كبح جماعة الإرهاب والعنف في البلاد، ترتفع الأصوات المطالبة بترشح السيسي لرئاسة الجمهورية، فهل يتحقق ذلك أم يبقى مجرد أمنيات للبعض؟
القاهرة: أصبح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري في نظر غالبية المصريين، بطلاً قومياً، وينظر إليه البعض بإعتباره خليفة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأظهر خروج الملايين للميادين والشوارع، يوم 26 يوليو/ تموز الجاري، حاملين صوراً له، أن السيسي صار يمتلك تأثيراً كبيراً على المصريين، لاسيما أن قطاعاً عريضاً كفر بالرئيس المدني، وبات يؤمن بأن مصر في حاجة إلى رئيس عسكري.
حملات لترشيح السيسي للرئاسة
وإنطلاقاً من تلك الشعبية التي حظي بها السيسي، والرغبة في تولي مقاليد الأمور رئيساً عسكرياً، دشنت في مصر حملة تدعو إلى ترشيح وزير الدفاع رئيساً للجمهورية. غير أن مصادر عسكرية، والعديد من المحللين العسكريين يرون أن هذا الأمر صعب، وقد يلقى رفضاً من جانب بعض القوى السياسية.
صحافيون وقضاة
وأطلق صحافيون وقضاة حملة لدعم ترشيح عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، رئيساً للجمهورية، في الانتخابات الرئاسية المبكرة، التي لم يتم تحديد موعدها ضمن خارطة المستقبل، التي أعلنها الرئيس "الموقت"، عدلي منصور.
وأعلن القاضي بمحافظة الإسماعيلية المستشار محمد صقر، تدشين حملة أطلق عليها اسم "مؤيد لتعيين الفريق السيسي رئيسًا للجمهورية"، وقال إن الحملة تهدف إلى جمع توقيعات المصريين على إستمارة يطلبون فيها من السيسي الترشح في الإنتخابات الرئاسية المبكرة، مشيراً إلى أنه تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعى فايسبوك لجمع التوقيعات الإلكترونية، ولفت إلى أن الحملة ستكون على مستوى الجمهورية، وليس محافظة الإسماعيلية فقط.
شعار الحملة
وفي القاهرة، أطلق صحافيون حملة مماثلة، ومنهم محمد رجب، وبرعاية حزب الإستقامة، وقال ممدوح شفيق النحاس أمين عام حزب الاستقامة، في بيان له، تلقت "إيلاف" نسخة منه، أن الحزب اختار جملة "مصر كل الدنيا" لتكون شعار حملة ترشيح السيسي رئيساً، مضيفاً أن الجملة مأخوذة من الخطاب الأخير للفريق أول السيسي أثناء كلمته الأخيرة بالكلية الحربية عندما قال نصاً: "إن مصر ليست فقط أم الدنيا وإن شاء الله ستكون مصر كل الدنيا". ودعا النحاس جميع الأحزاب والقوى السياسية والحركات الثورية للالتفاف حول حملة "مصر كل الدنيا" لترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية.
قيادة الجيش أفضل من الرئاسة
ثارت شائعات الأسبوع الماضي تتحدث عن نية السيسي في الترشح للرئاسة إلا أن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة نفاها جملة وتفصيلاً، إلا أن مصدر عسكري قال لـ"إيلاف"، أن السيسي يرى أن وضعه كقائد للجيش المصري يجعله أكثر أهمية مما لو كان رئيساً للجمهورية، مشيراً إلى أن السيسي يفضل أن يكون قائداً للجيش في المرحلة الإنتقالية، لضمان عبور مصر تلك المرحلة بأمان، وعدم الوقوع في الفوضى التي تخطط لها التيارات الإسلامية، إضافة إلى ضمان وضع مميز للقوات المسلحة في الدستور المزمع تعديله، وعدم المساس بمكتسباتها.
وأضاف المصدر أن السيسي أكد للمقربين منه أنه ليست لديه الرغبة في التقدم للاستحقاق الرئاسي، وقال لهم إنه لن يقبل أي ضغوط من أي جهة أو مجموعات شعبية في هذا الشأن، لإحساسه بأن دوره يبدأ وينتهي عند حماية الأمن القومي المصري، على قول المصدر.
تأكيد لنظرية الإنقلاب
ووفقاً للواء طلعت مسلم الخبير العسكري، وزير الدفاع المصري، لن يتقدم للإنتخابات الرئاسية المبكرة، وقال إن قادة الجيش لا يطمعون في السلطة، وقال لـ"إيلاف"، أن ترشح السيسي للإنتخابات قد يبعث برسائل للعالم الخارجي تفيد بأنه قام بإنقلاب عسكري ضد مرسي، بهدف الإنقضاض على السلطة.
وأوضح أن الجيش المصري يمارس دوراً بالغ الأهمية في المرحلة الحالية، ويهدف إلى تحقيق المصلحة العليا للبلاد، وحماية الأمن القومي، والقضاء على الإرهاب في سيناء، إضافة إلى العبور بها إلى مرحلة الديمقراطية السليمة.
ولفت إلى أن السيسي يعلم قطاعاً عريضاً من المصريين يريدونه أن يكون رئيسًا لمصر، ويعلم أيضاً أن هناك قوى سياسية وشعبية ترفضه، مما يضعه في موقف صعب، كما أن الإسلاميين سوف يثيرون القلاقل في البلاد، ويروجون أن ما حصل إنقلاب عسكري، مما يؤثر على مستقبل مصر.
حماية الأمن القومي أهم
وحسب حديث اللواء نبيل سعيد، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" فإن السيسي لم يفكر نهائياً في الترشح لرئاسة مصر، ويعبر عن إمتنانه للذين يسعون لترشح للرئاسة، مشيراً إلى أن القوات المسلحة لديها حالياً مهمة مقدسة، وهي حماية البلاد، مشيراً إلى أن كثيراً من الجماعات المعارضة للجيش ولمصلحة مصر، يحاولون نشر الشائعات والأكاذيب للنيل من الجيش المصري العظيم الحامي الأول لمصر. بهدف التشكيك في نوايا قادته وغرس بذور الإنشقاق بين قيادات وجنود الجيش.
ونبه إلى أن القوات المسلحة إنحازت إلى جانب الشعب المصري في 30 يونيو، الذي خرج يطالب برحيل نظام الإخوان، مشيراً إلى أن مهمة السيسي الأولى التي يركز عليها حالياً هي استعادة الأمن من جديد، وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور يليق بمصر، والتصدي لكل من يحاولون تخريب الدولة أو يؤثرون على امنها.
رزق والسيسي
الكاتب الصحافي ياسر رزق، رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، القاهرية، واحد من المقربين من السيسي، إلتقى به قبل خطابه الذي دعا فيه المصريين للتظاهر، دعماً للجيش في "مواجهة الإرهاب المحتمل"، ونقل عنه عدم رغبته في الترشح للرئاسة، وكتب رزق مقالاً حمل عنوان "السيسي الذي أعرفه"، نشر بتاريخ 26 يوليو/ تموز الجاري، وقال فيه: "قبل أن يلقي السيسي خطابه في الإسكندرية ويوجه دعوته للشعب بالنزول، التقيته منذ بضعة أيام في مكتبه بمقر الأمانة العامة للقوات المسلحة، ودام اللقاء ساعتين".
وأضاف رزق: "كان كما عهدته، هادئاً، واثقاً، صافي الذهن، يتحدث عن مستقبل مصر، وهو يرنو أمامه وكأنه يراه ماثلاً مشرقاً، كان السيسي مفعماً بمشاعر وطنية جياشة، إلى حد أن عينيه امتلأتا بالدموع عندما سمع عبارة «شعب مصر الحر العظيم».
السيسي: لا للرئاسة ولا للإرهاب
وكشف رزق أن السيسي لا ينوي الترشح للرئاسة، وقال: "بدا السيسي صلباً، وهو يتمسك بكل عزم وإصرار بأمرين أولهما ألا يترك المواطنين نهباً لترويع، ولا البلاد مسرحاً لإرهاب، والثاني ألا يخوض انتخابات رئاسة الجمهورية بأي حال، مكتفياً بشرف أنه يتولى منصب القائد العام لجيش مصر العظيم، الذي يعتبره منتهى طموحه، وهو سعيد بأنه من خلال موقعه يخدم هذا الشعب العظيم بكل إخلاص، ومتمنياً أن يقابل الله حاملاً كتابه بيمينه".
وأضاف: "وتركت السيسي وهو يقول لي: «إن شاء الله مصر أم الدنيا.. حتبقى قد الدنيا».. وقلت له: «بإذن الله مادام في هذا البلد رجال مخلصون».
واختتم رزق مقاله بعبارة: "غادرت المكان.. وهو يفوح بعطر كرامة يذكرني بالزعيم الاستثنائي جمال عبدالناصر".
هل ينزل السيسي؟
ورغم نفي السيسي نيته الترشح للإنتخابات الرئاسية، إلا أنه من السابق لأوانه حسم هذه الأمور، لاسيما أن التاريخ يشهد بأن هناك قادة عسكريين أفذاذاً، غرتهم هتافات الجماهير في الميادين، ونزلوا من على صهوات أجيادهم، فسقطوا في مستنقع السياسة وتلوث تاريخهم العسكري، فهل يفعلها السيسي، ويخوض غمار السياسة، ويترشح للرئاسة، إذا لم تكن في الإنتخابات الرئاسية المبكرة، المقبلة، ففي التي تليها، لاسيما أنه مازال شاباً مقارنة بأعمار السياسيين في مصر؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام وربما الأشهر المقبلة.