ثالثاً: النسخ فى التراث القديم معناه الكتابة والإثبات
والأعجب أن كتب التراث والأحاديث تعترف بأن معنى النسخ هو الكتابة والإثبات وليس الحذف والإلغاء، فالبخارى فى أحاديثه عن كتابة المصحف يقول أن عثمان أمر بأن (ينسخوها من المصاحف) أى يكتبونها. وفى رواية (فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلى إلينا بالصحف ننسخها فى المصاحف) أى نكتبها فى المصاحف، وتقول الرواية (فأرسلت بها حفصة إلى عثمان.. فنسخوها فى المصاحف) أى نكتبها، وتقول رواية أخرى "ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف فى المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة" ويقول زيد بن ثابت "لما نسخنا الصحف فى المصاحف" أى أن كل رويات تدوين المصحف استعملت كلمة "نسخ" بمعنى كتب ودون وأثبت وليس بمعنى حذف وألغى وأبطل.. وأهمية هذه الروايات فى كونها تستعمل كلمة نسخ بمعنى كتب فيما يخص المصحف- أو القرآن. إلا أن العصر العباسى ما لبث أن غير المفهوم إلى النقيض تماماً.