التمني
لماذا نحن هكذا؟(أمة تعيش على التمني)

زهير قوطرش في الأحد ٠٢ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



لماذا نحن هكذا؟.(امة تعيش على التمني) ؟

لماذا نحن أمة ضعيفة؟

سؤال وجيه يطرحه كل إنسان غيور على أمته ، لكن الجواب عليه يختلف باختلاف الارضية الفكرية ،واختلاف الانتماء  المعرفي لكل مفكر أو باحث في هذا الشأن .البعض يعيد الضعف الى ضعف الايمان ... (جواب فيه عمومية ،أي أيمان؟ وماهية هذا الايمان!!!). والبعض الأخر يعتبر أن هذا الضعف سببه الاستعمار والقوى الخارجية التي كانت وما زالت تتآمر علينا .(نظرية المؤامرة التي نعلق عليها فشلنا دائماً). وهناك من يعتبر أن الدين الا&;سلامي حصرا هو سبب التخلف ( جواب مغرض وإن كان عن حسن أوسوء نية). وهنالك من يذهب بعيدا ويعتبر أن الضعف هو قدر هذه الامة وهو من مشيئة الله ,لإن الضعف يولد الفقر ويولد الزهد والله عز وجل وعد بتمليك الارض لعباده الذي استضعفوا في الارض ( معاذ الله ،لم يتدبروا قول الخالق جل جلاله في معنى كلمة المستضعفين).

من خلال ملاحظتي في رحلة العمر هذه ، كنت دائما افكر وأبحث عن سر هذا الضعف في هذه الامة . عندها كتاب  يدعوا الى الاسلام والايمان .و يدعوا الى العلم والعمل .يستحضرني ما قاله جواهر لان نهرو :عندما قال بما في معناه" إن المسلمين هم الامة الوحيدة القادرة على حرق المراحل واللحاق بركب الحضارة لأن كتابهم يدعوا الى العلم والعمل". (كتابهم) ولم يذكر تراثهم النقلي

النظافة التي دعا إليها الاسلام أين هي ؟.

مررت في عدة مدن عربية واسلامية ،لفت نظري شيئاً ما .ألا وهو وجود أحياء للمسلمين ،يجاورها أحياء لغير المسلمين . وكنت دائم المقارنة ،حيث لم أجد مظاهر النظافة والترتيب والابداع عند المسلمين في أحيائهم وشوارعهم ( قد تجد النظافة والترتيب في البيوت وفي الابدان نسبة ما) ، والعكس في الاحياء الأخرى. حتى منظر ومظهر الاطفال يختلف مع أنهم من بلد واحد أوقرية أو مدينة واحدة .لفت نظري وانا طالب أن أصدقائي من على مقاعد الدراسة من غير المسلمين كانوا يختلفون عن الكثير من ابناء المسلمين في مظهرهم وحتى في طريقة تعاملهم . كان أكثر ما يدهشني ، أن المساجد والتي هي بيوت الله دائما هي نظيفة من الداخل . لكن مجرد تجاوز جدران بيت الله ،تجد العجب في خارج هذا الحرم. وهذا ما كنت الحظه في العديد من مساجد المسلمين.وكأن خارج المسجد لايعتبر حرما للمسجد. والمشكلة أن شباب الامة لايكلفون خاطرهم بمبادرة فردية أو جماعية لتنظيف ما حول المسجد المهم البيت نظيف والمسجد نظيف. ملاحظة (هذه حالات عامة ،ولكن لايخلو الامر من الاستثناء.  بعض المساجد  وحرمها نظيفة الى درجة الاعجاب)

كتاب يدعوا الى العلم لكن اين العلماء؟

الكثير من ابناء الامة مع كل اسف يتعلم فقط من أجل الحصول على شهادة .(جواز سفر من أجل الوظيفة). أقول الكثير....لكن هناك من أبدع من ابناء الامة ووصل الى أعلى المراتب العلمية والاجتماعية لكن النسبة تكاد تكون معدومة إذا قارنها بعدد السكان.



الشعوب الاسلامية مع كل أسف يقودها مستبدين لصوص وسارقين لخيرات الامة .أو أئمة لايمتازون عن ابنائها إلا بالجبة والقفطان وذرابة اللسان،بلا علم صحيح أو فهم سليم لآيات القرآن ،والغريب في الامر أن كل هؤلاء الآئمة المطهرين إلا من رحم ربي ،ومنذ ألف سنة وأكثر .يقفون من على المنابر يصرخون بأعلى صوتهم "اللهم أقهر أعداء الاسلام أجمعين آمين اللهم آمين، اللهم دمر وخرب بيوتهم واقضي عليهم أجمعين آمين اللهم آمين ( أي يطلبون من الله قتل الاطفال والنساء والشباب المسالمين والشيوخ العجز ...)هل فكروا ولو لثانية واحدة بمعنى ما يقولون.ويتابع الاكارم. اللهم انصرنا على القوم المشركين والكافرين  اللهم احصيهم عددا ومزقهم ارباً...لماذا هذه التمنيات الشيطانية بدل أن يرجوا الله بعملنا وجهادنا السلمي أن يهديهم سواء السبيل ... اثناء حرب البوسنة صليت في أحد المساجد صلاة الجمعة ،وسمعت شيخ الحسبة في نهاية الخطبة يصرخ" اللهم احصي الصرب عددا ،ومزقهم اربا...الى نهاية الاسطوانة المعروفة. بعد الخطبة تقدمت إليه وسألته  ياشيخ دعيت على الصرب ، ولم تدع على الكروات الذين قتلوا ايضا من المسلمين الكثير . وهل كل الصرب هم أعداء لنا؟ نظر الي ،وقال لي الله أعلم يا اخي. (عقول جامدة وألسنة كالببغاء).

نحن أمة تعيش على التمني.

المشكلة في عالمنا الاسلامي تدخل تحت  باب (التمني) نحن نتمنى باللسان والقول من خلال الدعاء الى الله تعالى أن ينصرنا ،ويعلمنا،ويطهرنا،وينظفنا،  ، وينجحنا في الدراسة ،ويدخلنا الجنة مع الصالحين والانبياء،أن يُصّنع لنا بلادنا،وأن يساعدنا وينصرنا على أعدائنا......الخ.وننتظر من الله تعالى أن يلبي أمنياتنا....أي الكرة أصبحت في مرمى الله والعياذ بالله وعليه أن يتدبر امره.هذه هي اماني ودعوات وهمية ،الشيطان زينها لنا ،حتى يبعدنا عن اساس الدين ألا وهو العمل ( فقل أعملوا) الدعاء والتمني بدون السعي والعمل  ما هي إلا أمنيات شيطانية
" يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا".
" لعنه الله وقال عز من قائل" لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. ولاضلنهم ولأمنيهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغيرون خلقالله.... ومن يتخذ الشيطان وليا من دون اله فقد خسر خسرانا مبينا"
هذه هي مشكلتنا .التمني .نتمنى أن تنتصر الامة الاسلامية. .فندعوا باللسان بدون عمل وجهاد (جهاد نفس ومال)، نتمنى على المستوى الفردي قائلين اللهم علمنا وزدنا علما بالقرآن ،والقرآن على الرف لا أحد يتدبره أو يقرأ آياته أو يتمعن بها على الأقل . .والتمني هو عكس الرجاء.
وقد نبه الخالق عز وجل النبي بقوله" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته"
وقال عز من قائل" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"
لهذا علينا بدل التمني أن نرجوا الله تعالى ،والرجاء ربطه رب العالمين بالعمل الصادق والمخلص لوجهه.
بقوله "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحا"
الرجاء يسبقه العمل الصالح.
"وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور"
إذن ليس التمني بالدعاء في المساجد، أوبشكل فردي وحسب. بل إقامة العبادات ومن ثم الرجاء.
ولتوضيح هذه الفكرة لنأخذ طالبين. طالب قضى السنة الدراسية وهويتمنى أن ينجح ،وكان يدعوا الله كل الوقت ،وهويوهم نفسه واهله بالنجاح. وأخر كان يدرس بجد ويرجو الله أن يساعده ، وقد  عمل ما عليه. الأول رسب فعلا.... لأن الشيطان زين له الوهم وجعله يتمنى بدون عمل. أما الأخر نجح لأنه درس وصبر ورجا الله العون.
وقول الله تعالى " إنهم لايرجون حسابا"
أي من لايؤمن بالأخرة فلن يعد نفسه لها بالسعي ولن ينفعه رجاء أو دعاء.
اللهم أجعلنا من الذين يتدبروا كتابك قولا وعملاً. اللهم ساعدنا في سعينا أليك. اللهم أقبل منا عملنا الصالح ،وأجعلنا بعد ذلك من عبادك المخلصين امين يارب أمين.

اجمالي القراءات 23249