زيارة رئيس الحكومة المصري إلى السويس لم تكن مرحّبًا بها، فقرر أهالي المنطقة استقباله بملابس داخلية رجالية ونسائية، في إشارة إلى ما نصحهم به في الصيف الماضي من استعمال "الأندروير" القطنية لتقنين استهلاك الطاقة، كما أغلقوا مصنعًا كان افتتحه أمس.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في واحدة من مظاهر الاحتجاج الغريبة، التي يمارسها مصريون بعد الثورة ضد نظام حكم الإخوان، نظم نشطاء سياسيون وقفة احتجاجية بالملابس الداخلية الرجالية والنسائية، أمام موكب رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل، أثناء زيارته لمدينة السويس.
وزار الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء المصري، أمس السبت، 27 أبريل/ نيسان، المنطقة الصناعية وميناء العين السخنة في محافظة السويس، لافتتاح عدد من المشروعات الجديدة، وتجنَّب زيارة مدينة السويس نفسها، التي تمر باضطرابات واسعة، وتكنّ السخط والغضب ضد نظام حكم الرئيس محمد مرسي، لاسيما منذ إحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.
في محاولة من النشطاء السياسيين للاحتجاج على زيارة قنديل للمحافظة، نظمت حركة "تكتل ثوار السويس" وقفة احتجاجية، على الطريق الذي مرّ به موكب قنديل، رفعوا خلالها الملابس الداخلية الرجالية والنسائية، في إشارة إلى أن قنديل نصح المصريين خلال الصيف الماضي بـ"ارتداء الملابس الداخلية القطنية، والتجمع في غرفة واحدة"، من أجل توفير استهلاك الكهرباء.
زفة "آندر وير"
ونثر المحتجون الملابس الداخلية النسائية والرجالية على الطريق، الذي مر به موكب قنديل، وداست عليها سيارته أثناء دخوله إلى المنطقة الصناعية.
وقال وائل سعيد، عضو اتحاد شباب الثورة في السويس، لـ"إيلاف" إن الوقفة التي نظمتها القوى الثورية في السويس، جاءت احتجاجًا على زيارة رئيس الوزراء برفقة عدد من الوزراء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنها تعبير عن رفض أهالي مدينة السويس لهذه الحكومة، التي تسببت في تعميق الأزمات في مصر، ولم تعمل على حلها.
انقلب السحر
ولفت إلى أن مدينة السويس تعرّضت للحصار والتجويع، بسبب رفضها حكم الإخوان. ونبّه إلى أن ثوار السويس استلهموا فكرة الاحتجاج بالملابس الداخلية من رئيس الحكومة نفسه، وحركة 6 أبريل.
وأوضح أن الحكومة عجزت عن حلّ أزمة انقطاع الكهرباء، وبدلًا من أن يعمل قنديل على تطوير محطات الكهرباء، نصح المصريين بارتداء الملابس الداخلية القطنية، وإغلاق الأضواء، والتجمع في غرفة واحدة، توفيرًا لاستهلاك الطاقة، منبهًا إلى أن تجربة احتجاج حركة 6 أبريل في القاهرة بالملابس الداخلية أمام منزل وزير الداخلية، كانت لها ردود فعل قوية، وأكد أن ثوار السويس استخدموا الطريقة نفسها للتعبير عن غضبهم تجاه الحكومة ورجال الأعمال الإخوانيين.
وفي محاولة منه لامتصاص غضب أهالي السويس، أعلن الدكتور هشام قنديل، خلال افتتاحه مشروعات استثمارية، أنها سوف توفر 15 ألف فرصة عمل لأهالي وشباب المدينة.
بشّرهم فأغلقوا مصنعًا افتتحه
وقال: "نبشِّر أهالي السويس بـ15 ألف فرصة عمل، خلال أيام، في المزارع السمكية في رأس غالب والزعفرانة". كما أعلن إنشاء محطة كهرباء لإمداد شمال غرب السويس باحتياجاتها من الكهرباء، مشيرًا إلى أنه سيتم طرح 14 كيلومترًا مربعًا، في منطقة شمال غرب خليج السويس للاستثمار العالمي، في الأسبوع المقبل.
ونفى قنديل توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض، وقال إن المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة، مشيرًا إلى أن: "هناك من يرسم مشهدًا عبثيًا، ويصوّر مصر مشهد مولوتوف وحجارة".
لم ينتظر أهالي السويس أيامًا لتنفيذ قنديل وعوده لهم، فأغلق المئات من عمّال اليومية والعاطلين عن العمل، اليوم الأحد، مجمع البتروكيماويات، الذي افتتحه قنديل أمس، ومنعوا العمال من الدخول إليه، وطالبوا بتنفيذ وعود رئيس الحكومة بتعيينهم فورًا، ضمن الـ15 ألف فرصة عمل، التي وعد بها، وطالبوا بطرد العمالة الآتية من خارج المحافظة، وعدم تعيين أي عمّال جدد من غير السويس.
رمزية أم انحطاط؟
وابتدعت حركة 6 أبريل، ثورة الاحتجاج بالملابس الداخلية النسائية في مصر، عندما نظمت وقفة احتجاجية فجر يوم 29 مارس/ آذار الماضي، اعتراضًا على اعتقال عدد من أعضاء الحركة، ورددوا هتافات منددة بالشرطة، منها "الشرطة عاهرة كل نظام".
وقال المهندس أحمد ماهر مؤسس الحركة، إن "استخدام الشباب للملابس الداخلية أثناء الفعاليات الاحتجاجية ضد الشرطة تعبير رمزي عن الامتعاض من أداء الداخلية الحالي، وتواطؤها مع أي سلطة وحمايتها لأي مستبد".
فيما اعتبر الدكتور مراد علي المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة التظاهر بالملابس الداخلية "انهيارًا أخلاقيًا"، وقال إن "الخلاف السياسي والمعارضة لا يجيزان أن ننسى الأخلاق الأساسية التي تربى عليها هذا الشعب المحترم".
-