كاتب فرنسي يدافع عن الإسلام السلفي ويعتبر محمد بن عبد الوهاب إصلاحيا وليس متشددا

في الثلاثاء ٠١ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


دافع الكاتب الفرنسي شارل سان برو عن الإسلام السلفي واعتبره حركة إصلاحية، وقال سان برو "إن على الإسلام اليوم التذكير بأنه حركة اجتهاد دائمة ودين قابل للتكيف مع التطور". ورفض "التطرف الإسلامي" والنظريات الداعية لـ"التغريب"، ونقض المقولات السائدة عن الشيخ محمد عبد الوهاب، والتيار السلفي، منوها بأن عبد الوهاب كان صاحب حركة إصلاحية.


وذكر سان برو في حديث لوكالة الأنباء الإيطالية بمناسبة صدور كتابه "إسلام، مستقبل السلفية بين الثورة والتغريب"، (دار دو روشيه الفرنسية)، أن كتابه يرمي إلى "إظهار الإسلام الحقيقي الذي لا علاقة له بالتطرف الإسلامي والإرهاب الذي نتحدث عنه كثيرا".


وقال "التطرف هامشي جدا في الإسلام، ولكن في الوقت نفسه وكما أرفض التطرف انقض نظرية وضع الإسلام المتطرف مقابل تغريب الإسلام"، وأضاف "ارفض التطرف الإسلامي والإسلام المشوه المُغرب، وأفضل البحث عن الإسلام الحقيقي الذي كان دائما حركة إصلاحية"، على حد قول الكاتب الفرنسي المختص بقضايا الإسلام والعالم العربي.


وأوضح سان برو أنه ينقض في كتابه الجديد الفكرة السائدة عن عبد الوهاب، و"الوهابية"، وقال "بعكس الفكرة التي نقدمها عن الشيخ عبد الوهاب على أنه متشدد، فهو أول الإصلاحيين وبفضل تفكيره وعمله حرك الإسلام ودفع طاقة الإسلام التي كانت مجمدة، فعبد الوهاب يندرج ضمن التقليد وهو لم يؤسس مدرسة جديدة لكنه يقول بضرورة التخلي عما يشوه صورة الإسلام والعودة إلى السلف، للانطلاق من جديد وليس للعودة إلى الخلف".


ذكر سان برو أن عبد الوهاب (1703 ـ 1791)، "طور أمور كثيرة في الاقتصاد، وشجع التعاونيات الزراعية على سبيل المثال، وأيضا أعطى المرأة مكانة هامة في الإسلام"، وفق تعبيره.


وأنتقد سان برو النظريات التي طورها بعض المفكرين المسلمين، وتقول "إن الإسلام شأن فردي وإيمان في الحيز الخاص، وإنه لابد من التخلي عن بعض المفاهيم في الإسلام لتحديثه حسب المعايير المعاصرة".


واعتبر سان برو أن "هذه النظريات هي سبل لتشويه الإسلام لأننا إذا ألصقنا المبادئ والقيم والإيديولوجية الغربية اليوم به سنقتله"، وقال "هذا ما يرمي إليه البعض، لكن في الواقع لا يمكن حصر الإسلام بمسألة إيمان خاص فمثله مثل كافة الأديان شأن يخص المجتمع، والمقولة الأساسية في الإسلام إنه دين ودنيا". وذكر أن "الدين هو ما يربط بين الناس ويعطيهم اعتقاد جمعي" حسب رأيه.


ورأى المفكر الفرنسي أن التحديات التي تواجه الإسلام اليوم تتمثل بضرورة "التذكير بأن الإسلام حركة اجتهاد دائمة ودين الوطن، أي أنه دين قابل للتأقلم مع التطور وهو دين الاعتدال"، مضيفا "لابد من تقديم الصورة الحقيقة للإسلام نحو الخارج والغرب بشكل خاص، فهو يقدم اليوم بصورة كاريكاتورية".


وشدد على ضرورة أن "يجد الإسلام حركته الداخلية حيث كان دائما له قدرة على التكيف أي إعادة فتح باب الاجتهاد، وليس تقليد الغرب"، على حد قوله.


ورأى المفكر الفرنسي أن البعض في الغرب خاصة يستخدم مصطلحات مثل "الإسلاموية" و"الإسلام الراديكالي" و "السلفية" و "الوهابية"، دون فهمها بشكل جيد، وذكر أن الذين يتحدثون عن "خطر الإسلام"، يقومون بذلك نتيجة "نوايا سيئة" لتبيان أن هناك صدام حضارات، أو بسبب "الجهل" بحقيقة الإسلام،.


وقال "أحارب الجهل والهجوم على الإسلام واعتقد أن المشكلة ليست صدام الحضارات بل هي اليوم إنقاذ الحضارات إزاء التهديد ضدها عامة، واعتقد أن عليها التعاضد مع الأديان تتعاضد لتنقذ نفسها".


وأضاف "النقاش بين البربرية المادية والحفاظ على الحضارات وليس بين الحضارات أنفسها".


ويقدم سان برو، مدير "منتدى الحقوق والحضارة الإسلامية"، وعضو في "معهد القانون الدولي والمقارن" في كلية "رينيه ديكارت" للحقوق في باريس، يقدم في كتابه الذي صدر هذا الأسبوع، دراسة تحليلية متجددة لكبار المفكرين السلفيين كأحمد بن حنبل أو ابن تيمية، ويتخذ من "الإصلاحي" محمد عبد الوهاب إطاراً مرجعياً، مسلطا الضوء على تطور العقيدة السلفية، خصوصاً من جوانبها الاجتماعية السياسية والشرعية، بدءاً من القرون الأولى للإسلام وصولاً إلى يومنا هذا.


كما يتناول "التيار الإصلاحي" الذي يمثله الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، وكذلك عبد الرحمن الكواكبي. ويرى في الخلاصة أن "السلفية الإسلامية هي، كرد على التشرذمات المذهبية المتطرفة، أفضل من التغريب الذي قد يؤدي إلى إلغاء الهوية الإسلامية التي تتميز بالمزاوجة بين الزمني والروحي"، حسب الكتاب.

اجمالي القراءات 5494