الأسد ينتهج سياسة الأرض المحروقة
|
توريط لبنان في الحرب لفك الحصار عن الأسد
بيروت – تحاول سوريا أن تدفع بكرة اللهب التي تحترق بها مدنها وقراها إلى المحيط الإقليمي، لفك الحصار المحكم على قيادتها، وكذلك للانتقام من الأطراف التي وقفت ضدها بمنطق "عليّ وعلى أعدائي". ويقول مراقبون إن سوريا حاولت استدراج تركيا إلى الحرب بقصف أراضيها بشكل متعمد، لكن أنقرة فوتت عليها الفرصة بـ"نصائح" من عواصم غربية كبرى "بينها واشنطن" ترفض قيام حرب جديدة بالشرق الأوسط تعطي فرص تحرك وتسليح للتيارات الجهادية. ويضيف هؤلاء المراقبون أن القيادة السورية، وبعد أن فشلت في إحياء الصراع القديم بين العرب والعثمانيين، وجدت أن أقرب الطرق لتوسيع دائرة الحرب هي اللعب في لبنان الذي تمتلك فيه خبرة طويلة. وتأتي عملية اغتيال اللواء وسام الحسن ضمن الخطة السورية، كما أكدت على ذلك قيادات لبنانية معارضة لدمشق. وتعتقد قيادات لبنانية ان الحسن استهدف لأن جهاز فرع المعلومات الذي يرأسه اعتقل وزيرا لبنانيا سابقا "ميشال سماحة" مقربا من الأسد في أغسطس / آب بعد عملية جرى التخطيط لها بعناية. ويُتهم سماحة بنقل قنابل جرى تجميعها في سوريا لشن هجمات على أهداف طائفية في لبنان. واتهم ضابطان سوريان مع سماحة أحدهما اللواء علي مملوك في ضربة مهينة للأسد وفي خطوات غير مسبوقة ضد جارة لبنان المهيمنة. كما قاد الحسن التحقيق في اغتيال الحريري وكشف عن أدلة وضعت سوريا وحزب الله في دائرة الاشتباه على الرغم من نفيهما لهذا الاتهام. واتهمت محكمة دولية عدة أعضاء في حزب الله بالتورط في الجريمة. وقال رامي خوري وهو معلق مقره بيروت إن منفذي الهجوم، أيا كانوا، أرادوا إيصال رسالة مفادها أن بإمكانهم الوصول إلى أي شخص وأن بإمكانهم ضرب أعلى مستوى في المخابرات. وأضاف أن منفذي الهجوم يريدون أن يقولوا إنهم ما زالوا قادرين على تنفيذ ضربات. يشار إلى أن لبنان يعتبر مسرحا قويا لمعارك قوى إقليمية ودولية، سواء عبر وجودها الاستخباري، أو السياسي، أو المالي. وفي هذا السياق قال مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه "كل وكالات التجسس والمخابرات في العالم موجودة في لبنان وتدفع مبالغ ضخمة من المال للحصول على معلومات وهناك الكثير من البنادق اللبنانية للإيجار." وقال محللون إن السوريين لم ينسوا بعدُ أن أطرافا لبنانية مارست التحريض الإعلامي والدبلوماسي ضدهم "بعد اغتيال رفيق الحريري" ما أدى إلى طردهم من لبنان، ولذلك يتوقع المحللون أن تعود دمشق بقوة عبر تفجيرات انتقامية من خصومها، وأن يشهد لبنان أياما شبيهة بأيام الحرب الأهلية. وفي هذا السياق قال ساركيس ناعوم وهو كاتب وخبير في الشؤون السورية "هناك احتمال أن تكون هذه بداية لمرحلة جديدة سنشهد فيها المزيد من الاغتيالات والتفجيرات وغيرها من المشاكل". وهناك مخاوف في لبنان من أن تحيي الأحزاب مليشياتها القديمة، وتخوض الحرب بالوكالة؛ فريق مع الأسد وفريق ضده، وما يقوي هذه المخاوف هو وقوف حزب الله بترسانته العسكرية والأمنية القوية طرفا في المعركة داخل سوريا إلى جانب الأسد. ويقول مراقبون إنه من السهل على الأسد أن يحيي النزعات الطائفية في بلد عاش على وقع حرب أهلية امتدت لعقدين من الزمن. وفيما يتورط حزب الله الشيعي في دعم الأسد بالسلاح والمقاتلين "تنفيذا لخطة إيرانية تحاول منع سقوطه"،انحاز السنة إلى المعارضة، ويحاولون إسنادها ولو بالتظاهرات الاحتجاجية، خاصة في ظل عجز دول سنية مثل السعودية وتركيا عن ممارسة ضغوط كافية على نظام الأسد لوقف عمليات التقتيل. ويقول مراقبون إن استهداف الحسن اللبناني السني بالاغتيال لا شك أنه رسالة سورية محرضة على الاقتتال الطائفي الذي قد يصرف الأنظار عن سوريا ولو إلى حين، فضلا عن رغبتها في توريط أطراف أخرى في نتائج الحرب. ويشير هؤلاء، بالخصوص، إلى حرص دول غربية على منع امتداد المعارك إلى لبنان خوفا من تداعياتها على إسرائيل، خاصة في ظل وجود حزب الله الحليف القوي لدمشق، وصاحب الترسانة الكبيرة من الأسلحة، والذي كان أزعج إسرائيل في حرب 2006. ويخلص المراقبون إلى أن الأسد، الذي يشعر بانسداد الأفق، سيحاول حرق لبنان كما احترقت سوريا، لكنه قد لا ينجح في خطته لأن الصورة المأساوية للحرب الأهلية ستمنع اللبنانيين من أن يعيدوا الدمار إلى البلد. |