رجال دين سعوديون: الجهات القضائية الرسمية هي وحدها التي يجب أن تصدر فتاوي التكفير
التكفير حق للمحترفين فقط وليس للهواة

في السبت ١٢ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الرياض- آفاق

1

قال عدد من رجال الدين السعوديين إن الجهات القضائية هي التي يجب أن تتولى أمر إصدار الفتاوي التكفيرية لما يترتب عليها من آثار لا يستطيع المفتي الفرد تنفيذها، كاستتابة الشخص الذي تم تكفيره وتنفيذ الحكم عليه. واعتبر رجال الدين أن صدور فتاوي التكفير من قبل أشخاص يعطي الفرصة للمتسرعين لارتكاب أعمال غير مسؤولة قد يبرئ مصدر الفتوى نفسه منها فيما بعد.

وحذر رجال الدين بحسب صحيفة "الوطن" السعودية من الاستعجال في إطلاق الأحكام التكفيرية الموجهة ضد أشخاص لأنها تعطي الفرصة للمتهورين والمتطرفين في إيذاء الأشخاص أو الجهات التي صدرت بحقهم تلك الفتاوى.


وقال عضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية الشيخ محمد الفيفي إن فتاوى التكفير تعتبر مؤشراً خطيراً لهؤلاء المفتين والذين يستعجلون في إصدارها وإنه من المفترض أن تصدر من جهات قضائية رسمية وليس بشكل فردي.


وأضاف "لا توجد هناك ضوابط تضبط هذه الفئة ممن تفتي بالتكفير بشكل مستعجل والحقيقة أن فيها صرفا للناس عن العلماء الربانيين الراسخين في العلم ومحاولة لسحب البساط من تحتهم ووجود مثل هذه الفتاوى لا شك أن فيه خطورة خصوصاً الذين يدمنون القراءة والاطلاع على ما استجد من فتاوى على الإنترنت والمشكلة لو وجدت آذاناً صاغية، وليس هناك ضوابط يمكن أن تجعل المفتي مسؤولاً عما أفتى به وبعضهم يبدأ بالتبرؤ من الفتوى بعد حدوث عواقب وخيمة لها".


وأشار الفيفي إلى أن بعض الشباب المتحمس والذي لديه نوازع عنف يجد مسوغاً للالتفاف حول عالم معين حين تصدر منه هذه الفتاوى بشكل متكرر وقال "غالباً... بعض الشباب الذين لا يوجد لديهم رؤية واضحة فيما يحتكمون إليه يبدؤون بالبحث عن المشايخ والدعاة الذين يفتون لهم بسرعة بما يريدون هم وهذه مشكلة خصوصاً عند بعض الشباب الذين لديهم نوازع تطرف أو عنف ويبدؤون بالسعي وراء فتاوى التكفير والإعجاب بمشايخها والالتفاف حولهم".


وأوضح الفيفي أن البعض يحاول إسباغ بعض الألقاب على بعض المفتين للترويج لفتاواهم مثل لفظ العلامة أو العالم الجليل أو "لا يخاف في الله لومة لائم" وهذه محاولات لتمرير الفتاوى على الناس.


وأكد الفيفي أن هناك جهات رسمية هي القادرة على تنفيذ تبعات الفتوى وتكون هي المخولة بإصدار الفتاوى خصوصاً تلك المتعلقة بالأشخاص مباشرةً مثل فتاوى التكفير أو نحوها وأن إصدارها من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالمؤسسات الرسمية يعطي الفرصة لبعض المتسرعين في التصرفات غير المسؤولة والتي قد يبرئ مصدر الفتوى نفسه منها فيما بعد.


أما أستاذ الحديث بجامعة أم القرى عضو مجلس الشورى الشيخ حاتم الشريف فيرى أن من يصدر هذه الفتاوى يجب أن يكون لديه علم بأصول التكفير وضوابطه وأنه في محاولة أن كرر إصدار الفتاوى وكان فيها أخطاء أنه يناصح بعد إصدارها مرةً أخرى.


وقال الشريف "إن إصدار هذه الفتاوى من الجهات الرسمية مثل المؤسسات القضائية أو هيئة كبار العلماء يكون أفضل لأنها هي الجهات القادرة على متابعة الفتوى وتنفيذ تبعاتها أما الفتاوى الفردية فهي تضر أكثر مما تنفع بالرغم من أنه لا يوجد ضوابط تمنع أحداً من الفتوى".


وأضاف "يجب أن يكون التكفير منوطا بالجهة القادرة على تنفيذ توابعه ومن المعروف مثلاً أن المسلم الذي يصدر منه أمر أو قول فيه كفر، أنه يستتاب ولا أظن أن الأفراد والدعاة لهم الحق في الاستتابة وإنما هذا من اختصاص الجهات الرسمية مثل القضاء مثلاً وهنا يكون التكفير بفتوى فردية لا فائدة منه سوى تقويض البعض ضد من صدرت بحقهم الفتوى فينبغي أن من لديه دعوى قضائية ضد شخص بدر منه ما يقتضي التكفير أن يتجه للقضاء".


وعن رأيه الشخصي في هذه القضية قال الشريف "إذا صدرت من شخص مسلم عبارة ظاهرها قد يكون غير جيد وشنيعا أو كفرا فلا يتم الحكم عليه مباشرة بالكفر .... يجب أن نسأله ونعرف ماذا يقصد ويتبين من قوله بدل الاستعجال في إصدار الحكم وهنا يستطيع من يصدر الفتوى أن يقول إن هناك عبارة ظاهرها كذا وتحتمل الكفر أو غيره بدل أن يحصر الحكم في حالة معينة ويطلق الحكم المباشر دون التبين والاستبانة من الشخص المعني".


وأضاف "مثلاً أن يتجه هذا المفتي بالسؤال للشخص الذي صدرت منه عبارة كفرية ويسأله عن قصده بالتحديد حول هذه العبارة وبعد هذا يرى ماذا كان يقصد من بدر منه الأمر بدل الاستعجال والحكم المباشر بالكفر، وقبل إصدار الفتوى بالتفكير يجب أن يعرف مقصوده تماماً لأنه قد يكون الشخص المعني بالكفر جاهلا بمسألة معينة أو زل بدون قصد ومن دخل الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين ولا يقين مع ورود الاحتمال ونحن نعرف قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه حين أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى بني خزاعة فقالوا صبأنا وهم يقصدون أسلمنا فقتلهم خالد بن الوليد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اللهم إني أبرأ إليك مما فعله خالد.


وقال الشريف "أتمنى أن يكون في هذا النوع من الفتاوى احتياط لسببين أولهما أنه قد يكون الشخص قد أساء التعبير ولم يقصد بها شيء معين أو بفعله. والسبب الثاني أن الفتوى حتى لو كانت صحيحة قد تكون مبرراً لبعض المتهورين أو المتحمسين في الإساءة لمن صدرت تجاههم هذه الفتاوى وهناك مجموعة من الخطوات التي من المفترض اتباعها وحتى لو أراد في الأخير عالم معين إصدار فتوى، فليتركها احتمالية بقوله إن هذه العبارة عبارة تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ لأنه لم يستبين من قائلها أو كاتبها ما يقصده".


أما المتخصص في الفقه عضو لجنة المناصحة الشيخ محمد النجيمي فرأيه أن هناك قبل مسألة التكفير مسألة مهمة وهي الاستفزاز الذي يحدث من بعض الذين يخوضون في بعض المسائل التي لا يفقهونها وهو في الخطر والخطأ يساوي الذين يقومون بإصدار فتاوى تكفير تجاه أشخاص بعينهم، وكلتا الحالتين مسوغة لبعض المتحمسين أو المتهورين أو من لديهم نوازع عنف للإيذاء أو أنهم يجدون ما يبررون به أخطاءهم.


وعن فتاوى التكفير قال النجيمي "فقد قلنا إن الإنسان إذا أراد أن يفتي في مثل هذه المواضيع (مواضيع التكفير) فإنه يفتي بشكل عام دون تحديد أسماء مثل قوله من قال كذا فهو كذا بدون ذكر أسماء، وإذا أحد اتهم أحداً بأنه قال كلاماً فيه كفر فإن الجهة الوحيدة التي لها الحق في إصدار حكم التكفير ومتابعة إجراءاته هي المؤسسة القضائية ويجب أن يحال الشخص على القضاء والقضاء ينظر في ما قاله أو كتبه هذا الشخص أو ذاك لأنه قد يكون هناك تبرير أو تبيان من القائل أو الكاتب ويسقط حكم التكفير في حقه".


وأضاف "لا شك أن هذه الفتاوى التكفيرية تثير الشباب المتحمس والذي لديه نوازع عنف، فنحن نحمل الجانبين، الجانب الذي يكتب في موضوعات تثير الرأي العام ويخوض فيما لا يعلم ونحن ضد الطرف الآخر الذي يتعجل في الفتاوى بدون أن تحال إلى الجهات المختصة فعندنا هيئة كبار العلماء وعندنا المؤسسة القضائية ".


وبين النجيمي أن من أكبر الأخطاء هو مباشرة الحكم التكفيري وإصداره بتحديد أشخاص معينين وأنها أكثر أنواع الفتاوى التكفيرية خطورة.





اجمالي القراءات 5218