جلوس المرأة علي الكرسي زني لا شبهة فيه
جلوس المرأة علي الكرسي زني لا شبهة فيه

في الإثنين ٠٢ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

روزاليوسف - ناهد عزت
بقدر ما تثير هذه الفتاوى الضحك بقدر ما تثير الرغبة فى البكاء.. والحقيقة أنها تثير الرغبة فى ضحك كالبكاء.. فى الوقت الذي يستعد فيه الآخرون للصعود للمريخ.. ويفكرون فى مرحلة ما بعد الذرة.. وفى الوقت الذي تنفجر فيه ثورة الاتصالات جيلا بعد جيل.. تنفجر فى وجوهنا فتاوى قميتة تدفع العاقل للجنون وتدفع الحليم للغضب.. والمؤسف أن كل هذه القمامات تنشرها شبكة الإنترنت التي يستخدمها الآخرون فى نشر كل ما هو نافع ونستخدمها نحن فى نشر كل ما هو غث.. وهكذا يمكننا أن نطالع عشرات المواقع ذات التوجه الواحد وهى تبث فتاوي من عينة أن جلوس المرأة علي الكرسي زنى.. وأن لعب كرة القدم حرام.. وأن تعلم الإنجليزية حرام.. وأن المرأة لايجب أن تدخل علي شبكة الإنترنت بدون محرم.. وهي كلها فتاوي لاتستحق أن توصف بأنها مختلفة لأنها تعبر عما هو أحط من التخلف بكثير. هذه الفتاوى جاءت على كثير من مواقع بعض الشيوخ. ومواقع الرد على استفسارات مستخدمى الإنترنت، ومن أكثر المواقع التى يرتادها مستخدمو الإنترنت، موقع الشيخة «أم أنس» التى تضع على موقعها جملة «علامة الدارين الدنيا والآخرة» و«سيدة الزمانين ما مضى وما هو آت»..

الشيخة لها فتوى تحرم الجلوس على الكرسى تحت عنوان «تنبيه إلى حرمة الكراسى وما أشبهها من مقاعد وأرائك». نص الفتوى أن من أخطر المفاسد التى بليت بها أمتنا العظيمة ما يسمى بالكرسى وما يشبهه من الكنبات وخلافها وهو شىء عظيم، وتذكر الداعية أربعة أسباب للتحريم أولها أن السلف الصالح وأوائل هذه الأمة وهم خير خلق الله كانوا يجلسون على الأرض ولم يستخدموا الكرسى ولم يجلسوا عليه ولو فيها خير لفعله الرسول الكريم ومن تبعه بإحسان. يبدو أن الداعية «أم أنس» نسيت أو تناست أن الكهرباء والسيارة والغاز وكل الأجهزة الحديثة لم يعرفها ولم يستعملها الرسول والسلف الصالح ونسيت أيضا الإنترنت الذى لها فيه موقع لنشر فتاواها. وتقول أن هذه الكراسى وما شابهها صناعة غربية وفى استخدامها ما يوحى بالإعجاب بها وبصناعها وهم الغرب، وهذا والعياذ بالله يهدم ركنا عظيما من الإسلام وهو الولاء والبراء.. وتنادى: الأمر جلل يا أمة الإسلام فكيف نرضى بالغرب ونعجب بهم وهم العدو، كما تفتى الشيخة بأن جلوس المرأة على المقعد مدعاة للفتنة، مؤكدة أنه يؤدى إلى كثير من الرذائل التى لا أستطيع ذكرها على صفحات المجلة لأنها تخدش الحياء العام، خلاصتها أن الجلوس على الكرسى رذيلة وزنى لا شبهة فيه. ومعنى هذا أن كل النساء المسلمات اللائى يستخدمن الكراسى يمارسن الزنى الذى لاشبهة فيه.. فضلا عن أنها اعتبرت أن الجلوس على الأرض يذكر المسلم بخالق الأرض وهو «الله» وهذا يزيد فى التعبد والتهجد والإقرار بعظمة الخالق.

«أم أنس» أصدرت فتوى أخرى تحرم إهداء الزهور الطبيعية أو الصناعية للمريض باعتبار أنه لا فائدة منها ولا أهمية لها، فلا هى تشفى المريض ولا تخفف عنه الألم ولا تجلب له الصحة ولا تدفع عنه المرض، فليس فيها سوى تقليد بدون تفكير للغرب. فهى تشترى بأثمان باهظة وتبقى لمدة ساعات قليلة ثم تلقى فى القمامة، والأولى الاحتفاظ بثمنها وصرفه فى شىء نافع من أمور الدنيا،

 وأصدرت «أم أنس» أيضا فتوى تبيح فيها الكذب والتزوير لنصرة الأمة الإسلامية ضد بنى علمان!! وجاءت هذه الفتوى بعد اكتشاف كذب الداعية «نورة بنت خالد السعد» الكاتبة فى جريدة الرياض والتى تعمل أستاذا مساعدا فى جامعة الملك عبدالعزيز قسم علم الاجتماع، حيث كذبت على القراء ونشرت أخبارا ملفقة عن إحدى القنوات الفضائية وكانت مقالاتها متناقضة.. فسارعت الشيخة «أم أنس» بإصدار هذه الفتوى لنصرة الداعية نورة ونصرة الأمة. وتنص الفتوى على أن تطاول بنى علمان على علماء الأمة وعلمائها ظنا منهم بأنهم أسقطوا رموزنا الخالدة بكشف ما أباحه الشرع لنا بنص الكتاب والسنة - وهو كذب الداعية نورة - وذكرت قول الله تعالى «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» ونحن الذين آمنوا ونحن أهل العلم، وهذه شهادة من الله برفعتنا على سوانا. وأضافت إلى تبريرها أنه قد جاء فى حديث للرسول الكريم «إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين» فقد رفعنا الله بالقرآن الكريم ووضع بنى علمان وغيرهم من الكفرة فى الحضيض. وتقول: إن ما يسمى لدى القوم كذبا هو لدى الدعاة والداعيات ليس بكذب إنما هو مساعدة لأهل الخير وصد لأهل الضلال، وما يسمى تزويرا هو لدينا ليس بتزوير وإنما بينة على أهل الباطل، قال تعالى «فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين» وقوله تعالى «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا»، وقال الرسول «الحرب خدعة» وأجاز الكذب فى الحرب لخداع العدو، وتعاملنا مع هؤلاء الكفرة هو حرب ويجوز لنا الكذب لنصرة ديننا وأمتنا.. كما أمرنا الشرع بمجاهدة هؤلاء المنافقين والعلمانيين.. قال تعالى «يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير». فى السياق ذاته أباح الشيخ على الخضير الكذب وشهادة الزور على من خالف رأى السلف وذلك لنصرة الإسلام.

 أما فتوى تحريم كرة القدم فجاءت من الشيخ عبدالله النجدى فى 36 صفحة تحت عنوان «الكرة تحت أقدام الصالحين»، وتجاهد لتحريم لعبة كرة القدم بأدلة وحجج تضغط على أن كرة القدم وقوانينها من أفكار الكفار ولايجوز التشبه بهم على أساس قول الرسول الكريم «من تشبه بقوم فهو منهم»، ويجتهد فى حشد العديد من الأدلة لدعم هذا التحريم بأقوال لادخل لها بكرة القدم لابن تيمية والشيخ حمود النوبجرى والشيخ عبدالرحمن بن قاسم مستثنيا من ذلك ركوب السيارة، رغم أن ركوب المسلمين لها تشبه بالكفار، ولكن الاستثناء عنده يعتمد على قول للإمام مالك فى كتابه «المدونة الكبرى» ما فعله المشركون والكفار ثم فعله المسلمون خرج من حيز التشبه وما فعله المشركون والكفار وفعله الفساق من المسلمين يبقى فى حيز التشبه، وهو يقصد أن ما سبق إليه الكفار ويقلدهم فيه كل المسلمين فهو لايعتبر تشبها أما ما سبقونا إليه ويقلدهم البعض منا فهذا البعض فساق لأنهم يتشبهون بالكفار. وهو بهذه الفتوى يحرم لعبة كرة اليد والتنس وكل الألعاب التى ابتكرها وسبقنا إليها الكفار الغربيون. ووضع الشيخ عبدالله النجدى «15» شرطا لممارسة رياضة كرة القدم أولها أن يكون اللعب بقصد تقوية البدن بنية الجهاد فى سبيل الله أو الاستعداد له، وليس لضياع الوقت والفوز، ويجب أن تكون بدون الخطوط الأربعة مع عدم ذكر كلمات «فاول وبلنتى وكورنر»، وألا يكون عدد اللاعبين 11 شخصا، إما أن يزيد أو يقل، ويكون اللعب شوطا واحدا أو ثلاثة حتى يختلفوا عن الكفار، وألا يلعبوا وقتا إضافيا، وأن يكون اللعب بدون حكم فلا داعى لوجوده، ويجب ألا يشاهدهم مجموعة من الناس أو الشباب أثناء اللعب، وإذا ما انتهت اللعبة فلايجب أن يتحدثوا عن لعبهم أو مهارة بعضهم، وإذا ما سجل أحدهم الكرة بين الحديد والخشب أى «هدف» فلا يفرحون ويجرون وراءه ويقبلونه ولايجعلون ما يسمى بالاحتياطى، أما إذا ما وقع أحد اللاعبين فيأخذ حقه الشرعى كما فى القرآن، ويجب على زملائه أن يشهدوا أن الشخص الذى أوقعه تعمد كسره ليحصل على هذا الحق. وذكر أيضا أن اللعب يجب أن يكون بالملابس العادية لا بالفانلات المرقمة والبنطلونات الملونة لأنها ليست من ملابس أهل الإسلام.

أما فتوى تحريم اللغة الإنجليزية فوردت عن الشيخ ابن عتيمين، ورد فيها حرفيا: (إن شيخ الإسلام ابن تيمية قال فى كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم) فإن اللسان العربى شعار الإسلام وأهله ولايصح لمسلم التكلم بغيره ص203، وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الدعاء فى الصلاة بالفارسية فكرهه وقال «لسان سوء ولايصح الحلف ولا الصلاة ولا سائر العبادات) ص204. والذى أراده أن الذى يعلم ابنه اللغة الإنجليزية منذ الصغر سوف يحاسب عليه يوم القيامة لأنه يؤدى إلى محبة الطفل ثم محبة من ينطق بها من الناس. وهنا نتساءل: كيف نحكم على ما لا يقل عن مليار من المسلمين ينطقون لغات مختلفة غير العربية ويدعون بها ويلقون دروسهم ومواعظهم الدينية وخطب الجمعة بها، وحتى ترجمة معانى القرآن الكريم المنتشرة بكل اللغات.

 وهناك فتوى تحرم لبس الكعب العالى للمرأة لأنه يعرضها للسقوط والإنسان مأمور شرعا بتجنب الأخطاء، قال تعالى «ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة» وقوله «ولاتقتلوا أنفسكم» كما أن الكعب العالى يظهر قامة المرأة بأكثر مما هى عليه، وفى هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التى نهيت المرأة عن إبدائها بقوله تعالى «ولايبدين زينتهن».

 أما الشيخ ناصر الفهد فقد أصدر فتوى فى تحريم أداء التحية العسكرية.. إذ اعتبرها مهينة للمسلم وخضوعا لبشر، مما يجعل الرجل النقى ينحنى بالتحية العسكرية لمن هو أقل منه شأنا من ناحية التدين حتى وإن كانت رتبته العسكرية أعلى. وهذه المراتب إنما هى تقليد أعمى للغرب، ولهذا فإنه يحرم أداء هذه التحية بالطريقة التى يمارسها العسكريون وما يصاحبها من خشوع وخنوع لايجوز إلا لرب العزة قال تعالى «قل أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين».

 كذلك أفتى شيخان هما عثمان الخميسى وسعد الغامدى بتحريم الإنترنت على المرأة بسبب خبث طويتها ولايجوز لها فتحه إلا بحضور محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها. فالنساء مخلوقات الله لكن فيهن ضعف بين وهوى يأخذهن صوب الحرام إن لم تجعل الضوابط الشرعية قائمة فى المجتمعات التى يقمن فيها. وحكم دخول المرأة للإنترنت حرام حرام حرام، ففى هذه الشبكة مواضع الفتنة ما قد لا تتمكن المرأة بضعف نفسها على مقاومته، ولايجوز الدخول لها على مواقع الشبكة ما لم يكن برفقتها أحد المحارم الشرعيين ممن يعرفون بواطن النساء ومكرهن وضعفهن أمام الجنس والهوى.

 وأصدر الشيخ السعودى إبراهيم بن صالح الخضيرى القاضى بالمحكمة العامة فى الرياض فتوى يحرم فيها مشاهدة قناة «الحرة» وهى القناة الأمريكية الموجهة للدول العربية لأنها «تعرض الفساد». والسؤال هنا: لماذا قناة الحرة فقط على الرغم من وجود أكثر من إذاعة موجهة للعرب مثل مونت كارلو وإذاعة سوا والإذاعة البريطانية BBC والإذاعة الألمانية «دوتشه فيليد» خاصة أن هذا أسلوب عالمى معروف، فكل دول العالم تحاول تقديم وجهة نظرها للآخرين عن طريق هذه القنوات والإذاعات.

 أما فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز فقد جاءت فى تحريم القول بدوران الكرة الأرضية، ونص الفتوى جاء فيه: إن القول بدوران الأرض قول باطل والاعتقاد بصحته مخرج من الملة لمنافاته ما ورد فى القرآن الكريم من أن الأرض ثابتة قد ثبتها الله بالجبال أوتادا قال تعالى «والجبال أوتادا» وقوله «وإلى الأرض كيف سطحت» وهى واضحة المعنى، فالأرض ليست كروية ولا تدور كما بين لنا الله سبحانه وتعالى، وأضاف: وقد يكون دورانها أو تغييرها من غضبه سبحانه، كما فى قوله «أأمنتم من فى السماء أن يخسف بكم الأرض» ويقول الشيخ ابن باز: إن الجبال موضوعة فى الأرض لترسيتها عن الدوران أو التحرك، واستشهد بقول الله تعالى و«ألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون» وقوله سبحانه «وجعلنا فى الأرض رواسى» أى جبالا أرسى الأرض بها وقررها وثقلها لئلا تحيد بالناس أى تضطرب وتتحرك فلا يحصل لهم قرار، والأرض تدل على عظمة الخالق سبحانه وهى آية من آياته كبقية آياته العظيمة. وأضاف الشيخ ابن باز: إن الله سبحانه وتعالى ذكر أن الشمس والقمر يجريان فى فلك فى آيتين من كتابه الكريم وهما قوله «وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون» وقوله «لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون». ويقول: إن الله سبحانه وتعالى لم يذكر أن الأرض تدور كما يزعمون ولو كانت الأرض تدور لأخبرنا بذلك سبحانه أو نبيه الكريم.

 أما هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى السعودية فقد رفضت تسجيل أحد منتجات إحدى شركات نظم المعلومات، لأن اسمه يحتوى على حرف X، والتى لاحظت الهيئة بأنها على شكل صليب مما استفز مشاعرهم الإسلامية فأمروا وزارة التجارة بمنع تسجيل المنتج. وكان من الأولى أن تطلب الهيئة إلغاء علامات الزائد والضرب من كتب الرياضيات لأنها على شكل صليب أيضا، وتضم سوق الفتاوى الكثير، فهناك فتوى للشيخ ناصر بن حمد الفهد بتحريم العطور وتحريم التصفيق

، أما الشيخ ابن تيمية فقد أصدر فتوى بتحريم علم الكيمياء ووصفه بالسحر.

 والشيخ صالح الفوزان حرم السياحة أو السفر خارج المملكة السعودية تحريما قطعيا.

أما الشيخ عبدالله بن جبرين فقد أباح الجهاد ضد الشيعة ووجوب البصق فى وجوههم.

 و«سوق الفتاوى» ملىء بالفتاوى الغريبة حول تحريم ربطة العنق والملابس الرياضية ولعبة البلياردو ولعبة الأطفال «البوكيمون» وغيرها من الفتاوى العجيبة. إن مثل هذه الفتاوى جعلت «سوق الفتاوى» أمرا مباحا لكل من هب ودب، ولم تترك فى حياة المسلم شيئا حلالا.

اجمالي القراءات 45724