الصراط المستقيم .

لعلي لا ابالغ في أن كل مسلم اثناء حياته البشرية القصيرة نسبياً على هذه الارض ، ينطق بقوله ...اهدنا الصراط المستقيم لا يقل عن نصف مليون مرة تقريبا. ولا أبالغ أيضا أن الغالبية العظمى تردد هذه الكلمات بحكم العادة ،بحكم عادة الصلاة دون أن تتدبر معناها من خلال منهجية القرآن الكريم . ولتقريب هذا المفهوم دعونا نستعرض بعضا من تلك الآيات علنا نجتهد معا ومن خلال التعليقات ايضاً الى ايجاد المعنى المقارب .قال الله عز وجل في كتابه العزيز :
" قل تعالوا ات&aacucute;وا ما حرم ربكم عليكم لاتشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم وأياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون،ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ اشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط * لانكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون *وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتقرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"


بعد قراءة هذه الايات الكريمة ، حيث اكد فيها رب العزة في المحصلة بأنها صراطه المستقيم . ونحن الآن امام كلمتين الاولى ، الا وهي الصراط ،والثانية المستقيم . وفي تدبرنا للآية الكريمة الأخرى
" ما من دابة إلا هو اخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم".
هل نفهم من الآية الثانية ،أن الله لايقرب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا يشرك، ويعامل والديه بالاحسان (معاذ الله وغفرا) ظاهر المعنى يدل على ذلك .
نعود الى تقريب المعنى .نحن نعلم ان كلمة الصراط.كما جاءت في لسان العرب هي الطريق .الطريق الذي لا أعوجاج فيه. والمستقيم هو اقصر المسافات للوصول الى الحق عز وجل.
لكن هذا لايفسر لنا ان لرب العزة صراط مستقيم يتبعه ،وهو الذي أوجد كل شي، هو الذي أوجد الصراط لكي نتَّبعه ،وقرب لنا المسافة بأقصر الطرق لنصل الى رحمته .
في الواقع حين نزل القرآن الكريم على رسوله (ًص) ،وبلغه لنا بلسان عربي مبين .لم يكن الناس أنذاك على علم بالابعاد الاربعة. فكانت المفاهيم محصورة ضمن اطر الخلفية الحضارية والثقافية والمعرفية للناس أنذاك . التي لو قسناها بمعرفة هذا الزمان لاستطعنا ان نقول أنها كانت تساوي الصفر تقريبا. البعد الرابع في الحقيقة والذي اصبحنا نعرفه من خلال تطور المعرفة الانسانية والخبرة العلمية في تراكمها أنه بعد ما يسمى ( الزمن) .وبفضل هذا الاكتشاف أو هذه المعرفة استطاع الانسان ان يدرس الفضاء ،وإرسال مركبات فضائية للكون ، والبعد الرابع سهل لنا فهم النظرية النسبية والفيزياء النووية.
لكن ما علاقة البعد الرابع بمفهوم الصراط المستقيم . نستطيع أن نفسر ذلك من خلال الاية الكريمة
" كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"
مالذي يجعل كل شيء على هذه الارض فان ، نستطيع القول أنه عامل الزمن ، كل مخلوق يخضع لعامل الزمن أو البعد الرابع ،وهو في النتيجة يخضع للفناء إلا الله عز وجل هو خارج حدود الزمان والمكان.
الصرط المستقيم . لو حللناه من خلال علم الهندسة ،  نجد انه يقع  ضمن الابعاد الثلاث .الطول والعرض والارتفاع. أي أنه لايدخل فيه  البعد الرابع .لهذا فهو ثابت .وبالعودة الى الايات السابقة نستشف منها أنه مهما تغير الزمن وتطور تبقى هذه الايات (الصراط المستقيم) خارج أطاره ،ولها صفة الثبات الى يوم الدين . اما قوله عز وجل انه على صراط مستقيم ، فأن هذه الاية تدل على أن الله عز وجل لايتغير ولا يتبدل هو سرمدي أبدي وازلي لا يحول ولا يزول ولا تأثير للزمن مهما طال عليه .إذن هو على صراط مستقيم أي  أنه عز وجل  ثابت قيوم صمد. والله أعلم