دار الإفتاء: الإنجيل لم يحرم زواج المسيحيات من المسلمين ولا تناقض بين آية "المائدة" ورسالة بولس

في الأحد ١٥ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

نفت دار الإفتاء المصرية، أن يكون هناك بالإنجيل ما يقطع بحرمة زواج المسيحية من المسلم، استنادا إلى النص القرآني الذي يجيز للمسلم الزواج من أهل الكتاب، وقالت إنه ليس ثمة تناقض بين النص القرآني الذي يؤكد هذا المعنى، وما هو موجود بالإنجيل، الكتاب المقدس للمسيحيين.
وقالت إنه ليس هناك أي تعارض بين الآية رقم 5 من سورة "المائدة": "اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِبَاتُ وَطَعَامُ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان" ، التي أجازت للمسلمين أن يتزوجوا من المسيحيات، ورسالة بوليس إلى أهل كورنثوس 7: 39، التي جاء فيها: "فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَّوَجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي الرَّبِّ فَقَطْ"، والتي يفسرها البعض، بأنها دليل على تحريم الإنجيل تحريما باتا لزواج المسيحيات بغير المسيحيين، وأشارت إلى أن الآية تعد إعلانا قرآنيا باحترام الإيمان المسيحي، وإقراره لأن الزوجة المسيحية ستُربي أولاد الزوج المسلم.
جاء هذا في سياق رد مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء على أحد السائلين الذي اعتقد بوجود شبهة وتناقض بين الآية ورسالة بولس، حيث أشار إلى عدم وجود تناقض بين الآية الكريمة، وقول بولس في رسالته كما فهم السائل، لأن المسلمين يؤمنون بكل أنبياء الله، وعلى رأسهم نبي الله موسى وعيسى عليهما السلام.
وأوضح الرد أن المقصود من رسالة بولس أن يأمرهن بأن لا يتزوجن من الكفار، أو ممن لا يؤمنون بدين، أما المسلمون فإنهم يؤمنون بكل رسل الله، وأنه بهذا الفهم لا يكون المقصود تحريم الزواج بالمسلم، كما فهم السائل.
وأشار إلى أن تمام نص رسالة بولس هو أن "المرأة مرتبطة بالناموس ما دام رجلها حيا، لكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط" كورنثوس أول 7: 39، لافتة إلى أنه يفهم من هذا النص أن الكتاب المقدس لا يعتبر من الزواج إلا ما يكون بتوثيق من الكنيسة، أي أنه لا يعتبر الزواج المدني، ولهذا فهناك ما يعرف بسر الزيجة وهو أحد الأسرار السبعة للكنيسة.
وأضاف أن ما جاء بالآية الكريمة يمثل إعلانا باحترام الإيمان المسيحي؛ فالمسلمون يحترمون كل خلق الله، ويحترمون على وجه الخصوص من كان يؤمن بالله، وأن العيب كل العيب في من لا يحترم من يؤمن بالله، ولا يُصَدِّق بجميع رسل الله وبخاتم رسل الله محمد صلى الله عليه وسلم، غاية الأمر أن المسلمين يختلفون في إيمانهم عن الإيمان الذي تراه بعض العقائد الأخرى في نبي الله عيسى عليه السلام.
وأوضح أن المسلمين يعتقدون أن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله، وإن اختلفوا في اعتقادهم مع من يعتقد في المسيح أكثر من ذلك، وهذا لا يخل بالاحترام الذي يبادله المسلمون سائر الخلق؛ فالمسلمون ينطلقون من القدر المشترك بينهم وبين سائر الناس لقول الله تعالي "وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (العنكبوت 46)، كما أن المسلم في تعامله مع الناس على قاعدتين متكاملتين متوازيتين؛ الأولى: تمسكه بعقائده وتعاليمه، والثانية: احترام الإنسان من حيث هو إنسان.

اجمالي القراءات 22136