إبراهيم عيسى يكتب الفرعون على الهواء مباشرة!

في الإثنين ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الفرعون على الهواء مباشرة! إبراهيم عيسى
نشر: 25/11/2012 8:45 م – تحديث 26/11/2012 9:24 ص

هل فكرت أنك ستعيش حتى ترى فرعون موسى يخطب فى التليفزيون؟

نرى فرعون موسى على الهواء مباشرة نافخا حنجرته ومنتفخا بلغته، نراه ونشاهده ونتابعه بعد كام ألف سنة، الفرق الوحيد فقط أنه لا يوجد موسى ولا عصاه ولا شَقَّ بحرٍ أو نهرٍ، نرى فرعونا ولكننا نقاومه بلا نبىّ ولا معجزات، ونواجه فرعونا ليس شخصا فى ذاته، بل جماعة بقضّها وقضيضها، بمرشدها ورئيسها، وقارونها وهامانها، ولا يغرنّك اللّحى والتمتمة والهمهمة بالتسبيحات والصلوات، فقد كان الفرعون ملتحيا ويتمتم كذلك، نحن إذن أمام نظام فرعونى أسوأ من سابقه بل لعله يكرر فرعونية عصر موسى كما هى بِدِينها وكهنوتها ومالها وإعلامها، تماما كما جاء فى كتاب الله العظيم كأنما يخرج من الآيات ويتمثل بشرا سويًّا يقول ويحكى ويتكلم فرعون قصر الاتحادية بهيئته الموقرة وفرعونيته المفخمة، فرعون واحد ومئة هامان وعشرات من قارونات يمشون ويمضون، ولكن أليست هذه قسوة على نظام مرسى وجماعته أنْ نَصِفَه كما وصفنا نظام مبارك فى نهاية سنواته بأنه نظام فرعونى؟ خلاص كما فعلنا قبلا تعالوا نقارن ونحكم، فالصفات الأساسية التى شرحها الله سبحانه وتعالى وحددها فى كتابه الكريم عن فرعون تتجلى فى أول صفة وهى الاستكبار. والحقيقة أن هذا نظام جماعة الإخوان ومرشدها، ودكتورها لا يخفى ولا يدارى أبدا استكباره واستخفافه بشعبه، فيتعامل مع الشعب باعتباره جماعة المطيعين من فريقه السياسى المغمى المعمى، فيظن أنه يلقى أوامر على أعضاء شعب (بضم الشين) لا على شعب (بفتح الشين) فينتظر الطاعة والاستجابة، الفرعون لا يطلب من عبيده بل يأمرهم، ثم هو يكفِّر معارضيه وأحزابه. خطيب مستكبر ومتجبر، يهدد معارضيه أمام عبيده وكهنته أنه سيُلقى بهم فى غياهب الجُبّ، وأنه يتنصت عليهم ويتجسس على حياتهم، خطيب يعلن رغبته فى استخدام سطوته وسلطته فى قهر العباد والبلاد ويزعم كأى مستعبد كفُور أنه يقودنا إلى سبيل الرشاد، وما الاستكبار أصلا سوى الامتناع عن الانصياع للحق والرضوخ للشعب، ولكنه يأبى ويتأبّى ويعصى ويتعصّى، فالفرعون الملتحى مندوب جماعته يريد الحفاظ على تلك الامتيازات والإمكانات التى يمنحها له الاستبداد المحتفى به من عبيده وعباده ومكتب إرشاده!

وبهذه النظرة يكون الاستكبار وسيلة بينما يكون العُلُوّ نتيجة. العلو من خصائص شخصية فرعون، يقول الله تعالى: «وإن فرعون لعالٍ فى الأرض وإنه لمن المسرفين»، ويقول تعالى: «ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين»، ويقول تعالى: «إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبِّح أبناءهم ويستحيى نساءهم».

أليس الدكتور مندوب الجماعة الساكن فى قصر الاتحادية يفتّت ويشتّت مصر كلها ويسعد مبتهجا فخورا بأنه يقسم الوطن المؤتمَن عليه فيمشى أمام عبيد الفرعون المهللين له المكبرين لكلماته مدّعيا أنه ينقذ الوطن من الفوضى، بينما هو يزرعها وينشرها وينثرها فى البلد بجماعته المستكبرة المدرَّبة عسكريا؟ أليس هو الذى يقتل أبناء وطنه بهراوات الأمن ومدرعاته وطلقات رصاص مؤيديه وميليشيات جماعته؟ أليس هو من يستحيى نساء وطنه بالضرب والركل وقذف المحصنات وتعرية أجساد البنات على الأسفلت، والادّعاء أنه وجماعته حماة الدين من أعدائه بينما هم الكهان الكهنة؟!

والمتأمل للآيات القرآنية يتأكد أن فرعون فى شخصيته المتعالية يرى فى نفسه أنه فوق مستوى البشر، وبهذه النظرة الفوقية تتم صناعة رئيس جماعته الذى لا يؤمن إلا بنفسه ولا يعتقد إلا فى ذاته ويكره المعارضين ويتهمهم بالكفر وبالخيانة، بل وبإنكار الألوهية للفرعون.

شوف فرعون أمام قصر الاتحادية يقول كلاما إلهيا فى الحكم والأمن والتنصت والتجسس والوعيد والتهديد حين حشر جماعته، «فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى»، والمذهل أن عبيد جماعته كانوا يهتفون إيمانا بكلامه وتأمينا عليه بهتاف «الله أكبر».

إلى هذا الحد عميت قلوب فى الصدور وَخَلَت رؤوس من عقول!

اجمالي القراءات 2849