها ما دمنا فى الحياة الدنيا. فإذا سمعنا الفاظ الحياة والعلم والقدرة والسمع والكلام والرضا أو الغضب، كان السابق إلى اذهاننا فيها الوجودات المادية لمفاهيمها.
وكذا إذا سمعنا الفاظ السماء والأرض والقلم والشيطان..إلى غير ذلك، كان المتبادر الى أفهامنا مصاديقها الطبيعية. وإذا سمعنا ان اللــه خلق العلم وفعل كذا وكذا وعلم كذا وأراد كذا أو يريد كذا أو شاء، قيدنا الفعل بالزمان حملا على المعهود عندنا من المألوف والعادة.
وإذا سمعنا قوله "اذا اردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها.. " أو " نريد أن نمن..." أو يريد اللــه بكم اليسر .." فهمنا أن الجميع على نمط واحد من الارادة وعلى هذا يكون القياس.
فهذا شأننا فى جميع الألفاظ المستخدمة، حيث وضعت الألفاظ علائم لمسمياتها ولكن يجب أن نتنبه الى أن المسميات المادية محكومة بالتغيير والتبديل حسب الحاجة والتطور التى يحدث عليها. فان المراد فى التسمية من الشيئ هو غايته لا شكله وصورته. وعلى ذلك ينبغى أن نتنبه الى أن صدق الآسم هو المصداق على الغاية والغرض، لا جمود اللفظ على صورة واحدة ولكن العادة منعتنا من ذلك وهذا ما جعلنا نجد الجمود فى التفسير على ظاهر الآيات.

وعلى هذا الصدد يتبين لنا ان الاعتماد على العادة وما جرت عليه الألسن فى استخدام الألفاظ فى فهم معانى الآيات يشوش المقصد منها ويختل أمر الفهم والتدبر وهذا هو الذى دعا الناس ان لا يقتصروا على الفهم العادى والمألوف فى الأذهان فى فهم الأيات كما كان غرض الاجتناب عن الخطأ والحصول على نتائج مجهولة هو الذى دعا الانسان الى أن يتمسك بذيل البحث العلمى وأجاز ذلك للبحث ان يداخل فى فهم حقائق القرءآن وتشخيص مقاصده وذلك على أحد وجهين:
1- ان نبحث علميا أو فلسفيا ثم نأتى بالآية ونحملها عليه وهذه طريقة يرتضيها البحث النظرى غير أن القرءآن لا يرتضيها.
2- ان نفسر القرءآن بالقرءآن ونستوضح معنى الآية أو المقطع من نظيرتها بالتدبر المشار إليه فى نفس القرءآن، ونشخص المعانى ونتعرفها بالخواص التى نعطيها الآيات كما قال تعالى: " انا أنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيئ..." فكيف يكون القرءآن تبيانا لكل شيئ ولا يكون تبيانا لنفسه. وقال سبحانه " ألم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم... " فكيف يكون القرءآن هدى ورحمة وفرقانا ونورا مبينا للناس فى جميع ما يحتاجون ولا يكفيهم فى احتياجهم اليه... " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ..." وأى جهاد اعظم من بذل الجهد فى كتابه الكريم واى سبيل اهدى اليه من القرءآن.

* ثانيا ..ان القارئ سيتوقف عند كلمة أو مقطع يصعب عليه أن يفهم المعنىالمقصود
وملخص ما سبق، أنهاإما كلمة تعودنا عليها سماعا وقولا فلا داعى للبحث وأنها واضحة المعنى قياسا على كلمة متداولة خارج نطاق القرءآن، وإما كلمات يصعب على القارئ ان يجد المعنى المطلوب لتوضيح ما تعنيه الآية أو الفقرة. لذلك يجب التذكر والرجوع الى أوصاف وأساسيات القرءآن التى ذكرها اللــه لنا فى القرءآن نفسه كى نستخدمها كأداة لحل هذه المشكلة.
والآن بما ان اللــه سبحانه، وصف الأسس والقواعد لتدبر ودراسة كتابه الكريم، وفى هذا الصدد سنحاول – إن شاء اللــه – ان نلقى بعض الضوء على هذه القواعد السبعة التى ذكرناها مسبقا كأساس وقواعد بنى عليها القرءآن وذلك بإعطاء الأمثلة فى كيفية استخدام هذه القواعد.

اجمالي القراءات 15081