وحيد عبدالمجيد: «عنان» التقى «الشاطر» قبل إعلان مرسى رئيسًا و تفاصيل الاجتماع «حلقة مفقودة»

في الثلاثاء ١٨ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

كيف ترى علاقة الإخوان المسلمين بالمجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية؟ وهل العلاقة بدأت بتفاهمات وانتهت بانقلاب.. كيف ترصد هذه العلاقة؟
- العلاقة بين الإخوان والمجلس العسكرى مرت بعدة مراحل، مرت أولاً بمرحلة من «المواءمة» السياسية من جانب الطرفين، وهى المرحلة التى اعتقد البعض أن بها «صفقة» بينهما، بينما كانت عبارة عن مواءمة سياسية.
- لا.. مواءمة، التفاهمات تكون مباشرة ومحددة، ويتم ترتيب التزامات من كل طرف تجاه الطرف الآخر، بينما المواءمة تكون طوعية وفيها طرفان هما الأكبر فى مجال معين، فكلٌ منهما يضع الآخر فى حساباته، ويعطى له اهتماماً خاصاً، ويحرص على إرضائه، ويتجنب الخلاف معه.
مرحلة المواءمة هذه امتدت من 11 فبراير إلى قرب موعد الانتخابات البرلمانية، وتحديداً بدأت هذه المرحلة تقترب من نهايتها فى صيف 2011 عندما كثر الحديث حول المبادئ الدستورية والمبادئ فوق الدستورية، وبدا أن المجلس العسكرى يحاول أن يدعم اتجاه وضع وثيقة مبادئ دستورية ملزمة، سواء فيما يتعلق بمعايير اختيارات الجمعية التأسيسية أو المبادئ الأساسية فى الدستور، وهى التى تولت حكومة الدكتور عصام شرف تنفيذها من خلال نائب رئيس الوزراء الدكتور على السلمى، وتحمل بسببها مشقة كبيرة.

المشكلة الأساسية كانت بين الإخوان ومعهم أطراف أخرى، فى مقابل فريق آخر، وتتمثل فى أمرين: الأول هو مدى إلزام المبادئ الدستورية من عدمه، فكان «الإخوان» وبعض القوى السياسية الأخرى مع المبادئ الاسترشادية، وكان التحالف الديمقراطى فى ذلك الوقت مع تلك المبادئ الاسترشادية، على أن تؤخذ فى الاعتبار، ويبقى هناك «التزام أخلاقى» بها، بينما كان هناك فريق آخر يرى أنها لا بد أن تكون «ملزمة»، بالإضافة إلى خلاف آخر حول تشكيل الجمعية التأسيسية.. هل يتم وضع معايير مسبقة لها أم لا.

* تقصد أن يكون تشكيلها من داخل البرلمان أم خارج البرلمان؟
- لا، قبل ذلك بكثير. يعنى هل يتم الانتظار إلى أن ننتخب البرلمان ليتولى هو هذه المسألة بعد انتخابه، حيث يضع المعايير ويشكل الجمعية، أم يتم الاتفاق على معايير تصدر بها وثيقة ملزمة قبل انتخاب البرلمان تقول إن هذه الجمعية ستشكَّل من فئات كذا وكذا وكذا.
هذا هو مجال الخلاف، وكان المجلس العسكرى أكثر ميلاً إلى الموقف الثانى بعكس موقف الإخوان وقتها، وفى أحد الاجتماعات مع بدايات التحول فى العلاقة بين المجلس والجماعة، قال الفريق سامى عنان إن الدولة المدنية «خط أحمر وقضية أمن قومى»، وخرجت بتصريحه هذا مانشيتات فى اليوم الثانى، فبدا أن هذه الرسالة موجهة إلى الإخوان، وكانت هذه أول رسالة من هذا النوع. يعنى أول مرة يقوم أحد الطرفين بتوجيه رسالة تنبيه أو تحذير للطرف الآخر.

* وكيف استقبل الإخوان هذه الرسالة؟
- استقبلوها بجدية شديدة، ونظروا إليها باعتبار أنها تعكس انحيازاً من جانب المجلس العسكرى إلى القوى التى تطالب بوثيقة المبادئ فوق الدستورية وبمعايير مسبقة لتشكيل الجمعية التأسيسية، وبدأ يؤثر ذلك فى العلاقة بين الطرفين. فى ذلك الوقت كانت هناك مفاوضات يمكن اعتبارها «مفاوضات غير مباشرة»؛ لأنها كانت تتم عن طريق الدكتور على السلمى، وكانت فى أغسطس 2011 خلال شهر رمضان عندما بدأ يضع مشروعاً لهذه الوثيقة. لماذا أقول مفاوضات؟ لأن الفريق الآخر المؤيد لهذه الوثيقة لم يكن محتاجاً للتفاوض، بالعكس كان يدعم ويسعى إلى أن تكون هذه الوثيقة على «أوسع نطاق ممكن».

* يعنى الإخوان كانوا يتكلمون مع المجلس العسكرى عبر الدكتور على السلمى؟
- لا، المجلس العسكرى هو الذى كان يتكلم معهم عبر الدكتور على السلمى. - الدكتور على السلمى وضع مشروع الوثيقة وبدأ فى إجراء حوار حولها، فالمسألة غدت فى صورة حوار؛ لأنه فتح حواراً مع كل الأطراف، لكن الحقيقة أن أهم ما فى هذا الحوار، هو أنه مع الإخوان؛ لأن الساحة كان عليها فريقان، الإخوان وحلفاؤهم، والفريق الآخر لم يكن الدكتور على السلمى محتاجاً لأن يجرى معه حواراً؛ لأنه كان مؤيداً له قلباً وقالباً.
الحوار مع الإخوان كان حول حدود هذه الوثيقة. ما الذى تشمله، ومسألة الإلزام من عدمه، ووقت الصياغة الأولى لهذه الوثيقة أذكر أننى حضرت جلسة بمجلس الوزراء فى أغسطس 2011، ولم تكن هناك أى مشكلة مع الإخوان.
هذه الجلسة كان فيها الدكتور محمد مرسى والدكتور سعد الكتاتنى، وكان لها أيضا الدكتور سيد البدوى، والمشكلة كانت مع السلفيين فى عبارة «الدولة المدنية».
فى ذلك الوقت فى هذا اللقاء أثير الموضوع، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعى. فى ذلك الوقت، بدأ التحول يحدث فى العلاقة عندما صدر كلام سامى عنان، وكان بعد بداية هذا الحوار بقليل، وما حدث أن الدكتور على السلمى مرض وسافر للعلاج، فتوقف الحوار أو المفاوضات بمعنى أدق فى فترة غيابه طوال شهر سبتمبر، رغم أنه كلف منير عبدالنور وعماد أبوغازى بتوالى كلٍ منهما هذا الموضوع، لكنه «فضل نايم» إلى أن عاد «السلمى» من العلاج، وفجأة أعلن فى أول نوفمبر خلال لقاء عن الوثيقة.

* تقصد اللقاء الذى جرى فى دار الاوبرا؟
- نعم لقاء دار الأوبرا، حيث أعلن فيه عن الوثيقة، وفوجئ الناس بمادتين إضافيتين؟

* المادتان المتعلقتان بوضع القوات المسلحة؟
- نعم المادتان 9 و10. حتى ذلك الوقت لم تكن هناك مشكلة، وكان الكلام بعد تصريحات الفريق سامى عنان عن أن «الدولة المدنية أمن قومى وخط أحمر»، وما أضيف للوثيقة تضمن أن القوات المسلحة تحمى الشرعية الدستورية، فنظر الإخوان إلى ذلك على اعتبار أن القوات المسلحة تحمى دولة هم لا يعرفون ما الذى ستكون عليه فى هذه الحالة.
- توجسوا طبعاً، وبدأ التحول الفعلى فى العلاقة بين الطرفين من «المواءمة المتبادلة» إلى «الحذر المتبادل» و«الشكوك المتبادلة»، خصوصا أن الانتخابات البرلمانية كانت تقترب، وكانت كل المؤشرات تؤكد أن الإخوان والتحالف الديمقراطى سيحصلان على عدد كبير من المقاعد. ومما يدل على الارتباك وعلى سوء إدارة المجلس العسكرى للأوضاع فى هذه الفترة أنهم كانوا متخوفين من قوة الإخوان، ومع ذلك أصروا على أنهم يضعون مقاعد فردية عندما طرح مشروع قانون الانتخاب. فى البداية كان مطلب التحالف الديمقراطى وبعض الأطراف الأخرى، وربما الكثير من القوى الأخرى أن تكون الانتخابات بالكامل بنظام القوائم، وأن يكوّن المستقلون قوائم يخوضون بها الانتخابات، لكنّ المجلس العسكرى ومستشاريه القانونيين أصروا على المقاعد الفردية (وطبعاً الإرباك اللى بيعمله قضاة المحكمة الدستورية فى هذه الأمور بتدخلهم وهم معرفتهم السياسية ضعيفة جداً ومحدودة وبيفتوا فى أمور سياسية لم يدرسوها)

* ولماذا كان حرص المجلس العسكرى على الفردى؟
- يبدو أنه كان هناك اعتقاد أن «بتوع» الحزب الوطنى يمكن أن يحصلوا على نسبة لا بأس بها من المقاعد الفردية. أنا فى أحد اللقاءات، قلت لأحد أعضاء المجلس العسكرى وأحد الوزراء الذين كانوا يعملون مع الدكتور على السلمى: المقاعد الفردية سيحصدها الإخوان والسلفيون، وإذا كنتم معتقدين أن أحداً من الحزب الوطنى سينجح فى هذه الانتخابات بالذات «تبقوا واهمين»، إذا كان ذلك هو المبرر للمقاعد الفردية «هتجيبوا جون فى نفسكوا». لقد كان لديهم هذا الوهم.

* وبماذ علق عضو المجلس العسكرى على كلامك؟
- قال ما معناه إنه لديهم حسابات فى هذا الموضوع، وطبعاً كانت «حسابات خيبة»؛ لأنه كان من الواضح فى ذلك الوقت وجود «موجة عالية». - المد الثورى، وأن «بتوع الحزب الوطنى» كانوا فى حالة كمون ومتوارين، وإذا «طلع واحد منهم مش هيطلع الباقى».

* وهل الإخوان كانوا يتعاملون مع هذا الأمر، ويريدون الفردى من أجل ذلك؟
* لا، أعتقد ربما -لكنى غير متأكد من ذلك- أن الإخوان كانوا مع بقية القوى السياسية يريدون أن تكون الانتخابات كلها بالقوائم، والحقيقة لو جرت الانتخابات بالقوائم لجاءت النتيجة مختلفة، يعنى الإخوان وحلفاءهم سيحصلون على 36%. الفردى هو الذى وصل بهم لحوالى 44%.

* الإخوان والسلفيون احتكروا المقاعد الفردية؟
- نعم، أكثر من 95% المقاعد الفردية صنعت الفارق الكبير، ولو جرت الانتخابات بالقوائم أعتقد أن الإخوان والسلفيين لم يكن ليتجاوزا معاً 57% على الأكثر.

* هل دخل السلفيون الحوار والمواءمات مع المجلس العسكرى أم الإخوان بمفردهم؟
- لا، فى الحقيقة السلفيون لم يكن أحد مقدراً حجمهم فى ذلك الوقت. كانوا لسه خارجين من المساجد، لا يعرفون العالم الذى كانوا معزولين عنه؛ لذلك كان حضورهم محدوداً، وكانوا يشاركون فى بعض الأمور على نطاق ضيق. العلاقة الأساسية بين المجلس العسكرى والإخوان كانت الجولة الثانية من المرحلة الانتقالية، بعد أن تحولت من «المواءمة السياسية المتبادلة» إلى «الحذر والشكوك المتبادلة»، وبانتهاء الانتخابات البرلمانية، أصبح هناك واقع سياسى جديد، وأصبح هناك ميزان قوى جديد غيّر فى طبيعة المرحلة الانتقالية مرة أخرى.

* تقصد البدء فى تصدير مصطلحات مثل «الإرادة الشعبية»؟
- نعم، انتقلت المسألة من «المواءمة المتبادلة» إلى «الشكوك المتبادلة» ثم «الصراع الظاهر». يعنى بدأت ملامح الصراع تظهر. - طبعاً هناك ندية. من البداية كانت هناك ندية. مرحلة المواءمة المتبادلة كان سببها الأساسى أنهما أقوى طرفين، بغض النظر عن «مين نمرة واحد ومين نمرة اتنين».
إنما هما دول الطرفين الرئيسيين اللذين وقعت الثورة فى حجرهما، وانحسرت الأطراف الباقية.

* ومن الأطراف الأساسية التى كانت تجرى التفاهمات أو المواءمات فى ذلك الوقت. عبر الفريق سامى عنان مثلاً، أم المشير.. عبر خيرت الشاطر أم المرشد؟
- لا، لم تكن المسألة مباشرة، فمرحلة المواءمة معناها «أنا براعيك.. باخدك فى الاعتبار وعامل حسابك»

* وهل كانت مرحلة المواءمات قبل أن تنتقل لمرحلة الصراع الظاهر تعنى أن «كل واحد فيها بيحاول يراضى التانى». ما الخطوات التى كنت ترى أن المجلس العسكرى بيحاول يراضى فيها الإخوان، والإخوان يراضون فيها المجلس العسكرى؟
- فى هذه المرحلة، الإخوان كان خطابهم إيجابياً جداً تجاه المجلس العسكرى، وامتنعوا عن المشاركة فى الفعاليات الثورية فأضعفوها. المجلس العسكرى من جانبه كان حريصاً على التشاور مع الإخوان فى التوجهات الأساسية التى يقوم بها، وعلى أن تصبح هناك قنوات مفتوحة طول الوقت، والطرفان كانا حريصين على أن تكون هناك «قنوات مفتوحة»، ولكن هذا لا يعنى أنهم «قعدوا واتفقوا».

* والقنوات المفتوحة كانت تتم عن طريق «وسيط» أم «مباشرة» عبر أطراف معينة؟ * من كان يقودها ساعتها: اللواء ممدوح شاهين أم الفريق سامى عنان؟
- من كان يدير المشهد السياسى بشكل أساسى الفريق عنان وممدوح شاهين والعصار، وفى بعض الأحيان اللواء السيسى، واللواء حجازى كان يخرج من التقاعد ويشارك فى هذه اللقاءات. - من شاهدته بشكل أساسى الدكتور محمد مرسى والدكتور الكتاتنى، وربما كانت هناك قيادات أعلى مثل خيرت الشاطر.

* ألم تكن تعلم يقيناً أنه كان فى المفاوضات الشاطر والمرشد؟ * هل ترى أن الدكتور على السلمى كان ضحية الصراع بين الإخوان والعسكرى فى هذه الفترة؟
- نعم، لقد ظلم أولاً لأنه نسب لنفسه ما ليس له، لقد استخدم كأداة من قبل المجلس العسكرى، ولكنه عبر عن قناعته، وهى أن القوات المسلحة تحمى الشرعية الدستورية.

* والإخوان أرادوا أن يبعثوا برسالة للمجلس العسكرى من خلاله. هم أيضا لم يريدوا أن يواجهوا المجلس العسكرى مباشرة؟
- بالضبط؛ لأنها تعتبر مرحلة انتقال، والسلمى عندما بدأنا نضع وثيقة التحالف الديمقراطى هو وضع تصور الوفد لهذه الوثيقة، ووضع به مبدأ حماية القوات المسلحة للشرعية الدستورية، مما أحدث أزمة داخل التحالف، وأزمة أخرى حتى مع بعض قيادات الوفد.

* كانوا يخشون من انقلاب الجيش فيما بعد؟
- نعم. أصل لو الشرعية الدستورية «مفيش شعب يحميها يبقى مفيش شرعية دستورية»، وإذا كان الجيش سيحمى الشرعية الدستورية، فمن الذى سيحمى الشرعية الدستورية من الجيش. هذه الفكرة طرحت نتيجة خوف بعض القوى المدنية من أن يصبغ الإخوان الدولة بصبغة دينية فأُثير هذا الموضوع وأخذ أكبر من حجمه، ولكن أنا أقصد أن الدكتور السلمى عندما طرح وثيقته كان لديه هذا الاقتناع، فهو لم يستخدم كأداة لتمرير شىء لا يؤمن به.

* قلت لى إن السلمى كان ضحية لذلك، وأنك شاركت فى المفاوضات بين الإخوان والسلمى، الأزمة وقتها كانت فى مادتى القوات المسلحة أم مدنية الدولة؟
- بالنسبة للإخوان كانت فى مادتى القوات المسلحة، خاصة موضوع حماية الشرعية الدستورية، وبالنسبة للسلفيين فى مدنية الدولة.

* واضح إن الإخوان كانوا مركزين على الوصول للحكم؟
- مسألة العلاقة النظرية بين الدين والدولة «مش هى الأساس» عند الإخوان. فى الجمعية التأسيسية مثلاً هم غير معنيين بالمادة الثانية، لأنهم ليسوا معنيين بالناحية «النظرية» بل بالناحية «العملية»، وعندما تفاقمت أزمة الوثيقة فى نوفمبر والأيام السابقة لـ«جمعة إسقاط الوثيقة» كانت هناك مفاوضات مكثفة، وساعتها توليت لجنة التحالف الديمقراطى، وتمت الدعوة لمؤتمر حضره عدد من الأحزاب ومرشحى الرئاسية المحتملين، وانتهوا إلى تشكيل لجنة لمتابعة موضوع الوثيقة، وباعتبارى منسق التحالف الداعى للمؤتمر طلبوا منى تولى رئاسة.

* «السلمى» كان يرجع للعسكرى فى كل قرار، أم أنه كان صاحب قرار فى هذا الوقت؟
- لقد أجريت جلسة منفردة مع السلمى وفخرى، واتفقنا على أن النصين قابلان للتعديل «بدل ما نتخانق» حول وجودهما من عدمه، وكان الأفضل أن نجد صيغة، وهذا منهجى بدلاً من التصادم، نحاول أن نصل لحل وسط وتوافق، ووضعنا بالفعل بعض الأفكار، وعقدنا جلستين وكان معى أعضاء اللجنة والسلمى ومنير، وفى إحدى الجلستين أبوغازى. التعديلات التى وضعناها وافقوا على بعضها مباشرة، والبعض الآخر كان يحتاج إلى تفكير فيها؟
- أعتقد أنه تفكير، والمراجعة واردة؛ لأن رئيسه فى الحكومة «مكنش بيعمل حاجة» من غير ما يستأذن المجلس العسكرى، أقصد عصام شرف، والسلمى نفسه قال هذا بعد ذلك، فإذا كان رئيس الحكومة بيستـأذن العسكرى، فطبيعى أن «اللى شغالين معاه يعملوها».

* وما الذى يمثل أزمة للإخوان، وخرجوا ضده فى مليونية 18 نوفمبر؟ - أضع كتاباً اسمه «معركة الدستور»، ولو أعرف أنك تريد تفاصيل كنت جهزتها لك. * مع من كنت تتفاوض وقتها ممثلاً للإخوان.. الدكتور مرسى؟
- اللجنة مشكلة أساساً لمتابعة الموضوع مع السلمى وليس التفاوض. أنا قمت بتطوير دورها فى اتجاه التفاوض بدلاً من أن نستمر فى المهاترات، والصيغة التى وضعناها كانت مبنية على البيان الذى صدر عن المؤتمر، وأظن ذلك كان فى الأسبوع الأول من نوفمبر.

* هل ترى أن تشكيل لجنة التعديلات الدستورية فى البداية به مواءمة بين العسكرى والإخوان؟
- كان فيه مواءمة من قبل العسكرى، كان كلا الطرفين يأخذ خطوات، ولا أعتقد أنهم طلبوا من الإخوان ترشيح أحد للجنة، ولقد سألت العصار مرة عن هذا الموضوع، فقال لى: «إن وزير العدل وقتها ممدوح مرعى هو الذى رشح صبحى صالح».
- العسكرى هو الذى اختاره، والعصار قال لى أيضا إن معظم أعضاء اللجنة رشحهم وزير العدل. هذا الكلام فى حكومة أحمد شفيق، «مش متأكد هو مرعى ولا عبدالعزيز الجندى».

* هل متأكد من أن الإخوان كانوا فاعلين فى إسقاط حكومة شفيق؟
* هل كان ذلك فى المرحلة التى وصفتها بـ«مرحلة الصراع الظاهر» بعد انتخابات مجلس الشعب، والتى خرج فيها الدكتور محمود غزلان بتصريح عن «الخروج الآمن» للعسكرى؟
- لقد انتقلنا من مرحلة المواءمة إلى مرحلة الحذر إلى مرحلة الصراع الذى لم ينه المواءمة السياسية تماماً، هذه الفترة التى حدث فيها «تراشق بالبيانات» بين المجلس والإخوان حول المدى الزمنى للفترة الانتقالية، وموعد الانتخابات الرئاسية، وتسليم السلطة، وبيان المجلس العسكرى الذى حذر فيه «من تكرار الماضى».

* هذا حدث فى بداية الانتخابات الرئاسية؟
- فى البداية كان فى الانتخابات البرلمانية، والتى تواكبت معها أحداث محمد محمود الثانية، والتى لم يشارك فيها الإخوان مع القوى الثورية، لكن النتيجة جاءت على هوى الجماعة، وهو ما يعكس التحول الذى حدث.

* ولكن القوى الثورية انتقدتهم، كما انتقدوا كلامهم عن شرعية البرلمان؟
- نعم، هم حتى لم يشاركوا فى أى فاعليات ثورية، وكان ذلك جزء من المواءمات مع «العسكرى» منذ أول مظاهرة من بعد الثورة.

* لكنهم شاركوا فى مظاهرة رداً على مظاهرة قوى ثورية، وساعتها قيل إنهم خرجوا فى هذه المليونية بناء على تنسيق مع العسكرى؟
- نعم، تلك التى أطلق عليها «جمعة قندهار».

* البعض قال إنهم أرادوا أن يقولوا للعسكرى «احنا أهه»؟
- لا هى كانت ضد العسكرى، وليست بتحريض من العسكرى. هى نوع من «إثبات الوجود» أمام القوى الثورية.

*عندما تولى الكتاتنى رئاسة مجلس الشعب شكر العسكرى، ثم حدثت أزمة مع حكومة الجنزورى.. هل كان ذلك فى إطار الصراع مع العسكرى؟
- الانتقال لمرحلة الصراع حدث تدريجياً، ولم ينه المواءمات السياسية.

* لكن بعد انتخابات مجلس الشعب أعتقد أن اللقاءات أصبحت مباشرة؟
- كثير من اللقاءات كانت مباشرة، وكان العسكرى «يلم الأحزاب ويقعد يهلفط معاهم فى أى حاجة»، وطوال الوقت القنوات كانت مفتوحة ولم تكن هناك أى مشكلة فى التواصل والاتصال.

* فى ذلك الوقت ترشح اسم البرادعى لرئاسة الحكومة.. والإخوان باركوا وجود الجنزروى؟
- هذا صحيح، كان فيه ضغط على العسكرى إن البرادعى يتولى الحكومة، وهو كان راغباً فى ذلك؛ لكن حسابات الإخوان كانت فى اتجاه حكومة «غير سياسية» وكانوا «خايفين إن البرادعى ياخد الملعب منهم». هذا نمط التفكير، رغم أن فى ذلك الوقت يصب فى المصلحة العامة بأن تكون الحكومة سياسية لتنقذ البلاد، لكنهم فضلوا أن يكون المسرح خالياً.

* هل تظن أنهم أبلغوا العسكرى رفضهم للبرادعى؟
- أظن ذلك. لم يحدث أمامى، وليس لدىّ دليل على هذا؛ لكن السياق العام الذى كنت أشهده يدل على أنهم شجعوا العسكرى الذى لم يكن راغباً فى البرادعى فى أن يأتى بمن يريد.. وكان الجنزورى.

* بعدها انقلبوا على الجنزورى؟
- لأن أداء مجلس الشعب كان ضعيفاً، وكان هناك «ثورة توقعات» مبالغ فيها، وكانوا ينتظرون أن يحل المجلس كل المشكلات، وبدأ شعور بأن المجلس بدأ يفقد دوره القوى، وكان تصعيد الهجوم على حكومة الجنزورى رد فعل على ضعف أداء المجلس، ومحاولة لتوجيه غضب الناس فى اتجاه آخر حتى لا يؤثر على شعبيتهم.

* يعنى لم يكونوا متمسكين الحكومة فى ذلك الوقت؟
- هذا الموضوع من الصعب الوصول إلى يقين فيه. يعنى هل هم كانوا محقين فى رغبتهم فى تشكيل الحكومة، أم يحاولون الهجوم على الحكومة «الناس ما تختبرنيش فى المجلس تختبرنى فى الحكومة»، لأن المجلس ليس بين يديه السلطة التنفيذية.

* أم كانوا يريدون تشكيل الحكومة حتى «يضمنوا حاجة» فى حالة حل مجلس الشعب؟
- لم يكن هناك وقتها خوف من حل المجلس فى هذا الوقت. حل المجلس كان رد فعل للهجوم على الحكومة.

* لكن ذلك يعكس الصراع مع العسكرى؟
- نعم، عندما رفضوا بيان الحكومة كان الرفض تصرفاً غير محسوب. لم يحسبوا تداعيات رفض بيان حكومة لن تستطيع التعامل معها مرة أخرى، وهى الأزمة التى تم حلها بشكل «هزلى»، وتغيير وزيرين ثلاتة، وعادت الحكومة لكن الأمر تحرك فى المحكمة الدستورية، وزادت مخاوف الإخوان من رد فعل العسكرى، فبدأ التفكير فى تقديم مرشح رئاسى.

* كانوا يرون «عناصر الغدر» فى حل البرلمان؟
- نعم، فقدموا خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة، الأمر الذى غير المشهد السياسى، ووصل بالعلاقة مع العسكرى إلى «الصراع المباشر»، وزاد عندما صدر الإعلان المكمل.

* البيانات كانت مهمة جداً. العسكرى بدأ يقول إن الماضى ممكن يكرر نفسه، والإخوان ردوا بـ«هجوم قوى»، وساعتها قالوا إن فيه مرشح للعسكرى ونزلوا بـ«الشاطر».. كيف نظرت إلى ذلك؟
- الإخوان بدأوا قبل أن يزداد خوفهم من العسكرى البحث عن مرشح مستقل توافقى بتفاهم من قوى أخرى عليه.

* عبر تفاهمات مباشرة مع العسكرى؟
- لأ. لكنهم قالوا إن التوافق لو حصل من العسكرى سيكون أفضل، لذا تم طرح اسم منصور حسن كمرشح توافقى، وهنا بعض الحلقات المفقودة تحتاج إلى بحث عن كيف سارت الأمور،وهناك أحد التفسيرات للتراجع عن دعم منصور حسن بأنه كان من الصعب تمريره داخل الإخوان، وكان معروفاً أن قيادات الإخوان عندما تريد.. تنفذ، ولكن السمع والطاعة لم يكن مثل الأول.

* هم اتصلوا به، وهو شعر بأنهم ممكن يتراجعوا عن ترشيحه؟
- ليس لدى دليل على ذلك، لكنى أرجح أنه تم على الأقل «جس نبض» بشكل ما.

* بعدها تراجع عندما شعر بأنهم لن يدعموه؟
- تراجع، وبعدها ظلوا لأيام قليلة يبحثون عن مرشح آخر يلقى قبولاً؟
* طرحوا أسماء أخرى غير الغريانى؟
- طرحت أسماء عدد من القضاة، وبعدها حدث اتجاه بأن يخوضوا انتخابات الرئاسة بمرشح من الجماعة.
* كان ذلك رداً على ترشيح عمر سليمان؟
- التراجع عن الالتزام بعدم تقديم مرشح رئاسى لإحساسهم بأن العسكرى سيغدر بهم، ولأن الاتجاه إلى حل البرلمان لم يكن أن يتحرك بهذه السرعة فى المحكمة الدستورية، ولم يكن لدينا دليل على موضوع ترشيح الشاطر رداً على ترشيح عمر سليمان.

* لماذا فزعوا من ترشيح عمر سليمان؟
- لا يوجد دليل على أن هذا الفزع كان حقيقياً، ولا شك أن ترشيح عمر سليمان أحدث «صدمة» فى أوساط كثيرة، خصوصاً أن العلاقات بينه وبين الإخوان كانت شديدة العدائية، والترشيح أثار فئات كثيرة، ولا دليل على أن ترشيح سليمان هو مبررهم للدفع بمرشح الإخوان، وأعطى لهم المبرر لذلك.

* وقتها وضعوا قانون العزل.. هل كان رسالة لـ«عمر سليمان» والعسكرى؟
- فى هذه الفترة بدأ التصعيد يزيد، والعسكرى كان دائماً ما يصدر الحكومة، وكانت الطرف الذى ينوب عنه فى إدارة الصراع، وكان ذلك ضمن الضغوط التى لجأ إليها الإخوان، ولا بد لنا أن نفرق بين عمل مشروع له أساس صحيح مثل موضوع قانون العزل السياسى، وبين التصعيد السياسى المبالغ فيه إلى حد وقف عمل البرلمان لمدة أسبوع. يعنى لازم نفرق بين الخطوات السياسية التى هى أقرب إلى «صراخ وصياح»، وبين عمل تشريعى يستند على أساس سياسى ورؤية. هذا الإجراء لا بد منه لمواجهة الخطر على الثورة بغض النظر عن طريقة استخدامه ورأيى أنه وضع بإحكام لفصل عدد محدود.

* لكن ساعتها استثنوا الوزراء لكى يستثنوا المشير؟
- لا هو القاعدة الأساسية فى القانون أنه «استثنائى» يطبق على عدد محدود من الناس، ولو وضع الوزراء، فمعناه أنه سيزيد عدد المعزولين من 80 إلى 800 شخص.

* لكن عندما توقف البرلمان، أعتقد أن مشاورات تمت بين سامى عنان والكتاتنى حول وضع حكومة الجنزورى؟
- نعم، حدثت مشاورات وتم التوصل إلى «الحل الهزلى»، لأن التصعيد أساساً كان غير مدروس ومبالغاً فيه.

* هذا معناه أن الجنزورى كان ضحية لخلافات العسكرى مع الإخوان بنفس درجة السلمى؟
* عندما خرج الشاطر وسليمان وأبوإسماعيل من سباق الرئاسة اعتقد البعض أن الأمور ستعود على ما يرام بين العسكرى والإخوان؟
- بالعكس، الأمور كانت تتجه نحو مزيد من التأزم يزيد يوماً بعد يوم وبشكل تدريجى، لكنه لم يكن «محسوساً» لدى الناس لأنه كان يتراكم بشكل بطىء جداً من سبتمبر - أكتوبر 2011 إلى يونيو 2012.

* لكن خروج ثلاثتهم قرار سياسى أم قضائى؟
- قرار سياسى، كلها قرارات سياسية، وللأسف القضاء استخدم فى هذه المعركة السياسية أسوأ استخدام.

* تعتقد أن العسكرى ضحى بعمر سليمان وأخرجه حتى لا يصطدم بالإخوان والقوى الثورية؟
- هو وجد فرصة لإخراج خيرت الشاطر اعتقاداً منه أن مرسى سيكون أضعف فى الانتخابات، وفى نفس الوقت يتخلص من أبوإسماعيل، وسليمان «مش واقفة عليه»، هذه هى المواقف التى أدارها العسكرى بشىء من الحنكة، لكنها حنكة متأخرة، والحسابات فيها أيضا ليست صحيحة؛ لأنه اتخذ هذا الإجراء على أساس أنه يضعف فرص الإخوان فى الانتخابات الرئاسية.

* ولماذا لم يكن يريد الإخوان، وهم الأكثر أمناً له؟
- معنى وجود رئيس إخوانى أن الساحة لن تتسع للاثنين، والساحة كانت متسعة عندما كان الوضع مموهاً، وطالما جاء رئيس من الإخوان فإن «قواعد اللعبة تتغير»، وهذا ما حدث.
لم يحسبوا ولم يتوقعوا أن القواعد ستنقلب رأساً على عقب، وتصوروا أن المسألة ستأخذ وقتاً، لكن كان بالنسبة لهم وصول مرشح من الإخوان سيغير قواعد اللعبة، لكنهم أيضا كانوا فى وضع صعب؛ لأن المرشحين الآخرين سواء حمدين صباحى أو أبوالفتوح كانت لديهما مشاكل معهم بشكل من الأشكال.

* جاءت انتخابات الرئاسة، وقبلها تم حل البرلمان والتأكيد على وجود شفيق.. السؤال مرة أخرى: هل كان ذلك قراراً سياسياً أم قضائياً؟
- حل البرلمان «قرار سياسى فى توقيته». المحكمة الدستورية لديها «فوبيا مالهاش أساس» فى التقاليد السياسية بالعالم فى موضوع المستقلين والأحزاب، وتخطئ فى فهم الموضوع ومحتاجة تثقيف سياسى، فالحكم ده كان سيصدر سيصدر. المشكلة فى التوقيت.

* حل البرلمان أعقبه دخول «مرسى» مع «شفيق» جولة الإعادة الرئاسية، وبدأت المظاهرات فى التحرير.. هل العلاقة كانت مستمرة بينهما أم انتهت و«كل واحد بيعمل اللى هو عايزه»؟
- لا طبعاً العلاقة انتهت، وكل واحد يعمل اللى هو عايزه؛ لأنه طوال الوقت لم تكن هناك «تفاهمات»، لكن هذه الفترة من المؤكد أنها شهدت لقاءات واتصالات وحسابات.

* وهل عملت بالاتصالات التى جرت خلال هذه الفترة؟
- نعم، لكنى لم أعرف مضمونها. كانت بين بعض قادة الإخوان مثل الشاطر، وبعض قادة العسكرى مثل عنان، وهناك حلقة لا تزال مفقودة حول ما حدث فى هذه الأيام.

* هذه اللقاءات هل كانت قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة؟
- نعم، فى «أيام الريبة» قبل إعلان النتيجة، وهذه هى الحلقة المفقودة.

* هل كانت هناك لقاءات أخرى أم هى لقاءات فقط بين الشاطر وعنان؟
- لا، كانت هناك لقاءات أخرى فى الانتخابات. الكتاتنى التقى بهم أكثر من مرة.

* أعتقد أن العريان التقى العصار؟
- ربما، وفى إعلان النتيجة حلقة مفقودة.

* وما تقدير حضرتك لهذه الحلقة؟
* هل ترى أن الطرف الأمريكى تدخل فى العلاقة بين العسكرى والإخوان، أو رجح العلاقة فى وقت من الأوقات بالتفاوض أو الوساطة؟
- الدور الأمريكى مهم فى إيه؟ إنهم أوضحوا أنهم ليس لديهم مشكلة مع الإخوان، وأن هناك «رسالة واضحة» بأن موضوع الفزاعة انتهى خلاص.

* هل عقدوا لقاءات مباشرة مع الإخوان؟
- نعم، هناك لقاءات عالمية كثيرة بين برلمانيين وشخصيات أمريكية، وأعتقد أن الإخوان نجحوا فى أن «يبيضوا» صورتهم بعد الثورة أمام الأمريكان، وفى المرحلة الأولى أمام الرأى العام فى الداخل، وأعتقد أن التحالف الديمقراطى لعب دوراً أساسياً فى إعادة تقديم الإخوان، وكسبوا منه مكاسب كثيرة جداً.

* وبعد إعلان فوز مرسى بالرئاسة؟
- بدأت مرحلة ازدواجية السلطة.
* أول زيارة لـ«مرسى» كانت للعسكرى.. ماذا أثارت لديك تلك الزيارة؟
- جميع هذه الأيام كانت حافلة بالمشاهد التى تدل على «ازدواجية السلطة»، وأن كلا الطرفين يتحين الفرصة لإزاحة الآخر.
وأظن أن العسكرى كان يراهن على فشل مرسى سريعاً، وتكرار تجربة عصام شرف. يتركونه حتى يفشل ويثور الناس عليه، وأظنه كان رهاناً ساذجاً مرة أخرى.
كان مرسى والإخوان يتحينون حصول انقسام داخل العسكرى وأن يكون المجلس ليس «على قلب رجل واحد»، وكانت هناك علامات على ذلك.
- فيما يتعلق بالتوجهات والمواقف والعلاقات، كانت هناك مؤشرات على أن علاقة الأجهزة الأمنية المرتبطة بالعسكرى ليست على مايرام، وأن هناك خلافات وربما صراعات أجهزة.. المخابرات العامة والحربية مثلاً، وكانت هناك شواهد على أن الوضع داخل العسكرى ليس طبيعياً، وأنه ليس صعباً أن تأتى فرصة لإبعاده.

* وما الشواهد التى بينت أن «الوضع مش طبيعى»؟
- لم تكن شواهد واضحة، لكن المدقق والمتابع يستطيع أن يلمس هذا، لكن بدون شواهد واضحة، وأنه لا شىء يجمعهم غير المصالح.
هذا المجلس ليس مثل المجلس العسكرى فى تركيا الذى يجمعه إيمان بـ«عقيدة وطبيعة الدولة»، أما فى المجلس العسكرى لدينا ما يجمعه مصالح ووضع غير طبيعى مع وجود «فجوة عمرية كبيرة» بين أعضائه وقائدهم، وأن تركيبة المجلس نفسها ليست مؤهلة لإدارة معارك سياسية، ومن الطبيعى أنه فى غمار هذه المعارك تتشتت الأمور، وكل هذه أمور ضعف.

* الإخوان أدركوا ذلك قبل أم بعد نجاح مرسى؟
- أعتقد من قبل نجاحه؛ لأن أى مدقق يلمس نقاط ضعف العسكرى، والإخوان كانوا حريصين جداً، ويقدرون أن يجمعوا معلومات عما يدور فى العسكرى.

* الإخوان يقدرون أن يجمعوا معلومات عن العسكرى؟
* هل ترى أن هناك أعضاء داخل العسكرى يميلون للإخوان؟
* من نوع أن الإخوان ناس ظلموا ومن حقهم أن يأخذوا فرصتهم؟
- لا، كان «ميل مصلحى»، من نوعية «أنا لو هيبقى ليا وضع وسأجد لى مكاناً فى المرحلة القادمة.. لم لا؟» لكنه ليس «ميلاً سياسياً»؛ لأنها مؤسسة قائمة على التعبئة، إنما بالتأكيد المسألة كلها مصالح، ومن الطبيعى جدا أن يفكر البعض فى أن هذا الوضع تغير، و«هما هييجوا.. فلم لا».

* هل ترى أن الإجراءات التى اتخذها مرسى بإلغاء الإعلان المكمل ثم الإطاحة بالمشير وعنان.. «إطاحة» أم «اتفاق»؟
- طبعاً، واحد متعين وزير دفاع من 6 أيام بتقوله يروح؟.

* وهل ترى أنها تمت بالاتفاق مع السيسى والعصار؟
- ربما كان هناك تمهيد مع بعض أعضاء المجلس، وليس مع الاثنين فقط.

* عبر «مرسى» أم مكتب الإرشاد؟
- من الصعب تقديره، وليس لدى معلومات. أنت تتكلم هنا عن تحليل وليس معلومات. يعنى ربما كان هناك تمهيد مباشر وغير مباشر، هناك حلقات مفقودة سيعثر عليها.

* الآن العلاقة بين الجيش والإخوان، هل انتهت كل المشاكل والأمور متناغمة، ولا «شايف الوضع إزاى»؟
- فى حدود الوضع الحالى الأمور متناغمة. هل سيستمر هذا الوضع أم لا.. هذه مسألة أخرى، لا أحد يعرف كيف سيكون المستقبل. فى تاريخ العلاقة بين الرئيس والمشير «مفيش مرة أقال فيها الرئيس المشير حصل مشكلة فى الجيش»، لكن لماذا استقرت الأمور؟، لأنه تم الحفاظ على الوضع المميز للقوات المسلحة، فإذا ما استمر هذا الوضع ستستمر العلاقة مميزة، أما إذا حاول مرسى تغيير وضع القوات المسلحة، خصوصاً فى المزايا الكبيرة التى تتمتع بها، هنا سيكون السؤال من الصعب الإجابة عليه الآن».

* من خلال لقاءاتك بأعضاء العسكرى، هل ترى أن هدفهم كان الخروج الآمن والحفاظ على الجيش أم السيطرة على الحكم؟
- فى البداية كنت مثل كل المصريين، لدى اعتقاد أنهم بالفعل سعداء بهذه الثورة، وإن لم يساعدوا فى تحقيق كل أهدافها فعلى الأقل سيعبرون بها إلى بر الأمان، لكن بمرور الأيام أيقنت أن الثورة بالنسبة لهم عبارة عن «إنهاء مشروع التوريث»، وأن كل شىء يبقى كما كان أو يعود إلى ما كان عليه، وتبين لى هذا بعد وقت قصير جداً عندما بدأوا يستخدمون العنف ضد الفاعليات الثورية.

*تشعر بأنهم كانوا يطمعون فى السلطة؟
- هم كانوا فى طريق لا يعرفون نهايته، ومشكلتهم أنهم لم تكن لديهم رؤية واضحة للطريق الذى يمشون به ويديرون به الأوضاع.

المصدر : جريدة الوطن

اجمالي القراءات 3130