المطرقة والشعوب العربية

رمضان عبد الرحمن في السبت ٢٤ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

المطرقة والشعوب العربية

إن النقد هو أساس التقدم والتنافس في كل شيء، ونحن ننقد بالحوار ولغة القلم، ونريد الخير للدول العربية والعدل دون السعي وراء المادة أو السلطة، فلماذا يعتقد رجال السلطة في الوطن العربي وأصحاب النفوذ حين يكتب عنهم أي شخص ولو كان النقد بسيطاً أن الناقد حاقد أو ساخط عليهم... وهذا اعتقاد خاطيء، وأن الذي يكتب ما يراه وينقد أي شيء أو أي شخص هو في الحقيقة واضح وضوح الشمس ولا يحمل ضغائن لأي شخص وأن القصد من الكتابة هو لصالح الشعوب، وقد قرأنا عن عصور الظلام في أوروبا وغيرها من البلدان التي مزقتها الحروب والعنف والاعتقالات، ومات الملايين بسبب ذلك، وشرد آلاف، وفي النهاية انتصرت لغة القلم والحوار على السلاح، وننظر إلى العالم من حولنا وما وصلوا إليه من تقدم وعلوم بسبب لغة القلم وحرية التعبير، والنقد عن حكام هذه الدول بكل شفافية ووضوح، دون خوف، وهذا ما جعل حكام دول العالم المتحضر أن يعملون لصالح شعوبهم بكل ما يستطيعوا لكي يخلدهم التاريخ، أي أن كل حاكم من حكام دول العالم الحر هو عبارة عن موظف يخدم لفترة معينة وبعد ذلك ينظم إلى صفوف الشعب ليعيش كيف يشاء ويتنقل من مكان إلى آخر دون حراسة أو خوف من أي أحد، لأنه كان موظف وليس ديكتاتور، كما يحدث الآن في معتقلات وسجون الدول العربية من انتهاكات وتعذيب على أيدي الحكام وزبانيتهم، ليس له مثيل في العالم، لمجرد أن هؤلاء الأشخاص يكتبون عن بعض ما يحدث في بلدانهم أو ينقدون الحكام، لمجرد التذكير فقط ليس إلا... فتكون عواقب هذا النقد إما السجن أو النفي خارج البلاد، وكأن الحكام في الوطن العربي ملائكة لا يخطئون، فإذا كان أنبياء الله يخطئون في بعض الأمور، وكانت تأتيهم العظة من السماء، فعلى حكام الوطن العربي إذا كانوا يريدون الخير لبلادهم أو تقدمها والنهوض بالعالم من حولها، أن يسمحوا بحرية التعبير وأن يقبلوا النقد من أصحاب القلم الحر، لكي يصبح هناك تنافس شريف من أجل شعوب المنطقة، وأن سياسة القمع والضرب بالمطرقة والاستبداد، وملاحقة دعاة الإصلاح وغيرهم، هي التي جعلت الوطن العربي متخلف، وأعتقد أنه لن يحدث تقدم في أي شيء والنهوض بالأمم التي تقدمت إلا إذا أصبح هناك حرية بمعنى الحرية، لأن الحرية هي أساس الإبداع والتقدم، ونفصل بين الدين والسياسة، ومنذ أن خلطوا الدين في السياسة النتيجة معروفة، أصبح دور العرب في العالم صفر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى حين يصبح الحاكم موظف يعمل من أجل الدولة والشعوب، وليس ديكتاتور، وغير ذلك من سيء إلى أسوأ.
الشيء الغريب والعجيب في الشعوب العربية أنهم يعيشون تحت القهر والذل والجوع والخوف من مطرقة الحكومات، ومع ذلك يصفقون لهذه المطرقة، وبهذا الجوع والقهر والذل والجبن والخوف تكون الشعوب العربية قد حطمت الرقم القياسي في العالم وبذلك يستحقوا أن يكونوا لا يساووا شيئاً بين شعوب الأرض في هذا العصر، بتحطيمهم الأرقام القياسية في كل شيء ما عدا التقدم، وبعد ذلك نعلق خيبتنا الكبيرة ونقول أن أكثرية العلوم والنظريات الموجودة في الغرب أخذت من العرب، وعلى فرض أن هذا الكلام صحيح، أين دور العرب من هذه النظريات والعلوم والتقدم في هذا العصر؟!.. بما أننا أساس العلوم كما يقولون، وكي لا أنسى نحن متقدمين في الفقر ومتقدمين أيضاً في أصحاب المليارات، وأنا هنا أذكر فقط دون حقد أو سخط على أحد، أكتب هذا الكلام وأتمنى أن يصبح للوطن العربي كيان كبقية البلدان، لأننا أصبحنا (ملطشة) للعالم، وكل ذلك بسبب أننا أدخلنا الدين في السياسة والسياسة في الدين، وللعلم بالشيء يا سادة أن أغلبية الدول المتقدمة لا تهتم بنوعية الدين وإنما تهتم بما يقدمه الفرد لبلده، بغض النظر عن عقيدة كل إنسان، وهم كما تعلمون أكثر منا بكثير من حيث تعدد الديانات، ولكن الكل يجتهد من أجل التقدم، ونحن.... أترك لكم أن تحكموا ما وصلنا إليه، وماذا سنترك للأجيال القادمة، وإلى الآن الدول العربية دول مستهلكة، والعالم من حولنا في صراع الصناعات والتقدم، ونحن مشغولون في صراع الديانات والمذاهب، ومع ذلك لم نصل إلى حل في هذا الصراع الديني ولا توحد المسلمين على مذهب واحد، وماذا لو تركنا هذا الصراع جانباً وكل إنسان حر فيما يعتقد، وننسى التعصب في الفكر والرأي ثم نجتهد أو نبحث في العلوم والنظريات كما فعلت الدول الأخرى، وربما نصنع شيئاً والذي من خلاله يحسب لنا أو تتذكرنا الأجيال القادمة أننا فعلنا شيئاً.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 10422