الصادق المهدي للأهرام‏:‏ السيناريو السوري قد يتكرر في السودان

في الجمعة ٢٣ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الصادق المهدي للأهرام‏:‏ السيناريو السوري قد يتكرر في السودان
حوار‏:‏ أسماء الحسيني
 
 
217
 
عدد القراءات

لايزال السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني المعارض وإمام الأنصار ورئيس وزراء السودان الأسبق مصرا علي الدعوة إلي التغيير عبر الوسائل السلمية‏,‏ وعبر ملتقي للحوار الجامع لإخراج السودان من أزمته الحالية.
الصادق المهدي
الصادق المهدي

,ويصر علي أن هذا السبيل هو الذي يجب أن ينتصر في نهاية المطاف, محذرا من انجرار السودان إلي السيناريو السوري والفوضي, وان البديل سيكون ثورة شعبية واعتصامات في الميادين وتصعيد للاحتجاجات في كل مكان, لكنه نفي أن يكون قد دعا السودانيين إلي احتلال سفارات بلادهم بالخارج, أوضح أن مستقبل الثورات العربية مرهون بالحفاظ علي الديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية. وقال في حوار للاهرام إنه لا بد من تكامل سني شيعي وتأسيس صندوق نقد عربي يموله الخليج لدعم دول الربيع العربي, مشيرا إلي أن معادلة الصراع مع إسرائيل تغيرت, وأن التطورات العربية والفلسطينية ليست في مصلحة تل أبيب.
نقلت عنك تصريحات تطالب فيها السودانيين باحتلال السفارات السودانية ؟
غير صحيح لم أطالب باحتلال السفارات علي الإطلاق, ماقلته هو أننا نطالب بنظام جديد يقوم علي علاقة خاصة تكاملية مع الجنوب ووقف الحرب في دارفور بموجب أسس تقوم علي إعلان مباديء يتجاوز الدوحة ويحقق السلام وضرورة حل مشكلتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بالاستجابة لأهالي هذه المناطق داخل وحدة السودان, أما مشكلة ابيي وغيرها من المناطق الحدودية فمن غير الممكن حلها في إطار الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا, ولابد من مشاركة اهل المنطقتين لأن أي حل خلاف ذلك ستكون نتائجه عكسية, ولابد من تكوين لجنة حكماء من البلدين, وقد وضعنا في تصورنا للنظام الجديد أسسا للدستور وخريطة طريق لإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية لإنقاذ البلد, وهدفنا أن يتوافق كل السودانيين علي هذا المشروع بمن فيهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم, ووقتها نقيم ملتقي جامعا بدون عزل لأحد نتفق فيه علي النظام الجديد مثلما حدث في جنوب إفريقيا وتشيلي وإسبانيا.
وإذا رفض المؤتمر الوطني ؟
دعوت إذا لم تتم الاستجابة لهذه المطالب المشروعة للدخول في اعتصامات في الميادين وأمام السفارات السودانية, ولم أدع بالقطع لاحتلال السفارات, ومستحيل أن أقول ذلك, لأن كل المسائل التي يسعي إليها بالعنف تجلب عنفا مضادا, وقد يؤدي إلي تكرار السيناريو السوري في السودان, ونحن نريد وسائل تتجنب العنف والإستنصار بالأجنبي, وهذه هي خطوطنا الحمراء.
بدا للناس أن هناك تناقضا ما في تحركاتكم في الفترة الأخيرة, حيث وقعت اتفاقا مع الجبهة الثورية المسلحة, وبعدها فصلت نائبك نصر الدين المهدي لانضمامه لتلك الجبهة. ؟
وقعنا مع الجبهة الثورية لجعل الحل السياسي هو الاستراتيجية, وكلامنا هذا يتماشي مع قرار مجلس الأمن رقم2046 الذي ينص في النهاية علي نوع من التوافق الثنائي مع حملة السلاح, ومانريده توافقا جامعا يتجنب عيوب كل الاتفاقيات السابقة.
ولماذا تعزل نائبك الآن بعد أشهر من انضمامه للجبهة الثورية ؟
انضم للجبهة الثورية بدون استشارة حزب الأمة وأجهزته, ولذا اعتبرالحزب في بيان له في14 أغسطس الماضي موقفه هذا فرديا ولايمثله, ولكن لأنه نائب الرئيس تركوا مساءلته لي, وبدوري مراعاة لمكانته لم أشأ اتخاذ أي اجراء إلا بعد أن ألتقيه, وقد خيرته بين بقائه في الجبهة أو الاستقالة من منصبه في الحزب أو أن اقوم أنا بإعفائه, وكان أن إختار الخيار الأخير, فلا يستطيع حزب محترم مثل حزب الأمة أن يدخل نائبه في جبهة أو حزب آخر بدون قراره, وذات القرار سري علي عبد الرحمن الصادق المهدي عندما اتخذ قراره بالانضمام للحكم.
ألم تيأس بعد من دعواتك المتكررة للمؤتمر الجامع دونما استجابة ؟
لم أيأس, وأعتقد أننا نمشي للأمام باستمرار, ونجد تأييدا من أطراف عديدة, وهناك آراء كثيرة في الحزب الحاكم تتجاوب معنا, والأسرة الدولية تتحدث أنه لاحل غيره, وأعتقد أن خطنا هذا سيعزل فئتين, من يريدون استمرار الانفراد بالسلطة والعناد, ومن يريدون الإطاحة بالنظام بالقوة واستخدام العنف, وكلاهما مدمر للسودان.
هل ثمة ضغوط من الحكومة مورست عليكم بشأن اتفاقك الأخير مع الجبهة الثورية ؟
الخرطوم تعلم موقفنا, وأننا نريد تغييرا سياسيا ونظاما جديدا, ولم ولن نتراجع عن ذلك.
هناك انتقادات كثيرة توجه إليك من الحركات المسلحة لرفضك إسقاط النظام بقوة السلاح ؟
أعتقد أنه إذا حدثت مواجهات يمكن أن تحدث فوضي, وأنا أريد تحولا ديمقراطيا, علي غرار ماحدث في جنوب افريقيا.
كانت هناك شائعات كثيرة تتحدث تارة عن سعيك لكي تكون الرئيس البديل, وتارة أخري عن سعيك لصفقة ما لتأهيل ابنك عبد الرحمن مساعد الرئيس لهذا المنصب ؟
أولا بالنسبة لي لن أتولي أي منصب غير منتخب, أما بالنسبة لعبد الرحمن, فقد فوجئت باختياره مساعدا للرئيس, وأعلنت وقتها أنه لايمثلني ولايمثل حزب الأمة, وأعلن عبد الرحمن ذلك أيضا, ولم يكن ذلك بالقطع في إطار أي ترتيبات لأي مهمة مستقبلية له, ولكن الشائعات تحدثت عن ذلك, ولايستطيع أحد السيطرة عليها.
وكيف تقيم أداء ابنك كمساعد للرئيس ؟
خلفية عبد الرحمن النضالية والسياسية مكنته أن يكون قادرا داخل نظام الإنقاذ علي القيام بمسائل إيجابية, وركز في مهمته علي إعطاء أولوية للسلام والاستعداد للتفاهم مع القوي السياسية وضرورة حل المشكلات بطرق غير عنيفة, وثبت أن أداءه مشرف, وقد أشادوا به.
بماذا نصحته قبل الانضمام للحكم ؟
قلت له إننا لانوافقه علي الذهاب في هذا الخط, لكنك لوحققت شيئا إيجابيا فسوف يعترف لك الناس في السودان به, وإلا فإنك ستتحمل مسئولية قرارك, وحذرته من أن يحوله النظام إلي أداة من أدواته.
ولماذا لم تتخذ موقفا أشد صرامة وتمنعه ؟
لم أفعل ذلك, وقد كان ممكنا لكنني وجدته مقتنعا بهذا الكلام, ومنذ عام2000 كان يري أنه لابد من البحث عن طريقة للتعاون مع النظام, وكان صادقا في اقتناعه.
البعض في السودان انتقد تصريحات القيادات الإسلامية العربية التي شاركت المؤتمر وبدت مؤيدة لنظام الحكم في السودان.. كيف رأيتها ؟
الحركات الإسلامية عموما علي درجة عالية من المجاملات, ولا أتصور أن حديث هذه القيادات السري مثل العلني, والعقلية العربية عموما فيها نوع من المجاملة علي حساب المباديء ولايستبعد أن يكونوا قد نصحوهم سرا, لكن عندما يرفع الشعار الإسلامي يحدث لهذه الحركات نوع من التخدير العاطفي علي حساب العقل.
الآن كيف تنظر لمستقبل ثورات الربيع العربي التي تحمست لها كثيرا ؟
الفأل الوحيد أن الشعوب انعتقت, وأنه قد صار للحرية قدسية, وأن الطغيان أصبحت الشعوب حساسة ضده, وضد أي نوع من السيطرة الأجنبية, لكن مايعطل ثورات الربيع العربي أن القوي الثورية والمنظمة ليس عندها رؤية لما تفعل, وبالتالي عمت الفوضي بصفة عامة في دول الربيع العربي.
وكيف تقيم أداء الحركات الإسلامية الصاعدة في تلك الدول ؟
نقدي لكثير من الحركات الإسلامية أنها مهتمة بالتأصيل الإسلامي دون وعي كاف بالتحديث والعصر الذي نعيش فيه إلي حد كبير, وتبدي درجات من الغيبة عن العصر, وفي المقابل فإن الحركات العلمانية رغم إحساسها القوي بالعصر والتحديث تعاني إلي حد كبير الغيبة عن وجدان الأمة, وهاتان الغيبتان تسببان مشكلات كثيرة, والتجربة نفسها ستدفع الإسلاميين إلي التجاوب مع العصر والتحديث, وستدفع أيضا العلمانيين إلي اكتشاف أنه من المستحيل ألا يأخذوا في حسبانهم وجدان الأمة, وهذا الوعي المتبادل سيكون له تأثير إيجابي, وإذا توافرت الحرية واستمرت ثقة الشعوب بقدراتها وتجنبنا السيطرة الأجنبية, يمكن للثورات العربية أن تتجه نحو فجر جديد.
أطروحات وفتاوي كثير من الإسلاميين أصبحت تثير الفزع بين الناس.. كيف تنظر إليها ؟
نعم بعضها قفزات في الهواء, وهناك من يشغلون أنفسهم بقضايا ليست أولويات.
وهل تعبر حقيقة عن الإسلام؟
أكتب الآن السيرة النبوية, ودافعي إلي ذلك أنني رأيت أن أغلب هجوم المستشرقين علي الإسلام والرسول الكريم كان يعتمد علي مصادر إسلامية, قدمت النبي بإعتباره شخصا عدوانيا شهوانيا أو بنوع من التأليه, وقد رأيت ضرورة تبرئة الرسول من ذلك.
لكن كيف تنجو الثورات في الدول العربية من الفشل ؟
في رأيي ببساطة شديدة هناك مسلمات يجب الالتزام بها, الوحدة الوطنية والحريات والديمقراطية واحترام المرجعيات الدينية إسلامية أو مسيحية والتنمية وحل مشكلة البطالة والفقر والتعامل مع الخارج بكرامة والسلام العادل, وهذه المسلمات ضرورية لأنها تجسد تطلعات الشعوب العربية

اجمالي القراءات 3704