بسم الله الرحمن الرحيم
خلق الكون
(1)
لقد ربط الله كثيرا بين الماء و الحياة و الخلق و ذلك في كثير من الايات في كتابه العزيز.. فهل نحن في حال يمكننا من سبر و فهم التلميحات التي أشار بها الله عز و جل الى عملية الخلق و غيره.. في هذه المقالة سنحاول ان نناقش بعض معطيات العلم الحديث مع ما تقدمه لنا آيات الله من بصائر و دلائل على قدرته جل و علا.
هل القرءان كتاب علوم مادية ؟ لقد دار و مازال يدور جدل ذا شجون حول طبيعة الطرح العلمي في القرءان .. فذهب البعض الى كون كتاب الله يحوي على تفاصيل كل شيء بما فيها القوانين و الاسس التي تحكم المادة و الطاقة و يستندون في ذلك الى ايات مثل(مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ )أنعام/38 . و إن سألهم أحد عن عدم وضوح الكثير من القوانين المادية في القرءان فيجيبون أن عدم قدرتنا على استنباطها لا يعني عدم وجودها. في حين استقر رأي الكثيرين على مقولة ان القرءان فقط رسالة الله لبني ءادم حتى يقيموا حياة كريمة على هذه الارض و ان يصلوا الى ربهم في الاخرة و هو عنهم راضٍ.
و نحن هنا لسنا لمناقشة هذا الموضوع و لكن لنتعرض الى كيفية فهم المعلومات التي ذكرها لنا الله في كتابه و ربطها بما لدينا من علم حديث موثق. الفرض الاساسي الذي سنبني عليه نقاشنا هو بساطة القرءان ، بحيث أن المعنى المقصود للايات يجب أن يبقى صحيحا لا يضرب بعضه بعضا في أي عصر من العصور و مهما أوتي الانسان من علم.
(( قد أضطر لكتابة بعض المسميات باللغة الانجليزية ليس فقط للفائدة و لكن من أجل جعل البحث عن تلك المسميات في الانترنت سهلا .. فجميعنا يعلم أن المواقع العربية و كأنها لا دخل لها في الثورة المعلوماتية الهائلة للأسف بل ما زلنا نجد أصول العلوم عند العالم الاخر و كأن المسلمين في عالم خاص بهم ))
(2)
ان تخلق تعني أن تأتي بجديد ... و الخلق قد يأتي مبتدعا أي لم يسبقه مثيل و لم يأت من أساس (الخلق من العدم) و قد تاتي الخلق من شيء و هذا من معاني التصنيع. و مثاله ما كان يفعله عيسى عليه السلام.
لقد طرح العلماء عدة فرضيات لتفسير نشوء الكون.. كلها لم تصمد أمام القياسات التجريبية خلا فرضية الانفجار الكبير (Big Bang) التي وجدت نظريا منذ 1924 كوليد شرعي لنظرية أينشتاين العامة و أثبتت تطبيقيا في الستينات. والملخص لهذه النظرية أن الكون نشأ من نقطة لانهائية و وحيدة (Singularity) كان فيها جميع الطاقة و المادة التي نعرفها الان في الكون .. وكان حجمها قبيل الانفجار مساويا للصفر (نظريا) لكن حجمها الان هو بحجم الكون الموجود .. طبعا العلماء لم ولا اعتقد انهم يستطيعون طرح تفسير للشيء الذي جاء بها او لما سبقها أو كيف أو لماذا حصل كل هذا بالاصل.. و إجابتهم على عدم القدرة على التفسير أساسه أن الزمن و المكان لم يكن له وجود قبل الانفجار .. فلا معنى أن نسأل ماذا كان قبل الانفجار لأنه ببساطة لم يكن شيء.. و هم بذلك يفترضون أن الانفجار هو عبارة عن حدث فصل بين العدم و الوجود. و من الواضح أن هذا التفسير هو من شخص لا يؤمن اصلا بوجود الله كخالق. و الحقيقة أن قوانين الفيزياء التي نعلمها تعطي (أو تستطيع أن تفسر) جميع الاحداث من بعد الانفجار إلا أنها تفشل فشلا تاما عند النقطة صفر.
و لإعطاء مثال. فإن قذفت حجرا و رصدته وحركته حرا (من دون تأثير قوى من خارج النظام الذي يحتوي الحجر ) عندها قوانين الفيزياء تستطيع إعطاء تفسير دقيق جدا لكل الاحداث التي من الممكن أن يمر بها ذلك الحجر .. لكن تلك القوانين تفشل (أو بحاجة الى تعديلات بمعطيات معقدة) عند تدخل قوى عاقلة في مسار الحجر ،لهذا فإن التفسير البديهي لعملية الانفجار هو تدخل قوة عاقلة (الله) لكسر الحاجز ما بين العدم و الوجود . و هذا التفسير رغم بساطته إلا أنه مازال يلقى معارضة و صعوبة في قبوله .
القرءان يذكر لنا ءاية من أجمل ما قيل في وصف ما حدث ـ قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)أنبياء/30 و المدهش في هذه الاية ربط العملية (التي وصفت وصفا موجزا جدا) بالماء و الحياة.. ليس هذا فقط ..بل ذكر لنا أن الذين سوف "يرون!!" دليل ذلك هم الذين كفروا (بالله) ... و فعلا فالأدلة المباشرة على صحة نظرية الانفجار الكبير كانت في ستينات القرن الماضي وكلها تم رؤيتها (كلها عبارة عن أمواج كهرومغناطيسية مثل الضوء) .. فقد انتبه العلماء أن الضوء الذي يتم رصده من النجوم يعاني انزياحا الى جهة الضوء الاحمر (Red shift).. و هذا دليل على أن النجوم تتحرك باتجاه واحد مبتعدة عن الارض... (ولذلك لم يعني هذا الاكتشاف حركة النجوم الدائرية التي فيها روحة و رجعة ) بل عنى أن الكون يتسع لأن جميع النجوم أظهرت نفس التصرف. و أيضا و بناءا على نظرية الانفجار فقد تنبأ (الذين كفروا) أنه لا بد من وجود (صدى) لعملية الانفجار .. و عند اعادة النظر في الاشعة الواردة من الكون (من أي اتجاه) وجد انها تحوي تشويشا ذا طبيعة منتظمة واحدة (Cosmological Background Radiation)(يعني مش عشوائي) و هذا يعني أن هذا التشويش له نفس المصدر ..و حصل في نفس الوقت... فكان الاستنتاج المنطقي أن هذا المصدر هو النقطة صفر.
القرءان يستخدم لفظ السماوات و ليس السماء ..و الحقيقة عندما يتحدث الله عن الكون بشكل عام فإنه يذكره بهذا الشكل (السماوات و الارض) أما عند ذكر كلمة السماء فيصبح من الصعب ربط ذلك بالكون ككل.. و من الغالب أن نربطها بالسماء الدنيا و التي هي فضاء الارض أو الجزء المشمول في النظام الشمسي و ليس جميع الكون...إلا أنه في بعض الاحيان كما سنلاحظ لاحقا.. قد تعنى الجزء الاولي من الكون قبل أن يقضي الله بجعلها سبع سماوات.
إلا أن قوله (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )بقرة/29. قد يشير ظاهريا أن الله خلق الارض اولا ثم خلق السماوات و هذا فيه تناقض.. و الحقيقة أن الاية لا تشير أن الله (خلق) السماوات بعد الارض بل (استوى ثم سوى السماء الواحدة الى سبعة بعد أن اتم خلق الارض و ما عليها لنا ) و سوف نلمس الفرق بين استوى و خلق في الفقرات اللاحقة... و هذا إن دل فإنما يدل على أن الكون قد مر بمراحل أثناء التخلق في نفس الوقت الذي كانت الحياة تنتعش على الارض. و الحقيقة أن مجرات ونجوم كبرى لا تزال تولد في الكون في نفس الوقت الذي نعيش نحن فيه على الارض.. و نحن نعلم(من النظرية النسبية الخاصة) أن النظر في الكون هو نظر في الماضي .. مما يوحي لنا كيف تتشابك عملية خلق و تسوية السماوات مع الارض.
(3)
و الحديث عن المراحل و الفترات ينقلنا لما يذكره القرءان من اشارات زمنية. و أبرزها ما ورد في سورة فصلت ، قوله( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ «9» وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ «10» ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ «11» فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «12» ). و المفهوم (ظاهريا) من هذه الايات أن خلق الارض تم في يومين ..و جعل الرواسي و تقدير الاقوات فيها استغرق أربعة أيام. و نفهم أيضا أن السماء كانت موجودة أثناء عملية خلق الارض..و كانت على شكل دخان. فقضى رب العالمين أن يجعل ذلك الدخان و الفضاء الكوني (السماء) الى سبع سماوات ، و أشار أن "المصابيح" – أو النجوم موجودة فقط في السماء الدنيا منها ...و بما أن الكون المرصود ممتليء بالنجوم فنستطيع القول أن السماء الدنيا هي الجزء المعروف من الكون الفسيح. . و نحن نعلم من أيات اخرى كثيرة أن عملية الخلق كلها على بعضها تمت في ستة أيام. و لمحاولة فهم أيات سورة فصلت نرجع من الوقت الحالي... (باهمال فرق الزمن منذ وجود الانسان على الارض و هو عدة ألاف من السنين لا تقارن مع بلايين من السنين عمر الكون الى الان) - نرجع فنستطيع القول أن "خلق السماء" استغرق 4 ايام و تخليقها الى سبعة استغرق يومين هما منذ استواء الله الى السماء (سنناقش معنى الاستواء لاحقا) . أما بخصوص الارض فهناك رأيين :
1- الاربعة ايام المذكورة بخصوص جعل الرواسي و تقدير الاقوات تشتمل على اليومين الاولين لخلق الارض. و بهذا يكون خلق الارض بدأ في اليوم الثاني من بدء خلق الكون (أو السماء)
2- الاربعة ايام هي فترة زمنية منفصلة و بالتالي فإن الارض بدأ خلقها مع بدأ الكون.
الواقع ... المادة اللازمة لخلق الارض لم تظهر مع بدء الكون و ذلك حسب ما لدينا من علم. بل استغرق وقتا طويلا حتى بدأت الذرات و العناصر بالتخلق في جو الكون الذي كان ممتلئا بالطاقة (أشعة كهرومغناطيسية) و أول عنصر ظهر هو أبسطها (غاز الهيدروجين-المكون الاساسي للماء) ثم تبعه الهليوم و الليثيوم و الاوكسجين(المكون الثاني للماء) و الكربون ... الخ ...و بهذت نستطيع القول بكل ثقة أنه مر على (السماء) وقت لم تكن فيه تشبه الدخان لسبب بسيط هو أنه لم يكن يوجد أيا من الغازات بعد، و هذه الفترة هي بدايات تخلق الكون الاولي (أول يومين) لكن في اليومين التاليين بدات العناصر تتكون خاصة الاوكسجين و الهيدروجين و الكربون و التي عند احتراقها تعطي شكل الدخان. و أثناء تلك الفترة بدأ الله بخلق الارض (وهذا يتفق مع العلم الحديث 100%) إذن في نهاية اليوم الرابع كانت السماء قد أصبحت كالدخان ..و كانت الارض قد اكتسبت القوام و الوجود ، عندها قضى الله السماء الواحدة الى سبعة في حين موازٍ قام بإعداد الارض لنا بارساء الرواسي و تقدير الاقوات (الجيولوجيا و الحياة في القشرة الارضية).
و المدهش هو استعمال كلمة "استوى" الى السماء .. و هذه وردت أيضا في قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)أعراف/30. و مثلها كثير. فالاستواء ارتبط في الخلق بشيئين. أولهما السماء (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء)/فصلت و (خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء)بقرة/29 .و ربطها أيضا بالعرش بنفس الطريقة... و لأخذ فكرة ماذا يقصد الله بالاستواء نقرأ قوله تعالى: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ)زخرف/13. و قوله(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ)مؤمنون/28. و أيضا (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا)قصص/14. فكل هذه الايات و غيرها يشير الى أن الاستواء له علاقة بالاتزان و بلوغ حالة معينة من ذلك الاتزان و الثبات. و بناء عليه (وهذا فرض) نستطيع أن نقول ان الله استوى الى السماء أي أدخل أو اوجد ثباتا و استقرارا في السماء (made stable and balanced)و قد نذهب الى استخدام مصطلحات العلم الحديث و نقول أن الله أوصل (بقدرته) السماء الى وضع متزن (Thermo-dynamic Equilibrium) و كلمة equilibrium لها معنى واسع جدا في الفيزياء النظرية و قوانين الثيرموديناميكا و كلها تتقاطع بمفهوم الثبات و الثبوت و عدم الاضطراب و هذا ممكن أنه كان تمهيدا لمراحل أخرى مثل أن يقضيهن الى سبع سماوات . أما الارض فلم يستخدم الله جل و علا نفس المصطلح في وصف استقرارها بل أشار الى استعمال الـ(رَوَاسِيَ) من أجل تثبيت الارض..و الحقيقة الفرق هائل بين الطريقتين... فاستقرار الكون أهم و أخطر من استقرار الارض رغم أن الارض يسكنها عباده. فلذلك (والله أعلم) استلزم أن يتدخل الله سبحانه و تعالى بفرض الاستواءو الاتزان على السماوات ،و من المضحك أن العلماء مازالوا يفترضون وجود مادة سوداء (Dark Matter) و مادة باردة (Cold Matter) ذات صفات غريبة (مثل أن لها جاذبية وطاقة معاكسةnegative energy للمادة العادية(Ordinary Matter))...وبنسب عالية جدا (تفوق الـ 70% من حجم الكون المعروف) و المعلوم أن هذه الافتراضات عندهم ضرورية لتفسير ثبات الكون (Universe Stability )إلا أن بعض العلماء يميلون إلى تعديل القوانين بشكل أكثر أصولية لتفسير ثبات الكون خصوصا قوانين الجاذبية الكمية (Quantum Gravity) ـ ومن هذا المنطلق يمكن فهم قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ)فاطر/41. ، و الخطورة تكمن أن ثبات الكون يعني بالضرورة ثبات كل شيء فإن انهيار الكون يكون كارثيا على كل ما بداخله ـ أما الارض فإن أثر انهيار الارض محدود في جوارها وذلك لصغرها مقارنة بالكون أجمع.
أما بخصوص الاستواء على العرش ... فنحاول أن نفهم معنى العرش فنقرأ قوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)نحل/68. و بهذا نفهم أن العرش عبارة عن منشأ (structure) و قد أشار الله أيضا الى كون السماء عبارة عن بناء (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء)بقرة/22 .. و العلم الحديث (خاصة النظرية النسبية العامةGeneral relativity) تتحدث عن الفضاء على أنه بناء متصل( space-time continuum ) له معامل مرونة (Elastic modulus) ضخم جدا لكنه يمكن أن ينبعج و يصاب بالتشوهات مثله مثل أي فرشة إذا ضغت عليها بيدك. و بهذا الفرض (الذي تم اثباته بشكل ملفت للنظر في الربع الثاني و الثالث من القرن الماضي) تستطيع النظرية العامة أن تفسر الجاذبية و بل تتوقع الكثير من الظواهر التي تم رصدها و قياسها.
المهم ، نعود الى كلمة العرش... فمن وجهة نظري حاولت أن أفترض من منطلق أنه منشأ هائل و عظيم جدا يقارن بالسماء و الارض (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) مؤمنون/86،أن الله يريد بكلمة العرش مجموع و كامل ما خلق مما نعلم أو لا نعلم من السماوات السبع .. و أن الله استوى على العرش أي جعله ثابتا و منحه استقرارا على غرار ما فعل بالسماء كلها. إلا أننى ووجهت بأيات مثل: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)زمر/ 76 و قوله أيضا (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) حاقة/17. و الحقيقة هذه الايات تشير على أن حجم العرش يمكن مقارنته بأحجام الملائكة (أو بعضها) ، و نحن نعلم أن الملائكة أمروا بالسجود لادم و أنا أفترض ان أدم قد شاهدهم (ليكون سجود تكريم) إذن حجم الملائكة من الممكن مقارنته بحجم ءادم. ... إلا أن الاية (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)فاطر/1 قد أوحت ألي أنه من الممكن للملائكة ان تعاني زيادة في الخلقي بما يشاء الله لها ، و بالتالي نستطيع أن نفهم كيف أن الملائكة التي تقوم بمهمات عظيمة تستطيع مخاطبة نبي الله ابراهيم او لوط مثلا! .
الحقيقة أن الموضوع مازال يطبخ في ذهني و ما زلت أميل الى القول أن عرش الرحمن الحقيقة هو كامل الوجود الذي خلقه لنا . إلا أن إضافات إخواننا و اساتذتنا في هذا الموقع و من كل مكان قد تسهم في الوصول الى فهم أحسن لذلك التصور و تلك المعطيات
(4)
سأحاول في المقال التالي ملاحقة كيف ربط الله تعالى الخلق بالماء بالحياة.. و أدعو الله أن يوفر لي السكينة و الوقت اللازم لتدبر كتابه الكريم. و جزى الله خيرا كل من يحاول أن يدلي بدلوه في الموضوع.
و الله من وراء القصد