الجدل ما زال مستمرًا بشأن باب القوات المسلحة
تعيين وزير مدني لوزارة الدفاع أزمة جديدة بين الجيش والتأسيسية
أزمة جديدة بين المؤسسة العسكرية المصرية والجمعية التأسيسية على غرار مطالبة لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية باستحداث مادة تسمح بتعيين وزير مدني لوزارة الدفاع.
أحمد حسن من القاهرة: يبدو أن الجمعية التأسيسية للدستور تهوى الدخول في معركة مع مؤسسات الدولة المختلفة، فبعد اعتراض الهيئات القضائية والمحكمة الدستورية حول وضعهم في الدستور وفقا للمسودة الأولى التي صدرت من الجمعية، فقد دخل أعضاء الجمعية التأسيسية في خلاف من نوع جديد مع المؤسسة العسكرية، وقد يكون له مردود سياسي، حيث تبحث لجنة نظام الحكم في التأسيسية إلغاء المادة الخاصة بتولي العسكريين وزارة الدفاع، وإقرار مادة جديدة تسمح للمدنيين بتولي الوزارة، على أن يكون قائدًا عامًا للقوات المسلحة.
اعتراض الجيش
الاقتراح الجديد لقي اعتراضًا شديدًا من جانب القوات المسلحة، حيث سارع اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع وممثل المؤسسة العسكرية في الجمعية التأسيسية إلى التأكيد أن المواد الخاصة بالقوات المسلحة لن تتغير عن دستور 71، والذي ذكر أن الدولة وحدها هي التي تنشئ القوات المسلحة، وهي ملك للشعب، ومهمتها حماية البلاد، وسلامة أراضيها، وأمنها، وحماية مكاسب النضال الشعبي الاشتراكية، ولا يجوز لأية هيئة أو جماعة إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، وينشأ مجلس يسمّى "مجلس الدفاع الوطني"، ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى. مؤكدًا أنه لن يتم تعديل المادة الخاصة بوجوب أن يكون وزير الدفاع من العسكريين.
الوزير المدني مطلب شعبي
من جانبه فقد أكد عمرو عبدالهادي عضو اللجنة التأسيسية للدستور لـ"إيلاف" أن المادة الخاصة بتولي العسكريين وزارة الدفاع في الدستور سيتم إلغاؤها بناء على طلبات عدد كبير من أعضاء اللجنة داخل لجنة نظام الحكم، وسيتم استحداث مادة جديدة تعطي للمدنيين حق تولي حقيبة وزارة الدفاع إلى جانب العسكريين، بحيث لا تقتصر فقط على العسكريين، كما كان في النص القديم في دستور 71 طالما أن الوزير المدني تتوافر فيه القدرة على إدارة وقيادة الوزارة.
وأكد عبد الهادي أن الاقتراح بتعيين وزير مدني لوزارة الدفاع جاء تلبية لمطالب الثوار، وبعد قراءة أعضاء التأسيسية لردود فعل الشارع والحوارات المجتمعية التي تقوم بها التأسيسية مع المواطنين، ونبعت منها رغبات شبه جماعية بالتوافق على إلغاء المادة الخاصة باقتصار تولي وزارة الدفاع على العسكريين فقط.
اقتراح سخيف
فيما وصف اللواء فؤاد حسين الخبير الأمني والاستراتيجي اقتراح تعيين وزير مدني لوزارة الدفاع "بالسخيف"، مؤكدًا لـ"إيلاف" أن وزارة الدفاع ليست وزارة عادية تسمح بالتجارب من جانب الوزير المدني أو صدور قرار خاطئ، والأهم أن يكون الوزير مدركًا جيدًا دور الجيش وتدريباته وخطط الحرب وغيرها من أمور التسليح، وهذا لا ينطبق إلا مع الشخص الذي تخرج في الكلية الحربية حتى بلوغه أعلى رتبة عسكرية، والأمر الأهم أن منظومة الجيش لها تابع خاص قائم على احترام القائد الأعلى في الرتبة والأكثر خبرة، وهذا أمر مهم في التدريب والحروب، فكيف سيكون تعامل قادة الجيش والأسلحة مع الوزير المدني غير المدرك لعملهم.
وقال إن أعضاء الجمعية العامة للتأسيسية، لا يدركون ما يطالبون به في الدستور الجديد، وهم بذلك يدخلون في أزمة سياسية وقانونية مع المؤسسة العسكرية، التي لن تسمح بهذا الاقتراح نهائيًا؛ لإدراكها مدى خطورة ذلك على الأمن القومي للبلاد.
كما توقع رفض مؤسسة الرئاسة والرئيس محمد مرسي هذا الاقتراح، فمن غير المتصور أن يكون الرئيس ووزير الدفاع مدنيين، كما يطالبون بوزير مدني لجهاز الشرطة، فهذا الأمر لا يحدث في أية دولة متقدمة في العالم.
المساس بالقوات المسلحة خط أحمر
في السياق عينه، فقد أبدى اللواء طلعت مسلم الخبير الأمني والاستراتيجي تخوفه مما يحدث داخل التأسيسية، ومحاولة هدم كيان الدولة بالعبث في مؤسساتها الأساسية مثل مؤسسة القضاء والقوات المسلحة.
وقال لـ"إيلاف": إن المؤسسة العسكرية لن تسمح بهذا العبث من جانب أعضاء التأسيسية، وكان رد اللواء ممدوح شاهين خير دليل على موقف الجيش، الأمر الآخر أن الشعب المصري لن يوافق على تولي وزير مدني لوزارة الدفاع، خاصة أن الأمن الخارجي على الحدود غير آمن، في ظل وجود إسرائيل، والوزير المدني لا يدرك أبعاد ذلك سياسيًا وحربيًا.
مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان والقوى الليبرالية لن تسمح بتمرير تلك المادة المستحدثة. وأضاف: إن وضع المؤسسة العسكرية يجب ألا يتغير عن دستور 71، ولا يجوز دخول أعضاء الجمعية في تحد مع القوات المسلحة؛ حفاظًا على أمن البلاد، فهناك جهات أجنبية تريد هذا الأمر لزرع الفتنة الداخلية.