بسم الله الرحمن الرحيم
****
نقــد على نـقــد
===
وقع بين يدي كتيب ذو أربع وستين 64 صفحة، وعنوانه هو : نقد المناهج الشرعية في ضوء القرآن الكريم ، وقد جاء بقراءة تحليلية في سبعة عشر كتابا على ضوء القرآن الحكيم، من تأليف إبراهيم قاسم دادي واعمر، ومساعدة "الذكاء الاصطناعي". وقرأته وفوجئت أيما مفاجأة، وتزاحمت علـيّ تساؤلات: كيف حدث ؟ وكيف حدث لجميع أساتذة ومعلمي تلك المدارس الثلاث ؟ أن تلقن تلامذتها وتلميذاتها تلك الدروس الهامة ؟ بل والهامة جدا، لاسيما وهي تتعلق بما هو مصيري؟ كيف ارتاحت في تلقينها إياهم ما لقنته، وبذلك الأسلوب وتلك الطريقة المثيرة للعجب ؟ ولماذا لم يكتف المعلمون والأساتذة بتعاليمه سبحانه وتعالى، تلك التعاليم المنزلة من لدنه، الواردة بكل وضوح في الحديث المنزل؟ ولماذا جنح هؤلاء المعلمون والأساتذة والمربون إلى الخروج عن الجادة وعدم الالتزام بتعاليمه فقط، وعدم التحرج في فتح النوافذ والأبواب والسماح لكل ما هب ودب من تلك الأكاذيب والمفتريات المنكرة لتقحم نفسها، وبدون خجل أو أدنى حرج ولتقف بكل وقاحة بجانب تلك الآيات القرآنية، العظيمة، المبينات، البينات، الوضحة، علما أن تلك المفتريات المنسوبة إلى محمد بن عبد الله تعتبر بمثابة تطفل على الصراط المستقيم، بل واعتداءا على الصراط المستقيم بل ومحاولة إخراجه عن مساره المستقيم، المرسوم له، وعلى عرقلته، بل وتطاولا على مشيئة الله تعالى نفسه، بل وتمكنا في الأخير على تجميد أجزاء كثيرة من تعاليمه وأحكامها واستبدالها بأخرى، بل وحتى الانحدار إلى المستويات الدنيا، بل وحتى التصريح وبكل ما في الوقاحة من معان للتبجح بأن القرآن غير كاف وهو في حاجة ماسة إلى غيره كمساند، بل وحتى لو فرضنا جدلا أن هذا المساند للقرآن جاء مطابقا له تمام المطابقة وغير معارض له وغير معرقل، فعندها سيبقى التساؤل الاستنكاري واردا وفارضا نفسه وبقوة ، ما دام القرآن العظيم عظيما بقوته وهيمنته وما دام كاملا وكافيا، فما محل هذا المساند الثقيل من الإعراب ؟ نعم عندما يكون كل ذلك كذلك، فما بالكم عندما يأتي هذا المساند المزعج ؟. وباختصار شديد فإن لسان حال هذه الطائفة التي يا ما ألهبت أكباد الإبل في سبيل اصطياد ما تحوله مادة قاضية على ما أنزله الله العظيم، إن لسان حالها لا يمكن أن يفسر إلا بموقفها القائل: نعم يا ربنا: إنه لم يكفنا ما أنزلت على عبدك من ذلك الكتاب، (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يوؤمنون) - سورة العنكبوت 51 -
وحسب رأيي المتواضع، إن كل من قرأ ما ورد في هذا الكتاب لا يراه كتيبا، (لأن محتواه عظيم على الرغم من حجمه وما يحمله من قيم عظيمة هائلة) يجب عليه أن يأخذ نفسا عميقا ويجمع بين يديه كل ما يملكه من شجاعة (وروح رياضية وإنصاف ) ويعقد النية والعزم ليصرح في الأخير بما يلي، وذلك حسب تصوري:
01)- إن النقد الوارد في هذا الكتاب هو في نظري نقد بناء هادف صادر عن نفس وقلب مسلم سليم مطهر ومعقم. وهذا بالنسبة للطائفة الأولى، ومن حق الطائفة الثانية التعبير عما يلي:
02)- إن هذا النقد الوارد في هذا الكتاب هو في نظري نقد يشبه كثيرا انتقادا مبطنا مريرا مغرضا موجها لهذه المؤسسات التربوية الثلاث، وحتى لغيرها، وما أكثرها، لأن الأغلبية الساحقة من المسلمين ملتزمون التزاما مثيرا للعجب العجاب، بسبب تعلقها الراسخ باللجوء إلى تأييد نظرتهم واعتقادهم بأن الآيات القرآنية وإشراكها بما ينسب إلى أقوال وأفعال وقرارات محمد بن عبد الله أمر وارد ومعمول به ويجب أن يظل كذلك بدون أدنى حرج، غير مكترثين بذلك التناقض المهول الذي يجعل القول أو الفعل المفترى المنسوب إلى عبد الله ورسوله ناسفا ومن الجذور نسفا مبرما لما أراده الله تعالى، بل وغير مكترثين بما يزرعونه في قلوب وعقول النشء الأبرياء، والمفروض عليهم مواجهة ومجابهة ذلك الوحش المبني من عبارة الارتباك والغموض والحيرة.
نعم إن فحوى هذا الكتاب الناقد يمكن اعتباره معيارا محللا للطائفتين الاثنتين، لأولئك المسلمين المؤمنين، للطائفة التي تكون ممن اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب، وهي تلك الطائفة الطامحة إلى تلك الدرجة التي تجعلها طامعة إلى أن تبشر في الأخير بالمغفرة وإلى الأجر الكريم.
أما عن الطائفة الثانية التي تكون قرأت الكتاب حقا وفعلا من الغلاف إلى الغلاف وبكل هدوء وجدية ورباطة جأش عدل، وبدون الاعتماد على رأي غيرها ممن قرأ ممن يدعي قراءته حقا ، فإن ذلك العدل وذلك الانصاف يفرض عليها أن تخرج بتصريحها النزيه الشجاع، وبأنها كانت دائما وما زالت مطمئنة إلى ما ورثته من آبائها الأولين والحاليين، وبأن كل شيء مستقر، وعلى أحسن ما يرام ، وأن الأوائل لم يتركوا ما يضيفه غيرهم، وبأن القرآن العظيم كان، ويبقى دوما وأبدا في حاجة ماسة إلى تلك الفرية التي اختلقوها وأطلقوا عليها اسم " السنة " ظلما وعدوانا، متجاهلين وبال أمرهم وما فعلوه، بل وقد وصل بهم الجهل والغفلة إلى التصريح بأنك لا تجد لسنتهم تلك تحويلا ولا تبديلا، استكبارا منهم وتحديا لقول خالقهم سبحانه وتعالى في قراره :
*)- سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا(23) سورة الفتح.
*)- سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا (62) سورة الأحزاب.
*)- وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهْد۪يٰ مِنِ اِحْدَي اَ۬لُامَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمُۥٓ إِلَّا نُفُوراًۖ (42) اِ۪سْتِكْبَاراٗ فِے اِ۬لَارْضِ وَمَكْرَ اَ۬لسَّيِّےِٕۖ وَلَا يَحِيقُ اُ۬لْمَكْرُ اُ۬لسَّيِّۓُ اِ۪لَّا بِأَهْلِهِۦۖ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ اَ۬لَاوَّلِينَۖ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اِ۬للَّهِ تَبْدِيلاٗۖ (43) وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اِ۬للَّهِ تَحْوِيلاًۖ سورة فاطر(44).
*)- هذا ، وأما إذا تجاوزت إحدى الطائفتين المذكورتين أعلاه اعتماد هذا التصريح منها وبأسلوب حضاري هادئ ، إذا تجاوزته إلى ما يفتقر إلى الشجاعة والقوة والروح الرياضية، فإنها لا محالة سستنحدر أو ستزج بنفسها وتلقي بها في ذلك المستنقع الخبيث النتـن المتلوث الملوث، لأنه مستنقع يزخر بصفات المكذبين، وبكل حلاف مهين، وبكل هماز ومشاء بنميم، وبذلك المنّاع للخير، وذلك المعتدي الأثيم، وبذلك العتل وذلك الزنيم الدخيل، وبذلك الساخر والمستهزئ والباخس لغيره، وأما عن الغيبة والظن وحتى إشاعة الفاحشة والبهتان والطغيان والتهديد، فحدث ولا حرج.
****************