حوار - هبة محسن وهند بشندي:
تصوير - مصطفي الشيمي:
يقولون عنه أنه ''ملك الزبالة''.. لكنه يعتبر نفسه ''عالم ذرة'' .. عندما تتحدث معه تدرك من الوهلة الأولى أنه متحدث لبق.. ماهي إلا مكالمة تليفون ورحب باستقابلنا في ''فيلته''.. لم نبحث عنها كثيرا فيكفي أن تذهب إلي أول حي ''الزبالين'' عند مطلع المقطم وتقول اسمه فتجد من يدلك ويبادر إلى الإشارة نحو فيلته الشهيرة ببرج الحمام.. وهناك جلسنا في ضيافة المعلم ''شحاتة المقدس'' - نقيب الزبالين - لنتحدث معه عن هذا العالم...
شحاتة المقدس.. مليونير .. شحاتة المقدس لديه سيارة فارهة .. ما حقيقة كل ذلك.. وهل أنت بالفعل ''ملك الزبالة'' وكل من في هذا الحي يعمل لحسابك؟
أنا زبال عادي، ولست مليونيراً كما يدعي البعض ولكني متعلم ولدي علاقات كثيرة، وامتلك سيارة مرسيدس موديل 96 لا يزيد ثمنها عن 90 ألف جنيه، ويضيف: ''لا صحة لما يقال بشأن مسئوليتي عن جميع أحياء الزبالين فكل شخص مسئول عن منطقته فقط ورزقه في النهاية يكون له ولأبنائه، وعن نفسي فيعمل معي 10 من أبنائي في جمع وتدوير القمامة، لكن هناك تواصل بين الزبالين في جميع الأحياء وهناك تعاون بينهما في حل المشاكل ولكن كلاً منهم يعمل بمفرده ولحسابه فنحن أشبه بخلايا النحل ولكن مقسمين كلاً حسب منطقة عمله.فلنتحدث عن القمامة.. ما هو الكم الذي يرفع من القاهرة يومياً.. وما نسبه الاستفادة منه ؟
يتم رفع حوالي 8500 طن قمامة من القاهرة يومياً منها 4000 طن مواد عضوية وبقايا طعام و4000 طن مواد صلبة كالزجاج والبلاستيك والكرتون وغيرها وهذه المواد يتم جمعها لإعادة تدويرها وبيعها وهذا هو رزق الزبالين و500 طن مواد غير قابلة لإعادة التصنيع.وماذا عن التصدير.. سمعنا أن الصين تستورد كميات من البلاستيك وعلب ''الكانز'' بآلاف الجنيهات.. بل ملايين؟
لا صحة لما يقال بشأن تصدير القمامة بعد تدوريها؛ فجميع المواد يتم بيعها للشركات المصرية ما عدا زجاجات المياه المعدنية فكانت الشركات الصينية تشتريها لصناعة الألياف الصناعية لكن لم تعد تشتريها الآن، وإذا احتاجت الشركات الصينية شئ تأتي لشرائه ولكن ليس بالصورة التي يتصورها البعض، فعيب المسئولين في مصر أنهم يجلسون في مكاتبهم وليس لديهم دراية بالواقع.كم دخل الزبال شهريا؟
دخل الزبال شهرياً حوالي 2000 جنيه ''الزبال غلبان على فكرة''، وعندما تعاقدت الحكومة في 2002 مع الشركات الأجنبية قررت الشركات إعطاء 10 قروش للزبال عن رفع القمامة من كل شقة، وهو سعر ''ظالم'' ! .ما رأيك في شركات النظافة الأجنبية؟
باختصار الشركات الأجنبية هي أشبه بمرض الطاعون في مصر، المرض الذي أصاب منظومة النظافة في مصر، ولكننا مضطرين للتعامل معها، فالحكومة عندما تعاقدت مع هذه الشركات تعاقدت بعقود طويلة المدي حتي 2017 ولا يوجد بند لإلغاء التعاقد. ويضيف:'' يعمل في مصر شركتان ''fcc'' الأسبانية وتتولي مسئولية مناطق شرق القاهرة وهي أحياء مصر الجديدة ومدينة نصر والنزهة والمطرية وعين شمس ومدينة السلام وهي شركة أهدرت حقوق الزبال المادية، وهناك شركة ''أما عرب'' وهي شركة مصرية ايطالية وهي شركة محترمة تعطي للزبال حقه ولذلك فإن المناطق التي تتولاها نظيفة.لماذا لم تتفاوضوا مع هذه الشركات وتتوصلوا لحل يرضيكم.. ولماذا لم تتوجهوا بالشكوي للحكومة؟
الحكومة تركتنا للتفاوض مع الشركة، وحاولنا التفاوض كثيرا مع هذه الشركة واشتكينا كثيرا من إهدار حقوق الزبال ولكن دون جدوي، ونحن نعمل معهم بالشقة ونرفض أن نعمل لديهم ''لاننا مبنشتغلش عند حد'' .ما هي مراحل جمع القمامة وإعادة تدويرها ؟
يتم في البداية جمعها كل زبال حسب مقدرته، ثم يأتي بها إلى الحي لتفريغها وفصل المواد المواد الصلبة عن المواد العضوية، ثم يتم تجميع المواد الصلبة وكل أسبوعين يمر التجار لشراء هذه المواد سواء كانت زجاج أو بلاستيك أو كرتون، أما المواد العضوية فيتم نقلها إلي المقالب العمومية.هناك مشاريع لتدوير القمامة.. هل أنت معها ام تعتبرها ''وقف حال'' لكم ؟
وافقت على مشروع لعمل مصنع إعادة تدوير في 15 مايو بحيث يعمل الزبال كما هو والمخلفات التي لا يحتاجها يبيعها لهذا المصنع لتوليد الطاقة، وهذه فكرة جيدة.انت تستفيد بحوالي 50% من القمامة.. ألا يشكل الجزء الأخر عائق خصوصا بعد عدم وجود الخنازير.. وهل تطالبون بعودتها ؟
بعد صدور قرار جمهوري ظالم في 2008 بذبح الخنازير بحجة أنفلونزا الخنازير أصبحت بقايا القمامة تشكل فعلا عائق بالنسبة لنا؛ الخنازير كانت ''صديقة الزبال'' تأكل 4000 طن زبالة يومياً غير مستفاد منها أما الآن فيتم نقل هذه القمامة إلي مقالب القمامة العمومية ليتم رفعها بعد ذلك، ولذلك طالبنا بالسماح بتربية الخنازير.هل تفكرون في اقتناء الخنازير دون موافقة رسمية بما ان انفلونزا الخنازير انتهت ؟
لا يمكن لأي شخص أن يشتري الخنزير الآن والمظلة إسلامية ''ممكن يولعوا في الحي''.نري أنك حزين لخطوه ذبح الخنازير.. فهل تعرضتم لخسائر وقتها؟ وهل عوضتكم الحكومة؟
أنا خسرت حوالي 250 ألف جنيه، وقد وافقت علي ذبح الخنازير في عهد مبارك خوفا على المصلحة العامة وخوفا من اشتعال فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين رغم الانتقادات التي واجهتها من الزبالين أنفسهم حتي استطعت إقناعهم بأن هذا لصالحهم، أما التعويضات التي دفعتها الحكومة فكانت ظالمة.شركات أجنبية وحملات لرفع القمامة.. ولا تزال شوارع مصر تعم بالقمامة.. لماذا من وجهة نظرك؟
سلوكيات الشعب وإهمال الحكومة والتقصير هما السببين الرئيسيين لمشكلة النظافة، ولقد طالبت الدكتور وليد السنوسي مسئول ملف النظافة بالرئاسة بالجلوس مع الزبالين لمعرفة رؤيتهم في حل مشكلة الزبالة لأنهم الأدري بهذا الأمر؛ فلا يصح أن تكون شوارع مصر غير نظيفة بهذا الشكل كما أنه من العيب أن تستعين مصر بلد الحضارة بالأجانب لكي ينظفوها، الشركات تمتلك الأدوات والمعدات ورأس المال ولكنها لا تمتلك أهم عنصر وهو الأيدي العاملة التي ترفع القمامة، كما أن الأمر متعلق بسلوكيات الشعب الذي اعتاد علي إلقاء القمامة في الشارع وفي الآخر بيسمونا احنا ''الزبالين''!.كلمة ''زبال'' بتضايقك؟
من يلقي بـ''الزبالة'' في الشارع هو ''الزبال''، ومن يرفعها هو عامل النظافة وهذه مفاهيم غائبة عن الشعب بسبب عدم اللامبالاة والرجعية.ما هي حلولك لمشكلة النظافة ؟
لدي مشروع لنظافة القاهرة في 3 أيام.كيف هذا؟!
من خلال تقسيم الزبالين على مناطق القاهرة بحيث يتم جمع القمامة من جميع المنازل مقابل 3 جنيهات للوحدة السكنية وإذا جمعت القمامة من المنازل لن يكون هناك قمامة في الشارع، وهناك حلول أخري تتمثل في إعادة هيكلة هيئة النظافة وضخ مليون جنيه للهيئة لكي تأتي بالمعدات اللازمة لإتمام مهمتها وهذا المبلغ من الممكن أن يتم تحصيله عن طريق توقيع غرامات ضد الشركات الأجنبية، أما الحل الثاني فيتلخص في عمل محطات وسيطة في كل حي بدلا من إلقاء القمامة في الشارع، وثالثا الضغط على الشركات الأجنبية لإعطاء الزبال 3 جنيهات عن كل وحدة سكنية وفي هذه الحالة سيلتزم جميع الزبالين برفع القمامة ونظافة القاهرة.وهل طرحت هذه الحلول على المسئولين ؟
طرحتها لوليد السنوسي - مسئول ملف النظافة بالرئاسة - لكن للآسف مع إن القرآن بيقول ''أسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون'' إلا أن الحكومة لا تستعين بخبراتنا، رغم أني اعتبر نفسي ''عالم الذرة'' فأنا عالم متخصص في الزبالة ''دي شغله أبويا وجدي''، وأنا لا أسعي لمنصب؛ فقد عرض علي الكثير من المناصب لكني رفضت لأني أرغب في العمل خارج منظومة الحكم.سمعنا عن خلاف بينك وبين حزب الحرية والعدالة أدي لتهديدكم بالإضراب عن العمل؟
أنا جلست مع أعضاء الحزب خلال حملة ''وطن نظيف'' وهم محترمون لكني فوجئت بعد يوم واحد من جلوسي مع قيادات حزب الحرية والعدالة وتقديم مقترحات للنظافة بأن الحزب يوزع منشورات في مدينة نصر تدعو لتجميع القمامة من المنازل مجانا، فثار الزبالين وقرروا الاعتصام أمام قصر الرئاسة ولكني هدأت من روعهم وهددت بالإضراب عن العمل إذا أضر أي شخص بمصلحة الزبالين، وعلى الفور اتصل بي الدكتور وليد السنوسي وأكد أن الحزب لم يقم بهذا الأمر وأن من روجوا لي هذا الخبر يهدفون لفتنة، كما نفي عزم المهندس خيرت الشاطر إنشاء شركة لجمع القمامة.ما رأيك في حملة ''وطن نظيف'' ؟
تسرع الرئيس فيها قبل أن يتم تشكيل الحكومة وكان يتعين عليه تأجيل وعود الـ100 يوم حتي تشكيل الحكومة وبعد تشكيل الحكومة وقعت بعض الأحداث التي عطلت مسيرة الـ100 يوم مثل حادث رفح.بما أننا تحدثنا عن الرئيس.. فلمن أعطيت صوتك في الانتخابات الرئاسية؟
لقد أعطينا أصواتنا للفريق أحمد شفيق بسبب التخوف من الإسلاميين وليس كرها في الدكتور مرسي ولكن هناك مسيحيين من شباب الثورة أعطوا أصواتهم للدكتور مرسي.وهل مازالت هذه التخوفات موجودة ؟
التخوفات من التيار الإسلامي ككل لم تعد موجودة الآن، فعلاقتنا بالإخوان والسلفيين جيدة حتي الآن.يقال عنك أنك ''فلول''.. وأنك ''عضو الحزب الوطني''.. ما مدي صحة هذه المعلومات؟
كلام غير صحيح يقال لمجرد أني كنت أميناً للحزب الوطني في منشأة ناصر ثم استقلت منه قبل انتخابات 2010 التي خضتها مستقلاً ونجحت أمام مرشح الحزب الوطني ولكن ''أحمد عز'' أسقطني بالتليفون واتصل بي وقال لي ''مش عيب على واحد زبال زيك يكسب مرشح الحزب الوطني'' وبعدها قامت الثورة، ''وربنا انتقم ليا منهم'' .بصفتك ''كبير'' حي الزبالين... حدثتنا عن مشاكل الحي؟
الحي ليس به مشاكل؛ ولا مشاكل صرف أو مياه أو كهرباء، وهناك اهتمام من الدولة بالحي والمواطنين فيه ''غلابة وفي حالهم'' ولكن المنازل غير مرخصة لأنها منطقة عشوائية وهذا لا يمثل مشكلة بالنسبة لنا.ماذا عن المشاكل الصحية التي تواجهونها خصوصا أن القمامة تحتوي على آلاف الميكروبات؟
جسمنا مكون صد منيع ضدها.. عندي 52 سنه وصحتي ''أحسن منكم''.ما حقيقة تبرع الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 5 مليون دولار للجمعية التي ترأسها ''روح الشباب'' ؟
هذا المبلغ غير صحيح؛ حيث أن المعونة كانت مليون دولار فقط، ومقسمه على دفعات، وكانت مخصصة لتطوير حي الزبالين والقضاء على الأمية وتعليم الفتيات والأطفال وتطويرهم على المستوي الإنساني للارتقاء بالمجتمع النامي، ويتم تخصيص 300 ألف جنيه سنويا لتطوير المدارس؛ حيث اتجه أهالي الحي لتعليم أبنائهم في المدارس وقد زادت نسبة المتعلمين في الحي ''عندنا خريجين حقوق وصيدلة''.