جريمة شرف (من نوع جديد) تهمين على صحف لندن!

في السبت ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

كان ميان شهيد محمود مجبراً على السير في تلك الارض المعزولة غير عارف بما سيكون عليه مصيره بعد لحظات، ولكنه كان يامل ان تنتهي هذه الدقائق المجنونة على خير، فليست تلك المرة الاولى التي يمر فيها بازمة او ربما لن تكون هذه المرحلة اصعب من ما معاناته حينما قرر ترك بلاده باكستان والذهاب الى بريطانيا لكي يلحق بمحبوبته التي ستكون سبب مأساته.

مرت اللحظات وكأنها سنوات وانتهت بطلقتي نار وجهت الى ظهره، وترك هناك ليموت وحده والسبب ان شقيق زوجته قد قرر انهاء حياة هذا الرجل المسكين عقاباً على زواجه من شقيقته وعدم ترك الاخيرة تتزوج من ابن عمها.
وقعت الجريمة التي صدر الحكم فيها امس السبت بالقرب من تلال هاليفاكس في يوركشاير الغربية، لا لسبب الا لان محمد وزوجته تجاوزا تقاليد عائلية (عريقة) فقرر الابن البكر في العائلة تعيين ثلاثة قتلة ليقوموا بالمهمة ويغسلوا شرف العائلة..

الاثارة في هذا الموضوع لاتقف عند هذا الحد، بل الاكثر من ذلك فأن المجرم يحظى بدعم منقطع النظير من قبل رؤساء عدد من الجاليات الاسلامية في بريطانيا.
ولدت ياسمين بيبي راخا لعائلة باكستانية مسلمة وهي واحدة من بين ستة اطفال انجبتهم هذه العائلة، قرر والدها اخراجها من المدرسة وهي في سن التاسعة وارسالها لتيعش مع عمها في باكستان لتتلقى تعليمها في السنوات الثلاثة التالية وهي مقيمة في المنزل وبعمر الخامسة عشرة عادت ياسمين من جديد الى بريطانيا حيث وعد ابن عمها بالزواج بها ولكن الامور كانت قد تغيرت كثيراً.

كانت الفتاة قد كبرت، وسعت لاستعادة بعض السيطرة على حياتها بعد ان خسرت تعليمها فقررت الدخول الى المدرسة مرة اخرى من اجل ان تنال مستوى دراسي يؤهلها للعمل والاعتماد على نفسها وهو ما لم يوافق عليه الذكور من افراد عائلتها.
صدر القرار ان تعود ياسمين من جديد الى باكستان في عام 2002، ووقتها كانت تبلغ من العمر 19 عاماً حيث عادت الى اقليم البنجاب برفقة شقيقيها بحجة الذهاب في عطلة، لكن العطلة طالت لمدة ستة اشهر، وخلال بقاءها بعيدا عن بريطانيا اخبرها شقيقها انها قادرة على العودة الى بريطانيا "بشرط ان تكون عاقلة هذه المرة" ولكن ياسمين ارتكبت اكبر (حماقة) بدل ذلك.. حيث اغرمت باحد الشبان الباكستانيين... وذلك اثناء اقامتها في باكستان!

تعرفت ياسمين على من سيكون زوجها في المستقبل اثناء حضورها لزفاف شقيقها اراز خان.. حيث كان شقيقها الاكبر قد تزوج بصورة تقليدية من احدى الفتيات التي اجبرت على الزواج به بحسب ما يقتضيه العرف، وتعرفت ياسمين على شقيق زوجة خان واحبته وهو ما تسبب في اثارة شقيقها حيث قام بتهديد حياتها اكثر من مرة.
كان والد ياسمين وهو رجل اعمال صاحب تأثير سياسي في اقليم البنجاب الباكستاني قد وعد شقيقه بتزويج ابنته من ابن اخيه البكر وذلك اثناء زياراته المتكررة لباكستان وهو ما دعا ياسمين لمغادرة باكستان وبسرعة بعد ان سرت انباء حبها بين اقربائها.

اشترى لها محمد تذاكر الطائرة لتهرب من منزل بيت عمها اثناء غياب الاخير وتتجه الى مطار لاهور حيث وضع محمد خاتم الخطوبة في يد من ستصبح زوجته فيما بعد ولتنجح ياسمين في العودة الى بريطانيا من جديد.
قررت ياسمين العيش بعيداً عن عائلتها عبر الانتقال الى ايدنبورغ لكن سرعان ما عثر عليها شقيقها الذي ارسل مجموعة من الرجال ليقوموا بنقل شقيقته الى منزل عائلتها في هاليفاكس.

عادت ياسمين الى باكستان في اكتوبر 2004 لتتزوج سراً من محمود بعد اخذ موافقة عائلته وعاشا في كوجرات الهندية تحت الحماية لفترة من الزمن.
ولانها اعتادت العيش في بريطانيا قررت ياسمين العودة من جديد وقرر زوجها اللحاق بها رغم ان البعض من اصدقاءه وصف قراره هذا (بالمغامر).

عادت ياسمين الى بريطانيا وعثرت على وظيفة كمربية منزل وحاولت اخفاء زواجها لكن شقيقها خان اكتشف الامر وهدد بدفع المال لاحدهم ليقوم بقتل محمود.

حال وصول محمود في فبراير 2006 عاش بعيدا عن زوجته خوفا من انتقام اشقاءها، في المقابل قامت ياسمين بتاجير احد المنازل لتعيش مع زوجها على بعد ميل واحد من منزل عائلتها وفي خريف نفس العام انتقل محمود للعيش في المنزل الجديد ولم تكن عائلة الزوجة تعرف شيئاً عن هذا الامر.
سرعان ما اصبح الجيران يشكون بامر المنزل حيث قال بعض الجيران في تصريحات نقلتها صحيفة التايمز اللندنية ان الرجل كان نادراً يغادر منزله وان تحركاته كانت محصورة في الوقت المتأخر من الليل ويرفض فتح الباب امام الزائرين ما عدا سيدة اسيوية كانت مهمته ترك الطعام على الباب.

يقول احد الجيران "كانت تدق على الباب بحذر ثم تدخل كمن يتسلل الى الداخل وكانها تخفي احدهم في الداخل وكان يبدو الخوف على وجهه دائماً".
كانت ياسمين هي الزائرة الوحيدة لذلك المنزل وكانت المرة الوحيدة التي خرج فيها الاثنان حينما قررت ياسمين ايصال زوجها بالسيارة فاخفى الاخير نفسه بالنوم على المقعد الخلفي.

لم ياخذ امر اكتشاف هذا الموضوع طويلاً، في فبراير 2008 طرقت ياسمين الباب ولم يفتح لها احد ، لم تكن تعرف ان زوجها قد رحل الى الابد.
قررت العودة الى منزلها لتكتشف ان والدها الله رخاه (58 عاماً) في مزاج جيد وهو يقول امامها كلمات ستعرف معناها لاحقاً "اليوم قد استجاب الله لصلواتي، ما كنت اريده حصل اليوم ، لقد ساعدني الله على تحقيق ذلك".

كان شقيق الزوجة قد ذهب الى احدى المطاعم في هاليفاكس واتفق مع ثلاثة اشخاص من اجل ضمان قتل زوج شقيقته وقد كلف الامر العائلة ما بين 5 و 8 الاف جنيه استرليني.
قام الثلاثي بقتل الضحية في سيارة والتي عثر عليها في ما بعد وقد حرقت بصورة كاملة حيث اخذوا الشاب المرتعب محمود من منزله واطلقوا عليه رصاصتين من الخلف وتركوه يلفظ انفاسه الاخيرة في العراء.

ياسمين شاركت في المحاكمة كشاهدة لكنها قالت "لا اريد ان اشهد ضد شقيقي، لم افقد زوجي فقط، لقد فقدت عائلتي بكاملها، لن اشهد ضده" وتضيف وهي تتحدث عن زوجها الراحل "لم ارد له الموت، ولكنني اردت له ان يعيش بجانبي والعيش بسعادة ليتحقق حلمي بذلك، لمن ساروي ما اعيشه في حياتي بعد الان، من سيعرف دواخل قلبي غيره".
وبعد كل الذي حصل عادت ياسمين للعيش مع عائلتها مع مخاوف على سلامتها الشخصية ولكن هذه القصة تمثل واحدة من الالاف القصص التي تتم على هذه الشاكلة في المجتمع الاسلامي في بريطانيا.

اجمالي القراءات 2334