قال جوي بخور المحلل السياسي بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن مصر فقدت زعامتها لدول المنطقة، مرجعا ذلك إلى رفضها مواكبة التطور والتغيير، الأمر الذي انتهى بها إلى فقدان دورها التاريخي، في الوقت الذي تعاني فيه تدهورا اقتصاديا، يتجلى بوضوح في ارتفاع معدل البطالة بين المصريين، وانخفاض الناتج القومي مقارنة بدول المنطقة.
وعلق بخور على الحملة القومية للحد من الزيادة السكانية في مصر، قائلا، إن تصريحات المسئولين المصريين تأتي في محاولة لاستعطاف الشعب كي يكف عن الإنجاب، وأضاف أن ما يزيد من تفاقم المشكلة، أن مصر تعيش على 2% من أراضيها، وأن هناك نسبة أمية 50%، بجانب تدخل الدولة في كل "حركة" رغم سياسة الخصخصة الاقتصادية، وكأنها تمارس وصاية الأخ الأكبر، حسب قوله.
وأشار إلى أن زيادة أسعار البترول زادت من الدخل القومي المصري، حيث بلغ معدل دخل الفرد في مصر ألف دولار، لكنه عندما تقارن مصر نفسها بمن حولها تشعر بالخجل وتغلق عينيها، ففي تركيا- التي لديها نفس العدد من السكان تقريبا (75 مليون نسمة)- بلغ إجمالي الدخل القومي 508 مليار دولار، بزيادة تجاوزت ثلاثة أضعاف الدخل القومي في مصر (145 مليار دولار).
وعقد المحلل السياسي الإسرائيلي مقارنة بين مصر وإسرائيل ذات الخمسة ملايين نسمة، التي حققت دخلا قوميا، بلغ 172 مليار دولار، وينتظر أن يتخطى حاجز الـ200 مليار خلال شهور، لافتا إلى أن نسبة البطالة في مصر تصل لـ 40 %، في وقت تهدد فيه الزيادات المتوالية في أسعار السلع الأساسية بوقوع أزمة مدمرة.
وتابع: إن مصر التي كانت تتزعم العرب والشرق الأوسط وأفريقيا والدول الإسلامية تنظر حاليا لمجد وقوة الماضي في أسى قبل أن تنام وفي ذهنها فقط حماية نفسها.
وأشار في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد من يعول على الانتخابات؛ فالمنظومة السياسية الحالية منعزلة عن الجمهور منذ عشرات السنين، ومحاولة "الإخوان المسلمين" اقتحام الحياة الحزبية- تحت مظلة الديمقراطية- تم صدها، وإبعادهم عن السياسة مجددا بتعديل الدستور، في إشارة إلى تعديلات أقرت العام الماضي، شددت من شروط الترشح لرئاسة الجمهورية والانتخابات البرلمانية.
وأضاف المحلل السياسي الإسرائيلي، أن الرئيس المصري حسني مبارك وهو في الثمانين من عمره يرفض أن يُعين له نائبا، لذلك لم تبدأ عملية نقل للصلاحيات، "مما يجعل الطوفان من بعده محتملا"، وهو ما يعبر عنه المصريون بالنكات حول أسلوب اختيار كل رئيس لنائبه.
وقال إن المصريين يرون أن مبارك شخصية تنفيذية، تسعى إلى المحافظة على الأوضاع القائمة بكل ثمن، رافضا أي تغيير، مما جعل دولا في شرق آسيا مثل ماليزيا، وإندونيسيا، ودول أخرى تتقدم للأمام، بينما تقبع مصر خلفهم بكثير.
بالإضافة لـ "المقارنة الخاسرة" مع إسرائيل، التي أصبحت ثاني قوة في العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات، ومع دول الخليج العربي التي استفادت من ارتفاع أسعار البترول، وهو ما تحولت مصر في ضوئه لـ "دولة هامشية" في الشرق الأوسط، على حد قوله.
وأوضح بخور أن مبارك وإن كان باستطاعته أن يقول أنه أنقذ البلاد والنظام من الانقلاب، لكنه في نفس الوقت جعله نظاما جامدا، مثل المباني الأثرية التي يحاصرها الزمن والوهن، على حد تعبيره.
واستطرد، قائلا: مبارك جمد السلام مع إسرائيل، بل وقتله لعدم رغبته في التجديد أو الولوج في شيء لا يعرفه قد يغير الوضع القائم، مضيفا أنه من المحتمل أن يكون مبارك نادما الآن على عدم السير في طريق السلام الكامل مع إسرائيل، لكن القوى الدينية لن تسمح له للاقتراب ولو بمقدار ضئيل من إسرائيل.
وخلص إلى القول: إن مصر حاليا غير مقتنعة بأن إمبراطورية قديمة وضخمة مثلها يمكن أن تنصت لإسرائيل الصغيرة وتنصاع لما تقوله لها على الرغم من أن الحجم لم يعد هو المعيار، بل المبادرة واليقظة - على حد قوله - معربا عن اعتقاده بأن "شرعية مصر كزعيمة للعالم العربي بسبب الحروب التي خاضتها ضد إسرائيل لم تعد مقبولة لدى العرب، كما أن زعامتها كمنارة للأدب والثقافة والفن بدأت تتزعزع لصالح دول الخليج العرب