القاهرة- آفاق
1
تعيش الأوساط الثقافية في مصر هذه الأيام صدمةٌ كبيرة، بعد إعلان الناشر المصري الشهير محمد مدبولي إعدامه الأصول المملوكة للدار لكتابين من أعمال الكاتبة المصريّة والناشطة النسويّة الشهيرة نوال السعداوي، وهما رواية "سقوط الإمام" ومسرحية "الإله يقدّم استقالته من اجتماع القمة".
وأكد الناشر المصري الحاج محمد مدبولي الذي يعتبر من أهم الناشرين المصريين، أنه أمر بالتخلص من الكتابين لتعرضهما للدين. وقال مدبولي أنه طلب من المطبعة أن تعدم الطبعة الأخيرة من كتابي السعداوي.
وأوضح مدبولي أنه "اتخذ القرار بعد ان اتصل به أحد الصحافيين العاملين في صحيفة "المصري اليوم" الذي انتقد في الصحيفة الكتابين، فطلبت العملين وعندما قرأتهما قررت أن أتوقف عن توزيعهما وطلبت من المطبعة إعدام الطبعة الجديدة والتي يبلغ عددها ثلاثة آلاف نسخة لكل كتاب".
وأوضح مدبولي "وجدت أن كتاب "الاله يقدم استقالته" يتعرض للإله وأنا رجل لا أحب المساس بالمشاعر الدينية، خصوصا وأنا أحمل رسالة الحفاظ على الفكر وعلى تقديم كل ما هو جديد للقارىء العربي".
من جهته، اعتبر مسؤول الصفحة الثقافية في صحيفة "البديل" المصرية سيد محمود أنه "لا فرق بين إحراق الكتب أو إعدامها فهذا يشكل سلوكا غريبا جدا بالنسبة للناشر الكبير الحاج محمد مدبولي".
وأضاف ان "الرجل كان طوال عمره وتجربته الناجحة على مدى خمسين عاما دقيقا في اختياره للكتب ومراعيا لحرية الفكر والتعبير وأن كل الكتب الأساسية في الثقافة المصرية والعربية المثيرة للاشكال كان مصدر الحصول عليها من مكتبته".
وتخوف محمود "من أن تكون هذه الخطوة تمهيدا لناشرين آخرين ليقوموا برقابات داخلية الى جانب الرقابة التي تفرضها الدولة".
وكان الكتابان أثارا الكثير من الضجة عند صدورهما في العام 2000 ما دفع مجمع البحوث الإسلامية الى تقديم اقتراحات بمصادرتهما، ووصل الأمر إلى اللجنة الدينية في مجلس الشعب وهي اللجنة التي يرأسها عميد جامعة الأزهر الأسبق عمر هاشم.
من جانبهم أعرب مثقفون مصريون عن مخاوفهم من القرار الذي قد يؤدي بمدبولي وهو أشهر موزِّع كتب في مصر إلى التوقّف عن توزيع كتب أخرى من شأنها أن تخضع لمعايير المنع الاعتباطيّة والمتعددة في مصر هذه الأيام... ومع أنّ بعضهم رأى أنّ القرار "شأن خاص بصاحبه"، فإن أهل الفكر والإبداع في القاهرة عموماً، رأوا أنّ هذه الخطوة تعكس تحوّلاً خطيراً في مسيرة الدار التي تستعد للاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وكانت دائماً المحطّة التي يؤمّها القرّاء من مصر والعالم العربي، للحصول على الكتب التي تحظر الرقابات العربية نشرها وتوزيعها.