جدل باليمن بشأن تشكيل هيئة للفضيلة والتصدي للمنكرات

في الإثنين ٢٣ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

جدل واسع أثاره تقديم مجموعة من العلماء باليمن مشروعا لتشكيل "هيئة الفضيلة والتصدي للمنكرات"، بعد حديثهم عن لقاء جمعهم مؤخرا بالرئيس علي عبد الله صالح وعرضهم المشروع عليه.

وتعرضت الفكرة والعلماء ومن بينهم الشيخان عبد المجيد الزنداني وحمود الذارحي، بالإضافة إلى السلطة، لحملة إعلامية قاسية من كتاب وصحفيين ومثقفين، وحذروا من "هيئة الفضيلة" المقترحة، وتحولها لنموذج تجربة طالبان بأفغانستان، أو المحاكم الإسلامية في الصومال، وأنها ستعيد للذاكرة "محاكم التفتيش".

واعتبر المعارضون لتشكيل الهيئة أن ما يهدد المجتمع باليمن ليس نقص قيم الفضيلة ولا الوازع الديني والأخلاقي، بل ضعف التنمية والفقر والأمية، وتدني الخدمات الصحية وانعدام العدالة وعدم المساواة والفساد والتوزيع غير العادل للثروة والانفراد بالسلطة.


الكاتب عبد الباري طاهر من أبرز من تصدوا لفكرة إنشاء الهيئة (الجزيرة نت)
التصدي للفكرة
وكان أبرز من تصدى لمعارضة قيام هيئة للفضيلة نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبد الباري طاهر، وخطيب مسجد بدر بصنعاء الدكتور مرتضى زيد المحطوري -من علماء المذهب الزيدي- وعدد من المثقفين بينهم الناقد الدكتور عادل الشجاع.

كما أصدرت ثماني منظمات حقوقية وصحفية وثقافية بيانا منددا بالهيئة، ورأوا أن المشاكل التي تعاني منها البلاد لا تحتاج إلى هيئة لتنمية الفضيلة، بل قيام الدولة بواجباتها تجاه شعبها، والعمل بجدية على تحسين مستوى معيشة المواطنين.

والمطلوب باعتقاد المعارضين هو اعتماد إستراتيجية تنموية توفر فرص العمل للشباب وتؤمن شروط استقرارهم وإنشاء مراكز ثقافية ورياضية لهم وما يمكن أن يساعد على حل مشكلاتهم وتفهم احتياجاتهم.

وكان لافتا أن تحليلات ذهبت إلى أن السلطة تريد من وراء تشكيل هذه الهيئة شق حزب الإصلاح ذي التوجهات الإسلامية -أكبر أحزاب المعارضة– الذي يقود تكتل اللقاء المشترك المعارض الذي يضم أحزابا اشتراكية وقومية ناصرية وقوى محسوبة على المذهب الزيدي.

فساد أخلاقي

البرلماني محمد الحزمي انتقد الحملة الشرسة ضد العلماء ومشروع الهيئة (الجزيرة نت)
في المقابل قال البرلماني محمد الحزمي -وهو داعية وخطيب مسجد- إن الفكرة كانت من قبل العلماء الذين طلبوا لقاء رئيس الجمهورية ليوضحوا له أن البلد يغرق في فساد أخلاقي غير معهود وغير مسبوق، فقد صار فسادا مؤسسيا، وأن هناك "لوبي فساد" يسعى لإغراق البلد في المنكرات والفساد الأخلاقي.

وأضاف أن ما قام به العلماء هو واجبهم الشرعي، وهم لا يفرقون بين فساد وفساد آخر، فكل فساد يجب أن يوجهوا إلى إزالته، والأصل أن الحاكم هو المسؤول عن إزالة الفساد المالي والسياسي، وكذلك الفساد الأخلاقي، لأن ذلك منوط به لقوله تعالى "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر".

وانتقد الحزمي الحملة الشرسة التي شنها البعض على العلماء ومشروع الهيئة، وقال "كان على المثقفين والصحفيين أن يتبينوا المسألة وألا يهاجموا الهيئة"، وقال إن "هناك مبالغة في إعلان شكهم كالقول إن الهيئة ستضيق على الشباب والفتيات في تحركهم ووجودهم في الشوارع".

وأكد النائب الحزمي في حديث للجزيرة نت أن هيئة الفضيلة لن تكون فوق القانون بل ستعمل ضمن القانون، فليست لها سلطة قضائية ولا تنفيذية، بل هي ستعمل فقط في إطار الحسبة، والتنبيه إلى الفساد وأماكنه، بينما السلطة بأجهزتها تتخذ الإجراءات القانونية والدستورية ضد مروجي ومرتكبي هذا الفساد.

وتطرق إلى انتشار محلات بيع الخمور في بيوت وفنادق في وقت يعاقب فيه القانون على ذلك قبل أن يكون الشرع يحرمها، إضافة إلى انتشار ما يسمى "المساج الصيني" واتخاذ نواد وفنادق لافتة لارتكاب المنكرات، وتساءل "هل يجوز التصريح لأشياء وأعمال مخالفة للقانون والدستور؟".

المصدر: الجزيرة

اجمالي القراءات 1982