كلمة سريعة

آية محمد في الجمعة ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في أعقاب مقتل السيدة بناظير بوتو، قرأت بعض التعليقات التي تتهم أمريكا وإسرائيل بأنهم وراء التخريب الإرهابي في البلدان ذات الغالبية المسلمة. فإذا بحثنا عن المشاكل والخراب في العالم وجدناه في البلدان التي تمتاز بديموغرافية الإسلامية: أفغانستان، باكستان، العراق، لبنان، فلسطين، السودان، وبدأت مصر ولو قليلا تدخل معهم في الحلبة اللهم إلا لو أفاق الشعب من غفلته قبل فوات الأوان. وفي البحث عن أسباب الإرهاب والدمار في بلادنا لا نجد سببا نرمي عليه بلاءنا إلا أمريكا وإسرائيل.

وجدت أن تعليقات البعض في القنوات الفضائية والمجالس الاجتماعية تشير بأصابع الاتهام لأمريكا وإسرائيل في ما يحدث لنا وعلى أيدينا. فالمسئول عن مقتل بناظير هو في الحقيقة أمريكا وإسرائيل! والمسئول عن مقتل رفيق الحريري هو أيضا أمريكا وإسرائيل، والمسئول عن التفجيرات الشهرية في لبنان هو أيضا أمريكا وإسرائيل! والمسئول عن ضياع أرض الفلسطينيين هو أيضا أمريكا وإسرائيل! والمسئول عن الفتنة الطائفية في العراق هو أيضا أمريكا وإسرائيل! والمسئول عن كراهية العرب لبعضهم البعض وعدم رغبتهم في الإتحاد هو أيضا أمريكا وإسرائيل! ومع عدم اعتراضي على فكرة أن أمريكا تحرك المنطقة طبقا لمصالحها واحتياجاتها إلا إني أرفض لصق كل مشاكلنا وهمجية شعوبنا الوراثية بأمريكا وإسرائيل. فبعد مقتل بناظير بوتو اندلعت أعمال العنف في باكستان بين أنصارها من ناحية والحكومة من ناحية أخرى، وبعد أن كان عدد قتلى عملية اغتيال بناظير بوتو محدودا، بدأ الرقم في الارتفاع بفضل الهمجية التي صدرت وتصدر من هذا الشعب المسلم. فهل أمريكا وإسرائيل أيضا هما من قالا للشعب الباكستاني أخرج وعبر عن رفضك لمقتل زعيمتك بمزيد من القتل والإرهاب وحرق الممتلكات وتخريب المستشفى التي يرقد بها جثمان الفقيدة؟ أم أن المئات الذين خرجوا إلى الشوارع بطريقة همجية ليعبروا عن رفضهم لمقتل الزعيمة هم جميعا عملاء لإسرائيل قبضوا ثمن حرق السيارات وتخريب الممتلكات؟

متى سنواجه المشكلة ونعترف بأن هناك خطا جسيم في منظومتنا الإسلامية وأنه آن الأوان أن نعمل على إصلاحه؟ متى سنعترف بأننا شعوب متخلفة فكريا وبالتالي متخلفة اجتماعيا وبالتالي ما نحن إلا تربة خصبة للإرهاب والتدمير؟ إن كان حقا أن أمريكا وإسرائيل يتلاعبون بنا فلما نعطيهم الفرصة لذلك؟ فهل لهذه الدرجة نحن شعوب مسلوبة الإرادة ومسيرة مثل الأنعام! ومتى سنخجل من الإدعاء دائما وأبدا بأن أمريكا وإسرائيل هم من يحركا شعوبنا الإسلامية والتي لا يجب أن يحركها إلا كلام الله وأخلاق رسوله محمد – عليه صلاة الله وسلامه - والعلم الذي وهبه الله لنا من خلال إعمال العقل. لن ينصلح حالنا إلا إذا اعترفنا بأن شعوب جاهلة تفتقد إلى العلم واستخدام العقل، وأنه آن الأوان أن نعمل العقل لنعرف إننا مخيرين ولسنا مسيرين وأن نتعرف على ما لنا وما علينا لنحيا الحياة التي تليق بالإنسان الذي خلقه الله ليكون له سبحانه خليفة في الأرض لا ليعيث في الأرض فسادا بسبب جهله.

سأختم كلامي بالإشارة إلى ما قاله المفكر الرائع الشيخ جمال البنا في برنامج في الممنوع والذي عرض هذا الأسبوع على قناة دريم 2. إننا شعوب لا تعلم إلا التراث والسلف، وطالما أن السلف أعطونا وسيلتين لتعامل مع من نعارضهم من أربابنا وزعماءنا فلا سبيل لنا للخروج على فكرهم السلفي؛ إما أن ننصاع مثل الأنعام لمن نعارضه إما أن نثور ثورة الجياع عليه ونقصف رقبته ومعه رقبة من لا ذنب له. وبما أن السلف لم يعلمونا أن هناك وسائل متحضرة مثل الحوار والدخول في أحزاب لمواجهة من نرفضهم فلن نفعل ذلك، بل سنترك هذه الأساليب لدول العالم المتحضرة التي لم ينعم الله عليها بسلف ليعيشوا علي علم القرن الثامن الميلادي ويضعون جانبا الثورة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها القرن الواحد والعشرين.

كل عام وانتم بخير وأتمنى أن يكون عام 2008 عام سعيدا على شعوب الشرق الأوسط وأن يهديهم الله إلى نعمة العقل وإعماله.

اجمالي القراءات 15240