أبدت كبريات الصحف البريطانية الصادرة صباح الأربعاء اهتماما ملحوظا بما يدور في كواليس السياسة الدولية إزاء ملف إيران النووي، من سجال كلامي ومفارقات في المواقف ظهرت تجلياتها في بعض الأحيان في الزيادة المفاجئة في حجم الصادرات الأميركية إلى إيران في وقت تتصاعد فيه الحرب الكلامية بين طهران وعواصم الدول الكبرى خصوصا واشنطن.
إحراج سياسي
فرغم الخطب النارية التي تستهدف طهران وفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها, فقد ارتفع حجم الصادرات الأميركية إلى إيران خلال ولايتي الرئيس جورج بوش على نحو وصفته صحيفة ذي غارديان بالمثير والمفاجئ.
وبتحليل الإحصائيات التجارية التي جمعتها الحكومة ونشرتها وكالات الأنباء أمس, فإن المبيعات الأميركية لإيران زادت عشر مرات خلال السنوات السبع الماضية.
وشملت تلك المبيعات بضائع مثل السجائر, وقطع غيار الطائرات, والصدريات النسائية, والآلات الموسيقية, والأفلام, والتماثيل, والفراء, وعربات الغولف, وسيارات النقل على الجليد.
وترى الصحيفة في الكشف عن تلك الإحصائيات –رغم ضآلة المبالغ التي تتضمنها– إحراجا سياسيا للولايات المتحدة في وقت تمارس فيه ضغوطا على الحكومات والمصارف والشركات الأوروبية لحملها على قطع علاقاتها مع طهران.
وتظهر الأرقام الحكومية أن الولايات المتحدة صدّرت لإيران بين عامي 2001 و2007 ما جملته 546 مليون دولار من السلع. وفي العام المنصرم وحده باعت واشنطن لطهران بضائع قدرت قيمتها بنحو 146 مليون دولار, مقارنة بنحو 8.3 ملايين عام 2001, وهو العام الأول لتولي بوش سدة الحكم.
المهمة الصعبة
وفي تعليق على التهديدات التي وصفتها بالمثيرة من جانب إيران ضد الولايات المتحدة أمس وتحذرها فيها من مغبة أي هجوم عسكري على منشآتها النووية, كتبت كبيرة معلقي الشؤون الخارجية بصحيفة تايمز برونوين مادوكس تقول إن ما تريده طهران -كما يعتقد المسؤولون الغربيون- هو شراء الوقت انتظارا لمقدم رئيس أميركي جديد, فيما تواصل عمليات تخصيب اليورانيوم.
وتتابع مادوكس القول إن ما هو مثير حقا يكمن في المرحلة المقبلة من المفاوضات الشائكة التي يصعب تفسيرها حتى بالمعايير المعقدة لسجال دام ست سنوات بشأن طموحات إيران النووية.
وتضيف قائلة إن صعوبة التنبؤ بما ستسفر عنه تلك المفاوضات تنبع من عوامل جديدة تتمثل في الخلافات داخل إيران حول مدى الفائدة المرجوة من الاستمرار في التفاوض وبأي شروط, وتضاؤل احتمال شن الولايات المتحدة وإسرائيل عملا عسكريا، وهو ما تستبعده الكاتبة حاليا.
ومن تلك العوامل أيضا الاهتمام الذي أظهرته إدارة بوش مؤخرا من أجل إقامة روابط مع المواطنين الإيرانيين العاديين لتعزيز الشعور بالتعاطف مع الولايات المتحدة داخل إيران.
وتخلص مادوكس إلى أنه من الصعب أن تجد من يبدي حرصا على شن غارات جوية حتى بين الصقور في واشنطن, لما يكتنف المهمة من صعوبة وتداعيات على المنطقة يتعذر التحكم فيها، ومعارضة من الشعب الأميركي والكونغرس وغالبية العسكريين الأميركيين وحلفاء الولايات المتحدة.
فايننشال تايمز
الحوار بدل المواجهة
وفي سياق تعليقه على موافقة الصين على الانضمام إلى المبادرة الدبلوماسية التي أطلقتها الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى لاحتواء برنامج إيران النووي, وصف فيليب غوردن في صحيفة فايننشال تايمز تلك الخطوة بالمهمة والإيجابية.
على أن المشكلة في نظر الكاتب تكمن في أن الصين ليس لديها نية لتقديم دعم قوي لعرض حوافز لإيران مقابل تخليها عن تخصيب اليورانيوم.
وبينما أبدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التزاما من جانبهما بتشديد العقوبات على إيران إذا رفضت العرض, فإن الصين -كما تقول الصحيفة– أوضحت بجلاء أنها ستقف ضد أي عقوبات كبيرة تفرض على طهران وتسعى بدلا من ذلك إلى مزيد من الحوار.
ويعزو غوردن معارضة الصين لأي خطوة في هذا الاتجاه إلى أنها لا ترغب في التشويش على علاقاتها مع إيران في مجال الطاقة، واصفا موقفها بأنه يتجاوز كثيرا من الحقائق وينطوي على قصر نظر.