ان من يقرأ عن حرب طروادة تلك المعركة التي ظل التاريخ يتحدث عنها آلاف السنين يجب أن يقف عند كل موقف فيها ، فأسباب الحرب كانت الخيانة ، و أسباب مشاركة الأبطال فيها أن التاريخ سيذكرالحرب ، و من شاركوا فيها لآلاف السنين فالأبطال و القادة دائما ما يبحثون عن تخليد أسمائهم أيا كانت الطريقة و الأسلوب و مهما كلفهم ذلك من عناء حتى لو وصل الأمر الى الموت !
الا أن أكثر المبادئ في تلك الحرب احتراما و تجبرك على الوقوف أمامها هو مبدأ " شرف الخصومة " و هي جملة من كلمتين الا أن لهاتين الكلمتين معاني انسانية كثيرة فالمبدأ في عصر طرواده كان له احترامه و و الناس بدءا من الملك و الأمراء و نهاية بأصغر جندي يقدرون جميعا و يعلمون شأن من يوفي بعهده ، حتى و إن جار عليه العهد و تحول من منتصر الى مهزوم ! فإذا ما قبل الخصمان الدخول في معركة مشروطة فمهما كان الشرط أو القانون قاسيا فإنه لا رجعة في الكلمة ، فالكلمة في عصر طرواده كان لها قدسية خاصة و مهما كانت نتيجة الكلمة و العهد فلا بكاء على اللبن المسكوب .
و لنقف امام المعركة التي كان أفرادها اثنين احدهم ابن ملك طرواده و قائد جيوشها و الثاني أحد القادة في جيوش اليونانين ، و المعركة كانت في قلب طرواده و أمام جيوش طرواده و لا يوجد من اليونانين الا القائد الذي ذهب لأجل المعركة ! مشهد غريب و مؤثر نهاية تلك المعركة اذ انتصر البطل اليوناني على قائد جيوش طرواده و قتله وسط جيوشه و أمام ابيه الذي هو ملك طرواده و لم يكتف بذلك بل إنه ربطه من قدميه ثم علق الحبل بعربته و قام بجر جثته من بين الطروادين الى موقع اليونانين ، دون أن يعترض طريقه أحد من الطروادين ، اللذين كان بإمكانهم أن يفتكوا به و يفعلوا به ما يشاءون من سجن أو تمثيل أو ..الخ .
الا أن رجلهم و قائدهم كان قد قبل المعركة و قبل شروطها و الحكم في نهاية الأمر هو مبدأ " شرف الخصومة " ، فأين نحن من شرف الخصومة الآن ؟ !