سعد الدين إبراهيم لـ«الوطن»: أمريكا لن تستطيع إلغاء المساعدات العسكرية لمصر.. ومناورات «النجم الساطع» توقفت منذ 2009
اجتماع مجلس الأمن إجراء إدارى.. ولن يتم اتخاذ قرارات بشأن مصر.. وتركيا تنظر لـ«الإخوان» كحليف استراتيجى
قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن الوضع الحالى مأساوى بكل المقاييس، بعد أن أصاب الجنون تنظيم الإخوان وأصبحوا يتصرفون بشكل عشوائى، لأنهم يصرون على مطالب غير قابلة للتحقيق فى الوقت الحاضر، وهى عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، إذ إنهم بذلك يضعون العربة أمام الحصان ويختلقون كل الظروف الذى تفرض على الدولة أن تفض الاعتصام بالقوة.
وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسعى لاستغلال ما حدث ضد الدولة، موضحاً أن الاستقرار فى مصر هو كل ما يهمها، حتى تتمكن من تنفيذ المعاهدات الخاصة بإسرائيل، والتى حافظ عليها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وخلفه مرسى وأى نظام قادم سيكون كل ما يهم أمريكا منه نفس الشىء.
■ كيف ترى المشهد السياسى الحالى فى مصر؟
- فى الحقيقة المشهد الآن مأساوى بمعنى الكلمة، فلدينا دولة تريد أن تحافظ على وتحمى مؤسساتها وهذا حقها ولدينا جماعة إرهابية، وهى تنظيم الإخوان يريدون استرداد موقع قدم واحدة، بعد أن خسروا كل شىء فى وطن يلفظهم ويريد أن يغسل أمعاءه منهم وممن ولاهم، وهو ما أصابهم بالجنون بعد أن امتلكوا كل شىء، وبعد عام فقدوا كل شىء وجعلهم يضربون يمينا وشمالا ويتحركون بشكل عشوائى، وهو ما سيزيدهم عزلة وازدراء وكراهية الشعب لهم.
■ ما تعليقك على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة؟
- الدولة مارست كل ما يمكنها من ضبط النفس تجاه اعتصامات ومظاهرات الإخوان التى أرادوا بها إرهاب المجتمع، وإشاعة الفوضى وإحراق مصر، وإصرارهم على استخدام العنف ضد قوات الشرطة وأسر عدد من قاطنى رابعة العدوية، لأنهم يصرون على مطالب غير قابلة للتحقيق فى الوقت الحاضر وهى عودة الرئيس المعزول، إذ إنهم بذلك يضعون العربة أمام الحصان ويختلقون كل الظروف التى تفرض على الدولة أن تفض الاعتصام بالقوة.
الجماعة تلعب دور الضحية وستستغيث بكل القوى فى الداخل والخارج ولن يجدى ذلك شيئاً
■ لكن هل تجدى محاولات الإخوان والتى تظهر نفسها بأنها الضحية فى تلك الأحداث؟
- الجماعة لجأت فى الماضى للعب دور الضحية، ومن ثم ستنفى أن اعتصامها كان مسلحا، وستأتى كل رواياتها بأنها تعرضت لهجوم كاسح من قبِل قوات الأمن دون تحذيرات مسبقة، وأن ضحاياها كانوا بالمئات، وستستغيث بكل القوى سواء فى الداخل والخارج، ولكن لن يجدى ذلك شيئا، ولكنى أرى أن الدولة المصرية فى مواجهاتها لهذه الجماعات هى من ينتصر فى النهاية، لكن بعد دفع الثمن من دماء المصريين سواء من الإخوان أو قوات الأمن، فالمواجهات السابقة بين الدولة والإخوان كان الإخوان هم الخاسرين فى النهاية، والخسارة هذه المرة ستكون فادحة ولن تقوم لهم قائمة قبل 30 عاما على الأقل.
■ ما تعليقك على خطاب الرئيس الأمريكى أوباما بشأن الأوضاع فى مصر؟
- «أوباما» هو الآخر يريد أن يبرئ نفسه من تهمة مساعدة الجماعات الإرهابية فى الشرق الأوسط، فسارع بإصدار خطاب يبرئ فيه ذمته من تهم مساعدة أمريكا للإخوان فى مصر، ويبحث فيه تضاريس الموقف فى مصر، من خلال بيان غير ملزم يعبر فيه عن قلقه مما يحدث، ويدعو كل الفرقاء إلى الجلوس والتفاوض، ثم يرجع ويؤكد أن حل المشكلة فى مصر بأيدى الشعب المصرى.
■ ماذا عن تعليق المناورات المصرية - الأمريكية المعروفة بـ«النجم الساطع»؟
- القرار تحصيل حاصل، فالمناورات المصرية - الأمريكية المعروفة بالنجم الساطع متوقفة منذ عام 2009، وهو يقصد بهذا القرار ترضية الرأى العام الأمريكى الداخلى، وإلغاؤها لا يشكل إزعاجا بالنسبة لنا، وأمريكا تستفيد من هذه المناورة أكثر من مصر، لأنها محاولة لتسليط الضوء والرأى العام هناك على ما يحدث فى مصر، فمن المستحيل أن تقرر الولايات المتحدة قطع المساعدة العسكرية عن مصر.
■ ماذا عن وقف المساعدات الأمريكية لمصر؟
- لا أعتقد أن توقف الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لمصر، وأقصى ما يستطيع أن يفعله أوباما خلال الفترة الحالية هو وقف المساعدات المالية، ورغم قلة قيمة هذه المساعدات العينية، فإن الأمر يتعلق بقيمتها المعنوية والتى تمثل الدعم وشهادة الجودة التى تمنحها أمريكا لمصر على الرغم من أنها أقل بكثير من قيمة الناتج القومى المحلى بالإضافة إلى دعم الدول العربية لمصر بأكثر من 12 مليار دولار عقب ثورة 30 يونيو والتى تضاهى المعونة الأمريكية بعشرات الأضعاف.
■ ما تعليقك على دعوة بريطانيا وفرنسا وأستراليا مجلس الأمن لعقد جلسة مغلقة لمناقشة الأحداث فى مصر؟
- أعتقد أنه إجراء إدارى لدراسة الأوضاع فى مصر، وقرار غير ملزم، وأقصى ما يمكن قوله إنهم سيطالبون السلطة فى مصر بالإسراع فى تنفيذ خارطة الطريق واقتراح عدد من التوصيات لمعالجة الموقف الراهن، لكن لن يتم اتخاذ قرار لأن وجود روسيا والصين سيبطله.
■ ما رأيك فى اعتقاد الإخوان أنهم سيعودون للحكم بالضغوط الدولية؟
- من العبث أن يعتقد تنظيم الإخوان قدرة الغرب وأمريكا على إعادتهم للحكم مرة أخرى فهذا لن يحدث بعد خروج الملايين للمطالبة بإسقاطهم.
■ ما تعليقك على الموقف التركى تجاه مصر؟
- لا يخفى على أحد أن الحكومة التركية ذات طابع إسلامى، وكانت تنظر إلى الإخوان فى مصر على أنهم حليف استراتيجى لها، وهو بخلاف الرأى العام التركى، فمنذ شهر استضافت تركيا مؤتمرا لكل قوى الإسلام السياسى فى المنطقة لتدارك الموقف ولكن المؤتمر لم يخل من توجيه اللوم والنقد للإخوان فى مصر، الذين ارتكبوا أخطاء تضر بمسيرة الحركة الإسلامية فى المنطقة، وطالبوهم بضرورة التصرف كمصريين، وإظهار ذلك للرأى العام الداخلى، وهو ما نتج عنه اختفاء الأعلام السوداء والخضراء من ميدان رابعة العدوية، ورفع علم مصر فى أعقاب الاجتماع، فبسقوط الإخوان زُلزل العرش تحت أقدام الحكومات الإسلامية فى جميع دول المنطقة.
استقالة «البرادعى» سقطة لن يغفرها له المسرح السياسى.. وحزين لتخليه عن الدولة فى وقت حرج
■ ماذا عن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح؟
- أبوالفتوح خرج من الإخوان، لكن الإخوان لم تخرج منه بعد، فهو يتصرف وكأنه عضو فى التنظيم، وبعد أن شارك فى ثورة 30 يونيو رأيناه يتراجع بشكل مفاجئ، رغم أنه كان من مؤيدى إسقاط حكم الإخوان ولكن بمجرد عدم حصوله على أى مكاسب سياسية بدأت صورته الحقيقية تظهر والوجه الإخوانى له يسيطر عليه.
■ هل يستطيع حزب النور أداء دور الإخوان فى مصر؟
- لا أعتقد ذلك لأن حزب النور فقد كثيرا من مصداقيته عقب مواقفه المتخاذلة السابقة، رغم أنه مرشح لأن يرث الجزء الأكبر من جماهير الإخوان، لكن موقفه فى السياسة المصرية المستقبلية ضبابى، يقدم رجِلا فى تأييد الإخوان ويؤخر أخرى فى إدانتهم، وهو ما عمل على تذبذب موقفه خلال الفترة الأخيرة.
■ كيف ترى مستقبل تنظيم الإخوان وقوى الإسلام السياسى فى المشهد المصرى؟
- أعتقد أن انتهاء الإخوان قراءة غير دقيقة لتاريخ الجماعة، فلم تكن لطمة 30 يونيو هى الوحيدة التى تلقوها على مدار تاريخهم، ولكن توجد محن كثيرة مروا بها، وكانوا قادرين على امتصاصها وإعادة خطابهم، لكن لا شك أنهم لن يفيقوا من هذه اللطمة إلا بعد 10 سنوات، لكن لا أستطيع أن أقول إنهم انتهوا.
■ ماذا عن مسلسل الكر والفر بين هذه الجماعات والجيش؟
- سيستمر لفترة ليست بالقليلة، حيث ستظل هذه الجماعات التكفيرية، التى أحب أن أطلق عليها المرتزقة، لن تمكث رغم ما تستخدمه من (قذائف هاون وآر بى جى) أمام الجيش والقوات المسلحة المصرية، فكفة الميزان ليست فى صالحهم وما زالت أمامهم الفرصة للتوقف عن هذه الأعمال الإرهابية وتسليم أنفسهم للجيش وإلا فمصيرهم سيكون عبرة لمن يعتبر، لأن الجيش لن يسكت على قتل جنوده كل يوم.
■ ماذا تقول للإخوان والقوى السياسية؟
- أنصحهم بأن يعودوا كمصريين أولا ويقدموا اعتذارا للشعب المصرى عما اقترفوه، ويجب على القوى الوطنية أن تفتح ذراعيها لشباب الإخوان وإعادة تأهيلهم للعمل والذوبان فى المجرى الرئيسى للحياة الوطنية.