ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً

Abo Al Adham في الإثنين ٠٥ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً

 

الله ربنا ورب أبائنا الأولين
الله رب العالمين ربوبية الزامية
ورب المؤمنيين المخلصين الزاماً وإختياراً
فالمؤمنون يتخذون ربهم الملزمون بربوبيته رباً لهم فهو ربهم الذي خلقهم ويرزقهم فهو وحده أحق بتربيتهم بتعاليمه المنزله على أنبيائه وأبلغها لهم رسله في كل زمان ومكان ولا يتخذون الملائكة أرباباً من دون الله فينسبون للملائكة أقوالا يتربون بها مع أقوال الرحمن فيقول قال الله وقال الملك أو قال الملك ميكائيل
كما إنهم لاينسبون أقوالا إلى الأنبياء كأن يقول قال الله وقال النبي نوح وقال النبي ابراهيم وقال النبي موسى وقال النبي محمد
فالذي يقول ذلك فقد أتخذ الملائكة والنبيين أرباباً مع الله حيث الربوبية الخالصة ليست لأحد غير الله ولا يجوز لنبي أن يأمر الناس بأن يتخذوه رباً مع الله اي مربي لهم بتعاليم أخرى مع تعاليم الرحمن فمهمة الرسول او النبي الالتزام بتعاليم من أرسله وتكون الطاعة في هذه التعاليم الربانية التي أرسل بها لا يحيد عنها قيد شعرة ولا يطغي فيها بشئ وإنما يلتزم التزاماً حرفياً بالمضمون الموحى به اليه فالرسول لايخرج عن دائرة محدودة وهي ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ )
ويأتيك بعض من يجهل حقيقة النبؤة والرسالة فيقول لك معنى ذلك أن النبي محمد لم يقل أي كلام وكان صامتاً إذاً لابد له من أقوال الى جوار القرآن. أقول مجيباً له إن خاتم النبيين كان بشراً مثل البشر الذين كان فيهم وكانت له شئونه الخاصة والعامة مثلهم ويوم أن فتح الله له فتحاً مبيناً كانت له دولته الاسلامية الأولى ونحن نعلم كم يصادف الحكام من مشاكل دولية ومحلية وشعبية ولم يأتي خاتم النبيين بلجنة تاريخية تقوم بكتابة التارخ وانما كان كل همه المحافظة على القرآن الكريم وقراءة القرآن الحكيم والعمل به والحكم به كما أمره الله تعالى ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ )
فكان رسول الله يقول للناس كلاماً غير القرآن كما نقول نحن كلاماً كثيراً غير القرآن يخص أعمالنا وشئوننا العائلية والاجتماعية فهل كل ما ينطق به نعده كلاماً مقدساً او نسميه سنة ( اي شريعة ) فهل اذا تكلم مع زوجته حديثاً ودياً او داعب طفلاً او تحدث في اي شأن من شئون الحياة المتشابكة والتي لاتنتهي قلنا أن كل هذا الكلام وحياً أوحي به من الله لم يوحي الله الى خاتم النبيين بغير القرآن كما أسلفنا
قال تعالى ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) اي ما ينطق به القرآن ولكنه اي القرآن ( إِنْ هُوَ ) اي ما يتكلم به اليكم والجديد الذي تكذبونه فيه ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )( سورة النجم من الاية 1 الى 4 )
والوحي يأتي النبي بأسلوب التعليم الرباني وقد علم الله الانسان كثيراً من أمور الحياة دون ان يعرف الانسان كيف تعلم ، تعلم الانسان كيف يأكل كيف يحصل على الماء كيف يزرع كيف يربي الحيوانات كيف وكيف إلخ ...
فالله يعلم الانبياء بنفس الاسلوب مايجب أن يبلغوه للناس فيجعلون لكلام الله قدسيه خاصه حيث انه كلام الله ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى )( سورة النجم الاية 5 و 6 )
ويرسل الله رسوله الأمين على قلب نبيه الأمين وقد رآه خاتم النبيين مرتين في المره الأولى بالأفق الأعلى والأفق المبيين وفي النزلة الأخرى عند شجرة عندها نهاية المطاف حيث أنها شجرة المنتهى وهذه الشجرة عندها جنة المأوى ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى )( سورة النجم من الاية 7 الى 11 )
ولما رآى خاتم النبيين رسول الله الأمين وكان بينه قاب قوسين او ادنى وأوحى اليه ربه ماأوحى رآى أيات ربه لعظيمة وأحس بعظمة الخلاق ، ولا سيما عندما رآه نزلة اخرى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى )( سورة النجم من الاية 13 الى 18 ) فما هذه سدرة المنتهى التي رآى خاتم النبيين الروح الأمين عندها ؟ السدرة هي الشجرة بلغة القرآن قال تعالى ( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ )( سورة سبأ الاية 16 ) والسدرة اي الشجرة المثمرة والأثل اي الشجرة الغير مثمرة المزروعة للخشب تلك السدرة رآى خاتم النبيين ملاك الروح عندها وعندها جنة المأوى هل لنا من تدبر لأيات القرآن الحكيم
في بداية التنزيل القرآني رآى خاتم النبيين الروح الأمين بالأفق المبين وبعد أن تعلم كثيراً من القرآن العظيم ولم يبقى الا نزول نسخ جديدة من الايات أراد الله بها التكرار رآى ملاك الروح عند أعظم شجرة في الكون وهي شجرة النهاية التي لاشجرة بعدها وان كان هناك سبعة قبلها ولكنها الشجرة الثامنة والاخيرة والنهائية فقد حوت في ثمارها طلع الثمانية فكانت بحق سدرة المنتهى والذي أخذ غرسها وأعتنى بها حتى آتت أكلها حق له أن يلقب بخاتم النبيين فتحتها بايع المؤمنون محمداً تحت ظلها بايعوه وصدقوا البيعة ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )( سورة الفتح الاية 18 ) إنهم بايعوه تحت الشجرة فلوكانت هذه الشجرة من شجر الأرض فتحتها لايكفي لأكثر من عشرات فكيف وهم بالألاف إذا فهي سدرة المنتهى بايعوه تحتها وتحت ظلها
ونور الله يوقد من هذه الشجرة المباركة ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ) هذه الشجرة لا دخل لها بالشرق ولا بالغرب انما هي للعالمين ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ ) من صفات الشجرة نور على نور ( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )( سورة التوبة الاية 35 ) ضرب الله لنا مثلا في هذه الاية بأن الشجرة هي النور وأوضح لنا هذا المثل في اية اخرى فقال ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )( سورة ابراهيم الاية 24 و 25 ) هذا عن الكلمة الطيبة والكلمة الطيبة هي التي تحدث بها الرحمن والكلمة التي تحدث بها الرحمن هي القرآن الحكيم والكتب السابقة وقد خرجت هذه الشجرة من طور سيناء وأنبتت بالدهن وصبغ للأكلين ، والأكلين هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال تعالى ( صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ )( سورة البقرة الاية 138 ) والصبغة التشريع ومن أحسن من الله شريعة وقد قال الله تعالى عن الكلمة الطيبة التي تخرج من طور سيناء حيث مهد الشجرة الربانية ثم بعدها البلد الأمين الذي حرمه الله ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ) ثم ربط الله تعالى بين البلدين فقال ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ )
وهنا يتجلى كضوء الشمس معنى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) لقد رآى خاتم النبيين الروح الأمين نزلة أخرى عندما أتت السدرة أكلها والسدرة النهائية هي القرآن فعندما أتى القرآن بالفائدة المرجوه رآى خاتم النبيين الحقيقة الربانية عند القرآن العظيم والقرآن العظيم عنده جنة المأوى فمن عمل به دخل الجنة ومن أعرض عنه دخل النار وقد غش السدرة ما غشاها من أيات ربه الكبرى حيث أن أيات ربنا الكبرى هي الثمار المرجوه من السدرة النهائية ففيها الايات البينات وفي غيرها الضلال والهلاك واي كلام غيرها فهو مجتث من فوق الارض ماله من قرار قال تعالى بعد أن ضرب مثلاً بالكلمة الطيبة ( وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء )( سورة ابراهيم الاية 26 و 27 )
بعدها مباشرة يتحدث الرحمن ويشر الى الذين غيروا وجه الحقيقة وبدلوها وضلوا وأضلوا قومهم فقال سبحانه ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ )( سورة ابراهيم من الاية 28 الى 30 )
كيف جعلوا لله أنداداً عندما قالوا كتاب الله وتشريع الرسول وكلمة تشريع اي سنة والسنة هي التشريع يقال لقد سن الرئيس الفلاني قراراً وأقره البرلمان الشعبي فهذا الرئيس كولي أمر من حقه ان يسن قراراً لمصلحة البلد لادخل له في دين الله ولكن هل من حق النبي أن يسن شرعاً بعد أن أكمل الله الدين وأنزل شرعه في كتابه لا والله ليس من حق اي نبي أن يشرع لقومه فأذا فعل ذلك فقد جعل نفسه رباً مع الله العلي الحكيم وان هم أدٌعوا ذلك كما حدث مع خاتم النبيين فبذلك يكونوا قد أتخذوه رباً مع الله وهو من ذلك برئ تماماً ولم يصرح لنا ربنا بأن نتخذ النبيين أرباباً كما نهانا عن إتخاذ الملائكة والنبيين أرباباً وسمى هذا العمل كفراً صريحاً فقال ( وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ )( سورة آل عمران الاية 80 )
وقص الله علينا خلق النبيين فقال ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ )( سورة آل عمران الاية 79 )
ومن خلال هذه الأية العظيمة نجزم ونتأكد أن خاتم النبيين لم يقل كلاماً غير القرآن لأنه كان يخاف من ربه ويحذر الأخرة وظل يحذرها حتى دخل في الصالحين وهو الان في عليين لانه عكف على القرآن وحده طيلة حياته الدنيا لا يقرأ كتاباً غيره ولايدعوا بكلاماً غيره ولايقدس شيئاً ويعبد ربه به حتى أتاه اليقين
اللهم أجمعنا به قريباً إنك نعم المولى ونعم النصير ..،

اجمالي القراءات 8004